..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

ما جناه حافظ على بشّار وعلى سوريا

خير الله خير الله

٢٥ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7146

ما جناه حافظ على بشّار وعلى سوريا
60048.jpeg

شـــــارك المادة

يتوّج الفيتو الروسي- الصيني الثالث في مجلس الأمن سلسلة من الدعوات الصادرة عن قصد أو عن غير قصد إلى مزيد من سفك الدماء في سوريا وممارسة مزيد من الجرائم في حقّ الشعب السوري.
يبدو الفيتو دعوة صريحة إلى الرئيس بشّار الأسد من أجل التمسّك بالرهان على الحلّ الأمني والسعي إلى البقاء في السلطة عن طريق التخلّص من الشعب السوري. أليس في موسكو وبيجين من يعرف أن النظام السوري انتهى وأنّ إطالة عمر النظام ليس سوى الطريق الأقصر من أجل تفتيت هذا البلد لا أكثر؟

 


ولّى زمن المعجزات. ولذلك لا وجود لايّ امل من اي نوع كان بانقاذ النظام السوري. صار هذا النظام الذي انشأه حافظ الأسد جزءا من التاريخ. مشكلة بشّار الأسد تكمن بكلّ بساطة في انّه ورث نظاما غير قابل للحياة اضافة بالطبع إلى انه يفتقد اي نوع من الثقافة السياسية.
لو كان الراحل حافظ الأسد يمتلك حدّا أدنى من الفكر السياسي السليم والرؤية الاستراتيجية، لكان رفض التوريث قبل أي شيء آخر وذلك حرصا على أفراد عائلته أولا، في مقدّمهم الدكتور بشّار، وعلى سوريا ومستقبلها ثانيا وأخيرا. كان يفترض بالأسد الأب ترك سوريا للسوريين بعدما حكم البلد بالحديد والنار طوال ثلاثة عقود وبعدما كان شريكا أساسيا في السلطة بصفة كونه وزيرا للدفاع بين العامين 1966 و1970.
لا يتحدّث عن محاسن حافظ الأسد واتقانه لعبة التسويات وامتلاكه فكرا استراتيجيا سوى السذّج من الذين لا يمتلكون حدّا أدنى من الوعي السياسي. بقي حافظ الأسد في السلطة لأنه كانت هناك حاجة إليه طوال مرحلة معيّنة وذلك بغية تنفيذ أهداف معيّنة. كوفئ في العام 1970 لأنه سلم الجولان إلى إسرائيل أبان توليه وزارة الدفاع في العام 1967. لعب خلال توليه السلطة أو جزءا منها كلّ الأدوار المطلوبة منه بدءا بتهريب الأسلحة إلى لبنان ثم تسليح الفلسطينيين وكلّ انواع الميليشيات المسيحية والاسلامية في الوطن الصغير.
ارتكبت قواته وأجهزته كلّ أنواع المجازر في لبنان. ذهب ضحية هذه المجازر مسيحيون ومسلمون لبنانيون وآلاف الفلسطينيين فضلا عن لائحة طويلة من الشخصيات اللبنانية المرموقة من كلّ الطوائف والمناطق.
لم تدرك القيادات الفلسطينية يوما، وثمة من لا يزال لا يدرك إلى الآن، أنه بتحوّل الفلسطينيين طرفا في الحرب اللبنانية منذ العام 1975، وقبل ذلك في احداث الاردن في 1970، كان حافظ الأسد يمارس هواياته المفضلة. كان يمارس هواية التمتع بسفك الدماء، فضلا عن هواية المتاجرة بالشعب الفلسطيني وقضيته، وأخيرا وليس آخرا هواية مشاهدة اللبنانيين يتقاتلون في ما بينهم ويدمّرون بلدهم. وهذا ما أحسنت الأردن تفاديه بفضل تعقّل الملك الحسين، رحمه الله، وبعد نظره وشجاعته ورجولته الحقيقية.
زادت الحاجة إلى حافظ الأسد، الذي لم يتردد في السنة 1980 في حشد قواته على طول الحدود مع الأردن لإفشال القمة العربية التي استضافتها عمّان، مع صعود نجم صدّام حسين في العراق. كان البعثي الآخر الحاكم في العراق يمتلك ما يكفي من الغباء لجرّ العراق إلى كلّ أنواع المغامرات وصولا إلى جريمة احتلال الكويت في العام 1990. قبل ذلك، بين العامين 1980 و1988، كان مطلوبا إطالة الحرب العراقية- الإيرانية قدر الإمكان بغية إنهاك العراق والقضاء على النسيج الاجتماعي لشعبه. أكثر من ذلك، كان مطلوبا استنزاف الثروات العربية خدمة لإسرائيل وزيادة الاعتماد العربي على الوجود العسكري الأميركي في الخليج. كان حافظ الأسد يعرف ذلك جيّدا فذهب إلى النهاية في دعم إيران- الخميني التي كان همّها الأول والأخير، ولا يزال، القضاء على كلّ ما يمت إلى الحضارة من قريب أو بعيد في المنطقة العربية. استخدم العلاقة مع إيران في ابتزاز العرب الآخرين، خصوصا أهل الخليج.
أدى حافظ الأسد كلّ الأدوار المطلوبة منه، بما في ذلك إبقاء جبهة جنوب لبنان الجبهة العربية الوحيدة المفتوحة، خصوصا بعد حرب العام 1967 وبعد التوصل إلى اتفاق فك الارتباط بين سوريا وإسرائيل في العام 1974. لم تعترض إسرائيل يوما على ذلك، هي التي دعت في العام 1976 إلى منع الجيش السوري من دخول جنوب لبنان “بسبب حاجتها إلى الاشتباك مع الفلسطينيين بين وقت وآخر”.
فوق ذلك كلّه، أفقر حافظ الأسد سوريا واستخدم الأسلحة السوفيتية في قمع شعبه وإذلاله وتهجير كلّ الكفاءات. لم يكن هناك حتى مستشفى لائق في دمشق. وعندما تعرّض نائب الرئيس السوري فاروق الشرع لنوبة قلبية، في العام 1999 نقل على عجل إلى بيروت لإنقاذ حياته على أيد أطباء لبنانيين في مستشفى الجامعة الأميركية!
كان حافظ الأسد مجرّد أداة تستخدم في تأدية ادوار معيّنة. كان الدور الإقليمي ولسوريا وهما أكثر من أي شيء آخر ولا يزال الأمر كذلك. لو كان يمتلك حدّا أدنى من الذكاء السياسي الحقيقي، الذي لا بدّ من التمييز بينه وبين ما يسمّى “المكر”، هل كان قبل بان يرثه نجله الثاني؟ هل كان قبل أن يكون على رأس بلد مثل سوريا، حيث لا نظام سياسيا على علاقة بالسوريين، شخصا مثل بشّار الأسد؟
يحصد الرئيس الحالي، الذي يسمّيه نائب بيروت الصديق نهاد المشنوق “الرئيس السابق”، ما زرعه والده. زرع نظاما قائما على الأجهزة الأمنية. لو كان مثل هذا النظام قابلا للحياة، لكان الاتحاد السوفيتي ما زال حيّا يرزق… ولكانت تماثيل ستالين في كل مدينة روسية!

 

المصدر: أخبار الثورة السورية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع