..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

آخر منجزات الحركة التصحيحية البعثية في سورية: اغتصاب الحرائر

سلوى الوفائي

١١ يونيو ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 8069

آخر منجزات الحركة التصحيحية البعثية في سورية: اغتصاب الحرائر
26.jpg

شـــــارك المادة

المرأة هي نواة المجتمع، ومركز عطائه، هي الأمّ والمدرسة، وهي الزوجة التي تسكن إليها الروح، وهي الأخت الحنون، والابنة البارة، وهي الحبيبة ورفيقة الدرب والكفاح. لم يبالغ نابليون بونابرت حين قال: "وراء كلّ عظيم امرأة"، ويشهد المؤرخون وعلماء الاجتماع والمفكرون أنّ مكانة المرأة في مجتمع ما هي مقياس حضارة ومعيار تقدم هذا المجتمع. وإنّ حدّ الفصل في إنصاف المرأة هو احترامها وتقديس أنوثتها وحماية شرفها، فالنساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلاّ كريم وما أهانهن إلاّ لئيم.


ولعلّ أبرز إنجازات الحركة التصحيحية البعثية في سورية هو عمليات اغتصاب الحرائر الممنهجة. لقد أدرك الموالون للأسد، رغم انعدام الإدراك لديهم، أنّ أغلى ما يُحارب فيه الإنسان هو شرفه وعرضه، فتفننوا في اختطاف الحرائر وتعذيبهن واغتصابهن بسادية وهمجية تكاد لا توصف، فأثبتوا بذلك أنّهم من فصيلة لا تنتمي للبشر ولا حتى للبهائم والحيوانات، وأشعلوا قلوبنا حقداً عليهم، وجعلونا من حيث لا نريد طلاب ثأر، وعبيد نزوة الانتقام. فكيف نرى ونسمع ما عانته الحرائر على يدّ العصابات المجرمة ثمّ ننسى ونسامح ونهادن؟ كيف تستطيع أن تنام جفوننا وترتاح ضمائرنا وفينا فلذات أكبادنا تتقطر حزناً وكمداً وألماً على ما رأينه من أهوال في سجون ومعتقلات جنود الأسد وشبيحته؟
ذكر الكاتب هادي البحرة قصصاً روتها سيدة سورية زارت ملاجئ السوريين وأجرت مقابلات مع فتيات تعرضن لحوادث اغتصاب مروّعة، قصص يدمى لها القلب، تبدأ من اغتصاب الفتيات على مرأى أبائهن وأزواجهن وأولادهن، قبل اعتقالهن في بيوت تشرف عليها عاهرات العصابات الموالية للأسد، يعملن قوادات لجنوده، يقدمن الفتيات المخطوفات لهؤلاء الحثالة ليتمّ اغتصابهن وتعذيبهن بعد حقنهن بإبر في الركبة أو الفخذ، تشلّ حركة الجسم وتمنع المقاومة، ثمّ يتناوب على الضحية عشرات السفلة، يمارسن عليهن ساديتهم ووحشيتهم في غفلة عن الرقيب وفي مباركة من أسيادهم، وفي غطاء دولي صمت طويلاً حتى غاصت الركب في الوحل.
إحدى الفتيات روت كيف تمّ كيّ عضوها التناسلي بالمكواة الحارة حتى غابت عن الوعي من شدّة الألم قبل بدء اغتصابها، وتمّ قذفها خارج المعتقل بعد 15 يوماً منهكة مريضة، وجدها أصحاب الضمائر فقاموا بتهريبها إلى الأردن ليتمّ علاجها من قروح ونزف والتهابات قد تسبب لها عاهة مستديمة، وروت أخرى كيف كانوا يستعملون القطط البرية والجرذان في تعذيبهن، وكيف كانوا يدخلون الجرذان في أعضائهن التناسلية ويتعرضن للعضّ والتعذيب والتسممّ جراء هذه الوحشية المنقطعة النظير.
وروت سيدة أخرى كيف كانوا يستعملون المنفاخ لنفخ أجسادهن لدرجة الانفجار، ثمّ يتناوبون على اغتصابهن، وقد حشرت العشرات عاريات في غرف التعذيب، في البرد، والقرف، والقذارة، ولم تسلم حتى الفتيات ذات العشر أعوام من إجرامهم. إحداهن تعرفت على مكان اغتصابها في فرع فلسطين بفضل أحد الشرفاء الذي زوّدها أيضاً بأسماء بعض الجنود المغتصبين. ونظراً لحساسية الموضوع، في مجتمع تسوده قيم الشرف والحفاظ على العرض، فقد تفاوتت ردّات فعل الأهل حيال حوادث الاغتصاب، بعض الآباء والأزواج والأخوة سيّطر على بصائرهم القاصرة موضوع العار، فحاولوا قتل المغتصبات للتخلص من عارهن، وبعض الأزواج هجروا زوجاتهم وطلقوهن، إمّا خوفاً من العار أو قرفاً واشمئزازاً لما حلّ بزوجاتهم المظلومات، وبعض الأمهات كنّ من الحكمة بحيث هربن مع بناتهن المغتصبات ولجئن إلى الملاجئ في الأردن ولبنان وتركيا، و مازلن إلى اليوم يبكين بدل الدموع دماء على ما وصل بهن الحال، لا تسمع من شفاههن إلا الدعوات أن يا ربّ انتقم من الظالم وخذه أخذ عزيز مقتدر.
بعض النساء مازلن تحت العلاج الجسدي والنفسي في مراكز رعاية خُصّصت لهن بإشراف سيّدات مؤهّلات يقمن بدور الأمّ الحاضنة والمرشدة الاجتماعية والأخصائية النفسية، ورغم كلّ الجهود المبذولة، ما تزال الكارثة الإنسانية أكبر من أن تُستدرك وأفظع من أن تعالج في وقت يسير. وما يزال عدد المغتصابات غير معروف على وجه الدقة، كما أنّه في تزايد باضطراد مع تزايد وتيرة القتل والذبح والتنكيل والتعذيب الذي تمارسه طائفة بعينها ضد طائفة اتخذت طريق الثورة للقضاء على جذور الظلم في المجتمع السوري ولينل شرف الحرية من حكم الأنجاس. وأدت هذه الممارسات العفنة إلى مزيد من التباعد بين الطائفتين، وإلى مزيد من التأجيج لحرب أصبحت تقرع الأبواب منذرة بشلال من الدماء لن يبقي ولن يرحم أحداً. وردّاً على بعض حالات الظلم التي تعرضت لها النساء المغتصبات من قبل ذويهم، يطلّ الشيخ عدنان العرور ليعلن أنّ من تعرّضت لانتهاك عرضها على يدّ شبيحة الأسد هي مجاهدة في سبيل الله، وما اغتصابها سوى تاج شرف على رأسها، وإنّ موعدها الجنة، وحثّ الشباب على التسابق لخطبة هؤلاء الفتيات ونيل شرف الارتباط بهن، وحفظ كرامتهن وشرفهن. وشجّع الصامتات على الجراح على البوح والإفصاح من أجل تثبيت وتوثيق حالات الاغتصاب ومحاكمة المجرمين الفاعلين، وفضح أساليبهم الدنيئة الهمجية البربرية، حتى ينالوا العقاب الذي يستحقون.
وثمّة جمعيات متخصصة بتوثيق هذه الحالات وتقديم الدعم والرعاية الصحية والنفسية اللازمة لهؤلاء المناضلات الشريفات، فالأولى أنْ لا نسكت على هذه الجرائم وأن نسعى لمحاسبة الفاعلين بكلّ ما أوتينا من قوة لتكون رادعاً لكلّ من تسوّل له نفسه مسّ الحرائر بسوء وهن سيّدات المجتمع الفاضلات ومربيات الجيل القادم في ظلّ سورية الحرة الكريمة.
من جهة أخرى، تتوالى الأسئلة المطروحة على طاولة الشرع؟ ما حكم الإجهاض لمن حملت من هؤلاء السفلة؟ يخبرنا الدكتور العريفي عن رسالة وصلته من إحدى حرائر الشام تقول فيها: "إذا عجزتم عن حمايتنا من الاغتصاب، فأرسلوا لنا حبوب منع الحمل، لأنّ المجرمين يعيثون فينا فساداً" وقد طال صمت أئمة المسلمين وفقهائهم وعلمائهم حيال هذا الموضوع، رغم أنّ الفتوى فيه لا تحتاج إلى طول تأمّل، مؤخراً فقط سمعنا أحد علماء المسلمين يفتي بجواز الإجهاض في حالة الحمل نتيجة الاغتصاب، أفلا يجدر بنا أن نسألهم "أيّ شرع ذاك الذي يمنع إجهاض الحمل نتيجة الاغتصاب؟" أم أنّ بصائرهم عميت وعقولهم عجزت أن تستوعب مشاكل العصر وجرائم أبناء يأجوج ومأجوج؟ ووقفت فتواهم عند حدود جمع وقصر صلاة المسافر، ومبطلات الصيام وحدّ نصاب الزكاة؟ إنْ لم تكونوا أهلاً لفهم معطيات العصر وقياس أحكامها والبتّ فيها، فالأفضل أن تتركوا الفتوى لأهلها لأنّ الشرع الإسلامي شريعة حياة قبل أن يكون منهجاً لطقوس العبادة وأحكامها. والسؤال الذي يؤرقنا هنا: هل يرضى أبناء الطائفة الموالية للأسد بهذه الجرائم؟ إن كان الجواب نعم، فقد وضعوا أنفسهم على قوائم نار الانتقام التي لن ترحمهم، وهم يعلمون حقّ العلم أنّ الثورة السورية ماضية رغم كلّ التضحيات والآلام وأنّ النصر حليف المظلومين مهما طال الزمن، وستدور الدوائر على رؤوسهم إن عاجلاً أم آجلاً، فمن ارتضى الذلّ لغيره، فقد أعطاه العذر أن يزجّه في طوفان الثأر القادم. ومن كان فيه ذرة من الشرف والضمير ويستنكر ما يحدث، فعليه أن يعلنها صراحة، وينأى بنفسه عن دعم وموالاة الحثالة من المجرمين، ويحفظ لنفسه مكانة بين أبناء هذا الشعب السوري العظيم، واعلموا أيّها الشرفاء، أنّ كلّ يوم يتأخر فيه انضمامكم إلى قافلة الثورة، يزيد عدد الضحايا، وتزيد الهوة التي تفصل بيننا وبينكم. و قدْ أعذر من أنذر.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع