لبيب النحاس
تصدير المادة
المشاهدات : 3905
شـــــارك المادة
في مثل هذه الأيام المباركة من عام2011 ولدنا جميعا من جديد كأفراد وشعب، وكانت ولادة حلم عظيم عمل أعداؤنا وبعض أبناء جلدتنا على تحويله إلى كابوس، ولكن بعد 8 سنوات لا يزال الحلم حيا وما تزال الآمال معقودة، وما زلنا متمسكين بثورتنا وحقوقنا كاملة.
مهما كتبت قرائح الأدباء والمؤرخين ونطقت شهادات المشاركين في الثورة، فلن يتم إنصاف هذه الثورة العظيمة وإنصاف الشعب الجبار الذي قام بها، #الثورة_السورية هي بحق أعظم ثورة في التاريخ المعاصر، وهي شامة #الربيع_العربي وجوهرة تاجه، وهي بداية لمرحلة جديدة في تاريخ المنطقة والعالم.
#الثورة_السورية زلزال هز أركان المنظومة الدولية والإقليمة التي مكنت لأنظمة فاسدة وأقلوية حكمت شعوب المنطقة لعقود طويلة، وقد بلغت ترددات هذا الزلزال أطراف العالم الغربي نفسه، وصعود التيار اليميني المتطرف جزئيا كان ردة فعل على نتائج الثورة وآثارها.
#الربيع_العربي لم ينته، وما شهدناه حتى الآن هو الموجة الأولى، وطلائع الموجة الثانية بدأت تظهر بقوة، ومما يساعد على ذلك حماقة الأنظمة العربية وعجزها على التغيير وإدراك أن التحول الجذري في وجدان وعقل الشباب العربي غير قابل للرجعة.
#الثورة_السورية أحدثت تغيرات عميقة وجذرية في وجدان المجتمع السوري وثقافته وطريقة رؤيته لنفسه ولمحيطه وعلاقته بالنظام لا سيما بين الشباب، وهذه التغيرات تجاوزت قنطرة العودة منذ وقت طويل، والعودة إلى سوريا ما قبل 2011 ما هو إلا سراب يحاول البعض إقناعنا به
معركتنا مع النظام البائد وحلفائه هي معركة أجيال، ولا يمكن الحكم على ما حققناه وما مهدنا لتحقيقه إلا من منظور تاريخي وجيلي. تغيير مجرى التاريخ لا يحدث في 8 سنوات عظيمة وقاسية، ولا ينجزه جيل واحد، نحن بداية أمر سينهيه ويجني كامل ثماره أجيالنا من بعدنا.
واجبنا أمام الله وأمام من سبقونا ومن بقوا معنا ودفعوا أغلى الأثمان وأمام الأجيال التي تلينا هو الاستمرار، مهما كلف الثمن وبأي وسيلة ممكنة. لا نملك ترف اليأس ولا حق التوقف، حققنا الكثير وأنجزنا المستحيل وإن بأبهظ التكاليف، ولكن ما زالت الأمانة في أعناقنا.
يحلو للكثيرين التركيز على الجوانب السلبية التي ظهرت في سلوك وثقافة المنسوبين إلى الثورة (زورا أو حقيقة)؛ لا تسمحوا لمثل هذا الخطاب بالتفشي، ولا تتوقعوا أن تختفي أمراض المجتمع وثقافة البعث في سنوات قليلة، كنا وما زلنا نقول إن أخطر عدو للثورة هي الثقافة البعثية.
وما يخفى على هؤلاء أو يتجاهلونه هي النماذج الإنسانية والبطولات الفريدة والخارقة التي قدمها وما زال يقدمها الشعب السوري في كفاحه لنيل حريته وكرامته، وأن صعوبة مراس هذا الشعب التي دفعنا ثمنها كثوار هي - أيضا - جزء من عبقريته وشخصيته التي مكنته من الاستمرار.
ثوار الشعب السوري هزموا نظام الأسد، وكسروا شوكة حزب إيران ومرغوا أنف إيران، وتطلب إيقافهم تدخل قوى “عظمى” عسكريا بشكل مباشر وارتكاب جرائم حرب شبه يومية على مدى عامين، وسط دعم شحيح وتنكر القريب وتجهم الغريب. لم نُهزم ولكن تأخر وصولنا لمرادنا الغائي.
نظام الأسد انتهى عسكريا، وتصدع أمنيا، ويعيش حالة غليان شعبي في المناطق التي يسيطر عليها جزئيا حتى بين أنصاره، وسط فشل اقتصادي وخدمي عارم، وفساد وصل لدرجات غير مسبوقة. كل هذا ينذر بانفجار قريب للوضع واستمرار تحول النظام إلى دولة فاشلة، وهذا ما تخشاه روسيا.
حرب سرية تدور رحاها بين بعض أجهزة استخبارات النظام وإيران للسيطرة على دمشق، وتضارب رؤى ومصالح مباشر بين روسيا وإيران، وانقسامات داخل منظومة الأسد نفسها، وتقاسم نفوذ بين إيران وروسيا وميليشيات النظام في المناطق التي تُحسب زورا على أنها مناطق النظام. هذا هو"انتصار" النظام.
للأسف، المعارضة السورية تفتقر للقوة والشرعية والشخصية لتخرج بخطاب سياسي قوي وواقعي يعكس حقيقة وضع النظام، ويرفض خطاب الانهزام تحت مسمى “الواقعية السياسية”، ويدافع عن أهداف الثورة، ويمسك بزمام الملفات الكثيرة التي تملكها الثورة لتحصيل مكاسب حقيقية للشعب.
للأسف، النظام: سواء عندما كان في القعر أو عندما أسعفته روسيا (بعد أن فشلت جهود الحزب وإيران) حافظ على نفس الخطاب الصلب المتماسك، في حين اختلط على بعض واجهات المعارضة دورهم: فلم يميزوا بين القيادة والتحليل السياسي وبين الجلوس أمام وسائل الإعلام أو طبيب نفسي.
أمام مؤسسات الثورة الرسمية -لاسيما واجهاتها- فرصة أخيرة للارتقاء بأدائها بعيدا عن الخطابات الجوفاء والمزاودات البعثية والتدليس المرضي والاستخفاف بعقول الناس، لا يوجد مستقبل فردي لأي معارض دون نجاح نسبي للثورة ككل، إما أن تصل السفينة أو نغرق جميعا.
ولكن ليس على الشعب الثائر أن ينتظر المعارضة السياسية؛ هناك حوالي 13 مليون سوري خارج مناطق سيطرة النظام، نظموا أنفسكم، ابنوا أدوات التأثير، أسسوا منصات سياسية وحقوقية واجتماعية تحمل صوتكم إلى صناع السياسات والقرار، ولتكن البوصلة هي هي نفسها، والرؤية ذاتها، والأهداف موحدة.
تملك أوراق قوة كثيرة، سياسية، حقوقية، إنسانية وحتى عسكرية وأمنية (درعا مثالا)، إلا أن ثورتنا تحتاج من يجيد استعمالها ويدفع تكلفتها. لسنا مضطرين أن نعطي شرعية لأي حل لا يحقق لنا الحد الأدنى من مطالبنا. إن كنا سنموت، فلنمت قتلا ولا نشرب السم تطوعا.
دورنا ومسؤوليتنا كشعب وكثوار يبدأ الآن، قبل الحل السياسي، وأثناء التفاوض على الحل، وبعد الحل. نحن من يعطي الشرعية لمن يدعي تمثيلنا وللحل الذي سيحاول البعض فرضه علينا. لذلك يجب أن نبدأ بتنسيق أنفسنا وبناء الأدوات والوسائل التي تمكننا من التأثير في مستقبلنا.
الحل السياسي المزعوم ليس عصا سحرية تتحول بعدها سوريا إلى دولة “القانون” و “الصناديق الشفافة” و”الحرية” و”العدالة”؛ صراعنا مع النظام ومخلفاته ورواسبه وحلفائه طويل الأمد ويجب أن نجهز أنفسنا له منذ الآن، ولنا في دول أخرى عبرة حين سلموا مستقبلهم للسياسيين فقط.
عمل جاهدا بعض “سياسيي” المعارضة على نشر مقولة “انتهى العمل العسكري ومعركتنا سياسية فقط” أملا منهم في نقل المعركة إلى ما يعتقدون واهمين أنها ساحتهم، ولكن #درعا مهد #الثورة_السورية أضاءت الطريق للسوريين لبدء مرحلة جديدة ونمط مختلف من الكفاح المسلح. سلاح الثورة خط أحمر.
ولمن داخله اليأس والإحباط، أمامك خياران: إما أن تشارك في صنع تاريخك بيدك وتثأر لنفسك وأهلك، أو تقرأه يوما متحسرا على عظيم ما فاتك. هذه ليست النهاية، وليست بداية النهاية؛ إنها فقط نهاية البداية بإذن الله. "وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون".
مجاهد مأمون ديرانية
سلامة كيلة
ياسر الزعاترة
المصادر: حساب الكاتب على تويتر
حساب الكاتب على تويتر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة