..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

بعد المبادرة (3): ماذا ينبغي على الثورة أن تصنع؟

مجاهد مأمون ديرانية

٢٢ ديسمبر ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3260

بعد المبادرة (3): ماذا ينبغي على الثورة أن تصنع؟
111.jpg

شـــــارك المادة

رسائل الثورة السورية المباركة (73):  بعد المبادرة (3): ماذا ينبغي على الثورة أن تصنع؟

الشعب نفسه هو الطرف الأهم في القصة كلها. ثوار سوريا الأبطال هم الذين سيحملون اليوم الجزء الأكبر من العبء، وهم الذين حملوا جزأه الأكبر على الدوام؛ إنهم من يحمل في يده الجرس، هم قرعوه أول مرة فأعلنوا لحظة البداية، وهم الذين سيقرعونه آخر مرة ليعلنوا لحظة الختام.
إن شعبَ سوريا الثائر شعبٌ غير عادي يواجه نظاماً غير عادي؛ فأما الشعب فقد تجاوز منذ زمن طبيعته البشرية إلى طبيعة خارقة تستمد قوّتها من قلوب اتصلت بالله واعتمدت على الله ووهبت أنفسها لله، وأما النظام فبلغ في الشر والجبروت درجة تعجز عنها الشياطين، ولو أن إبليس اطّلع على ما يصنعه هذا النظام لخجل من عجزه وضعفه إبليس! لذلك يجب أن نفترض أن النظام سيبذل كل ما في وسعه، وأنه سوف يمكر غاية المكر ليلتفّ على شروط المبادرة وينجو من تبعاتها دون الرضوخ الفعلي لها، فماذا سيفعل؟ وماذا ينبغي على الثورة أن تفعل؟

-1-

المبادرة تطالب النظام بإطلاق سراح جميع المعتقلين الذي اعتقلهم منذ بداية الثورة، فهل سيفعل؟ لن يفعل، بل سينقلهم إلى مواقع بديلة ويخفيهم في المنشآت العسكرية ظانّاً أن المراقبين لن يصلوا إلى تلك المنشآت، وهو واهم لأن المبادرة تمنح المراقبين حقاً مفتوحاً بالوصول إلى حيث يشاؤون، فالنص مطلق غير مقيَّد ولا محدَّد: "حرية الحركة الكاملة وحرية إجراء ما تراه مناسباً من زيارات واتصالات" [البند السابع من الفصل الثالث]، وأيضاً: "الوصول وحرية التحرك الآمن لجميع أعضاء البعثة في جميع أنحاء أراضي سوريا في الوقت الذي تحدده البعثة" [البند الثاني من الفصل الرابع].
هنا يأتي دور الثوار في متابعة الحركات الخبيثة وكشفها، فإما أن يبلّغوها لأعضاء اللجنة مباشرة إذا استطاعوا، أو ينقلوا الأخبار إلى المجلس الوطني ليقوم هو بتوصيلها إلى اللجنة الوزارية أو إلى الأمانة العامة للجامعة.
لكن هل سينقل النظام معتقَلي الثورة الأحرار إلى مواقع بعيدة ويُبقي السجون فارغة؟ لن يرتكب هذه الحماقة، بل سيحاول الاستفادة من حركته الخبيثة استفادة مزدوجة، حيث أتوقع أن يحشو السجون بجماعات من شبيحته الذين سيقابلون المراقبين ليؤكدوا لهم أنهم يعيشون في سعادة بالغة في السجن حيث يأكلون الكبّة والكباب ويتابعون مسلسلات قناة الدنيا! مرة أخرى سيقع العبء على رجال الثورة، حيث يتوجب عليهم أن يجمعوا المعلومات الدقيقة ويقدموها للمراقبين بما يثبت أن فلاناً وفلاناً من "المعتقلين الوهميين" هم في الحقيقة فلان وفلان من منسوبي الأمن أو من الشبيحة المعروفين، مع الاستعانة بشهادات الشهود وبما يمكن جمعه من الأدلة المؤيِّدة لما يقولون. قد لا يكون هذا العمل سهلاً، بل هو لن يكون سهلاً بالتأكيد، لكن يبدو أنه ضروري لإحباط خطط النظام.
الأمر الأهم والأكثر إلحاحاً هو أن تقدّم الثورة للمراقبين قوائمَ كاملةً بأسماء عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين، وأن تطالب المراقبين بالضغط على النظام لكشف مصائرهم والإفراج الفوري عنهم، وبالتأكيد سيكون على رأس تلك القائمة كبار الناشطين ومشاهير المعتقلين -يمكن مثلاً المطالبة بزينب الحصني، ولنحل هذا اللغز أخيراً. لكن للأسف لن تستطيع لجنة المراقبين المطالبة بطلّ الملوحي لأن اعتقالها سابق للثورة، حيث ينص بند المبادرة الثالث من الفصل الثالث على "الإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة" فقط-.
وإني لأرجو أن ينجح التحرك السريع في إنقاذ حياة الكثيرين؛ كالناشط الشهير أنس الشغري الذي مضى على اعتقاله سبعة أشهر كاملة والذي نُقل إلى أقبية المخابرات الجوية قبل شهر ونيّف، وصولاً إلى آخر المعتقلين المهددين بالتصفية؛ كمجموعة ناشطي كرناز الذين اعتُقلوا أمس في مداهمة للمنزل الذي كانوا يختبئون فيه، وهم عشرة، عُرف منهم نضال الأحمد وحسين الشعبان -أخو الشهيد شعبان الشعبان-.

-2-

المرضى والمصابون تحدٍّ آخرُ كبيرٌ تحمل الثورة عبئه، فلا ينبغي أن تفوّت الفرصةَ دون كشف جرائم النظام في تعقّب المصابين وخطفهم وتصفيتهم، ولكي تصنع ذلك فإن على الناشطين أن يجمعوا ملفات كاملة لما يمكن إثباته من حوادث من هذا النوع، مع توفير الأدلة والشهود، ومع أخذ الاحتياطات الكاملة لحماية المصابين من الملاحقة اللاحقة أو الانتقام المتوقع من عصابات النظام.
وبما أن المبادرة تمنح المراقبين -في بندها السادس من الفصل الثالث- "حرية الاتصال مع من تراه من الأفراد والشخصيات وعائلات المتضررين من الأحداث الراهنة"؛ فإن على تنسيقيات الثورة الميدانية أن تجتهد في حشد أكبر عدد يمكن حشده من الشهود لكشف جرائم النظام، التي تشمل الاعتقال والتعذيب والقتل بلا محاكمات خارج نطاق القانون. مع العلم بأن التحدي الأكبر ليس فقط في توفير الشهود بل في تأمين حمايتهم بعد لقائهم بالمراقبين، ورصد أي ملاحقة أو أذى يمكن أن يصيب أولئك الشهود، وهو أمر متوقع، بل يكاد يكون محتوماً، وينبغي على الثورة أن تستفيد من البند الخامس من الفصل الرابع الذي ينصّ على "ضمان عدم معاقبة أو مضايقة أو إحراج أي شخص بأي شكل من الأشكال وأفراد أسرته لتواصله مع البعثة أو تقديم شهادات أو معلومات لها".

-3-

تنص المبادرة في بنديها الأول والثاني -من الفصل الثالث- على "وقف جميع أعمال العنف ومن أي مصدر كان"، و"عدم تعرض أجهزة الأمن السورية وما يسمى بالشبيحة للمظاهرات السلمية"، وهنا نصل إلى أهم التحديات وأكبر الأعباء التي تحملها الثورة: إنها فرصة العمر لإغراق شوارع سوريا بالمظاهرات وإغلاق ميادينها بالاعتصامات. ولكن النظام الخبيث الشرير يعلم أن المراقبين لا يستطيعون تغطية المناطق كلها في وقت واحد، بل لا يكادون يستطيعون تغطية عشر مدن معاً، ومن ثم يتوجب على تنسيقيات الثورة الميدانية أن تتابع تحركات المراقبين وأن تستغل وجودهم، بحيث تتحول أي مدينة يصلون إليها إلى بركان ثوري.
إذا وصلوا إلى حماة فعليكم بساحة العاصي فأغرقوها بالمتظاهرين والمعتصمين ونظموا مهرجانات قاشوشية كبرى، وإذا وصلوا إلى حمص فأعيدوا إحياء اعتصام ساحة الساعة الشهير، واصنعوا الأمر نفسه في ساحة الكرامة في درعا حينما يصل المراقبون إلى درعا، أما دمشق فإنها التحدي الأكبر: لقد حُرم ثوار دمشق من ساحة العباسيين منذ زمن بعيد، وحُرموا من ساحة الأمويين على الدوام، فأرونا ماذا ستصنعون الآن يا ثوار دمشق. حتى لو بالغ النظام في الخبث فملأ الساحتين بشبيحته وعبيده فلا تستسلموا، سيحوا في الشوارع واملؤوا غيرهما من الساحات، يمكنكم أن تتدفقوا من الميدان ونهر عيشة وكفرسوسة على المرجة وشارع النصر فتملؤوا أهم مناطق دمشق بالمتظاهرين والثوار… المهم أن تُروا المراقبين ما يدهشهم وأن تُروا العالم كله مشهداً دمشقياً لا يُنسى.
أيضاً ينبغي على الثوار أن يستغلوا وجود المراقبين في مناطقهم ليملؤوا الجدران بالشعارات الثورية، واكتبوها أيضاً على أرض الشارع كما تصنعون دائماً، ولكن لا تصنعوا ذلك قبل وصول المراقبين بوقت طويل حتى لا تتركوا للنظام فرصة لطمس كتاباتكم، بل ترقّبوا اللجنة وتحركوا تحركاً سريعاً قبل وصولها بوقت قصير.

-4-

وأهم من ذلك كله وقبله وبعده يبقى الخيار الإستراتيجي والعمل الأفضل هو التصعيد الثوري في أنحاء سوريا كلها، بالاستمرار في المظاهرات والمثابرة على الإضراب وتوسيع أنشطة العصيان المدني، مما لا يمكن للمراقبين إلا أن يشاهدوه ويلاحظوا أثره، ومما له الأثر الكبير في إنهاك النظام وتحقيق أهداف الثورة بإذنه - تعالى -.
أخيراً: أحمد الله على أن ناشطي الثورة قد بلغوا في الذكاء وقوة الإدراك ما يفوق خبث النظام ويُحبط مكره ويرد كيده على نفسه بفضل الله، ففي حين نرى النظام وأجهزته القمعية يشتطّون في الغباء وسوء التقدير نرى الثوار يبالغون في اليقظة وحسن التدبير، ولسوف تهزم يقظتهم غباءه ومكره بفضل الله، وينقلب سوءُ تقديره عليه بحسن تدبيرهم إن شاء الله.
لقد ثابرت على متابعة صفحات الثورة خلال الأيام الماضية فوجدت أن الثوار جهّزوا أنفسهم لاستقبال المراقبين، وفكروا بكل احتمال وكل احتيال يمكن أن يُقْدم عليه النظام، وقد أعدّوا عدتهم لمواجهة خبثه ومكره وإحباط خططه وكشف خدعه. فتابعوا -يا أيها الثوار في الميدان- صفحات الثورة في مناطقكم للحصول على التوجيهات اليومية، وتابعوا صفحات الثورة العامة وسوف تجدون فيها كثيراً من النصائح النافعة والتوجيهات المفيدة، ولن يغلبكم -بإذن الله ذي الجلال والإكرام- عدو سقيم لئيم.

المصدر: موقع الزلزال السوري

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع