..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

علماءَ سوريا .. الفزعةَ الفزعةَ

أبو عبد الله عثمان

٣٠ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3003

علماءَ سوريا .. الفزعةَ الفزعةَ
الثورة 1.jpg

شـــــارك المادة

كما هي الثورة في تحصيل السلاح تتثاقل الأمم في تلبية حاجتها منه، وكما هي في تأمين الإغاثات تتراخى الأمم في نجدتها، وكما هي في تحصيل لوازم الطبابة تعجز الأمم عن إنقاذها... كذلك هي أيضاً تعاني أشد ما تعاني من صعوبة الحصول على رؤية واضحة منظمة رشيدة لأمور دينها..

 


وكما هو حال الإغاثة والتسليح في أكثر المناطق يتصف ببعض العشوائية والتبعثر وقلة التنظيم أحياناً، كذلك هي الفتاوى تتطاير كالفتات من لسان إلى لسان..
لكن قضية الإغاثة والتسليح تتميز عن قضايا الدين في أن ثمة من ينادي بتنظيمها وشَرعنَتها وحسن إدارتها، بخلاف القضايا الدينية..
فلما يشعرْ كثيرون بعدُ بالحاجة الماسة لتنظيمها وتأصيلها. ليسمح لنا العلماء ببعض النقد فإن الثوار في الداخل وطلبة العلم تمر عليهم في اليوم عشرات المسائل الشرعية التي لا يسهل على طالب علم أن يصل فيها إلى فتوى يطمئن لها، وخاصة مع الظروف الصعبة في الداخل، بل إنه لا يسهل أحياناً على العالم والفقيه أن يقرر وحده الفتوى المناسبة في كثير من الحالات، ولا بد من وجود هيئة شرعية من علماء متخصصين للبت في كثير من تلك القضايا المفصلية في مسار الثورة السورية، التي تُخرِج من التساؤلات الشرعية في كل يوم ما لم يظهر إلى الواقع منذ عشرات السنين.
إنه من المنصف أن نعترف بوجود عدد غير محدود من الهيئات والمجالس الشرعية في الثورة السورية في شتى الأماكن، كما أنه من المنصف أيضاً أن نعترف أن هذه الهيئات والمجالس –مشكورة- لا تُسمن ولا تغني من جوع، ولا تسد مداخل الشبه، ولا تكفي في إظهار الحجج وعرض الأدلة والقناعات، وتوضيح متطلبات المصلحة والواقع والأولويات.
إننا نتابع بعض المشايخ والعلماء في الداخل والخارج ولا نجد في نشاطاتهم إلا جهوداً فردية تتصف بالتناقض تارة وبالقصور أخرى..
وإن أغلب هؤلاء العلماء ليسوا موظّفينَ تماماً في خدمة الأمة في أخطر مراحلها، فكل واحد يجتهد في تقديم ما يراه مفيداً، فهذا يركز على الإغاثة وذاك على المواعظ، وآخرون ينخرطون في صفوف المجاهدين يقدمون لهم بعض دروس العلم..
وكثير من تلك الدروس لا تفيد المقاتلين في الوقت الحاضر إلا ثوابَ حضور تلك المجالس.
إننا لا نطلب إنشاء هيئة شرعية فخرية..

كما أننا لا نطلبها للأيام القادمة، ولا نطلبها للدعم العسكري ولا لتأييد الكتل السياسية، إننا نطلب هيئة شرعية حقيقة تضم علماء موثوقين بعلمهم واتزانهم، ويعرفون الواقع السوري جيداً، ويدركون المرحلة التي تمر بها الأمة ويتصفون بالمنهج المرتبط بالأدلة ولا تتجاذبهم ألوان التيارات ولا تتلاعب بهم الانتماءات..
أمثالُ هؤلاء هم المرشحون لقيادة هيئة شرعية تقدم الإغاثة الشرعية للثورة والدعمَ التأصيلي لقضاياها وتقضي على كثير من الأدواء والأهواء التي تعصف بها..
إن تأمين هذا الدعم الكبير والإنجاز العظيم لا تقل أهميته عن الدعم العسكري والإغاثي، والشعب السوري إذ يناشد العلماء التحرك في سبيل ذلك فإنه لا يناشد العلماء السوريين فحسب، فقضيته لا تخص السوريين وحدهم، ولا بد من تواجد عدد من العلماء المشهود لهم بالعلم والعمق في ذلك الجسم المنشود، كما أنه يمكن للسوريين الذين يخشون على أنفسهم أو أقاربهم في حال الانضمام لمثل تلك الهيئة أن يكون انضمامهم وتفاعلهم سرياً ريثما يقضي الله أمراً كان مفعولاً..
إن مهام هذا الجسم الشرعي تتمثل في:
- التواصل التام مع كل منطقة والإجابة عما عندهم من إشكالات وقضايا..
- الإجابة الواضحة عما يسأل عنه الناس من قضايا الثورة والأموال والقصاص والسجون والقضاء والأسرى وغير ذلك..
- تقديم أبحاث مدروسة جاهزة لتثقيف المجاهدين تفيد في بناء أولئك الشباب، فهم خلال سنتين لا يكَرر عليهم إلا باب الصلاة والوضوء وبعض مسائل الجهاد..
وغالباً هم بعيدون عن فقه وفهم المرحلة التي تمر بها الأمة وما يناسب تلك المرحلة من أساسيات شرعية وقواعد مهمة في السياسة والواقع والتفكير.. قد تفوق أهميتها أحياناً كثيراً من المسائل التي يدرسونها بشكل تقليدي في أبواب الجهاد.
- حصر المسائل التي عليها مدار النزاع بين الكتائب وإيجاد صيغة شرعية لها بحيث تساعد في إنهاء الخلاف والنزاع.
- الإشراف على قضايا القضاء في كل المناطق وحصر تأمين القضاة عن طريق تلك الهيئة.
ونحن بصراحة لا نريد لهذه الهيئة ولا ننتظر منها أن تعلن عن إنشائها فحسب.. فلقد مللنا من الإعلانات والحفلات والبَروزة والشعارات والتغطيات الإعلامية.. إنما نريد خطوات عملية لا نظرية وإنجازات وليس إعلانات..!
كما أننا نناشدكم الله في حال عزمتم على هذا العمل أن لا يكون هذا العمل يعتمد على الإرضاء والاستيعاب وضم أشخاص من غير أهل العمق والعلم لمجرد أنه يصعب تجاوزهم، وبذلك تحترق تلك الهيئة في نفوس المجاهدين والثوار، وإن كان لا بد من ضم بعض الوجوه المشهورة فلتوضع في مواقع تناسبها، فمكان الواعظ هو الوعظ وليس الفقه، ومكان الخطيب هو الخطابة وليس الأحكام، ومكان صاحب القلب الرقيق والبكّاءِ هو قلوب الناس وفؤادها وليس عقلها ومصير جهادها ونهضتها.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع