خطيب بدلة
تصدير المادة
المشاهدات : 3570
شـــــارك المادة
وقعت هذه الحادثة في يوم صيفي مشمس من أيام سني الثمانينيات من القرن العشرين.. كان عرش الجنرال حافظ الأسد، يومئذ، قد توقف عن الاهتزاز بعد المجازر المروعة التي ارتكبها هو وأخوه رفعت ورؤساء شُعَبِهِ وفروعه ومفارزه الأمنية الأخطبوطية وقتلوا عشرات الألوف من السوريين.. وبدأت سورية تتحوّل إلى ما عُرف لاحقاً باسم "جمهورية الخوف العربية السورية". الركاب المسافرون إلى دمشق من كراج العنداني بإدلب صعدوا إلى الباص، واتخذوا أماكنهم، والسائق التفت نحو المعاون وسأله: - أشو أبو مراد؟ منقول يا الله؟ رد عليه أبو مراد: قول يا الله.. في هذه اللحظة.. دخلت سيارة ستيشن تابعة للأمن العسكري أمام الباص فسدت عليه الطريق، ونزل بضعة عناصر مسلحين، وقف بعضهم بجوار الباص، وصعد بعضهم الآخر إلى داخله. قال رئيس الدورية: كل واحد يشيل هويته في إيده. نفذ الركاب الأمر، من دون أي كلام.. وبدأ رئيس الدورية وأحد العناصر يتفحصان هويات الركاب، على التسلسل.. فجأة.. أحدُ عناصر الدورية، وقد لمح راكباً معيناً، اندفع من الأمام إلى الخلف، باتجاه الراكب، وهو يصيح: - هذا أنت يا سمير يا ابن محمد الحمودية؟.. بدي ألعن أبوك يا ابن الكلب.. وانهال على المدعو "سمير" بالضرب واللكم.. وهو يطلق سيلاً من الشتائم.. فيقول: ولاك كيف تجرؤ على أنك تلاحق أختي "زكية" في زقاق الضيعة وتلطشها كلام عشق وغرام؟ ولاك نحن بيت القدري بناتنا شريفات وما حدا يدوس على طرفنا.. والله لولا أعرف أن أختي طاهرة لأقتلها وأقتلك معها.. يا الله ولاك كلب.. انزل من هون.. انقلع.. وشرع يركله حتى أنزله من الباص وسط دهشة الركاب وأفراد الدورية أنفسهم.. وحينما أصبح المدعو "سمير" خارج الباص نظر رئيس الدورية في هذا العنصر الثائر مستفسراً عن هذا التصرف الغريب، فقال له: - آسف سيدي. لاكن دمي فار لما شفته. من أكثر من شهر ونحن عم ندور على هالواطي.. بدو يبهدلنا في الضيعة وفي كل المنطقة يا سيدي.. بقي رئيس الدورية محتاراً فيما يفعل لدقيقتين، ثم أمر بقطع عملية التفتيش، ونزل هو والعناصر من الباص، ثم ركبوا سيارتهم وانصرفوا.. بعد سنين طويلة.. روى لي القصة نفسها واحد من قرية "كنصفرة" بجبل الزاوية.. ولكن بطريقة مختلفة.. قال لي: هذا المدعو "سمير"، لم يكن اسمه سمير، وهو ليس من عائلة "الحمودية"، أصلاً في قريتنا لا توجد عائلة بهذا الاسم.. الرجل اسمه "محمد علي طَلّاع التبّة".. وهو من زعماء التنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين.. وكان مطمئناً إلى أن الأمن لم يكشفوه بعد.. فغامر بركوب الباص والذهاب إلى دمشق، وكان ينوي أن يغادر من هناك إلى الأردن ليصبح في منأى عن جماعة حافظ الأسد.. العنصر الذي ضربه في الباص كان من نفس القرية، وكانت الدورية التي حضرت إلى "كراج العنداني" في ذلك الصباح مزودة بعدد من أسماء المطلوبين، في مقدمتهم محمد علي طلاع التبة.. لذلك، حينما رآه، افتعل تلك المشكلة معه، ومحمد علي، بدوره، فهم اللعبة، وصار يقول له: والله ما لي علاقة بأختك.. والله العظيم ما لطشتها حكي.. إلخ.. وفيما بعد كان الشقيق الأصغر لمحمد علي كلما التقى بالعنصر يقول له: - أشكرك على الضرب الذي وجهته لأخي محمد علي.. الحقيقة مو بس أنا، كل عيلتنا بتتشكرك.. فيقول العنصر: لا شكر على واجب!
عبد المنعم زين الدين
مجاهد مأمون ديرانية
المصادر: العربي الجديد
العربي الجديد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة