مع تعقد المشهد السوري و طول الأزمة وتفشي ظاهرة الهجرة وتسرب العديد من عناصر الثورة الفاعلة يجدر بكل واحد منا إعادة التفكير بدوره ضمن مهمة إنقاذ سوريا من تفكيك وضياع يتربصان بها.

فالموقع أو النشاط الذي كان كافياً فيما مضى على الأغلب قد تغير الآن، وتجاهل هذه الفكرة والاستمرار في موقع الراحة الذي أوجده كل واحد منا لنفسه لم يعد يجد نفعاً.
من بدأ بمجموعة صغيرة من الأصدقاء يعمل بالإغاثة فليس من المعقول أنه لم يطور عمله بعد ليصبح منظمة و مؤسسة.
و الإعلامي النشط لا نتوقع منه إلا أن يكون قد أصبح جزءاً من مؤسسة إعلامية لها رصيد وسمعة ومصداقية.
وأهل الفكر بات يجدر بهم توجيه أفكارهم ضمن تيارات وأحزاب فكرية أو سياسية يمكن الانضمام لها والبناء عليها وحشد الناس حولها.
ومن لم يقدم شيئاً بعد فعليه البحث حثيثاً عن مجموعة تروق له تشكيلتها وطريقة عملها ليتطوع معها، ولا يظنن أنها ليست بحاجة إليه فمن المؤكد أن بعض من فيها قد أخذ الإنهاك طريقه إليه.
أضعف الإيمان من تعاطف ونقل أخبار ومشاركات على وسائل التواصل لم يعد يكفي... أضعف الإيمان كفالة طفل وغرس شجرة وبناء مدرسة وعلاج جريح.

والذي أثبت مهارة وحنكة في القيادة وتأسيس المشاريع والمنظمات عليه أن لا يجلس على رأس إحدى مشاريعه الناجحة ليرتاح ويستمتع بمراقبة نجاحه، وإنما عليه التنحي وفسح المجال لغيره في القيادة ثم التشمير مرة أخرى ليشحذ همة مجموعة جديدة من الشباب في مشروع آخر تملك الرغبة في العمل ولكن تعوزها المعرفة والخبرة.

نماذج كثيرة لبُّ معظمها التحول من العمل الفردي إلى الجماعي... فالعمل الجماعي أكثر مدعاة للاستمرار في حال استسلم أو مل رواده الأوائل، وفكر الجماعة دائماً أفضل من فكر الفرد.

سورية الآن تشبه الدوامة الكبيرة التي لا يعرف قرارها ولا حجم قدرتها على ابتلاع من يخوض غمارها، وقد اعتاد الكثير منا العوم على أطرافها دون الجرأة على الاقتراب من مركزها ونحن نشاهد أبطالنا وشجعاننا ورواد ثورتنا يختفون الواحد تلو الآخر في قلبها.
نزيف شبابنا مستمر وعلينا التفكير بطرق تعويض هذا النزف المؤلم القاتل.

لم يعد يكفي سوريا أبطال يشقون الطريق فرادا ولا نجوم تلمع وحدها في فضاء العطاء... وإنما تحتاج لمجموعات ومجرات تدور حول بعضها في تناغم وتناسق يثير الإعجاب ويبعث الأمل من جديد.

مشاركات نور سورية