يحيى بشير حاج يحيى
تصدير المادة
المشاهدات : 3465
شـــــارك المادة
لما خرج الشعب السوري في آذار 2011 ، كان يطالب بالحرية التي هي من أول حقوقه ! و كان خروجه عفويا لم يعد له العدة من قبل ، و إن كانت بوادر الثورة تلوح في الأفق بعد تراكم طويل و ثقيل من ممارسات النظام ، و معاناة الجماهير و لكن الله سبحانه أراد شيئا آخر ، أراد لهؤلاء المطالبين بالحرية بداية تحول في سورية و ما حولها ! و هي صورة تشبه ما حدث للمسلمين في غزوة بدر ، حين خرجوا لاعتراض القافلة تعويضا لما فقدوه في مكة .
إلا أن الله تعالى - كما يقول صاحب الظلال سيد شهداء العصر: أراد أن تكون ملحمة لا غنيمة ، و أن تكون موقعة بين الحق و الباطل ؛ فكان اختبار الله لهم غير ما أرادوا و خرجوا لأجله " و يضيف :" فأين ما أرادته العصبة المسلمة لنفسها مما أراده الله لها ؟ لقد كانت تمضي - لو كانت لهم غير ذات الشوكة - قصة غنيمة . قصة قوم أغاروا على قافلة فغنموها ! فأما بدر فقد مضت في التاريخ كله قصة عقيدة ، قصة نصر حاسم و فرقان بين الحق و الباطل ، قصة انتصار الحق على أعدائه المدججين بالسلاح المزودين بكل زاد أما و قد فرت القافلة فقد قدر الله أن يلقوا الطائفة الأخرى ، و قدر أنها ستكون لهم، كانت ما كانت، كانت العير أو كانت النفير كانت الضعيفة التي لا شوكة لها أم كانت القوية ذات الشوكة و المنعة [ و إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم ، و تودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ] هذا ما أرادته العصبة المسلمة لأنفسها يومذاك ، أما ما أراده الله لهم ، و بهم ، فكان أمرا آخر [ و يريد الله أن يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين ليحق الحق و يبطل الباطل و لو كره المجرمون] و هكذا و على الطريق نفسه تمضي الثورة في سورية ! فالحرية على أهميتها كان يمكن أن تنال كما في ثورات الربيع العربي ، و لكن تقدير الله - أراد أن تطول هذه المعركة ، ليحيى من حيّ عن بينة ، و يهلك من هلك عن بينة ، فمتى كانت تلك النفوس التي وقفت مع الطاغية متى كانت ستنكشف ؟ و أين كانت ستتعرى؟ ففي زمن المعركة الذي طال، و على أرض الواقع الذي توضحت فيه الحقائق لكل مبصر، انكشف هؤلاء بدءا من معممين لم يكونوا إلا سلة معلومات ، إلى من يزعمون أنهم نخب تتاجر بالمبادئ و المواقف، إلى عامة لم يكونوا شيئا مذكورا إلى... إلى .. فإذا هم قطعان مفضوحة مكشوفة تندرج جميعها تحت مسمى) الشبيحة) أعمى الله قلوبهم ، فلم ينتفعوا ببصر العينين . كانت بدر نقطة تحول لا في حياة العرب آنذاك ، بل في حياة البشرية؟! فماذا لو غنم المسلمون القافلة ، أو ماذا لو سُحقت تلك الفئة المؤمنة تحت سنابك خيول الجاهلية ؟ و لكن الله أراد أمرا آخر فكانت فرقانا بين الحق والباطل ! و ماذا لو أن تلك الانتفاضة حصلت على حريتها بجهد يسير و وقت قصير ، أو لو أنها سُـحقت تحت عجلات دبابات النظام و وحوشه ؟! و لكنها إرادة الله ، فقد حققت الثورة السورية الكثير و الكثير ، و ستكون إيذانا - بعون الله و توفيقه - لتحول كبير يشمل سورية و المنطقة المحيطة بها و البعيدة عنها و بمقارنة بين الجهاد في أفغانستان بعد احتلال الروس لها و بين الثورة السورية تستوقفنا ثلاث نتائج كان المفكر محمد قطب قد أشار إليها في كتابه (الجهاد الأفغاني و دلالاته) المطبوع عام 1989 في جدة ، و قبل انهيار المنظومة الشيوعية و دولها المتهالكة .
أولاها : أن الجهاد الأفغاني قد كسر حاجز الرهبة من الوحوش الضارية التي تسمي نفسها (الدول العظمى) و ثانيها : أنه كان نقطة تحول تاريخية وفق الإرادة الإلهية على يد فتية آمنوا بربهم، و زادهم هدى ، و ربط على قلوبهم ، ليُـظهر - سبحانه - الحق على أيديهم و يجعلهم برهانا لآياته . فكم ضال نزع عن ضلالته ، و متشكك ابتعد و أقصر عن شكه ؟! وثالثهما : تأثير هذا الجهاد على المسلمين الروس ، و خشية الشيوعية أن تنتقل العدوى إلى باقي المسلمين سواء في الاتحاد السوفييتي آنذاك أم غيره و قد كان !! و رابعها : أن الأمة غدت هي التي تجاهد ، لا جماعات منعزلة عن جسمها ، أو منفصلة عنها و قد تحقق بفضل الله للثورة السورية كثير من هذه النتائج : فلم يعد حاجز الخوف قائما ، و قد كسرته الإرادة الشعبية !! و ظهر للعيان أن انتصار الثورة في سورية سيكون نقطة تحول تاريخية ! فقد برزت العودة إلى الله من خلال سلوكيات الشعب المُغيّب عن الإسلام و المُـحارَب بعقيدت ، و من خلال الشعارات المرفوعة التي تعتز بدينها و رسولها ، و من خلال الفتية الذين أذهلوا العالم ببطولاتهم و إيمانهم و صبرهم كما برز حجم خوف الأنظمة القمعية عربيا و عالميا من انتقال عدوى النهوض الشعبي في دولها و قد صرح مسؤول روسي أن نجاح الثورة السورية سيكون مؤثرا في الشيشان و القوقاز. كما غدا انخراط الأمة في الجهاد و المقاومة مَـعْلما بارزا بعد أن كان محصورا في نخبة ، أراد المجرم الأب حافظ الأسد أن يستدرجها و يجرها بعيدا عن أعين الأحرار و بتغطية من أسياده على جرائمه كما حصل في الثمانينيات في عموم سورية و في حماة بالذات . فاليوم أصبح الشعب السوري كله إلا زمرا تقاتل مع الجلاد ستنتهي معه بإذن الله ، أصبح هذا الشعب بريفه و مدنه ، و مثقفيه و عامته ، برجاله و نسائه ، بعسكريه و مدنيه منخرطا في جبهة البنيان المرصوص ، لينطلق كل فرد منه ، فيعمل بحسب موقعه ، و وجوههم جميعا متجهة نحو هدف واحد: رضا الله تعالى و إسقاط النظام.
المصدر: رابطة أدباء الشام
عبد المنعم زين الدين
أحمد موفق زيدان
محمد إياد مسامح
عباس شريفة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة