..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

تناقضات كبرى تفضح بشار الأسد (2): الطائفي بشار الأسد دمّر سوريا وحرق الأقليات

أنور مالك

١٥ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7010

تناقضات كبرى تفضح بشار الأسد (2): الطائفي بشار الأسد دمّر سوريا وحرق الأقليات
مالك-0.jpg

شـــــارك المادة

نواصل الحديث في حلقة ثانية عن تناقضات كبرى تفضح بشار الأسد ونظامه الذي دمّر البلاد وقتل العباد في سوريا من أجل مصالح دول أجنبية ومطامع قوى تبحث عن بسط نفوذها على حساب المنطقة العربية. (راجع المقال السابق)

5- يزعم الدفاع عن الأقليات وهو يحرقها:

طالما ادعى نظام بشار الأسد أنه يدافع عن الأقليات وهو الحصن المنيع الذي يحميها من "بطش" ما يسمّيها الجماعات المسلحة الإرهابية، غير أن الحقيقة الموجودة على أرض الواقع عكس ذلك تماماً.

فقد قامت قواته ومليشياته باستهداف الطائفة المسيحية وقد وثقت بعثة مراقبي الجامعة العربية عملية اغتيال شخصين مسيحيين في حمص وهما العقيد الأسبق أمير روجيه ونجله هاني روجيه، وكل الشواهد حينها تثبت أن الجيش النظامي هو الذي استهدفهم في مكان آمنٍ برصاص متفجر؛ من أجل التسويق عبر المراقبين الدوليين المخاطر التي تستهدف الأقلية المسيحية في سوريا.

أيضاً استهداف الكنائس الذي تكرر عدة مرات، وقد أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أبريل/نيسان 2015، أنها وثقت استهداف 69 كنيسة في البلاد منذ بدء الثورة في مارس/آذار 2011، حيث استهدف النظام منها 41 كنيسة، فيما أحصت تحويل 11 كنيسة إلى مقر عسكري. وطبعاً جرى التسويق الإعلامي لهذه الجرائم على نطاق واسع كي يستثير عواطف الغرب المسيحي تجاه ما يعانيه المسيحيون من انتهاكات تقترفها المعارضة المسلحة وما تهددهم من مخاطر.

من جهة أخرى أن طائفة الأسد النصيرية التي سمّاها الاستعمار الفرنسي العلوية لحاجة استراتيجية، قد زجّ بها الأسد في متاهات لا تحصى ولا تعد من أجل مصالح عائلته كي تبقى في الحكم.

تشير الكثير من المصادر إلى أن خسائر العلويين في الثورة السورية تجاوزت 50 ألف قتيل أغلبيتهم الساحقة من الشباب، وأن الجرحى قد تجاوز عددهم 100 ألف جريح.

صحيفة "التلغراف" البريطانية نشرت، في 7 أبريل/نيسان المنصرم، تقريراً مفصلاً عن وضع العلويين المؤيدين لبشار لأسد في سوريا، وكشفت حقائق تعكس مدى الإنهاك الذي وصلت إليه هذه الطائفة، سواءً من سوء أوضاعها المعيشية أو كثرة القتلى من أبنائها. حيث أجرت الصحيفة مقابلات مع بعض العلويين تحدثوا عن سخطهم من نظام الأسد الذي يستخدمهم في حربه الضروس مع قوات المعارضة.

التقرير حمل عنوان "في حرب سورية يدفع العلويون الثمن الباهظ لولاء الأسد"، وأشار إلى عدم اهتمام النظام بالجنود العلويين الذين قتلوا في المعارك، إذ بات ينقل جثثهم إلى أهاليهم في الشاحنات، ومن ثمّ تداهم قواته منازل بقية العلويين لسحب مزيد من الشباب كبديل عن النقص المتزايد في جيش الأسد.

لقد نادت بعض الأصوات العلوية مطلع الثورة بضرورة إنقاذ الطائفة من التورّط في حرب على الشعب يقودها بشار الأسد ومن معه في أركان نظامه لأجل مصالحه الخاصة، غير أن هذه الأصوات لم تلق صداها لدى العلويين، الذين نجح رأس النظام في الزجّ بهم في مستنقع الحرب الطائفية التي ستكون وخيمة عليهم بلا أدنى شك.

حتى لا تكون نظرتنا قاصرة في هذا الشأن، ونتجاهل ما يقارب نصف قرن تمكّن فيها نظام الأسد من جعل طائفته تمتلك المواطنة الممتازة، في حين أن غيرهم سواء كانوا من الطوائف أو الأغلبية السنّية لا تتجاوز مواطنتهم الدرجة المقبولة في بعض الأحوال.

الممارسة شيء والشعارات شيء آخر، فقد كان العلوي ولو كان برتبة جندي في الجيش له سلطته على غيره ولو يكون برتبة عقيد، وهذه الحقيقة ثابتة لا يمكن إنكارها.

لذلك كشفت الكراهية عن عوارها بمجرد اندلاع الثورة، فقد رأى العلويون أنهم سيفقدون درجة "السوبر مواطن"، وأما الأسد فلا يريد أن يفقد الحكم الذي له امتيازات كثيرة، فالتقت شهوة السلطة مع لذة المواطنة المتميزة والاستعلائية والكراهية العقدية أيضاً، وبذلك تورطت الطائفة النصيرية في حرب شرسة دفعت ثمنها غالياً.

طبعاً لا يمكن أن نتجاوز الدور الإيراني في كل ما يحدث، حيث أن طهران هي رأس الحربة في كل شيء، بل أنها هي المسؤول الأول والأخير في مأساة سوريا. وقد نجحت في أن تحول الطائفة النصيرية والطائفة الشيعية إلى مجرد وقود حرب نجسة تتعلق بمصالح نظام الملالي المتمدد في المنطقة.

نظام الأسد هو الذي وضع الأقليات في خطر كبير بتشبّثه بالسلطة ورضوخه التام للمشروع الإيراني، وما يحمله من شعارات تتعلق بحماية الأقليات والدفاع عنها هي كاذبة فقد استهدف هذه الأقليات باغتيالات وتصفيات وانتقامات وصلت حتى إلى الموحدين الدروز في السويداء.

لا يقتصر هذا الشأن على ما ذكرنا، بل أن المسؤولية التي يتحمّلها النظام السوري ومن خلفه إيران في إشعال الحرب النجسة في سوريا، هي بحدّ ذاتها أكبر جريمة اقترفها الأسد حتى وضع الأقليات في وضعٍ ينذر بالخطر.

6- الأسد طائفي بامتياز:

كثيراً ما يزعم نظام الأسد أنه غير طائفي ويحارب الطائفية وينبذها، وحاول منذ وصول حافظ الأسد إلى سدة الحكم عبر انقلاب عسكري عام 1970، إبعاد تهمة الطائفية عن نظام حكمه من خلال منح بعض المناصب السامية في الدولة لأشخاص من الأغلبية السنّية، غير أن ذلك لم يكن سوى قناع يخفي وراءه تجاعيده الطائفية الحقيقية.

فالسنّي الذي يتقلّد منصب وزير حتى ولو كان على رأس وزارة الدفاع، لا يمتلك سلطة القرار بل هو مجرد منصب شكلي فقط، حيث يحيط به العلويون من كل جانب ويهيمنون على كل المناصب الإدارية الحساسة والاستخبارتية ذات النفوذ المطلق.

لقد تألم السوريون في صمت رهيب من الممارسات الطائفية للنظام، حتى على أرض الواقع تجد الأحياء العلوية مثلاً راقية في حين الأحياء السنّية أقل شأناً، وهذا ما لمسته بنفسي أثناء مهمتي في مراقبة الأوضاع بسوريا.

كشف نظام الأسد عن طائفيته المقيتة منذ اللحظات الأولى من اندلاع الثورة السورية، حيث تعامل بوحشية لا نظير لها مع المتظاهرين الذين أغلبيتهم من أهل السنّة إن لم يكن جميعهم في بعض المناطق.

كما بدأ يسوّق منذ البداية للصراع الطائفي رغم أن الشعب السوري الذي تظاهر ضد النظام لم يحمل أيّ شعار سوى الحرية والكرامة والإصلاح السياسي، وبعدما واجههم النظام بالقتل والقناصة ومليشيات مجرمة راحوا يطالبون النظام بمعاقبة الجناة، غير أنه أصرّ على خياراته الأمنية، لذلك طالبوا بإسقاط النظام ورحيل بشار الأسد.

أثناء عملي في سوريا كمراقب للجامعة العربية، ومن خلال اللقاءات التي جمعتني بكبار المسؤولين في الدولة من جنرالات ووزراء ومحافظين وإداريين لمست مدى اللغة الطائفية، حيث أن أكبر كلمة كانت تتردد على ألسنتهم هي "الوهابية". في حين لم أسمع لدى الطرف الثائر أي كلمة لها مدلولاتها الطائفية وأهم كلمة كانوا يردّدونها هي الحرية فقط.

حتى لدى الأحياء الموالية للأسد كان العقل الطائفي هو المهيمن عليهم، فطالما شتموا أمامنا الصحابة رضوان الله عليهم، وطالما همس لي في أذني بعض "المواطنين" بالطعن في عائشة رضي الله عنها، وطالما تحدثوا عن ما يسمونهم "الوهابيين" الذين يريدون إبادة أهل البيت رضي الله عنهم.

ليس هذا فقط، بل أن الأسد لما ترنح جيشه لم يجد أمامه من خيار سوى الاستنجاد بمليشيات طائفية معروفة وعلى رأسها "حزب الله"، وصار كل العالم يسمع شعارات تملأ سماء سوريا، وهي "زينب لا تسبى مرتين"، "يا لثارات الحسين"، "النواصب"، وغيرها ممّا هو معروف في الفكر الشيعي على مرّ العصور.

إن كان نظام الأسد غير طائفي ولم يشعل حرباً طائفية في سوريا منذ بدايتها، فلماذا لا تقاتل في صفوفه سوى المليشيات الطائفية القادمة من لبنان وإيران والعراق واليمن وغيرهم؟

بل وصل به الحال إلى تجنيد مرتزقة من الطائفة الشيعية في أفغانستان وكل أنحاء العالم؛ بحجة الدفاع عن ما يسمونها المراقد المقدسة، وبلغ أمره لدرجة توطين الشيعة الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين في سوريا، بعد تهجير السنّة خصوصاً، وذهب الأسد إلى أبعد من ذلك عندما صرّح رسمياً بمنحهم الجنسية السورية لأنهم يدافعون عن سوريا وطبعاً يقصد نظامه.

محاولات التغيير الديمغرافي في سوريا تمارس على أوسع نطاق؛ فالأغلبية السنّية يجري تهجيرها بقصف الطيران، وفي الوقت نفسه يجري جلب الطائفيين الشيعة لتوطينهم، وهذا أكبر مؤشر على طائفية نظام الأسد الذي لم يبق منه غير التسمية، والحقيقة القائمة على الأرض أن إيران تحتلّ سوريا وتمارس شتى أنواع العنصرية الفارسية ضد العرب والطائفية الشيعية على أهل السنّة للحفاظ على نفوذها وتمدّدها.

7- وهم الدفاع عن سوريا:

طالما زعم بشار الأسد أنه يدافع عن كيان سوريا من خلال مواجهة ما أطلق عليها "المؤامرة الكونية"، غير أن الحقيقة التي لم تعد تخفى عن أحد، هو تنفيذه لمخطط تدميري للبلد من أجل مصالح دول أخرى.

لقد دمّر الأسد أكثر من نصف سوريا، وتجاوز حجم الخسائر المادية 200 مليار دولار، والعملة السورية صارت الأبخس في العالم، وأغلب الشعب السوري بين لاجيء ونازح وقتيل ومفقود وسجين وجريح. وكل ذلك من أجل البقاء في الحكم، ولحدّ اللحظة رغم كل هذه الحرب المدمرة لا يزال يتحدث باللهجة نفسها التي ظهر بها في 2011.

لو كان الأسد بالفعل يريد حماية بلاد الشام كما يزعم، لجنّبها منذ البداية هذه الحرب النجسة، ولو تنحّى عن الحكم في الأشهر الأولى من عمر الثورة ما وصل حال سوريا إلى ما نراه الآن من دمار وخراب.

هل يعقل أن الذي دمّر المدن والقرى على رؤوس المواطنين ويقصف المدنيين ببراميل متفجرة واستعمل الكيماوي ضد الأطفال يريد حمايتها من "المؤامرة الكونية"؟

هل من المنطقي أن بشار الأسد لم يفكّر يوماً في التنحّي من الحكم رغم أن الصراع الدموي القائم يتعلق برحيله، بل وصل به الحال لدرجة الترشح مرة ثانية لمهزلة سماها انتخابات لم يغادر فيها المغارة التي يقيم بها تحت حراسة إيرانية؟

هل الرئيس الذي لم يفلح في تجنيب بلاده مؤامرة، إن وجدت، أدت لخرابها يستحق البقاء في منصبه لليلة واحدة؟

هل من أتى بالمرتزقة من كل أنحاء العالم واستنجد بقوى معادية لأمته يمكن أن نعتبره مدافعاً عن سوريا وشعبها؟

ألا يوجد بين جنرالات الجيش وأركان النظام الموالين للنظام من تتحرك في نفسه أدنى غيرة على سوريا ويضع حدّاً لمشوار الأسد الرئاسي كي ينقذ ما يمكن إنقاذه؟

هل بلغ التخدير الطائفي لهذه الدرجة من المازوخية في تدمير الذات والوطن لصالح قوى أجنبية تريد الهيمنة على العرب والمسلمين؟

يقاتل حالياً على الأرض السورية مليشيات أجنبية تمارس شتى صنوف الجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري، وتراها تدمّر بناها التحتية وتخرّب كيانها وتمارس التهجير الطائفي، وتعيد رسم الخريطة الديمغرافية للبلد وفق ما يخدم المحتل الإيراني، في حين بقي بشار الأسد في قصره الرئاسي ينتظر الإيعازات من خامنئي كي يتكلم في وسائل الإعلام أو يستقبل بعض الأشخاص.

عن أي سيادة يتحدث نظام الأسد الذي تحول إلى مجرد مختار حارة تحت وصاية خارجية؟

أخيراً أقول:

ذكرنا بعض الأكاذيب التي يغرق فيها بشار الأسد ونظامه، وقد انفضحت أخيراً وانكشفت عمالته وتأكد لكل العالم أنه مجرد نظام طائفي ينشط بالوكالة عن كل القوى الخارجية من روسيا إلى "إسرائيل" مروراً بإيران وغيرهم.
 

 

الخليج اونلاين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع