..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

تناقضات كبرى تفضح نظام بشار الأسد (1)

أنور مالك

١ سبتمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7939

تناقضات كبرى تفضح نظام بشار الأسد (1)
000 تناقضات.png

شـــــارك المادة

طالما تغنّى الداعمون والمناصرون لنظام بشار الأسد بشعارات طنانة ورنانة لتبرير كل جرائمه ضد الشعب السوري ووطنهم سوريا.

هي مجرد تبريرات واهية تحمل ما يناقضها ولا يمكن أن يعتدّ بها، فمن يرفع شعار “الأسد أو نحرق البلد” لا يندرج توجّهه سوى في إطار منطق إجرامي بحت، فلا يوجد في العالم من يحرق بيته أو قريته أو وطنه كي يعيش حاكماً في قصر الرئاسة ولو كان قد بلغ قمة العدالة والديمقراطية.

شعوب العالم كله لا يمكن أن تسمح لأي مسؤول مهما كانت درجته ونفوذه وشأنه، كي يبقى في الحكم ليلة واحدة لو أدى ذلك إلى مشكلة بسيطة في إدارته، فضلاً أن يدمر ذلك البلد على رأس الشعب، ويشرّد ملايين المواطنين في كل أصقاع الدنيا.

منطق ما كان يسمى “الجيش العربي السوري” يندرج في إطار واحد وهو خدمة من يريدون تدمير سوريا عبر نظام الأسد، ولا يوجد سوى المحتل الإيراني الغاشم الذي مشروعه الخميني تخريبي بامتياز لكل الوطن العربي والإسلامي.

فهل يعقل أنه من أجل بقاء شخص في كرسي الرئاسة يدمّر أكثر من نصف البلد ويشرد الشعب ويقتل ما يقارب نصف مليون مواطن؟ ماذا لو أن الجيش عزل الأسد في بداية الأزمة عندما كانت الأمور مجرد مظاهرات شعبية؟

ألا يكون بذلك قد جنّب سوريا كل هذه الدماء التي نزفت والدمار والخراب الذي حدث فيها، حتى تحولت إلى أرض لا حرمة لها ولا عندها أدنى سيادة، وشعبها مشرّداً ومهجّراً في الداخل والخارج. فقد جاء الأسد بمرتزقة من كل أنحاء العالم يقاتلون الشعب السوري الذي كان مطلبه إصلاحياً فقط، وهو مطلب مشروع تقرّه كل الشرائع والقوانين الإنسانية والدولية.

منذ اندلاع الثورة على نظام بشار في مارس/ آذار 2011 ونحن نسمع الكلام نفسه يتردد، ويسوّق شبيحة الأسد داخل سوريا وخارجها للمبررات نفسها التي أباحت لهم تخريب البلاد وتدميرها بحرب قذرة ونجسة لم يسبق لها أيّ مثيل.

1- خدعة المقاومة والممانعة:

يدّعي نظام الأسد ومن يدعمه في حلف إيران الصفوي أن ما حدث في سوريا هي مؤامرة كونية على الممانعة والمقاومة، وهذه كذبة كبرى تدحضها وتنسفها حقيقة الواقع الذي تأكد فيه مدى دفاع اللوبي الصهيوني خاصة في أمريكا على نظام الأسد.

فلو كان هذا النظام يشكل أدنى خطر على “إسرائيل” كما يزعم الصفويون، فهل من المعقول أن يضيّع حكّام تل أبيب فرصة الثورة الشعبية للانقضاض عليه وإسقاطه عبر تسهيل ودعم الثوّار؟

هل من المعقول أن اللوبي الصهيوني بأمريكا لا يحرّض باراك أوباما على ضربة عسكرية تنهي نظام الأسد وتوجد كل المبررات الأخلاقية التي تسمح بذلك؟ هل من المعقول أن الذين ناهضوا أي تدخل عسكري ضد الأسد هم أبرز حلفاء “إسرائيل” وعلى رأسهم روسيا؟

لقد ثبت أن “إسرائيل” هي أكبر من دافع عن نظام الأسد منذ بداية الثورة وليس بعد مرور سنوات وظهور جماعات وتنظيمات متطرفة قد ترعب الكيان العبري، وهذا وحده دليل قاطع على أن الممانعة والمقاومة مجرد كذبة كبرى يسوق لها لتحقيق غايات أخرى لصالح “إسرائيل” أولاً قبل كل شيء.

2- وهم العروبة المزيفة:

يدّعي نظام الأسد أنه عروبي ودمشق هي عاصمة العروبة وأهمها في المنطقة العربية، وطالما تغنى حزبه المسمى “البعث العربي الاشتراكي” بهذه القومية وتباهى بها على غيره من كل الأنظمة العربية.

لكن الحقيقة تناقض ذلك تماماً، فهو عندما ثار الشعب السوري ذو الأغلبية العربية الساحقة على بشار الأسد، لم يجد هذا الأخير سوى إيران الفارسية كي تدافع عنه بكل قوتها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية.

هذا ليس بالجديد، ولم يحدث فقط مع الأسد الصغير، بل سبق ذلك أن حافظ الأسد تحالف مع إيران الفارسية ضد العراق العربية التي يحكمها حزب البعث أيضاً، في حرب الثماني سنوات بين صدام والخميني، وكانت الأسلحة تشحن من سوريا وتحمل نحو إيران كي يدك بها الخمينيون بلاد الرافدين.

فهل يعقل أن العروبة ينتهي بها الحال كي تدافع عنها إيران الفارسية التي يقطر ملاليها حقداً دفيناً على كل العرب سواء كانوا سنّة أو شيعة؟

نظام الأسد يرفع شعارات العروبة، ولكن ممارساته في أرض الواقع كلها عنصرية فارسية تنطلق من بعد طائفي ديني يتمثل في النصيرية التي اعترف بها الخميني بعدما كان الشيعة الاثنا عشرية يكفّرونها، لذلك ظهرت أن رابطة الدين أقوى من رابطة العرق التي زعم الأسد بأنه يدافع عنها في سوريا وغيرها.

ليس من المنطقي أبداً أن الذي يدعي العروبة يخدم مشروعاً فارسياً عنصرياً ضد العرب، ولا يمكن أن نتخيّل أن حاكماً عربياً -كما يدّعي- يدمر بلاده العربية لصالح غزو إيراني فارسي ويرهنها تحت حوافر مليشيات طائفية من أجل البقاء في الحكم، بل يذهب أبعد من ذلك، حيث شرّد وقتل وشجن ملايين السوريين العرب ودمر بيوتهم وممتلكاتهم، وصار يمارس سياسة توطين الفرس وتجنيسهم في إطار شعاره الآخر أن الجنسية السورية لمن يدافع عنها كما صرّح بشار الأسد في يوليو/ تموز المنصرم.

إما أن الأسد لا حول له ولا قوة وهو مجرد بيدق لدى ملالي طهران سواء قبل الثورة أو خلالها، أو أنه كاذب بشعار العروبة المزعوم، أو أن الاثنين معاً، وفي كل الحالات من حق الشعب السوري الثورة عليه وإسقاط نظامه وتحرير بلادهم من نفوذ الملالي فيها.

3 – العلمانية الشكلية:

زعم بشار الأسد في لقاء أجراه مع التلفزيون الروسي أن سوريا هي آخر قلاع العلمانية في العالم العربي، وهذا أمر يجب التوقف عنده لأنه يوجد ما ينسفه على أرض الواقع.

منذ اندلاع الثورة في سوريا قاد حملة الدفاع عن النظام معمّمون متطرفون من الحوزات في إيران والعراق ولبنان، حيث إن المليشيات المسلحة سواء من “حزب الله” أو غيره التي دخلت سوريا للدفاع عن الأسد كلها يقودها رجال الدين الشيعي، فهل يعقل أن آخر قلاع العلمانية ينتهي بها المطاف إلى أن يدافع عن وجودها رجال الدين المتطرفين والغلاة؟

إما أن الأسد ليس علمانياً كما يدّعي ظاهرياً أو أن المعمّمين ليسوا من رجال الدين كما يزعمون، وفي الحالتين إن علمانية الأسد مشبوهة وهي مجرد شعار رفعه للتقرب من دوائر غربية تشجع العلمنة في العالم العربي والإسلامي، وهذا ديدنه فقد تاجر بالأقليات المسيحية وغيرها وهو ما سنتحدث عنه لاحقاً.

الثورة أثبتت بالدليل أن علمانية الأسد وهم كبير يستعمله فقط لتحقيق غايات أخرى ترتبط أساساً برجال دين غلاة في قم والنجف، وبزعامة مرشد الثورة الخمينية علي خامنئي الذي هو بدور يمكن وصفه بالكاهن الأعظم لدى الشيعة في كل أنحاء العالم.

نقطة أخرى مهمة أن العلمانجيين العرب الذين يخدمون المشروع الإيراني بدعم من الملالي هم من يدافعون عن إجرام الأسد. والعلمانجيون الذين قبلتهم في قم تجدهم في كل مكان يدافعون عن التمدد الإيراني رغم أنها تتمدد دينياً بما لا يتماشى مع قيم العلمانية أصلاً.

الأكثر من كل ذلك أن العلمانيين العرب تجدهم يطاردون كل من ينتقد ملالي إيران سواء بتهمة الطائفية أو التكفير، وهذا أكثر ما خدم المشروع الصفوي في المنطقة العربية.

4- يدعي مكافحة الإرهاب وهو من يصنعه:

منذ بداية الثورة وبشار الأسد يرافع لقضية الإرهاب، وحتى لما سمح لبعثة مراقبي الجامعة العربية بدخول سوريا –وأنا كنت أحدهم- كان يريد من خلالهم التسويق لوجود مسلحين تابعين لتنظيمات إرهابية يحاربها المجتمع الدولي.

غير أن الحقيقة واضحة للعيان، حيث إن الأسد الذي يدّعي محاربة الإرهاب ويطرح نفسه كحليف للقوى العظمى كي يحارب معها هذه الظاهرة العابرة للحدود والقارات، هو من صنعه بوسائل مختلفة وواضحة.

فالوحشية التي استعملها الأسد ضد الشعب السوري صنعت أيضاً وحشية مضادة، فلا يعقل أن الذي يسمح لجيشه كي يغتصب النساء والفتيات أمام ذويهن، ويجبر الأب كي يغتصب ابنته والأخ يغتصب شقيقته وغير ذلك من المظاهر التي يعافها وحوش الغاب، ينتظر من الضحايا كي يرشوه بالورود أو يصفّقوا لما يسميها إنجازات.

أمر آخر وهو في غاية الخطورة ويتعلق بإطلاق سراح قياديين في القاعدة وغيرها، فهل يعقل أن الذي يحارب الإرهاب كما يزعم يطلق سراح قادته من سجونه وفي بداية الأزمة كما يسميها؟

أيضاً بالتعاون مع المخابرات العراقية في عهد نوري المالكي الذي سبق وأن اتهم الأسد بدعم الإرهاب، حيث تمّ تسهيل فرار قياديين فيما كان يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق” الذي تحوّل لاحقاً إلى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، الذين كانوا يقبعون في أكبر السجون وأكثرها تحصيناً في العالم.

كما رفعت الحراسة عن الحدود بين سوريا والعراق، وسهّل لهم الحصول على أسلحة من خلال الفرار من الثكنات وترك كميات هائلة من السلاح النوعي كي يستولي عليه مقاتلو تنظيم “داعش”، وهذا ما حدث فعلاً في الموصل ووجهت لجنة برلمانية عراقية اتهامات للمالكي لكن الجنرال الإيراني قاسم سليمان يحميه من أي متابعة قضائية. فهل من يحارب القاعدة ومشتقاتها يسلّحها ويطلق لها قادتها ويتركها تصول وتجول من العراق إلى سوريا؟

نظام الأسد تحت الرعاية الإيرانية أغرق سوريا بتنظيمات إرهابية، وذلك كله من أجل تحويل ما يحدث في البلاد من ثورة شعبية سلمية مدنية ضد نظام مستبد وجائر وفاسد إلى “الحرب على الإرهاب”، وبدل أن يدعم المجتمع الدولي الثوار يتحرك عسكرياً في إطار مواجهة تنظيمات إرهابية تهدّد المنطقة برمتها، وهو ما تدفع ثمنه كل الكتائب المسلحة المعارضة الأخرى خاصة الإسلامية منها وبطرق مختلفة بلا أدنى شك.

هذا هو منطق إيران الذي تتعامل به مع شأن العراق وسوريا وستبقى تتعامل به مع غيرهما مستقبلاً، ولذلك ما يقوله الأسد عن الإرهاب هي كذبة كبرى، ولو يريد المجتمع الدولي القضاء على الإرهاب فرأسه هو نظام الأسد وسادته في طهران ولا يوجد من خيار آخر غير ذلك.

 

 

الخليج اونلاين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع