علي عيد
تصدير المادة
المشاهدات : 2950
شـــــارك المادة
انتهت "عاصفة الحزم" السعودية ولا بأس في أن يكون الهدف هو إنهاء خطر "الحوثيين" و"صالح" لا قتلهم، وأن يضع الحلف أولوية بناء اليمن مع أولوية القضاء على التمرد، لكن السؤال عن النتائج لم يصل إلى خواتيمه بين بداية ونهاية خاطفتين.
ستة وعشرون يوماً لعلها كانت كافية لوضع حدٍّ لخطر صواريخ "الحوثيين" البالستية التي كانت تهدد أمن جوار اليمن، وتأمين الحدود السعودية، لكن لا إجابة عن الأسئلة الكبيرة التي طرحتها العملية حول امتدادات "العاصفة"، وبعدها الإقليمي، وارتباطاتها بسياسة إيران التوسعية المذهبية، واختطافها أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت. هل قطعت يد إيران في اليمن أم أنها تعرضت لكسر يسهل جبره، بعد إعلان قياديين في ميليشيا "الحوثي" عن التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع، وإن صحّ أن العملية أتت أكلها فماذا عن باقي أذرع الأخطبوط. قد يتفهم المراقبون صعوبة خوض حرب جوية طويلة دون تحقيق إنجازات عبر قوات برية على الأرض، وهو ما يقول بعض السياسيين إنه تحقق ببناء مقاومة شعبية من أبناء اليمن إضافة إلى انضمام جزء من الجيش إلى الشرعية يقدر عديده بنحو 20 ألفاً، وكذلك تدمير 80 من القدرات القتالية والذخيرة للقوات الموالية للمخلوع "صالح" والحوثيين. حاول الكثيرون قراءة "عاصفة الحزم" على أنها مرحلة جديدة لا تقتصر نتائجها على "اليمن" معززين هذا الافتراض أحياناً بتغريدات "يوتيوب" لصحفيين اعتادوا التحليل في القضايا الاستراتيجية، إلا أن هذا التحليل لا معنى له في مرحلة الخراب وحروب الاستخبارات والإرهاب والصفقات. كل ما سبق كان فقط مقدمة ليس هدفها التشكيك في أحقية الرياض في قيادة "العاصفة" بل وجدارتها في توجيه رياحها، والهدف هو فهم حقيقة ما إذا كان "إيلاف" الحزم اكتفى برحلة الشتاء وبلح اليمن، ووضع خلف ظهره رحلة الصيف وعنب الشام. قد تكون الحرب على نظام الأسد أكثر جدوى من وجهة نظر البعض إذا كانت الحرب هي حرب العرب بقيادة السعودية والفرس بقيادة إيران على اعتبار أن إسقاط نظام الأسد لا يحتاج سوى معركة دمشق لتفقد إيران عاصمة الأمويين ومعها بيروت كحبة كرز، وقد لا تكلف المعركة سوى عشرات الصواريخ المضادة للطائرات ليكون بمقدور الجيش الحر في حوران الزحف بنحو 50 ألف مقاتل لتحرير قصر الشعب. حسناً فعلت الرياض في ضرب أدوات الفتنة في اليمن قبل استفحال المشكلة، إلا أن هناك مسارين مختلفين لمثل هذا العمل لاعتباره إنجازاً. المسار الأول هو أن "عاصفة الحزم" تعتبر أول عمل عسكريّ جادّ يخطط له ويقوده بلد عربي بجسارة، الأمر الذي أخرج مئات الملايين من حالة الإحباط واليأس بإمكانية أن يكون للأمة العربية دورها بعد سلسلة الانتكاسات وضياع القضية الفلسطينية، وتمدد إيران، وانهيار النظام العربي جراء الفساد وسطوة الديكتاتوريات وحكم العسكر. وإذا ما وقفت العاصفة عند حدود العمل السياسي والتسويات مع قوى مليشيوية تدعمها وتقودها إيران فإن الشعوب العربية ذاهبة إلى المزيد من الإحباط، وهو ما يعني اندفاعة جديدة لتوغلات إيران، وازدياد حالة الفوضى لما فيع مصلحة إسرائيل أيضاً. المسار الثاني هو حفظ أمن المملكة العربية السعودية وهو حقّ بل واجب يقع على عاتق الحكومة، وفي هذا الجانب قد يتفهم كل عربي ومسلم معنى أن تفكر السعودية في مصلحتها وأمنها لدورها الروحي، وليس غريباً أن ترى الدول الكبرى أيضاً مصلحتها في دعم ما يحقق أمن المملكة التي تتحكم باحتياطيات هائلة من الطاقة. تحليلات من يرى أن "عاصفة الحزم" تبقى بلا معنى إن لم يكن الأسد ونظامه هدفها الثاني يعيبها أنها لا تفكر بعقل السعوديين كما يرون مصالحهم كدولة. أما التحليلات القائلة بأن العملية تعتبر ناجحة بمعيار تحقيق أمن المملكة وإنهاء التمرد الحوثي فقط فيعيبها أنها لا تقرأ ما يجري في المنطقة بشكل جيد، وهي عاجزة عن فهم تقصير السعودية عن القيام بدورها كقوة إقليمية. أيّاً يكن فإن إعلان وصول "عاصفة الحزم" إلى النتائج المرجوة لليمن لا يمكن تقديره طالما أن الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي خرج بخطابة الأول بعد انتهاء العمليات من الرياض وليس من صنعاء أو عدن. لا أحد يعلم حجم التعهدات التي تلقتها الرياض ودول التحالف من الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة لمنع وصول السلاح إلى المتمردين، فإيران لاتزال حتى اللحظة تمارس نفس الدور التخريبي في أكثر من مكان، و"تقِيَّتُها" تفترض أنها لن تتوقف عن خلق أجواء التوتر والبلبلة. ليست واضحة بعد خطوة ما بعد اليمن، فاليمن مازال ينزف، والحوثي وصالح ما يزالان على الأرض حيث تدور رحى المعركة في أكثر من مكان. أزعم أن توقف "عاصفة الحزم" رغم أنها مدعومة بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع ينبي عن ضغط من واشنطن وتنازلات كبيرة من الجانب الإيراني، وهذا إن دلّ فإنما يدلّ على صعوبة شنّ مثل هذه العملية ضد نظام الأسد وهو الذي حصل على ثلاثة فيتوهات روسية في قرارات أممية أقلّ قيمة وليست تحت الفصل السابع. عاصفة الحزم السورية هي تلك التي يخوضها الجيش الحر، وبعض رياحها في بصرى الحرير بحوران أوقعت نحو 150 قتيلاً يحملون دمغة إيران، وكل تعويل على غير السوريين أنفسهم هو أضغاث أحلام، وأمل بخروج مارد من قمقم، في حين أنه لا وجود للمارد ولا للقمقم.
زمان الوصل
صالح القلاب
سركيس نعوم
محمد وليد حكمت
أنور مالك
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة