محمود الدالاتي
تصدير المادة
المشاهدات : 3531
شـــــارك المادة
هذه الثورة ثورة عجيبة غريبة فيها كل شيء.. فيها السلمية والدموية وفيها النصر وفيها الهزيمة وفيها الأمل وفيها الإحباط وفيها أيام رائعة جميلة وذكريات لاتنسى وفيها أيضا ليال سود كالحات أدمت قلوبنا وأوجعت أفئدتنا.. فيها الصادق وفيها الكاذب.. فيها الشهيد وفيها من مات ميتة الكلاب... وفيها من صبر وفيها من جزع.. وفيها من خرج وفيها من أخرج.. وفيها من بقي وفيها من ليته لم يبقى... وفيها من بكينا لفقده دما بدل الدموع وفيها من فرحنا باستشهاده لأننا خلصنا منه ودعونا الله أن يدخله الجنة ويترك لنا جنتنا…
وبين الحين والآخر يترامى لمسمعي أن من خرج من بلده أو قريته أو حيه هو جبان خوّار رعديد وأن من بقي هو شجاع مقدام همام لم يتخلى ولم يستسلم !! أقول ليس بالضرورة يا إخوتي فليس كل من خرج هرب ولا كل من بقي ضرب.. ويجب أن لا نتهم الناس هكذا جزافا والأهم أن لا نؤثم بعضنا ولا نكره أنفسنا وننسى في حمأة الظروف وقسوة الواقع المجرم السفاح الذي فعل بنا ذلك. إن لكل إنسان منا ظروفه الخفية التي قد لايقدرها غيره… هل أستطيع مثلا أن أطلب من أهل كرم الزيتون والخالدية وجورة الشياح وجب الجندلي والعدوية والمريجة وغيرها من الأحياء المحتلة أن يبقوا في أحيائهم مثلا تحت رحمة هؤلاء الجلاوذة المجرمين ينتظرون في كل ليلة أن يقتحموا عليهم بيوتهم ليذبحوهم بالسكاكين وينتهكوا أعراض نسائهم؟ هل البقاء يسمى صمودا في هذه الحال؟ أم هو إلقاء باليد إلى التهلكة؟ هل أستطيع أن أطلب من رب أسرة عنده أربع أو خمس بنات صبابا أن يبقى في حمص لأنه صامد قد دمّر بيته ولم يخرج إلا بالثياب التي تستر عرضه هل ألومه لأنه ذهب إلى أقاربه في حلب أو في دمشق أو هنا أو هناك؟ هل أستطيع أن ألوم شخصا من جانب بيته تنطلق قذائف القتل والإجرام بأصواتها المدوية المخيفة ناشرة الرعب والخوف الذي لايعرفه إلا من جربه وأطفاله يستيقظون كل نصف ساعة يتبولون على أقدامهم يبكون بكاء مرا وبعضهم ربط لسانه والآخر اكتأبت زوجته والثالث فقد صوابه حتى أطلق النار على أسرته وزوجته؟ هل أستطيع أن أطالبه بالبقاء وإن خرج يبحث لأهله عن مكان آمن أنعته بأنه جبان؟ خصوصا إن كان معظم هؤلاء من المؤيدين للثورة ومن المتظاهرين ومن الداعمين بالمال وبكل شيء هل هؤلاء جبناء؟؟؟ هل أستطيع أن أطلب من شاب ناشط جاء الأمن وداهموا بيته ليعتقلوه ويعذبوه ويغتصبوه ويسلموا جثمانه لأهله بعد أيام من المشرحة متفسخ الجثة مسروق الأعضاء هل أستطيع أن أقول له لاتهرب إلى لبنان أو الأردن وابق مكانك ولاتتحرك خصوصا وأنك لاتجد في بلدك مكانا آمنا تختبئ فيه ولا في جيبك قرشا واحدا تشتري فيه؟ هل أستطيع أن أطلب منه ذلك؟ وهل هناك معنى للمستحيل أكبر من هذا المعنى؟ ثم هل كل من هو موجود في البلد شجاع ومقدام؟ حتى ولو لم يفعل شيئا للثورة ولم يخرج في مظاهرة ولم يتبرع بقرش واحد وكل ماطلعت مظاهرة في حيه قال لك يا أخي مشان الله لاتجيبولنا البلا… ويذهب ويسجل اسمه في قوائم المحتاجين ويحلّل لنفسه المساعدات ويعتبر نفسه من الثوار الصامدين.. هل هذا هو الصامد الشجاع…؟ هل الصامد الشجاع ذلك الشيخ القابع في دمشق منذ بداية الثورة يأكل ويشرب وينعم بالراحة والأمان وينتظر مع ثلة من تلاميذه عودة مريحة إلى حمص ليستلم مكان الشيوخ الذين اعتقلوا أو أبعدوا أو استشهدوا مثل عجلة الاحتياط للسيارة ((سبير)) حتى لاتخلى البلد من المشايخ؟ هل هذا هو المطلوب؟ هل ذلك التاجر المترف الذي كان في يوم من الأيام رمزا من رموز الفساد متأبطا ذراع المحافظ وأمين الفرع ورئيس البلدية من هنا رخصة برج ومن هناك موافقة مصنع ومن هنا قرض بمليار ليرة من دم الشعب كلها الآن تضاعفت لأنها بالدولار والنظام سيسقط (متل مابعرفكم وبتعرفوني) وبالتالي لن يدفع قرشا للدولة وراحت عليكم يامساكين… هل هذا التاجر وطني وحر وشريف وشجاع فقط لأنه بقي في البلد ولم يخرج منها ؟؟؟؟ وهل كل هؤلاء العاملين للثورة في الخارج والمحرومين من بلدانهم وأحيائهم وأحبائهم وبيوتهم وأموالهم ومراتع صباهم جبناء؟؟؟ وهاربون؟؟ هل الشاب الذي يكتب على النت باسمه الصريح يحفّز ويشجّع وينشر ويساهم وقد حكم على نفسه بالنفي عن بلده طالما هذا النظام موجود هل هذا الشاب هارب وجبان؟ هل الشيوخ والدعاة الذين خرجوا من أجل إكمال مسيرة الدعوة والتبليغ والتحريض((والدعاة أساسا مهمتهم التحريض وحرّض المؤمنين)) وجمع التبرعات وتوجيه الجماهير بدلا من انقطاع خيرهم في أقبية الزنازين والمعتقلات وأنتم تعلمون ماذا يفعلون بالدعاة ((خصوصا)) عندما يقعوا في أيديهم.. هل هؤلاء جبناء وغيرهم شجعان؟ هل العرعور والرفاعي وراجح وسويد والخطيب والرشيد وغيرهم ((مع حفظ الألقاب)) جبناء وهاربون وأولئك القابعون في دمشق في مقهى الروضة وسنتر كفر سوسي يتابعون أخبارنا لحظة بلحظة على الآيباد والآيفون صامدون؟ هل داني عبد الدايم وخالد ابو صلاح وأبو جعفر وأمثالهم جبناء؟ قد يقول قائل ولكنهم رجعوا إلى حمص.! وأنا أقول هل يوجد حمصي في العالم يستطيع أن يرجع إلى حمص ولايرجع إليها؟ بس حمصي حمصي حقيقي مو ((مجسم حمصي))؟ ثم هل تستطيع هذه الثورة أن تستمر لولا تضافر جهود الداخل مع الخارج؟ هل يستطيع الجيش الحر أن يكمل أو أن يصمد من دون الدعم الذي يرسله نشطاء الخارج؟ أحدهم علق يقول ((إذن فلان هرب فعلا كما قالوا)) ولو علم ما فعل فلان وما قدّم وأنجز لأكبر همته وعزيمته وما كل الناس يحب أن يتكلم ماذا فعل وماذا قدم لأن بعض الناس يحب أن يلتقط الصور إلى جانب الشهيد والجريح وكذلك وهو يعطي اللاجئ والفقير والنازح وينشر الصور هنا وهناك يرفع خسيسته بذلك من باب ((تعو شوفوني)) لا أكثر ولا أقل والكثير من الناس يحب أن يبقى عمله خالصا لوجه الله الكريم لأن القضية عقيدة وجهاد في سبيل الله.. وظننت المتكلم يكتب من تلبيسة أو حمص القديمة أو حديقة العلّو إذا به يكتب من دبي .. سبحان الله ((بكفي ياجماعة)).. كفانا جلدا لأنفسنا واتهاما لإخواننا لاتعملوا بالمثل القائل ((نسيت الحرامي وتبلّيت اللي قدامي)) ولاتكونوا مع العدو على أنفسكم. نحن نحتاج أن نحب بعضنا بعضا أكثر من أي وقت مضى ونحتاج أن نعذر بعضنا أكثر من أي وقت مضى وكنت كلما رأيت عائلة تفترش الطريق مهتوكة الستر قلت في نفسي الله يفضحهم مثل ما فضحوا هؤلاء العائلات المستورة. إحدى السيدات لم نستطع أن نسكنها في مدرسة لسبب بسيط جدا وهي أن فيها ثلث فتيات صبايا مجنونات غير مكلفات وفي بعض الأحيان يتعرّين وفي بعض الأحيان يفعلن أشياء غريبة ومؤذية.. وكم من أمثال هؤلاء كشف الظالم سترهن كشف الله ستره.. لا تزيدوها علينا (منشان الله) وسواء كنت في الداخل أو الخارج أو في المدينة أو في الريف أو كنت مع المحاصرين أو خارج الحصار تعمل من أجل فك الحصار عنهم أو تدعو لهم بجنح الليل أو كنت خرجت من بلدك تبحث عن الأمان لأسرتك ولقمة العيش لأطفالك وقلبك في بلدك مع أهلك وإخوانك فأنت حر ّوحرّ وحرّ والوطن يحتاجك وينتظرك.
فيصل القاسم
عبد المنعم زين الدين
زين مصطفى
إحسان الفقيه
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة