وائل الشيخ أمين
تصدير المادة
المشاهدات : 3073
شـــــارك المادة
عندما عرضت آلة الزمن على حرقوص أن تأخذه في رحلة في الزمان والمكان، لم يستطع أن يرفض أبداً. قال: نعم... نعم، خذيني من هنا فقد تعبت من العيش غريباً في هذا الزمان، بين مرتدين يظنون أنفسهم مسلمين. خذيني إلى خير القرون، إلى خير البلاد ، إلى خير الناس. ركب آلة الزمن وبدأ رحلته .. نزل حرقوص من الآلة في مكة المكرمة ليرى المسلمين في كرب شديد، حاول الوصول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندما اقترب منه رآه أيضاً شديد الحزن، سأل من حوله ما الخطب؟ قالوا له: لقد مات أبو طالب. قال: ذلك الكافر الذي مات ولم ينطق بكلمة التوحيد! ذلك الكافر الذي عاشر النبي سنيناً طويلة ومع ذلك لم يسلم! سبحان الله! ما خطبكم! ألا تعلمون أنه لا يجوز لكم أن تحزنوا عليه، ألم تسمعوا قول الله: ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله). ومع شديد إنكاره عليهم لم يتعاطف أحد معه. فقال: إيه ... حقاً، طوبى للغرباء. أخذته آلة الزمن سنيناً قليلة إلى الأمام، لتنزله في مكان قريب من مكة، رأى هنالك رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلاً من الطائف بعد رحلة شاقة وهو يراسل شخصيات من مشركي قريش حتى يدخل مكة في جوار أحدهم وحمايته. قال حرقوص: ما بال محمد! يدخل في حماية المشركين ! يدخل في جوار من يحارب الله ! يا محمد أين البراء من هؤلاء! أدار ظهره للنبي وركب آلة الزمن لتضعه هذه المرة في المدينة المنورة، حيث رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً مع أهل المدينة في اجتماع ضخم ليتفقوا على ميثاق يجمعهم. نظر من بعيد نظرة استخفاف وقال :صدق الله يا محمد حين قال: ( ولن ترض عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم)، فيم أنت من هذا الاتفاق!؟ على كل حال ستمر بك الأيام وترى غدر اليهود ونقضهم لمواثيقهم معك. أدار ظهره مجددا ليعبر بآلته الزمنية بضع سنين إلى الأمام. ليجد نفسه في المكان ذاته - المدينة المنورة- لكن الحال صعب جداً، برد قاس، وليل شديد الظلمة، والمسلمون منهمكون في حفر خندق على طرف المدينة. قال لهم: ماذا تصنعون !؟ قالوا: أمرنا نبينا أن نحفر خندقاً لأن الأحزاب قد اجتمعوا علينا ونريد أن نحول بينهم وبين دخول المدينة. قال: سبحان الله، ما أجبنكم وما أخوركم ! قوموا فانطلقوا إليهم وقاتلوهم واقتلوهم ألم تسمعوا قول ربكم: ( إن تنصروا الله ينصركم). حتى لو فاقوكم عدداً، فإن الله معكم، فإما أنتم منتصرون مثخنون في أعداء الله أو ميتون فإلى جنة عرضها السماوات والأرض. ثم قال لهم: والله يا مسلمون إننا في زماننا، ننطلق وننغمس في بلاد أخرى ونثخن فيمن هو أشد منا قوة مئات الأضعاف، وأنتم تخافون من عشرة آلاف وتعداد جيشكم ثلاثة آلاف ومعكم رسول الله ! استمر الصحابة في الحفر وركب هو آلته ليمضي هذه المرة إلى سهل بجوار مكة ليرى هنالك جيشا عظيما يعسكر للمسلمين وخيمة فيه توحي أنها للقيادة، ذهب إليها واسترق النظر فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً مع عروة بن مسعود الثقفي، لم يسمع الكلام الذي دار بينهما، ثم رأى عروة يمضي ليأتي بعده سهيل بن عمرو. فقال: سبحان الله يا محمد، تستقبل في خيمتك رؤوس الكفر وتجالسهم وتحادثهم! ثم سمع اتفاق صلح الحديبية فاستشاط غضباً وقال والله لو كان للزمان شريط لقصصت هذا اليوم منه! لم يستطع أن يتحمل الموقف فركب آلة الزمن ومضى بها قليلاً إلى الأمام ... ليرى جمعاً هائلاً من المسلمين مجتمعين وغنائم لا حصر لها بين أيديهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي هذا، ويمنع هذا. رأى الرسول يعطي بعض المسلمين الجدد أموالاً هائلة، أما الأنصار فلم يعطهم شيئا. تحرقص هنا حرقوص، ومضى غاضباً إلى رسول الله، وإذ به يرى رجلا يمضي أمامه ويسبقه إلى رسول الله. نظر إلى هذا الرجل فرأى صورته فيه ! استعظمه، وأعجب به، وبقوته، ومشيته، ثم سمع من كلامه للنبي ما أطربه: قال هذا الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد اعدل ! فصرخ حرقوص : الله أكبر! رجال لا تأخذهم في الله لومة لائم. ثم أمسك بهذا الرجل وقال: سألتك بالله من أنت !؟ قال: أنا حرقوص، ذو الخويصرة . قال: أهلا..أهلا..بأبي. ثم قال له: ما رأيك يا أبي أن تركب معي في آلة الزمان، ونمضي سوية قروناً إلى الأمام، فإنك ستجد هناك من الحراقيص ما يسرك. امض معي يا أبي علنا نقيم هنالك خلافة على منهاج النبوة!
عبد الله الحريري
عباس عواد موسى
بشير زين العابدين
نور الدين قرة علي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة