..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

المقاوم والممانع.. تشابهت قلوبهم

عبد العظيم عرنوس

١٤ فبراير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6206

المقاوم والممانع.. تشابهت قلوبهم
800569.jpeg

شـــــارك المادة

ما الذي جعل أكثر الأمة مغفلة مخدوعة يُضحَك عليها؛ بل يبال عليها –ألا ذل من بالت عليه الثعالب- من النظام الأسدي الثعلبي المراوغ المخادع على مدى أربعين سنة وزيادة.. وما الذي صيَّر هذه الأمة مشلولة التفكير، مسلوبة الإرادة، لا تفكر إلا بتفكير النظام الأسدي، ولا ترى إلا بعينه العوراء.. رغم وضوح الصورة ونصوعها.. إنه روغان الثعلب، ومكر الليل والنهار بالزعم الكاذب بأنه هو المقاوم الوحيد لدولة إسرائيل، والممانع الفذ لمخططاتها ومؤامراتها..

 

يعطيك من طرف اللسان حلاوة *** ويروغ منك كما يروغ الثعلب

ولعمري هذه خدعة قديمة جديدة.. فقد كان مشركو قريش يزعمون بأنهم أولى الناس بالبيت الحرام، وامتطوا هذه المطية لمحاربة الدين الجديد، وسلطوا كل آلاتهم الإعلامية للتغشية على الأبصار، والتغطية على العقول للصد عن سبيل الله؛ لأنه لا يصح - بزعمهم - أن ينافسهم أحد في هذا الشرف ولو كان المنافس هو الدين الحق الصحيح، فأبطل الله كيدهم، وأبان زيف دعاواهم الباطلة، ومحا الران من القلوب، وأزال الغشاوة عن العيون بأشعة الوحي الكاشفة: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ * أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (التوبة: 17 - 19).
تشابهت قلوبهم:
وبما أن نظام العصابة الأسدي هو المقاوم والممانع فلا يجوز لأحد أن يفكر بغير تفكيره، أو ينظر بغير منظاره الأسود، أو يطالب بحرية وكرامة وعيش شريف، أو ينبس ببنت شفة لأن هذا خطر على المقاومة والممانعة والبلاد مستهدفة؛ وإذا كان الأمر كذلك فلا بأس إذن أن يسحق كرامة كل من يفكر
بشيء من هذا، وأن يذل كبرياؤهم، وينهب ثرواتهم، ويدمر مدنهم وقراهم بالدبابات وراجمات الصواريخ، ويجعل سوريا أكبر سجن للأحرار في العالم، وأكثر مكان تراق فيه الدماء، وأخوف مكان على وجه الأرض.. كل هذا جائز، وأشد منه كذلك يجوز من أجل الحفاظ على المقاومة والممانعة وقلعة الصمود والتصدي.. وكحال مشركي قريش فإن نظام الأسد ظل يقتات على مائدة المقاومة والممانعة، ويجتر ألفاظها ويلوكها بلسانه، ويضحك على العقول والذقون، ويصفق بيديه ويفركهما فرحاً وهو يرى الجماهير المستهبلة المستغفلة تنطلي عليها أكبر أكذوبة في التاريخ، فاستخف قومه فأطاعوه، أليس هو زعيم المقاومة والممانعة، أوليس هو بطل الصمود والتصدي، أو ما يحتضن المقاومين للكيان الصهيوني!! فلا يحق لأحد إذن أن يعترض على هذه الهالات والقداسات!! فإن سولت لأحد نفسه الاعتراض فهو عميل للإسرائيليين، ويعرض البلاد لمؤامرة كونية.. أليس هذا كزعم كفار قريش بأن من آمن بمحمد، ودخل في الدين الجديد فقد تآمر على موروث الآباء والأجداد، وبإيمانه هذا
يعرض المسجد الحرام للخطر؛ لأن عمارة البيت –بزعمهم- لا تكون إلا بالشرك وعبادة الأصنام. فتشابهت قلوب هؤلاء وهؤلاء.
وهكذا نرى القرآن الكريم كأنه يحدثنا عن أولئك المخادعين الماكرين، ونجد أن هذه الآيات تنطبق تمام الانطباق على أولئك المقاومين المراوغين..
وهذا سر خلود القرآن الكريم وصلاحيته لكل زمان ومكان.. {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}.
وكم حاول المخلصون إظهار زيفهم وكشف الغطاء عنهم، وإزالة الغبار والركام عن هذه الدعاوى الجوفاء دون جدوى.
والله - تعالى - يغار، ويأبى أن يظل الناس في عماية، فابتعث الله هذه الثورة الفاضحة فذاب ثلج المقاومة الخادعة، وانكشف الغطاء، وزال الطلاء والدهان، وسقطت ورقة التوت فظهرت السوأة بأقبح منظر، فكانت هذه الثورة السورية المباركة أعظم برهاناً، وأشده وضوحاً على هذا كذب النظام الذي جثم على صدر الشعب ردحاً طويلاً من الزمن، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
وليسمح لي الشاعر أحمد مطر أن أضمن مقالتي أبياتاً من رائعته الشعرية المعبرة:
مقاومٌ بالثرثرة... ممانعٌ بالثرثرة
له لسانُ مُدَّعٍ
يصولُ في شوارعِ الشَّامِ كسيفِ عنترة
يكادُ يلتَّفُ على الجولانِ والقنيطرة
مقاومٌ لم يرفعِ السِّلاحَ
لمْ يرسل إلى جولانهِ دبابةً أو طائرةْ
لم يطلقِ النّار على العدوِ
لكنْ حينما تكلَّمَ الشّعبُ
صحا من نومهِ
وصاحَ في رجالهِ
مؤامرة!
مؤامرة!
وأعلنَ الحربَ على الشَّعبِ
وكانَ ردُّهُ على الكلامِ
مَجزرةْ..

المصدر: رابطة العلماء السوريين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع