..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

ساعة الحسم السهم فيها رهن مدى الحضور على الأرض

أبو يعرب المرزوقي

٧ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2647

ساعة الحسم السهم فيها رهن مدى الحضور على الأرض
يعرب المرزوقي 9876.jpg

شـــــارك المادة

تمهيد:

سأغيب أسبوعا خارج تونس وأريد أن أختم اليوم بسؤال محير: جل الأنظمة العربية اعترفت بحكومة سوريا المؤقتة ما يعني أنها الحكومة الشرعية الوحيدة. (بديء المقال يوم الأحد 2 من الشهر ثم فجر 3 منه واستؤنف يوم 6 ليلا).
وإذن فمن المفروض أن طلبها المساعدة منهم طلب يتمتع بشرعية دولية ويمكن للمساعدة أن تكون ليس بالتسليح فحسب بل وكذلك على الأقل كبداية بالمشورة الفنية عسكريا.

وقصدي أن الحضور في أرض المعركة لا غبار عليه بمقتضى الشرعية الدولية. ثم إن هذا الحضور فيه الكثير من الفائدة للسوريين وللمتدخلين من العرب.
فالمقاومة السورية المعترف بها دوليا يصبح لها سند فعلي حتى وإن لم يكن بحجم السند الذي للنظام وثانيا الدبلوماسية يحكمها الحضور في مسرح الحرب.
والجيوش العربية عامة والخليجية خاصة تنقصها الخبرة وهذه فرصة للتدرب عليها إما بمفردها أو بالتعاون مع تركيا التي لجيشها خبرة وكفاءة عاليتين يمكن الاستفادة منهما.
شروط الدور: الحضور في الساحة.
حاليا أصبح لتركيا حضور فعلي. ومن ثم فالمعادلة تغيرت لأن إيران ومليشياتها وبوتين وحتى أمريكا لم أحد منهم مستفرد بأرض المعركة فوجدت المقاومة سندا.
فإذا حان وقت الكلام الدبلوماسي وهو جار بعد لن يكون غائبا إلا العرب لعقم فكرهم أو لأنهم -وهذا هو الخطر- لأنهم أخوف نجاح الثورة من خوفهم من الأعداء ومن خوف الأعداء منها.
لو علموا أن ما يجري في سوريا إذا لم تهزم فيه إيران فإن الموجة القادمة ستكون فكي كماشة إيران على مركز الخليج أو السعودية من اليمن والعراق.
وحتى لما أمدهم أردوغان بحجة قوية في ما يتعلق بتحرير الموصل ووجوب حضور السنة والتركمان لم نسمع عربيا واحدا فهم الإشارة فضلا عن تأييدها.
صحيح أن المسألة في العراق يمكن نسبة العائق فيها لسنته التي تشارك في الحكم بعمالة وخيانة لا حد لها: كان يمكن أن تساوم فلا تقبل البقاء في الحكم إلا بأحد شرطيـن.
الشرط الأول: إما منع إيران من التدخل.

الشرط الثاني: أو السماع للعرب به لتحقيق التوازن. لكن كان يمكن حتى في هذا الحالة التدخل مع تركيا ولو رمزيا.
بالتونسي نقول "وخر وخر ظهر البهيم وفا" فرديف الراكب على الحمار يطلب منه عادة الإدبار فيصل إلى نهاية ظهر الحمار فيسقط: ذلك حال العرب.
ولذلك فلا عجب أن يكون الكلام الدائر حول الهلال (العراق والشام) لا ذكر فيه للعرب في حين أن مداره كله حول العرب الذين صاروا أيتام اللئام.
وكان حريا بي أن أقول هم لئام الأيتام:تصوروا أن السيسي سيحميهم فإذا به عالة عليهم ببتزهم لأخذ رزهم والبترول فرض أخذ رز من الشعوب لعسكر مصر.
ونفس الأمر حصل في اليمن: اعتمدوا على الحوثي ضد من يعتبرونهم خطرا عليهم فمهدوا الطريق للغزو الإيراني.لا حل لمن يذهب مغمض العينين للتهلكة؟
دور العرب التابع منذ الحرب العالمية الأولى، كان لانهيار الاتحاد السوفياتي علل كثيرة وأهمها التالية:
1-فشل وعود الماركسية الإيديولوجية بالجنة على وجه الأرض
2-فساد النظام السياسي والاقتصادي والسوفياتيين.
3-اغراء الحلم الأمريكي للشعوب المحرومة في الاتحاد السوفياتي
4-السباق مع الغرب بكل أبعاده وخاصة العسكري والاقتصادي
5-استعمال الغرب للعالم الثالث وعقائده (الإسلام والمسيحية)
ولم يتجاوز دور العرب خاصة والمسلمين عامة دور التابع في هذا البند الخامس. وهم اليوم في نفس الوضعية في سعي الغرب لأنهاء دور روسيا العالمي.
المشكل هذه المرة أن الملعوب به لصالح أمريكا وإسرائيل ليس العرب وحدهم بل كل الذين تحالفوا ضدهم وخاصة روسيا وإيران خلافا لما يتوهمون وأوروبا بسبب صمتها وتبعيتها.
ما يعنينـي هو أن العرب ضحية مرتين: فهم ضحية أولا لأن الدماء السائلة منهم وهو ضحية ثانيا لأن الغاية من الحرب أرضهم لصالح أمريكا وإسرائيل. أما إيران وروسيا فخادع سيكتشف أنه مخدوع.
ويبقى الدور التركي. إلى حد الآن أجاد الأتراك المناورة. خرجوا سالمين من عملية شبيهة بما حدث في مصر. وآمل ألا يتورطوا أكثر من اللازم في الحرب.
فلا أثق في وعود العرب بالالتزام معهم في جبهة حقيقية يمكن أن تغير قواعد اللعبة: فلو كان للعرب كلمة رجال وكونوا جبهة صلبة معها لتغير الأمر خاصة والتجربة الأولى بينت لهم خداع الغرب (وعوده لما يسمى بالثورة العربية).
يوجد سيناريوان: الأسوأ أن تتورط تركيا وحدها فيجمعون على ضربها فنعود إلى تقاسم الإقليم كما حدث بعد الحرب العالمية الأولى. الأحسن حلف عربي تركي (عكس ما حصل في المرة الأولى).
ولما أقول عربي تركي لا أقصد كل العرب فلا توجد أمة تجتمع إذا لم يكن فيها مركز جامع. فالقصد المركز الذي يمكن أن يكون جامعا: السعودية وقطر.
وفي الحقيقة لو فكر العرب بجد لوجودوا أنه لا مفر من هذا الخيار أو انتظار مصير العراق وسوريا وقريبا جدا لأن من ينتصر تزداد شاهيته في الغزو.
أتوقع تطورات مهمة في هذا الأسبوع:
هذه تتمة لما قلته البارحة قبل التوجه إلى المطار. آمل أن أسمع أخبارا جيدة خلال هذه المدة التي سأنقطع فيها على المشاركة في الـحديث حول الأحداث.
ذلك أني أعتقد أن كل من يتصور بوتين ذكيا ومثله إيران لا بد أن يعتقد أن الغرب بات غبيا بحيث ينوي أن يترك لهما السيطرة على طاقة الخليج وجعل أوروبا تحت رحمتهما.
لذلك اعتبرت إيران وبوتين خادعين سيكتشفان أنهما مخدوعان ولا يعلمان. ما يؤلمني هو أن الغرب يريد من العرب السنة أن يكونوا حطب محرقة تكون نهايتها إفلاس روسيا وترهل نظام الملالي فتصبح إسرائيل رب الإقليم بيد أمريكا.
ويمكن لمركز العرب (السعودية وقطر) مع تركيا أن يكونوا أصحاب دور في الخطة الغربية بمجرد الوجود إلى أرض المعركة إن كان لهم نية الدور النقيض لإيران وبوتين.
فهذان خادعان ولا يدريان أنهما مخدوعان. وعلى العرب والأتراك أن يتظاهرا بشيء من السذاجة فيلعبوا دور المخدوع الخادع. فمن يعلم غاية اللعبة يمكنه أن يسهم فيها لغايته.
فخلال الحروب الكل يسعى لغايته الخاصة استنادا إلى أن الجميع حذر فلا يريد أن يحارب كل الموجودين في مسرح القتال: لذا فالمهم للسنة الوجود فيه.
الغائب هو الذي يدفع الفاتورة. والسنة ستدفها مرتين إن لم تحضر: فالمسرح هو أرضهم والدم السائل دمهم وغيابهم يجعلهم بلا سهم في غاية الحرب.
وغاية الحرب قربت كما أتوقع: أزمة البترول ستفرض على بوتين الإفلاس العملي وإيران على حافة ثورة شعوبها لأن العراق لم يبق له ما تحلبه منه: بلغ الغرب هدفه.
إذا كانت تركيا والعرب موجودين سيضطر الغرب للاعتراف بسهمهم بخلاف ما كانت عليه بعد الحرب العالمية الأولى: أوروبا شريك للإقليم لا محتل له.
لذلك فما أنصح به ليس الدخول في الحرب مع الطرف الخاسر بل ضده دون التزام فوق الضروري: المهم هو الوجود في مسرح المعركة خلال الحسم والتوزيع.
والمغزى: آن أوان الحلف الصريح مع تركيا والحضور معها على مسرح المعركة العسكرية والدبلوماسية على الأقل بالتمويل والمشاركة الرمزية في الحرب.
فلحظات الحسم لها خاصيتان: الجميع يكون منهكا ويريد أن يخلص ومن ثم فكل الحضور يقاس وزنهم بقدرحضورهم وقابلية منع الحسم لهذا أو ذاك فينفل سهمه.
الأمر يكون حينها من جنس ما يجري في الأسواق بالمزاد العلني حيث تكون المزايدة بين الأطراف كل بحسب ما لديه في الآن والهنا على مسرح الحرب نفسه.
ذلك أن الدبلوماسية نوعان: باردة قبل الحروب وأثناءها وحارة في لحظات الحسم التي تكون رهن الاصطفاف الأخير لتحقيق الحسم. فلتحضورا قبل الفوات.
حصلت التطورات التي توقعتها:
أعود لمجموعة التغريدات التي بدأتها قبل سفري الذي عدت منه أمس إلى مسألة الحضور في مسرح المعركة لحيازة سهم في الحسم النهائي على الأرض.
فهل نحن في لحظة الحسم؟ أعتقد أننا وصلنا إلى بداية النهاية: الدليل أن روسيا أصبحت في موقع دفاعي خالص رغم العنتريات التي تدل على ضعفها لا على قوتها.
سبق أن قلت إن الغرب لن يسمح لروسيا أو لغيرها أن يصبح صاحب اليد الطولى ليخنق أوروبا بالسيطرة على موارد الطاقتين البترول والغاز والممرات.
لذلك فمجرد تلويح أمريكا بالتفكير في اجراءات عسكرية ودبلوماسية ومخابراتية جعل بوتين يفهم أن اللعبة شارفت على النهاية وأن أمريكا والغرب أطلقا صفارة النهاية.
اجتماع الأوروبيين وإرسال وزير خارجية فرنسا والتلويح بالعقوبات ومحاولة روسيا إبراز علامات القوة كل ذلك للتغطية على نهاية لإطلاق يد بوتين.
السخيف في الوضع هو أفكار الوسيط الوقحة -دي مستورا فضحه الله ولم يستر نفسه-حول ترحيل جماعة النصرة إلى إدلب. فهل معنى ذلك أنهم مبرر لما يحصل لحلب وأنه سيؤجل ويرحل إليها معهم؟
أما موقف تركيا في العراق فالعجيب أن العرب كالعادة لم نسمع لهم حسا ولا حسيسا. وما كانت تركيا تقف هذا الموقف المتحدي لو لم يكن لها ضوء أخضر.
ذلك أن أردوغان لن يغامر لو لم يُطمأن بأن قرارا من مجلس الأمر لإخراج القوة التركية من العراق لن يحصل وبأن موقفه يلقى تفهما بسبب الخوف من أزمة أوروبية ثانية للاجئين.
معركة الموصل ستكون منطلقا لحركة لجوء أشبه بالطوفان. فإذا لم يسمع لأردوغان فإن كل الإقليم بما فيه شمال الأبيض المتوسط سيصبح في فوضى عارمة.
وكانت قضية الموصل تكون الفرصة الحقيقية لحضور العرب بكثافة خاصة وهم جزء من القوة الدولية لمحاربة داعش بخلاف تركيا. لكن العرب لا إرادة لهم.
وفي الحقيقة لو كان الأمر يتعلق بالإرادة فحسب لهان الأمر بل لا وجود ولا حياة ولا قدرة ولا علم ولا إرادة.الكل ينكمش متصورا ذلك طريق السلامة.
وما يحيرني هو موقف المنحازين لبشار وإيران وبوتين أي مصر والجزائر وبعض الخليجيين وخاصة بعض مليشيات القلم: هل يتجاهلون المصير لو نجحت إيران؟
مآل المعركة القادمة:
أعلم أن نجاحها شبه مستحيل لأن حاميها -بوتين-يوجد الآن في وضع دفاعي وسيزداد هشاشة باستمرار أزمة البترول. لكن نتائج الحروب فيها دائما مفاجئات.
ومن لا يستعد لها يكون أول ضحاياها. ذلك أننا لو افتـرضنا أن بوتين "سيلعب الكل في الكل" متصورا أن الغرب لن يقدم على حرب شاملة فالعرب إن لم يتحركوا في الوقت المناسب ستدوسهم الأقدام.
أما إذا كانوا موجودين فإن مغامرة بوتين ستصبح على الأرض وليس في الجو: لأنه سيضطر لإحضار جيش فتصبح المعركة لصالح الأتراك والعرب والمقاومة.
والغرب العاجز عن الحرب البرية سيمكن الأتراك والعرب والمقاومة من أدوات الحرب التقليدية لتجنب الحرب باسلحة الدمار الشامل فيهزم بوتين وإيران.
والهزيمة بعاملين: الانهيار الاقتصادي والاحتجاج الشعبي في روسيا وإيران لأن المعركة البرية مع التسليح المناسب تعني نكبة مطلقة لروسيا وإيران.
رأيي أن رفع الورقة الحمراء لبوتين تم في هذا الأسبوع الذي تابعت فيه عن بعد خلال غيابي: تلويح أمريكا بالاجراءات العسكرية والدبلوماسية والاستعلامية والعقوبات إلخ..
وطبعا من السذاجة تصور ذلك ناتجا عن استيقاظ الضمير الإنساني في الغرب. فالدافع بين: انتهى دور روسيا لاعبا ممهدا للحل الذي ينوي الغرب فرضه.
لذلك فالعرب وتركيا يمكن أن يجدوا هامشا في الانتقال إلى المرحلة الثانية: الخارطة الجديدة فلا يكون الحل على حسابهما. من لا يوجد في أرض المعركة سيكون ضحيتها لغيابه.
أين سيتم الحسم وكيف؟
والمعركة الحاسمة لم تعد حلب بل الموصل: كل ما بدأ سنة 2003 إلى اليوم سيحسم هناك. إذا فرض حد لدور إيران وبوتين في العملية نجا العرب والأتراك خاصة إذا كانوا حاضرين على الأرض.
وإذا لم يفرض فعليهم أن يحولوا الحرب إلى حرب إقليمية فعلية أي أن يقضى نهائيا على قوة إيران في الإقليم بمجابهة تجبرها على دخول الحرب رسميا وليس بالمليشيات فحسب لتخسرها.
والغرب حتى وإن لم ينحز للعرب والأتراك فإنه لن يحاربهم مع إيران وبوتين. ولا بد من التمييز بين جبهتين: تقليدية للدول وغير تقليدية للمقاومة.
والتقليدية تكون ضد إيران ومليشياتها في العراق وسوريا وضد عميلتهم داعش وغير التقليدية ضد الحضور الروسي بتسليح المقاومة ضد الطيران الروسي.
وبعبارة وجيزة ينبغي أن يهزم بوتين في سوريا كالاتحاد السوفياتي في افغانستان مع تجنب ما تلا ذلك من قتال أمراء الحرب فتنتهي المقاومة ولا تصل إلى البناء وأن تهزم إيران في العراق تقليديا.
وقبل ذلك ينبغي أن يحل الجولاني منظمته وأن يترك الحرية لأفرادها بالانضمام إلى المقاومة بصورة فردية وأن تتحد المقاومة بقيادة الجيش الحر.
فهذا هو شرط الجمع بين العسكري والدبلوماسي حتى تكون تركيا وما بقي من العرب (السعودية وقطر) قادرين على الجمع بين التقليدي وغير التقليدي.
ذلك أن الحكمة تقتضي تجنب العقبات التي قد تنتج عن قانون دولي كلنا يعلم أنه غير عادل لكن ذلك لا ينفي وجوده ودوره. احترامه شرط دبلوماسي.
يمكن للأنظمة العربية (السعودية وقطر وربما السودان) أن تحمي المقاومة دبلوماسيا وتمولها إذا لم تكن مصنفة صراحة في قائمة الإرهاب الدولية.
ما القصد بالحسم؟
واخيرا ماذا أعني بالحسم؟ الحرب الحديثة حسمها لا يكون بالسلاح فحسب بل بالمصدر الأول للقوة: الاقتصاد والتقنية ومتانة الجبهة الداخلية.
وهذه العناصر الثلاثة هي قدم أخيل الروسية والإيرانية. صحيح أن العرب والأتراك ليسوا أكثر قدرة تقنية منهما لكنهم أكثر قدرة اقتصادية بأضعاف.
تبقى الجبهة الداخلية: إيران الحالية لم تعد كما كانت في بداية الثورة وهذا منطق تاريخ الثورات ومآلاتها. شعوب إيران ضاقت ذرعا بالثورة وبفساد حرسها واستبداده وبالملالي وتخريفهم.
وحتى لو اعتبرنا الجبهات الداخلية العربية والتركية ليست بالمتانة المرضية فإنها دون أدنى شك أكثر متانة أو أقل هشاشة من جبهة إيران الداخلية.
ونفس الأمر يقال عن جبهة روسيا الداخلية. فالشعب الروسي كان يتصور ذهاب السوفيات بداية الحلم الأمريكي لديهم. هو أرجعهم إلى نفس ما ثاورا عليه.
إذا أضفنا أزمة البترول وعلمنا أن العنتريات الحالية هي من جنس لفظ الروح للمحتضر فإن بوتين الآن يبحث عن مخرج ويريد تحقيق أي نجاح لحفظ ماء وجهه.
الخاتمة: في شروط التأويل وحدوده
أختم بعبارة فيها شبه اعتذار للقراء: يبدو تحليلا مفارقيا-بارادوكسال-فتأويلي للأحداث مخالف تماما للقراءات السائدة. ما يراه غيري قوة أراه ضعفا لأن القوي بحق غني عن التظاهر بالقوة.
رأيي وأكاد أجزم بأنه عين الحقيقة هو أن بوتين وصل إلى طريق مسدودة ومثله إيران. نصيحتي للأنظمة وللثوار: صبر الساعة يا عرب ويا مقاومة، فقد وصلنا للحظة الحسم.
ولا أنكر أن التحليل البارادوكسالي (المخالف للمعتقد السائد) نادار ما يجد القبول. لكن الحقيقة لو كانت في متناول الجميع لما حدثت حروب ولا اقتتل الناس، العلة هي ندرتها ومن ثم عسر علمها.
تأويل الأحداث أعسر من تأويل الأحاديث، فحتى يوسف أعطاه الله القدرة على تأويل الأحاديث لا تأويل الأحداث، هذه لا يعلم تأويلها إلا الله.
وسأخصص بحثا للعلاقة بين ما يعلم تأويله إلا الله وحدود ما يزعم من قدرة الراسخين في العلم. فدعواهم أنهم يعلمون تأويل المتشابه اعتبرها كفرا بالنقل والعقل في آن.
فحتى لو فرضنا أن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه فعلمهم لا يمكن أن يكون من جنس علم الله به: عمله مطلق وعلمهم شديد المحدودية. فينبغي ألا يتجاوز الشهادة إلى الغيب.
التأويل المفارقي -البارادوكسالي- الذي أقترحه لا يتجاوز عالم الشهادة ولا يدعي علم الغيب: الحرب تـحسمها مقومات القوة وهذه معلومة لعلمنا بما لدى الصفوف.
كانت قراءة الآية (7) من آل عمران أهم سبب للتحريف الذي قلب اتجاه قراءة القرآن: الظن أن الراسخين يشاركون الله في علم المتشابه أفسد التربية وأضاع ثمراتها المباشرة وغير المباشرة.
وهو أفسدها بمعنيين: أفسدها بوصفها تعليما للحاصل من المعرفة تطبيقاتها وبوصفها إبداعا لغير الحاصل منهما. فصار الفكر عقيما والتعليم أعقم منه.
وبدلا من تطبيق فصلت (53) عكسوها فأصبح الفكر مقصورا على شرح النصوص بدل البحث عن حقيقة القرآن كما نصح في بحث علمي يكتشب قوانين الآفاق والأنفس.

 

 

صفحة الكاتب على فيسبوك

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع