صحيفة إيلاف
تصدير المادة
المشاهدات : 3124
شـــــارك المادة
يشي لون السماء الأحمر، قبيل الغروب، بأن خطباً ما سيحدث. لم يستغرق الأمر طويلاً حتى هبت عاصفة ترابية حجبت حتى رؤية الأطفال الصغار الجالسين في مدخل خيمة أحد الجيران، في هذا الموقف أخرجت سيدة سورية رأسها من خيمتها، في مخيم الرقبان المؤقت المقام في منطقة عازلة نائية (أرض حرام بالمصطلح العسكري بين اطراف متقاتلة) قرب الحدود الأردنية السورية، وتمتمت بدعاء.
وفي وقت لاحق من تلك الليلة خيمة علي، لاجئ آخر بالمخيم، اقتلعت خيمته عندما اشتدت حدة الرياح وطارت في الهواء مثل طائر حلق فجأة، ويقول علي "طقس الصحراء يعني أننا نواجه هبوب عواصف رملية طوال الوقت، وأحياناً تتسبب في دمار هائل وتلحق أضراراً بالخيام". لا رعاية طبية: وأضاف "إنها مغبرة، ودرجة الحرارة الآن مرتفعة جداً، حتى في الليل. ويعاني الناس من العطش. إن الوضع صعب جداً، نعاني نقص المياه والغذاء ولا توجد رعاية طبية"، وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 85 ألف شخص تقطعت بهم السبل في مخيمي الرقبان، بالقرب من نقطة التقاء الحدود العراقية والسورية والأردنية، وفي مخيم الحدلات الذي يبعد 80 كيلومتراً إلى الغرب منه. لم يتمكن الصحفيون من الدخول إلى المنطقة المعروفة بالساتر الرملي (بسبب المرتفعات الرملية القريبة)، وطوال أشهر لم يتمكن عمال الإغاثة من الوصول إليها، وأعلن الأردن حدوده الشمالية والغربية منطقة عسكرية مغلقة، في أعقاب تفجير انتحاري على مركز للجيش تسبب في مقتل سبعة جنود، بالقرب من الرقبان في 21 يونيو/ حزيران الماضي، وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليته عن الهجوم. إمدادات محدودة للاجئين: وفي هذا الوقت خرج مسؤولون أردنيون ليصفوا الهجوم بأنه "دليل واضح" على أن عناصر "تنظيم الدولة" كانوا مختبئين بين حشود الناس المتجمعين على الحدود الأردنية، أصبحت إمدادات المياه للاجئين محدودة جداً خلال الأسابيع الماضية، وتوقف توزيع الحصص الغذائية والأدوية، ويشكو سكان المخيم، وبينهم أطفال وكبار في السن، من تفشي الأمراض نظراً لتردي الأوضاع الصحية وعدم وجود دورات مياه أو أنظمة صرف صحي. وقالوا إن هذه الأوضاع أدت لحدوث بعض الوفيات. وفي ظل تدهور الأوضاع بصورة مستمرة، تتفاوض بعض منظمات الإغاثة مع السلطات الأردنية للسماح لها بتنفيذ عمليات إغاثة طارئة، وحتى الآن تجد المنظمات الإنسانية نفسها غير قادرة على الضغط على الأردن ليعيد فتح حدوده مع سورية، وأطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نداء للمجتمع الدولي لتقديم المساعدة لهؤلاء العالقين في الصحراء، هذا الأسبوع. الأزمة تعكس الفشل الدولي: وقال "روبرت مارديني"، المدير الإقليمي للجنة:"لا يتعلق الأمر بالأردن فقط، تعكس الأزمة فشلاً دولياً في حماية ومساعدة المتضررين ومن هم في حاجة ماسة للمساعدة"، وحثت منظمة أطباء بلا حدود، الطبية الخيرية، السلطات الأردنية على السماح لها بإخلاء السوريين المصابين بشدة جراء القتال، وأعرب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، عن أمله في ترتيب إيصال مساعدات غذائية تكفي لمدة شهر خلال الأيام المقبلة. وقالت شذى المغربي، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي: "تلقينا حالياً ضوءاً أخضر من الحكومة الأردنية لتوزيع المساعدات، لكننا لم نعرف تاريخاً محدداً لتنفيذ المهمة حتى الآن"، وأضافت "نأمل أنها ستكون فرصة لكسب بعض الوقت والنظر في حلول دائمة وطويلة المدى"، وأعلنت مجموعة سورية معارضة تمثل قوات قبلية عن تشكيل مجلس تنسيق خارجي لعشائر تدمر ومنطقة البادية للإشراف على شؤون اللاجئين في المخيم. ويأتي غالبية سكان المخيم من المنطقة، التي كانت خاضعة لسيطرة "تنظيم الدولة" قبل أن تستعيدها قوات النظام مدعومة من روسيا، في مارس/ آذار الماضي، ويبين المجلس إن ثمة طبيباً واحداً وممرضات ومهندسين ومدرسين بين هؤلاء المتواجدين الآن في الرقبان. ويقول عمر البنيه، المتحدث باسم هذا المجلس من تركيا :"نطلب من العالم تقديم المساعدات الأساسية فقط. ويمكننا حتى إقامة عيادة طوارئ خاصة بنا، لا نطلب توطين هؤلاء الناس في أوروبا أو الدخول إلى الأردن"، وبالعودة إلى موضع خيمته، يقوم على بإزالة طبقات الغبار عن ممتلكاته القليلة، قائلاً: "نحتاج فقط إلى ما يديم قوتنا حتى يمكننا العودة إلى قرانا، وبدون ذلك، فإن المستقبل يبدو قاتماً".
المرصد الاستراتيجي
الجزيرة نت
أمين محمد
الشرق الأوسط
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة