نور أحمد
تصدير المادة
المشاهدات : 3132
شـــــارك المادة
لم يعد يخفى على أحد إحكام سيطرة النظام وميليشيا حزب الله على بلدة مضايا بريف دمشق الغربي وفرضه لحصار محكم منذ ستة أشهر تقريباً، هذه المنطقة المهادنة منذ ثلاث سنوات عادت لتتصدر شاشات التلفزة وكل وسائل الإعلام بما فيها صفحات التواصل الاجتماعي لما يلاقيه أبناؤها والنازحون إليها من الزبداني وثلة من ريف دمشق حيث كانت مأوىً لهم في ظل قصف مدنهم؛ من جوع وبرد ومرض.
إن عدنا لمراجعة الأحداث في منطقة الزبداني، التي أشعل فيها النظام الحرب وحاول مراراً اقتحامها وفشل منذ2012. فلجأ لحليفه حزب الله علّه يكون الأذكى والأكثر حنكة وينهي بالحديد والنار قصة مدينة ثائرة لها من الأهمية الاستراتيجية مايجعل الجيش السوري وحزب الله يدفعون بشبابهم وخيرتهم وزجهم في المعركة حتى استطاعوا أخيراً السيطرة على 80% من المدينة بما فيها سهل الزبداني والجبال المحيطة به؛ بعد أن قصفها بأكثر من 3000 برميل متفجر ومئات الصواريخ الفراغية وآلاف القذائف المدفعية. التخطيط للحصار: في المرحلة الثانية بدأت الهدنة، بعد إصرار 600 مقاتل متشبثين بأرضهم صمدوا حتى الرمق الأخير ولا زالوا. نصت الهدنة على وقف إطلاق النار وخروج الجرحى ثم فك الحصار عن مضايا حيث كانت محاصرة منذ بدء معركة الزبداني بشكل تام من 2/7/2015 وحتى اليوم وكانت تضم حوالي 20 ألف نسمة. خلال تطبيق وقف إطلاق النار بدأت سياسة التغيير الديموغرافي وراح النظام بالتعاون مع اللجان الشعبية يتقصى أثر العائلات الزبدانية وزجهم في مضايا يوماً بعد يوم تم إخلاء بلودان والمعمورة والإنشاءات من النازحين إلا ماندر ليصل عدد السكان والمهجرين 40 ألف نسمة ويزيد. وبهذه الطريقة تكون إما إبادة جماعية لمن بقي عن طريق التجويع، أو الهروب وإخلاء المنطقة بعد أن يضيق الخناق وتقوى شوكة الحصار يقوم الحزب بفتح الباب أمام الراغبين بالخروج وهكذا تخلى المنطقة طوعاً من سكانها وتحدث عملية الإفراغ بنجاح وخبث. التجويع .. تجارة رابحة: ويوماً بعد يوم زاد الخناق على المحاصرين ومنع الخروج والدخول إليها إلا بتهجير قسري، ومع إطالة الحرب وشيوع الفساد واللا أخلاق بين عناصر الحزب والجيش الذين حوّلوا حصار مضايا لتجارة رابحة وكلما زاد التجويع امتلأت الجيوب والأرصدة في البنوك، لجأ عناصر الحزب عبر وسطاء لإخراج عائلات أو أفراد من الميسورين مقابل مبلغ يتفق عليه مسبقاً ويقبض بالدولار حصراً ووصل آخر سعر ل 1500 دولار لإخراج شخص واحد من مضايا. أو إدخال بعض الكيلو غرامات من المواد الغذائية مقابل دراجة نارية أو قطعة سلاح أو سيارة يتم تسليمها عند أحد الحواجز لأحد العناصر وتسليم الكيس المتفق على وزنه والبضاعة التي فيه مسبقاً، ثم تباع الآليات أو قطع السلاح بعشرات الأضعاف عن مادفعوه لصاحبها. وشاع أخيراً خبر بيع عقارات وأملاك كمنازل ومحال تجارية لعناصر الحزب مقابل الطعام أو إخراج أحدهم من داخل الحصار. ولإحكام الحصار تمّ زراعة محيط البلدة والمنافذ الغير شرعية والطرقات الفرعية والجبلية بستة آلاف لغم أرضي لبلدة لا تتجاوز مساحتها 5 كيلو متر مربع، فوصلت أسعار المواد الغذائية للجنون بكل معنى الكلمة وسجلت البلدة أعلى سعر للأرز والبرغل في العالم فبلغ سعر كيلو واحد من الأرز 100ألف ليرة سورية أي مايعادل 250 دولاراً وكذلك البرغل أما كيلو واحد من حليب الأطفال نيدو بلغ 300 دولار، فعرض أحد المحاصرين سيارته للبيع مقابل 10 كغ أرز و2 كغ حليب هكذا أصبحت تثمن الأشياء. هذه الأسعار لا يستطع القابع داخل أسوار البلدة والمحاصر بالألغام دفعها فلجؤوا للطبيعة علها تكون أرحم من التجار والبشر فأكلوا أوراق الأشجار والنباتات البرية والحشائش والبعض لم يطلها فكان الماء والقليل من البهارات غذاؤه. بينما رضي البعض بتسليم أحد أفراد أسرته ممن بسن التجنيد مقابل إجلاء عائلته من مضايا إلى الإنشاءات أو المعمورة لتعود إليهم الحياة من جديد، وقد وثق ناشطون تسليم خمسة شبان أنفسهم للحاجز القريب عند مدخل البلدة وتم نقل عائلاتهم من مضايا إلى الإنشاءات الواقع شرقي الزبداني والخاضع لسيطرة النظام، وذلك خلال الأسبوع الأخير شهر كانون الأول من العام الفائت. الصمود المستحيل! تظهر الصور الخارجة من تحت الحصار قساوة ما يعانيه قاطنوا مضايا من الجوع والبرد والمرض، البعض لم يصمد فكان الموت حليفه والبعض حاول المغامرة والفرار فاقتص منه رصاص قناص متربص به وأرداه قتيلاً ليبلغ عدد شهداء الجوع والحصار 37 شهيداً بينهم 11 طفلاً و2 من المعاقين بسبب نقص الدواء والغذاء. ناهيك عن عشرات حالات الإغماء يومياً يتم إسعافهم للمركز الطبي الذي يفتقر للسيرومات الملحية والسكرية حتى، وتخلو رفوفه من حبة دواء إلا أنهم لجؤوا لتخزين بعض السكر والملح والمربى واستخدامها لإسعاف حالات الإغماء التي يسببها الجوع. البرد والشتاء يزيدان من المعاناة: غمرت الثلوج خلال اليومين السابقين مضايا وبقين ووصلت سماكة الثلج 10 سم وتشكلت القناديل الجليدية على النوافذ والفتحات من شدة الصقيع. حيث يعرف طقس منطقة الزبداني وبلداتها ببرودته وقساوته لارتفاعها أكثر من 1400 متر فوق سطح البحر. مع هبوب أول رياح الشتاء غلا سعر كيلو الحطب من 25 ليرة للكيلو إلى 400 ليرة وهو في تزايد مستمر حتى إنه أصبح نادراً كونه المادة الوحيدة المعتمدة للطهي والتدفئة. وتعرض رجلان وطفل لانفجار ألغام أرضية زرعت في الأحراش -بعد قطع أشجارها من قبل الحواجز- أثناء جمعهم للأغصان المتكسرة. صرخات واستغاثات لكسر الحصار: وثق ناشطون بكاميراتهم صرخات الأطفال وبكاء الرجال وتوسّل الأمهات لإنقاذ من تبقى بعد أن فتك الجوع بهم، فلاقت استعطافاً وتأييداً ممن سمعها أو شاهدها ونشطت حملات تبرعات وإغاثة في لبنان والأردن، مما رفع أسعار البضائع وزادت احتكاراً وغلاءً، بينما دعا ناشطون في الداخل والخارج لتنفيذ اعتصامات مدنية في بيروت والمصنع وهو المعبر الحدودي اللبناني مع سوريا علّها تؤدي نوعاً من الضغط على النظام فيكسر الحصار وتدخل المساعدات الإغاثية والغذائية. الأمم المتحدة تستجيب! بعد موت قرابة 37 فرداً من المحاصرين قضوا جوعاً وقنصاً استجابت الأمم المتحدة لنداءات الإنسانية وبثت تقارير تدين خطورة الوضع في مضايا ومناطق أخرى محاصرة وذكرت أنه يصعب الوصول في سوريا إلى400 ألف مدني تحاصرهم قوات حكومية ومجموعات مسلحة وأكدت أنه مع تواصلها مع النظام سمح الأخير بفتح الطريق أمام المساعدات الأممية بالدخول والوصول للمدن المحاصرة. ينتظر المدنيون القابعون خلف أسوار السجن الكبير مضايا كسر الحصار وفتح الطريق لدخول المواد الغذائية إليهم وأن تدخل لجنة أممية تعاين الوضع عن كثب وتراقب تنفيذ الهدنة المزعومة علّها تحمي أرواح أطفال جياع وتسكن آلام المرضى.
أورينت نت
محمد أمين
أسرة التحرير
الشرق الأوسط
علاء الدين عرنوس
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة