الجزيرة نت
تصدير المادة
المشاهدات : 4675
شـــــارك المادة
إشاعة بسيطة عن وصول عدد من جثامين السوريين المعتقلين إلى المستشفى الوطني كفيلة بأن ترعب عائلات لها قريب معتقل في أحد فروع الأمن، فيبدؤون بجمع المعلومات ويتحدثون مع معارفهم بالمستشفى لعلهم يتأكدون من عدم وجود قريب بين الجثامين لتطمئن قلوبهم.
ففي الفترة الأخيرة التي شهدت ارتفاعاً ضخماً بأعداد القتلى تحت التعذيب، ازدادت مخاوف أهالي المعتقلين وخصوصا الذين فقدوا الأمل بسبب طول فترة اعتقال أبنائهم. وتشير إحصائيات نشرها ناشطون إلى وفاة 42 شخصاً تحت التعذيب بمدينة حماة وحدها في يناير/كانون الثاني الماضي، مقارنة بمعدل ستة قتلى في الشهور السابقة. وأوردت إحصائية نشرتها منظمة سواسية لحقوق الإنسان أن شخصا يتوفى تحت التعذيب كل عشر ساعات. غياب وانتظار تروي أم فادي قصة ابنها الذي اعتقل منذ عامين ونصف عندما اقتحم الجيش النظامي مدينة حماة، بتهمة قيادة المظاهرات التي كانت أكبر تهمة حينها، وتم تعذيبه كثيراً حسب ما رواه لنا معتقلون كانوا معه وخرجوا، وآخر مرة شوهد فيها كانت منذ عام ونصف أثناء نقله من فرع الأمن العسكري إلى دمشق وهو غارق في دمائه. هكذا تبلغ الشرطة العسكرية ذوي المعتقل القتيل لاستلام جثمانه مأساة ذوي المعتقل ومحنتهم النفسية الكبرى تجسدها أم رامز والدة شاب معتقل في فرع الأمن العسكري، فهي تعيش دوماً في رعب استشهاد ابنها تحت التعذيب حسب قولها، وتضيف أن ابنها اعتقل منذ عام ولا تعرف عنه شيئاً، وتؤكد أن كل ما تستطيع فعله هو دفع نقود لضباط يعدونها بتسهيل إطلاق سراحه. وتتابع أن كل ما تجنيه وعوداً لا تسمن ولا تغني من جوع، وما يزيد رعبها هو القصص التي يرويها المعتقلون السابقون عن التنكيل والتعذيب بأبشع الطرق، فبعضهم يُترك لتتعفن جراحه دون أن يعالج، وبعضهم يعذب بالخنق، والكهرباء، وقطع الأعضاء. تجويع وإهمال وحسب روايات المعتقلين السابقين، فإن طعامهم في الزنزانات لا يتجاوز حبة زيتون، وكسرة خبز في النهار، وحفنة من الأرز في الليل، أما في مراكز التحقيق فتمر عليهم أيام دون طعام ولا شراب. كان المحققون يتسترون على موت المعتقلين تحت التعذيب، ويعزون سبب ذلك إلى خوفهم من تمرد يقوم به المعتقلون إذا عرفوا أن مصيرهم الموت بكل الأحوال. ويروي أبو محمد -وهو معتقل سابق في فرع الأمن الجوي- قصة حدثت في إحدى الليالي التي بدأ فيها المحققون بالصراخ وضرب المعتقلين بوحشية، ثم عرفوا لاحقاً أن أحدهم توفي تحت التعذيب، وكان السجانون يفتعلون الضجيج، والضرب؛ ليتستروا على الخبر ريثما ينقلون جثته.
ولا ينسى أحد أطباء المستشفى الوطني في حماة مشهد شاب نحيل يجره الجنود من السلاسل، وهو يسير مثقلاً في بهو المستشفى، في طريقهم إلى غرفة الإسعاف، فانتهز الطبيب غياب الضابط عنه، وسأله عن سبب القروح التي تملأ جسده، فأجاب أنها بفعل القرص بالكماشة، وإطفاء السجائر. وكان المعتقل -يتابع الطبيب في حديث للجزيرة نت- قد قضى 73 يوماً في فرع الأمن الجوي وتم تحويله إلى المستشفى في نفس اليوم الذي نُقِل فيه إلى السجن المركزي، وكان يعاني من تسمم غذائي حاد، ويبدو عليه الوهن والضعف، لكن الضابط رفض إبقاءه في المستشفى، وطلب إعادته إلى السجن بحجة أنهم سيعتنون به هناك. وتظهر الصور التي سربتها وكالة الأناضول التركية أن أغلب القتلى يعانون من نحول حاد بسبب التجويع الممنهج، وتظهر عليهم آثار تعذيبٍ قاسية وتعفنٌ للجراح بسبب غياب العناية الطبية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المرصد الاستراتيجي
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة