كلنا شركاء
تصدير المادة
المشاهدات : 6992
شـــــارك المادة
عندما تسير في العاصمة دمشق في هذه الأيام، سوف تشاهد فرقاً واضحاً بين دمشق قبل أربع سنوات ودمشق اليوم، فهناك العديد من السيارات والمحلات التي ترفع علم إيران بشكل علني، وهناك سيارات من نوع "همر" تسير في شوارع دمشق، وتضع أعلاماً لإيران و"حزب الله" مع أغانٍ مذهبية بامتياز، وترى أيضاً العديد من العناصر المسلحة التي تضع عصبات على أيديها ورؤوسها كتب عليها "يا زينب" و"يا حسين" و"يا علي".
وبات الاحتلال الإيراني واضحاً لكل شخص متواجد في دمشق، فإذا مررت بالقرب من حي العمارة ومحيط الجامع الأموي ومقام السيدة رقية، ترى حسينيات وحملات شيعية أتت من كل صوب لتقوم بطقوسها، المراقب للمنهجية المتبعة في عملية التغيير الديموغرافي المنظم في سوريا، يكتشف أن المناطق تم اختيارها بعناية لجعلها مناطق مختلطة مذهبياً بعدما كانت سنية في غالبيتها. لكن النظام كان سعى في السابق إلى إحداث تغيير ديمواغرافي، حيث تعمد حافظ الأسد توطين العلويين في مدن رئيسة، مثل دمشق وحمص واللاذقية حين استجلبهم من جبال الساحل، بقصد إعادة تركيب البلاد إدارياً واقتصادياً وسياسياً. وتعتبر الثورة السورية من أهم الأسباب التي ساهمت في الكشف عن مشروعٍ إيراني خفي بدأ قبل الثورة من خلال التواجد الشيعي في بعض الأحياء التي تتضمن مزارات دينية شيعية، والتي يعتبر الكثير منها وهمياً تم إيجاده كمبرر لتزايد التواجد الشيعي في سوريا، إلا أن إيران وجدت بالأحداث الأخيرة ذريعة لتقوية النفوذ الشيعي المسلح، من خلال إقحام المقاتلين الشيعة في بعض المعارك الاستراتيجية، والتي تعد مركز انطلاق أساسي لتحقيق المشروع الإيراني الطائفي كما حدث في القلمون والقصير والأحياء الجنوبية من دمشق، تمهيداً لفرض نفوذها على هذه المناطق واحتلالها، وهو ما يؤكده منع قوات النظام وجيشه من الدخول إليها. تهجير مذهبي: فمسلسل التهجير المذهبي، وتوطين عائلات المرتزقة من عناصر الميليشيات، بات واضحاً أنه الهدف الأساسي وراء الدعم الإيراني المستميت لنظام بشار الأسد، وهو ما ينذر باحتلال قريب للبلاد، والذي لم يعد خافياً على أحد مع تسارع الأحداث والتصريحات المعلنة من القيادات المختلفة سواءً السورية أو الشيعية. الناشط عدنان الكاتب المتواجد في درعا، أكد أن الثوار وجدوا العديد من الوثائق التي تفيد بأن ميليشيا "حزب الله" هي التي كانت تدير المعارك في بصرى الشام ومحيطها، قبل تحريرها من قبل الثوار، وأنهم قاموا بتجنيد العديد من أبناء مدينة درعا الذين ينتمون للطائفة الشيعية، أرسلوهم إلى الجبهات، ومنهم مخبرون داخل المناطق المحررة. وقبل عامٍ من الآن، أصدرت حكومة النظام قراراً يدعو مخاتير المناطق إلى تقديم المنازل الفارغة من سكانها في دمشق، لعائلات المقاتلين الذين يقفون إلى جانبها، أما عن الأسلوب المتبع في المدن المراد السيطرة عليها تمهيداً لاستيطانها، فأشار ناشطون إلى تعمد النظام والميليشيات الطائفية تكثيف القصف والقنص على البلدات المحيطة بالمنطقة، بالإضافة للحصار الخانق ومنع دخول الغذاء والدواء للسكان. توطين عائلات المرتزقة من الميليشيات: وبعدما تتأكد من إنهاكها لأي مقاومة قد تتعرض لها، تقوم الكتائب والميلشيات الشيعية باقتحام المدينة، وتنفذ مجازر بشعة بحق الأهالي، وتتعمد هذه الميليشيات تسريب أخبار هذه المجازر، لا سيما عمليات الاغتصاب وبعض الصور والفيديوات، بحيث تحقق حركة نزوح كبيرة لمن كان قد بقي من الأهالي، تمهيداً لتوطين عائلات المرتزقة من عناصر الميليشيات وفرض سيطرتها هناك. وأكد "أبو رائد الشامي" الناشط في جنوب دمشق، أن "محيط مقام السيدة زينب خالٍ من أهله وكذلك الحجيرة والذيابية"، مضيفاً: "حاول الأهالي مرات عدة العودة، لكن الميليشيات الشيعية منعهتم، ومنعوا الشيعة أبناء الحي نفسه، وقاموا بطردهم أيضاً على الرغم من أنهم أبناء طائفة واحدة، وحالياً المنطقة للشيعة القادمين من لبنان والعراق وإيران فقط"، وبالتالي تحولت البلدة إلى مركز لتجمع هذه الميليشيات، ونقطة انطلاق لاعتداءاتها على السوريين". أحداث الزبداني الأخيرة أيضاً، جعلت إيران تتصدر المشهد السوري، حين أعلنت أنها تفاوض الثوار واتفقت معهم على هدنة لمدة ستة أشهر، وتم استبعاد النظام من طاولة الحوار علناً، كل ذلك يؤكد أن إيران هي من بات صاحب الأرض والقرار، وما يزيد الشكوك حول المشروع الإيراني، هو سعي إيران لتشكيل قوة عسكرية شيعية كميليشيا "حمو" التي شكلتها مؤخراً في سوريا، وتعمل على تزويدها بأسلحة تفوق بتطورها ما تملكه قوات النظام، لتجعل منها شبيهة بـ"حزب الله" في لبنان أو الحوثيين في اليمن، أو كميليشيات "الحشد الشعبي" الشيعية في العراق.
وعملية التقسيم باتت أمراً واقعاً بعد تضافر الدول حول مصالحها، وبعد عجز النظام مدعوماً بحلفائه عن استعادة ما فقده من مدن وقرى، وبالتالي انحصر هدفه الآن بإحكام السيطرة على ريف دمشق والعاصمة والقلمون مروراً بحمص للوصول إلى الساحل السوري، ومن الواضح أن خطط الهدم تطال الأحياء الثائرة في جنوب دمشق وصولاً إلى حرستا، وهو ما تعرضت له تسعة أحياء في حمص ومخيم النازحين في درعا وريف مدينة السلمية. هدم منازل: ومؤخراً تم هدم منازل في منطقة المزة على رؤوس أصحابها ممن رفضوا الخروج، بحجة البدء بمشروعين لتنظيم منطقة جنوب شرقي المزة ومنطقة جنوب المتحلق الجنوبي، والتي تشمل المنطقة الممتدة (جنوب داريا، القدم، العسالي، نهر عيشة، وبساتين القنوات) ما يمهد لتمركز النظام والقوات الداعمة له حول دمشق وحمص. ويخدم هذا الحيز الجغرافي الجهات المختلفة المتنازعة في سوريا، فهو يخدم إسرائيل من خلال محافظته على خطوط التماس مع النظام الحامي لحدودها، كما يشكل امتداداً طبيعياً لمنطقة البقاع اللبناني، حيث معقل "حزب الله"، ويخدم المصالح الإيرانية من خلال تحقيق مشروعها الصفوي الممتد من طهران إلى بغداد ودمشق وصولًاً إلى البحر الأبيض المتوسط، وهو ما صرح به مستشار خامنئي، الجنرال يحيى رحيم صفوي، ويخدم مصالح روسيا في الحفاظ على قاعدة طرطوس ومراكزها على الساحل السوري. وبعد خمس سنوات من عمر الثورة السورية، تظهر الدراسات أن نحو نصف الشعب السوري أصبح مهجراً، ونصف النازحين هُجّروا إلى خارج البلاد، بينما النصف الآخر هُجر إلى مناطق أخرى في الداخل السوري، وتشير الأرقام التقديرية للتهجير والنزوح داخل البلاد إلى نحو ستة ملايين نسمة، أما الأرقام التقديرية للجوء خارج البلاد، فتتحدث عن نحو ثلاثة ملايين نسمة، وهو ما ينذر بحجم المأساة التي ستزداد خلال الأيام المقبلة مع استمرار الهجرة بهذه الوتيرة. فبالقدر الذي يهاجر وينزح الكثير من السوريين من بلدهم، يزداد التواجد الإيراني ويتوغل أكثر في المنطقة تمهيداً لإحكام سيطرته عليها، ومع التدخل الروسي أصبح الأمر أخطر أكثر وأكثر.
الجزيرة نت
عدنان أحمد
أبو قيس التفتنازي
هيئة الشام الإسلامية
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة