رامي سويد
تصدير المادة
المشاهدات : 7005
شـــــارك المادة
تراجعت قدرة مؤسسات النظام السوري على إدارة المناطق التي تسيطر عليها في مدينة حلب مع تراجع نفوذ قوات النظام على المؤسسات الحيوية في المدينة وفي المناطق المحيطة بها، فانعكس هذا التراجع سلباً على وصول خدمات المياه والكهرباء إلى السكان في الأحياء التي لا يزال يحتفظ النظام السوري بها وسط وغرب مدينة حلب، وترافق كل ذلك مع استمرار التدهور في مستوى الأمن في هذه المناطق في المدينة.
وعلى الرغم من استمرار مركزية مؤسسات النظام الخدمية إلى حد ما، فإنها عانت بشكل كبير في الفترة الأخيرة من تقديم خدماتها ومواصلة عملها، نظراً لتواصل خسارة النظام للسيطرة على مؤسسات هامة تشكّل البنية التحتية الأساسية لعمل هيئات الدولة الخدمية في حلب. فقدان السيطرة على عدة مواقع: وفقدت قوات النظام في بداية شهر يوليو/تموز السيطرة على مجمّع البحوث العلمية، التابع لوزارة الدفاع، وذلك بعد معارك طاحنة مع قوات المعارضة متمثلة بقوات "حركة نور الدين زنكي" و"لواء صقور الجبل"، وأدت المعارك التي اندلعت في المنطقة المترافقة مع قصف طيران النظام لنقاط عديدة فيها، إلى تضرر خط شبكة الكهرباء الرئيسي الذي يمر في المنطقة ويصل شبكة الكهرباء في حلب، بمحطة تحويل الزربة الواقعة جنوب المدينة، والتي باتت تُعتبر محطة التحويل الوحيدة التي يمكن للنظام السوري إيصال الكهرباء عن طريقها، نحو مناطق نفوذه بحلب من محطات التوليد التي يسيطر عليها وسط وغرب سورية. وكانت سيطرة المعارضة على محطة الزربة وعلى جميع محطات تحويل الكهرباء في أرياف حلب الشمالية والجنوبية والغربية، قد مكّنتها من فرض شروطها سابقاً أثناء التفاوض مع قوات النظام على شروط إيصال الكهرباء إلى حلب واقتسام الكهرباء بين مناطق سيطرة الطرفين، الأمر الذي استمر في مفاوضات إصلاح خطوط الكهرباء المتضررة في منطقة البحوث العلمية غرب حلب. وتجري المفاوضات بين الطرفين عادة بوساطة من مندوبين عن منظمة الهلال الأحمر وممثلي مبادرة أهالي حلب، وهي مجموعة عمل مدنية مكوّنة من مجموعة من الوجهاء والمثقفين من أبناء مدينة حلب، ونجحت المفاوضات أخيراً بإقناع الطرفين بالسماح لفنيي شركة الكهرباء العامة في حلب والتي يسيطر عليها النظام السوري بالدخول إلى خطوط الاشتباك بينهما في المنطقة الواقعة بين منطقة البحوث العلمية وحي حلب الجديدة، لتنجح فرق الصيانة في إصلاح الأعطال في المنطقة بعد منتصف الشهر الماضي وتعود الكهرباء إلى أحياء مدينة حلب. الكهرباء في حلب: وأشار مصدر من منظمة الهلال الأحمر، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إلى أن إصلاح "خط الزربة" على الرغم من أهميته فإنه عديم الجدوى في إنهاء معاناة أهالي مدينة حلب المتمثّلة بالنقص الكبير في الكهرباء، إذ كان يصل حلب من شبكة الكهرباء السورية في حماة عبر محطة الزربة 130 ميغاوات من كهرباء، كانت 90 منها تذهب لتغذية مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الجنوبي والشمالي والغربي وأحياء حلب الشرقية، أما الأربعون الباقية فتغذي أحياء حلب الغربية التي يسيطر عليها النظام، ومناطق مجاورة لها كأجزاء من أحياء بستان القصر والزبدية وسيف الدولة وجمعية الكهرباء وبلدة حور وهي مناطق تحت سيطرة المعارضة أيضاً. وأوضح المصدر أن مناطق سيطرة النظام يصلها أيضاً 40 ميغاوات كهرباء من المحطة الحرارية في منطقة السفيرة شرق حلب والتي تعمل بإشراف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وفق اتفاق بين قوات النظام و"داعش" في المنطقة، ليصبح مجموع الكهرباء التي تصل مناطق سيطرة النظام في حلب 80 ميغاوات تكفي وسطياً لتأمين الكهرباء إلى أحياء مدينة حلب التي يسيطر عليها النظام بمعدل يتراوح بين ثلاث وأربع ساعات يومياً فقط. وتقوم مؤسسة الكهرباء في حلب والتي يديرها النظام بتغذية ما يسمى بالخطوط الأمنية بنسبة أعلى من الكهرباء من تغذية باقي مناطق المدينة، إذ يشير شهود عيان إلى أن المناطق المحيطة بفروع الأمن والاستخبارات تحصل على كهرباء بمعدل يزيد على 12 ساعة يومياً بحكم وجود مباني مؤسسات النظام الأمنية الكبرى فيها والتي يحرص النظام على إمدادها بأكبر قدر ممكن من الكهرباء. وقد أثّر تراجع مستوى الكهرباء في الفترة الأخيرة على قدرة النظام على تأمين المياه لسكان الأحياء التي يسيطر عليها في مدينة حلب، ولا يملك النظام السوري من وسيلة لتأمين المياه سوى الضغط على قوات المعارضة التي تسيطر على محطة تحويل المياه الرئيسية وعلى شركة المياه الواقعتين في حي سليمان الحلبي في حي الصاخور شمال شرق مدينة حلب. وتعتمد محطة تحويل المياه الرئيسية في حلب في عملها على الكهرباء التي تراجع إمدادها بشكل كبير أخيراً وانقطعت بشكل كامل عن حلب منذ تضرر خط كهرباء الزربة، وتسبب انقطاع الكهرباء عن حلب وقتها بانقطاع المياه بشكل كامل عن أحياء مدينة حلب لأكثر من أسبوعين. انتشار عصابات الخطف في مناطق سيطرة النظام: ويتواصل تراجع مستويات الأمن في مناطق سيطرة النظام في حلب مع انتشار عصابات الخطف، التي تتكوّن في العادة من منتسبين لمليشيات محلية موالية للنظام ممن يحصلون على حماية من ملاحقة جهاز الشرطة لهم بحكم انتسابهم لـ"الدفاع الوطني" (الشبيحة)، أو لـ"سرايا المقاومة" أو لـ"لواء القدس" أو غيرها من المليشيات المحلية الموالية للنظام. وتحدّث شهود عيان لـ"العربي الجديد" عن تكرار حالات خطف شابات أو أطفال في مناطق سيطرة النظام في حلب وخصوصاً في أحياء حلب الجديدة والفرقان والشهداء والموكامبو، وهي أحياء يسكنها أغنياء المدينة، وتلي عملية الخطف طلب الخاطفين لفدية من ذوي المخطوف، ويجري كل ذلك بحسب شهود العيان بعلم مؤسسات النظام الأمنية التي لا تحرّك ساكناً لاعتبارات عديدة أهمها كون الخاطفين محسوبين عليها باعتبارهم أعضاء في مليشيات النظام المحلية. أما مؤسسات النظام الإدارية كدوائر النفوس والمصالح العقارية والقضاء المدني، فهي تواصل عملها في مناطق سيطرة النظام بشكل متقطع بحكم الانقطاع المستمر للكهرباء والإنترنت، وبات عملها تشوبه درجات فساد عالية، نظراً لتعقيد الإجراءات القانونية اللازمة لاستخراج الوثائق في مؤسسات النظام والتي باتت تتعارض مع واقع الهجرة والنزوح الذي انتشر في شرائح واسعة من المجتمع السوري.
العربي الجديد
خالد العويجان
عمار البكور
محمد المكي أحمد
المرصد الاستراتيجي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة