زمان الوصل
تصدير المادة
المشاهدات : 3239
شـــــارك المادة
رغم السماح لبعض العائلات بالعودة إلى بلدتي "قلعة الحصن" و"الشواهد" إلا أن العودة ما تزال ممنوعة بشكل تام إلى قرى "الزارة" و"الحصرجية"، بريف تلكلخ، والقريتان المذكورتان، مدمرتان ومنهوبتان، ويمكن القول، إنه لم يعد هناك وجود لهما فعلياً.
في الثامن من آذار من العام 2014، تمكنت قوات النظام من اقتحام قرية "الزارة" بريف تلكلخ، مدعومة بعناصر من حزب الله، وارتكبت مجزرة فيمن بقي فيها، بعد تهجير معظم سكانها تحت وطأة القصف، ومن تهجروا من "الزارة" انتقلوا بدايةً إلى قلعة الحصن، قبل أن ينتقلوا لاحقاً إلى مركز المنطقة، مدينة تلكلخ. وتقع "الزارة" و"الحصرجية" و"الشواهد" و"قلعة الحصن" في ريف مدينة تلكلخ، المحسوبة على ريف حمص الغربي، قرب الحدود الشمالية للبنان مع سوريا. وقد شكلت البلدات والقرى سابقة الذكر، منذ سنة ونيف، صُداعاً مزعجاً للنظام، ولحاضنته الطائفية، حيث تحيط بتلك المدن والقرى، غالبية علوية، إلى جانب بلدات وقرى "وادي النصارى" ذات الغالبية المسيحية، التي وقف بعض أبنائها مع النظام، وانتسبوا لميليشيات "الدفاع الوطني"، وقاتلوا بشراسة ضد الثائرين في المنطقة. تلكلخ...النازحون أكثر من سكانها: واليوم، يُمنع على نازحي "الزارة" و"الحصرجية" العودة إليهما، بقرار من القيادات المؤثرة في القرى العلوية المحيطة بهما. ويغلب على سكان القريتين انتماءهما للتركمان السوريين، الأمر الذي دفع العلويين إلى اتهامهم بالعمالة لتركيا، وطالبوهم بـ "الذهاب إلى أردوغان"، ويقبع في مدينة تلكلخ، حالياً، ما بين 3 إلى 4 آلاف من أهاليها، يسكن معهم حوالي 7 آلاف ممن هُجّروا من "الزارة" و"الحصرجية" و"الشواهد" و"الحصن"، وهناك نازحون من مناطق أخرى كحلب. ويعاني النازحون في تلكلخ من غلاء معيشة مُضنٍ، يعود أساساً لتراجع قيمة الليرة، إلى جانب ما تعرض له هؤلاء النازحين من عمليات سلب وابتزاز أثناء النزوح والتهجير، حيث سُلبوا معظم مدخراتهم، ناهيك عن التسريح التعسفي للكثير من الموظفين والعمال في القطاع العام، أما من قام بتسليم نفسه من منشقين عسكريين من أبناء البلدتين "الزارة" و"الحصرجية"، فتم سوقهم لسجون صيدنايا، والفروع الأمنية، ليلاقوا صنوف التعذيب، ومن ثم الموت في بعض الحالات. سلال الهلال الأحمر في السوق السوداء: ويوزع الهلال الأحمر السوري مساعدات على النازحين بتلكلخ، لكنها عملياً، لا تُغني ولا تُسمن من جوع، ومنذ خروج دفعات المهجّرين النازحين الأولى، قدّم الهلال مساعدات فورية لهم تمثلت باسفنجة وبطانية واحدة للشخص، بالإضافة إلى سلة غذائية ومنظفات وأدوات للطبخ، وبعد شهرين من النزوح، عاد الهلال الأحمر السوري ليوزع سلالا أخرى عبارة عن كرتونة مواد غذائية وأخرى منظفات. ومن ثم غابت هذه السلال ثمانية أشهر، ليعود الهلال الأحمر للتوزيع من جديد، كل شهرين مرة، والسلال الموزعة هي عبارة عن كرتونة واحدة تحوي (1 كيلو سمنة، و5 كيلو سكر، و5 كيلو أرز، و1 كيلو عدس، و5 علب تونا، و2 كيلو فاصوليا بيضاء، و2 ليتر زيت عباد الشمس، و830 غرام رب بندورة، و900 غرام شاي رديء النوعية)، وتُباع الكرتونة في السوق السوداء بـ 2500 ليرة سورية، في حين لا يساوي راتب الموظف وسطياً، أكثر من 30 ألف ليرة (100 دولار تقريباً). غلاء فاحش وفقدان لبعض السلع: وتشهد تلكلخ ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع الغذائية الأساسية، فمثلاً، كيلو السكر الأبيض بـ175 ليرة، وزيت دوار الشمس 1 ليتر بـ 340 ليرة، والسمن النباتي 8 كيلو من المؤسسة الاستهلاكية بـ 2150 ليرة، وكيلو البرغل بـ 50 ليرة، والبرغل البلدي بـ 150 ليرة، والبطاطا شهدت ارتفاعاً من 45 إلى 75 ليرة للكيلو، فيما وصل سعر كيلو الطحين الأبيض إلى 150 ليرة، ولُوحظ مؤخراً فقدان الثوم (الكيلو بـ 1000 ليرة، مع ندرة هائلة)، أما كيلو الليمون فوصل إلى 300 ليرة، وهو شحيح جداً في الأسواق، حسب شهادة "خضرجي" في تلكلخ. اعتقال أو اختفاء من عمل مع "الأمن": ومع غياب بعض السلع الغذائية، وارتفاع سعر الأخرى، يغيب الشعور بالأمان، إذ تشهد تلكلخ، بين الحين والآخر، عمليات اعتقال واختفاء قسري، لمن كانوا فيما مضى معارضين أو خارجين على النظام، ويعلّق أحد سكان المدينة لـ "اقتصاد"، "حتى بعض من كان يعمل مع أجهزة الأمن في البلدات الثائرة، تعرض للاعتقال أو الاختفاء القسري"، وأضاف: "كل من عرفته ممن عمل على إخراج المحاصرين، أو كان يقوم بالوساطات، من أبناء المنطقة، تم اعتقاله، وبشكل خاص من سلم نفسه بتسوية من جانب شبيحة، ناهيك عمن قُتل". وذكر شاهد العيان، أسماء شخصين ممن قاموا بتسليم نفسيهما طوعاً، أحدهما اعتُقل، والآخر قُتل، وهما "ع -و"، و"ز -ك"، يُضاف إلى ما سبق، ما يعانيه القاطنون في تلكلخ اليوم من عمليات اختطاف وسرقة للسيارات، يقوم بها شبيحة المنطقة، من ذلك حادثة اختطاف أحد المحامين المعروفين، هو وعائلته بسيارته، ومطالبة الخاطفين بفدية مالية كبيرة، وحسب شهادة عيان، فإن الخاطفين معروفون، وتم التعرف على من استلم الفدية، ولم تتخذ السلطات شيئاً يُذكر حيالهم. اللباس "المموّه" يجذب ثائرين سابقين ولصوصا: كانت من آثار الفقر وغلاء المعيشة، وغياب الإحساس بالأمن، أن انتشرت ظاهرة التطوع في لجان أمنية موالية للنظام، واللافت أن المقبلين على ذلك هم ممن كانوا يوماً ما يقبعون في غياهب سجون النظام، أو ممن حمل السلاح ضده، بالإضافة إلى شريحة تبحث عن غطاء يؤمنها لها "اللباس المموه" لتقوم بمشاركة شبيحة المنطقة بالسرقات الموصوفة للمنازل والمحلات في تلكلخ. وبهذا الصدد، قال أحد شهود العيان لـ "اقتصاد" أن أحد جيرانه، بعد أن ليس البدلة المموهة، قام بإحضار مجموعة من أمثاله من القرى المحيطة وسرقوا محلات وبيوتا، وسُجلت الحالة لدى الأمن الجنائي في تلكلخ، كسرقة موصوفة، وأُلقي القبض عليه، لكن المفاجأة كانت أن خرج الرجل بعد عدة أيام، ليعود ويسرق بيتاً آخر. وقد دفعت ظواهر الاعتقال والاختفاء القسري، وغياب الإحساس بالأمان، ببعض النازحين في تلكلخ من أبناء المنطقة، للهرب إلى لبنان، أو غيرها، بحثاً عن الأمان المفقود. فيما لا تزال "الزارة" و"الحصرجية" محرمة على أبنائها، الذين يستطيعون النظر إلى أطلالها من بعيد.
ترك برس
ريان محمد
المرصد الاستراتيجي
العربية نت
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة