عبسي سميسم
تصدير المادة
المشاهدات : 3450
شـــــارك المادة
تحاول قوات النظام السوري التعويض عن فشلها العسكري في معركة "قادسية بُصرى"، جنوب البلاد، التي أطلقتها فصائل المعارضة المسلحة يوم السبت الماضي بهدف السيطرة على مدينة بصرى الشام بريف درعا، وذلك من خلال التجييش الطائفي والمناطقي بين درعا والسويداء، مستغلة وقوع الاشتباكات بالقرب من البلدات ذات الأغلبية الدرزية التابعة لمحافظة السويداء، ومهاجمة حاجز لقوات النظام مع بداية المعركة، يوم السبت الماضي، يقع ضمن مثلث يؤدي إلى ثلاث قرى ذات أغلبية درزية هي ذيبين وبكا وبرد. هجوم أدى إلى سقوط قتلى لجيش النظام وعناصر من مليشيا "الدفاع الوطني" من أبناء محافظة السويداء، وبدأ النظام ينشر الشائعات عبر مناصريه في المحافظة بأن أهالي درعا يريدون اقتحام السويداء، وأوعز لهم أن يشنوا حملة تخوين ضد مناصري الثورة في المحافظة، كما بدأت تعلو أصوات ضمن المحافظة تطالب بتسليح أبناء المحافظة، لدرء الخطر الذي يتربص بهم على حدودهم الغربية. تحييد السويداء: ردّت "غرفة الإعلام العسكري" في الجبهة الجنوبية على هذا التحريض، بإصدار بيان رأى فيه كثيرون في سورية وخارجها، "حكمةً" لتفادي زيادة التوتر المناطقي المذهبي الموجود أصلاً وتاريخياً بين المحافظتين الجارتين في الجنوب السوري، وتوجهت "غرفة الإعلام العسكري" في الجبهة الجنوبية في بيانها إلى أهالي محافظة السويداء، بالقول: "إن النظام السوري، ومن يحتل أرضنا من قوات إيرانية ولبنانية وغيرها لم يقدموا لنا ولكم إلا الويلات، لم يستثن النظام أية فئة من فئات الشعب في حربه ضد التغيير، إذ أتقن لعبة العنف وتأليب الطوائف السورية على بعضها". وأوضح البيان أنه "منذ يومين، أطلق الثوار معركة القادسية لتحرير مدينة بصرى الشام من مليشيات النظام والاحتلال، وفي بداية المعركة قامت كتائب الثوار بالالتفاف لشرق مدينة بصرى لقطع الإمداد عن العدو"، وأضاف: "لم ولن تسعى قوات الثورة إلى دخول مناطق السويداء، ولكن كان المطلوب قطع الإمداد من قريتي بكا وذيبين، وما الاشتباكات التي حصلت إلا رد فعل على بعض الذين حاولوا الاصطياد بالماء العكر". وتابع البيان بالقول: "أنتم رجال العهد، ونحن للعهد وافون، لن نخلف معكم وعداً، ولن نتراجع عن اتفاقنا معكم، ولن نتراجع عن عهدنا، الذي قطعناه لأنفسنا قبل أن نقطعه لكم، إن طريق الثورة تتجه نحو دمشق، ولا تمر من السويداء، التي نعرف أن فيها رجالاً، وأنها قادرة على تحرير نفسها حين تزف الساعة". في المقابل، أكدت ناشطة من محافظة السويداء، فضلت عدم ذكر اسمها لـ "العربي لجديد"، أن الشيخ وحيد البلعوس قال "إن من يمت من أبناء السويداء في معركة ضد أبناء درعا سيموت غير مأسوف عليه، وكذلك من يمت من أبناء درعا في معركة ضد أبناء السويداء سيموت غير مأسوف عليه"، في ما يشبه تحريم الاقتتال الطائفي بين أبناء الطائفتين، من قبل البلعوس الذي يُعتبر من مشايخ الطائفة الدرزية، الذي تم إبعاده عن المؤسسة الدينية في الثلاثين من يناير كانون الثاني الماضي من قبل مشايخ العقل المرتبطين بالنظام، على خلفية تصريحات أدلى بها هاجم فيها سلوك النظام في محافظة السويداء. تقدُّم المعارضة: ومع تقدم المعارك، سيطرت قوات المعارضة السورية المسلحة، ليل أول أمس الإثنين، على حاجز برد وعدد من الأبنية ومزرعة كانت تتحصن فيها قوات النظام المدعومة بقوات من "جيش الدفاع الوطني" وعناصر من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، خلال المواجهات التي تدور بين الجانبين منذ ثلاثة أيام. وأفاد المتحدث الرسمي باسم "الفيلق الأول" التابع لـ"الجيش الحر" ابراهيم نور الدين لـ"العربي الجديد" بأن" معارك الجبهة الجنوبية أثبتت قدرة فصائل وتشكيلات المعارضة على فتح المعارك مهما كانت الحملة التي تشنها قوات الأسد المدعومة بمليشيات حزب الله اللبناني و مرتزقة الحرس الثوري الإيراني". وأوضح نور الدين بأن "الجبهة الجنوبية تعمل على تخليص المدنيين في الحي الغربي من بصرى الشام من الحصار الذي تفرضه مليشيات الدفاع الوطني ومليشيات حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، وتحاول قطع كافة طرق الإمداد للميلشيات الطائفية المتواجدة داخل مدينة بصرى الشام". ولفت المسؤول الإعلامي إلى "أن المعارك على أشدها، لكن هناك تكتماً إعلامياً من أجل نجاح العمل"، مشيراً إلى "سيطرة الثوار على حاجز برد وعدد من الأبنية ومزرعة كانت تتحصن فيها اللجان الشعبية وقوات حزب الله"، إضافة إلى أن "المعارضة لم تستهدف المدنيين مطلقاً، بل ضربت المربعات الأمنية للنظام وأماكن تواجد الدفاع الوطني وحزب الله والحرس الثوري". البُعد الإيراني: كل ما يحيط بالمعركة في بصرى الشام وحولها بات يحمل أو يُحمَّل أبعاداً طائفية ــ قومية يعتبر كثيرون أن المعارضة المسلحة خيراً فعلت في التخفيف من وزرها عبر إصدارها بيان "تحييد السويداء"، ذلك أن اشتراك عناصر إيرانية بشكل كبير في إدارة معركة بصرى الشام إلى جانب قوات النظام، جعلها تأخذ "أبعاداً إيرانية" صرفة، وخصوصاً نظراً لتسمية المعركة بـ " قادسية بصرى"، تيمناً بمعركة شهيرة بين المسلمين العرب والفرس في العراق، وقعت في العام 636 ميلادي، انتهت بانتصار حاسم للمسلمين ومقتل قائد الفرس رستم فرخزاد، وأحدثت تغييرات أدت إلى إلحاق العراق وفارس بـ"الخلافة الإسلامية". في المقابل، يستحضر عناصر اللجان الشعبية الشبيحة" التابعين للنظام من أبناء السويداء أحد رموزهم الدينية الذي يعود لأصول فارسية ويرفعون شعارات كـ "يا سلمان" و"لبيك يا سلمان" التي يضعونها كوشوم على أيديهم في إشارة إلى سلمان الفارسي، وتقع مدينة بصرى الشام التاريخية على بعد 40 كيلومتراً عن مركز مدينة درعا، ونحو 140 كليومتراً عن دمشق، وترتفع عن سطح البحر نحو 850 متراً، وكانت عاصمة دينية ومركزاً تجارياً هاماً وممراً على طريق الحرير الذي يمتد إلى الصين.
العربي الجديد
الشرق الأوسط
المرصد الاستراتيجي
ترك برس
علاء الدين عرنوس
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة