حلمي القاعود
تصدير المادة
المشاهدات : 6405
شـــــارك المادة
ما يجرى في سوريا من حرب طائفية يشنها النظام الطائفي النصيري ويتمخض عنها مذابح وانتهاك للحرمات واغتصاب وتمثيل بجثث الضحايا وتهجير وتدمير، يؤكد أن التسامح الإسلامي بغير حدود مع الأقليات الطائفية والفكرية يؤدي إلى إهدار دماء المسلمين مجانًا، ويضعهم في خانة العبيد الذين يجب أن يذهبوا إلى مصائرهم المهينة بلا ثمن ولا دمعة حزن!
في سوريا يبلغ عدد الطائفة النصيرية -التي تسمى خطأ بالعلوية لتنسب إلى الشيعة عنوة- أقل من عشرة بالمائة، ومع ذلك وجدوا الفرصة تحت راية القومية العربية التي يقودها حزب البعث العربي الإشتراكي لقيادة البلاد، وعلى مدى أربعين عامًا استطاعوا تنحية الصفوف الأول والثاني والثالث من قيادات الدولة التي كانت تشغلها الأغلبية من أهل السنة ليحل مكانهم طائفيون نصيريون متعصبون، وما حدث في الجهاز الإداري للدولة حدث مثله من قبل في الجيش العربي السوري، فقد استأثرت القيادات العليا ومن يليها من القيادات بالمناصب المهمة، ومن تركته الطائفة من الأغلبية المسلمة في المناصب العليا، كان مجرد لافتة لا قيمة لها يستخدم في دفع التهمة الطائفية عن النظام المستبد الفاجر، ومن ذلك قائد الجيش ووزير الدفاع السابق، الذي ظل في منصبه من عام 1972م حتى عام 2004م، وكان يملأ صدره بالنياشين والشارات التي تتحدث عن بطولات وأمجاد، مع أنه لم يحارب ولم يحقق نصراً أبداً، بل اخترق العدو في حرب رمضان دفاعاته، وأوشك على احتلال دمشق، لولا ما سمي بفك الاشتباك على جبهة الجولان.. وفي الوقت ذاته فقد كان الشغل الشاغل للقائد السني (.. ) الكبير، كتابة قصائد الغزل في ممثلة فرنسية عجوز تكره الإسلام والمسلمين اسمها بريجيت باردو، كانت فاتنة السينما في شبابها! لو أن الأغلبية المسلمة مارست حقها الطبيعي في الحكم والإدارة وفقًا للقيم التي يحض عليها الإسلام، حرية وعدلاً وشورى واستقامة وكرامة واستمساكًا بالعقيدة وولاء للإسلام وتعبيرًا عنه، لما أتيح لطائفة متعصبة تختزن ثارات قديمة وطموحات جديدة أن تنتقم من المسلمين في حمص وبابا عمرو وحماة وإدلب والرستن وغيرها بهذه الوحشية الطائفية التي استنكرها العالم كله ماعدا حسن نصر الله وجواد المالكي وإيران وبعض القوميين العرب، كما يسمون أنفسهم، ولما كان هناك دستور يحمي استبداد الطائفة ويحصنها ضد العيش الطبيعي المسالم وسط الأغلبية الإسلامية. ما يقال عن حكم الطائفة في سوريا ومضاعفاته المأساوية يقال عن حكم الأقليات الطائفية والأيديولوجية في أرجاء العالم الإسلامي، فهذه الأقليات تسعى لتحقيق طموحاتها غير المشروعة على حساب الأغلبية، وغالبًا ما تستعين بقوى خارجية ومنظمات دولية معادية للإسلام والمسلمين في الترويج لهذه الطموحات والنفخ فيها على المستوى الإعلامي، وعلى أرض الواقع دون أن تستطيع الأغلبية المتسامحة لحد الترهل والعبط أحياناً؛ أن تدفع هذا البلاء، بل تجد نفسها مضطرة لتجرع النتائج المرة رغمًا عنها. على سبيل المثال استطاعت الأقلية الطائفية، التي صنعها الغرب الاستعماري في السودان أن ترفع راية الاضطهاد الإسلامي والعنصرية والتهميش، وتستخدم السلاح ضد الأغلبية حتى استطاعت بعد ستين عامًا أن تقسم السودان وتؤسس دولة جديدة تفصل ما بين الشمال الإسلامي وقلب إفريقيا، كما تتحكم في النيل، وتهدد الشمال السوداني والمصري جميعاً، ومع أن التسامح الإسلامي الذي رافقه ضعف ملحوظ واستسلام واضح أتاح للطائفيين الخونة المشاركة في حكم السودان كله، والحصول على منصب نائب الرئيس، فقد كانت النتيجة على النحو البائس الذي يعرفه الناس في كل مكان! في العديد من الدول العربية صعدت الأقليات العلمانية المعادية للإسلام إلى سدة الحكم، فكان إنجازها الملحوظ محاربة الإسلام وإقصائه واستئصاله، والتنكيل بالإسلاميين والزج بهم في السجون وتعليق بعضهم على المشانق وقتل بعضهم الآخر تحت التعذيب، وتسليم الأوطان للغزاة والطامعين مجانًا، والتمكين للكيان النازي اليهودي من تثبيت أركان وجوده الاستعماري في أرض فلسطين وما حولها، بل إنه يمكن القول إن الكيان اليهودي الطائفي صار يحكم العالم العربي كله عمليًا ويتحكم في حركته ويتدخل في قراراته التي تعنيه. التسامح الإسلامي مع الأقليات العلمانية التي زرعت الاستبداد في بلادنا العربية، وقنّنت للطغيان، واستباحت المقدسات باسم الاشتراكية تارة وباسم تحرير فلسطين تارة أخرى، وباسم الانقلابات التصحيحية تارة ثالثة وباسم محاربة الرجعية والأصولية والإرهاب تارة رابعة، تحول إلى حالة من الانبطاح والاستسلام الكامل لإرادة شريرة لا تعرف الحياء أو الخجل، وهو ما يجعل الأغلبية الإسلامية تدفع ثمنًا باهظًا دون سبب اللهم إلا التسامح بلا حدود مع من يخططون للشر، ويشعلون النار في أرجاء الأوطان! الأغلبية ولو كانت ضئيلة تحكم في بلاد العالم كله، ما عدا العالم العربي حيث يحدث العكس، فالأقليات عندنا تحكم وتشترط أن نتخلى عن الإسلام كي لا نتهم بالظلامية والأصولية والانغلاق والعيش في الماضي، وإقامة ما يسمى بالدولة الدينية وعدم احترام المواطنة، وغير ذلك من اتهامات، وتتناسى أن الأغلبية هي التي يجب أن تحكم وتقرر في إطار الدستور، ودول الغرب الديمقراطي لا تسمح للأقليات الإسلامية أو البوذية أو الهندوسية أو الوثنية أن تفرض إرادتها على نتائج صندوق الانتخابات، وهو ما يعني أن يرتبط التسامح الإسلامي في بلادنا العربية بالحقوق العامة ومقتضيات العمل والعلاقات الاجتماعية، أما تسليم البلد وما فيه لأقليات تخفي الشر في ثنايا أحاديثها وطوايا قلوبها وتسعى لنزع عقيدة الأمة وإقصائها، فهذا ليس تسامحًا ولكنه انبطاح واستسلام كما قلت من قبل، خاصة أن الطرف الآخر الذي يمثل الأقليات يعمل بوحي خارجي، ولا يعرف الحياء أو الخجل، ومذابح سوريا خير مثال!
المصدر: المصريون
أبو عبد الله عثمان
سلوى الوفائي
مدونة Syrian Thinker
إبراهيم حمامي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة