الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 5812
شـــــارك المادة
لاحظت وكالات استخباراتية غربية أن وحدات سورية تجري تحضيرات متقدمة لاستخدام محتمل لأسلحة كيماوية، من بينها تحميل الشاحنات بقنابل وقذائف جاهزة للاستخدام، مما دفع الرئيس أوباما الأسبوع الماضي لتحذير سوريا من مغبة استخدام ذخائر الأسلحة المحظورة، بحسب مسؤولين غربيين وشرق أوسطيين.
ولوحظ جنود بإحدى القواعد السورية يمزجون أسلحة كيماوية ويتخذون خطوات أخرى لإعداد ذخائر الأسلحة الفتاكة لاستخدامها في ساحة القتال، بحسب المسؤولين. كان هذا هو أول دليل قوي على أن سوريا تتجه صوب تنشيط محتمل لترسانتها الضخمة من الأسلحة الكيماوية، التي تضم غاز الأعصاب وغيره من السموم الأخرى. وأكدت صور مراقبة أن وحدة جيش واحدة على الأقل بدأت تحميل مركبات عسكرية خاصة تقوم بنقل قنابل وقذائف مدفعية تحمل رؤوسا كيماوية حربية، حسبما أفاد المسؤولون. تلت تلك الخطوات أوامر معينة موجهة لقوات النخبة ببدء تحضيرات لاستخدام الأسلحة ضد مقاتلي الثوار المتقدمين، بحسب المسؤولين. وقال مسؤولان غربيان اثنان اطلعا على النتائج الاستخباراتية، إن قوات النظام السوري أوقفت التحضيرات في وقت متأخر من الأسبوع الماضي، وإنه لم يكن هناك أي دليل على أن الأسلحة الكيماوية المفعلة تم تحميلها على طائرات أو نشرها على خط الجبهة.
تحدث المسؤولون مشترطين عدم الكشف عن هويتهم نظرا للطبيعة الحساسة للاستخبارات. ورفضت إدارة أوباما ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الرد على أسئلة تتعلق بالواقعة. وقال وزير الدفاع ليون بانيتا هذا الأسبوع إن التهديد قد خف، رغم أنه لم يتلاشَ تماما. وقال محللون استخباراتيون إن أوامر إعداد الأسلحة تم الإعلان عنها قبل أسبوعين، وقالوا إنه لم يكن من الواضح ما إذا كان القرار قد جاء من قادة سوريين رفيعي المستوى، ربما من بينهم الرئيس بشار الأسد أو من قائد ميداني ينوب عنه، بحسب المسؤولين.
منذ أن ظهرت مخاوف في الصيف من نقل سوريا أسلحة كيماوية بين مواقع كثيرة عبر أنحاء الدولة، تعهد المسؤولون في دمشق مرارا وتكرارا بعدم استخدام الذخائر المحظورة. وبعد التحذيرات التي وجهت الأسبوع الماضي من قبل أوباما وقادة أجانب آخرين، أكدت وزارة الخارجية السورية مجددا أنها لن تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد قوات الثوار.
إلا أن اكتشاف خطوات قد تم اتخاذها لتفعيل الأسلحة في قاعدة عسكرية واحدة على الأقل أفزع المسؤولين الاستخباراتيين، بسبب مخاوف من احتمال قيام قائد واحد بإطلاق العنان لسموم مميتة من دون تلقي أوامر من قيادات عليا. وأتت آخر معلومات تم كشف النقاب عنها، والتي تقدم كما من التفاصيل عن تهديد الأسلحة يفوق تلك التي كانت معروفة من قبل، وسط تقارير مفادها أن القوات السورية قد أطلقت صواريخ قصيرة المدى طراز «سكود» على مواقع الثوار في الأيام الأخيرة في تصعيد للنزاع الذي دام 21 شهرا. ويعرف عن سوريا أنها تمتلك إحدى أكبر ترسانات الأسلحة الكيماوية، من بينها مخزون من غازي الأعصاب «سارين» و«في إكس». ويمكن تعبئة القذائف المدفعية أو القنابل الجوية أو رؤوس القذائف بمواد كيماوية لاستخدامها ضد مواقع القوات أو ضد أهداف مدنية.
ليس من الواضح ما إذا كانت التحذيرات الموجهة من أوباما وآخرين قد تم وضعها في الحسبان في قرار النظام السوري بوقف التحضيرات المحدودة للأسلحة الكيماوية. لم يظهر القادة السوريون أي تردد في استخدام الأسلحة الفتاكة الأخرى - من بينها القنابل العنقودية والقنابل المحرقة - لإبطاء هجوم ثوري يقترب بدرجة كبيرة من العاصمة، بحسب المسؤولين.
«إذا ما أصبح الموقف ميؤوسا منه بدرجة أكبر، فلا يمكن توقع ما سيحدث»، هذا ما قاله دبلوماسي غربي تابعت حكومته التطورات مع بدء ظهورها قبل أسبوعين تقريبا.
ورغم وعي الأسد بالعواقب المروعة لاستخدام الأسلحة الكيماوية، فبإمكان القادة الأفراد أن يحملوا الأمور على عاتقهم إذا ما تم اجتياح مواقعهم، بحسب مسؤول استخباراتي شرق أوسطي تم اطلاعه على أحدث النتائج الاستخباراتية. وأكد بانيتا يوم الثلاثاء على أنه يبدو أن التهديد قد خف بعد أن حذر أوباما الأسد بشكل معلن من «تبعات» استخدامه الأسلحة الكيماوية، المحظورة بموجب الاتفاقيات الدولية.
«لم نر أي شيء جديد يشير إلى أي خطوات عنيفة للمضي قدما بتلك الصورة»، هكذا تحدث بانيتا للصحافيين أثناء زيارة للكويت. وقال وزير الدفاع، مشيرا للتحذير الموجه من أوباما إلى الأسد: «يحلو لي تصديق أنه قد فهم الرسالة».
بدأت سوريا تجهيز ترسانة أسلحتها الكيماوية في فترتي السبعينات والثمانينات من القرن العشرين كقوة موازنة ضد إسرائيل المسلحة على أعلى المستويات، التي تعتبر خصمها المفترض في نزاع مستقبلي.
يبدو المحللون العسكريون والاستخباراتيون منقسمين حول ما إذا كان الأسد سيستخدم الذخائر ضد شعبه، وهو عمل قد يلقى إدانة دولية، وربما يتسبب في هجوم من جانب قوى غربية.
إن أسلحة كيماوية مثل السارين مصممة للاستخدام ضد الحشود الضخمة من القوات، ولا تعتبر ذات فاعلية في مواجهة الحالات الطارئة في مواقف القتال على مسافات قصيرة. غير أن الاستخدام واسع النطاق لتلك الذخائر يمكن أن يقضي على الثوار بسقوط آلاف القتلى والمصابين. وقال جيفري وايت، محلل عسكري سابق لدى وكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة لوزارة الدفاع الأميركية: «ربما يغير هذا ملامح اللعبة بصور هامة». وأضاف: «أي استخدام لغاز سيكون له تأثير نفسي مروع وسيثير كافة أنواع الذعر».
من الممكن أن تقتل سحب غاز سام مؤيدي النظام وقواته في حالة ما إذا أدى تحول في اتجاه الرياح إلى اندفاع المواد الكيماوية باتجاه الخطوط التي يسيطر عليها النظام، بحسب وايت. وقال: «إنها لا تمتد لأميال. لكن عليك أن ترى أن أي جماعة تتأثر بها سوف يلحق بها ضرر فادح وسوف تنتشر الأخبار بسرعة». وبحسب نوع وكمية الأسلحة المستخدمة، بإمكان المهاجمين رفض دخول مساحات ضخمة من الأراضي بسبب التأثيرات طويلة الأجل للسموم. تعتبر غازات الأعصاب مثل السارين فتاكة جدا، إلى حد أن سقوط قطرة صغيرة منها على البشرة يمكن أن تودي بحياة أي شخص. بل إن مهمة علاج ضحايا الهجمات بالأسلحة الكيماوية يمكن أن تكون مميتة بالنسبة لعمال الإنقاذ والأطباء، بحسب خبراء الأسلحة.
رغم أن الخبراء عادة ما يتفقون على أن أي استخدام للأسلحة الكيماوية يمكن أن يعجل بنهاية الأسد، بحسب بعض المحللين، ربما لا يكون الرئيس السوري المحاصر على قناعة بأن المجتمع الدولي يمكن أن يشن هجوما مضادا.
أسرة التحرير
عدنان أحمد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة