المرصد الاستراتيجي
تصدير المادة
المشاهدات : 2595
شـــــارك المادة
بعد إجراء تقييم سريع لأثر التصعيد الأمريكي-الإيراني على المصالح الروسية؛ هرع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دمشق (7 يناير 2020) في زيارة مفاجئة تهدف إلى منع بشار الأسد من الخروج عن الدور المرسوم له من قبل موسكو.
وجاءت الزيارة الثانية لبوتين إلى دمشق في غضون ست سنوات بهدف وقف محاولات إيران إقحام سوريا في عملية التصعيد التي تخطط لها في المنطقة، ومنعها من إفساد الإستراتيجية الروسية إزاء سوريا.
ووفقاً لتقرير أمني مطلع (12 يناير 2020)؛ فإن بوتين “أمر” بشار الأسد بالمجيء إلى مقر القيادة الروسية في دمشق للاجتماع به بدلاً من زيارته في قصره؛ وذلك لتذكيره بأنه مدين للقوات المسلحة الروسية في البقاء على سدة الحكم.
ويشعر بوتين أن الإجراءات التصعيدية التي تنوي كل من واشنطن وإيران اتخاذها ستهمش روسيا التي كانت سيدة الموقف في سوريا منذ تدخلها العسكري عام 2015، وستهدد مصالحها الحيوية في المنطقة، حيث تحدث أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شامخاني عن ثلاث عشرة سيناريو انتقامي: “يمثل أقلها كابوساً تاريخياً للولايات المتحدة الأمريكية” ويتضمن بعضها تكليف الميليشيات الموالية لها باستهداف القوات الأمريكية شمال شرق سوريا، الأمر الذي سيضع القوات الروسية في وضع حرج.
وبدت خيارات بوتين محدود للغاية في ذلك الصراع؛ إذ إن بقاء روسيا على الحياد سيضعها في موقف المواجهة مع كل من القوات الأمريكية والإيرانية في العمليات المزمعة لكليهما في سوريا، فعلى الرغم من تعهده بالحفاظ على مصالح إيران في سوريا منذ تدخله العسكري، إلا أن بوتين التزم بما اتفق عليه مع أوباما بشأن تقسيم النفوذ في سوريا بينه وبين الولايات المتحدة بحيث تسيطر قواته على المناطق الغربية وتبسط القوات الأمريكية سيطرتها على القطاع الشرقي من البلاد، وتعهد بتسهيل العمليات الإسرائيلية ضد الأهداف العسكرية الإيرانية في سوريا.
إلا أن تلك السياسة قد تنهار بالكامل إذا انتقلت المواجهات الإيرانية-الأمريكية من العراق إلى سوريا، إذ يمثل بشار الأسد الحلقة الأضعف في ذلك الصراع، وسينهار حكمه بالصورة التي انهارت فيها حكومة عادل عبد المهدي على وقع التدهور الاقتصادي والأمني في البلاد.
ودفعت تلك النتائج ببوتين للقيام بزيارة مفاجئة إلى دمشق للجم بشار الأسد والتأكد من أنه لن يرتكب أية حماقات لصالح الإيرانيين الذين يطلبون منه المساهمة في استهداف المواقع الأمريكية في البلاد، الأمر الذي من شأنه تقويض الصرح الذي بنته روسيا في الشرق الأوسط برمته، والإخلال بالتوازنات المعقدة التي نسجتها موسكو لتثبيت نفوذها في المنطقة.
ووفقاً للتقرير؛ فإن الزيارة تأتي تمهيداً لزيارة أكثر أهمية يرتب لها بوتين إلى تل أبيب، والتي يرغب من خلالها تأكيد الاتفاقية غير المكتوبة بينه وبين نتنياهو والتي تتضمن عدم اعتراض العمليات الإسرائيلية التي تستهدف التواجد الإيراني في سوريا طالما أنها لا تلحق الضرر بنظام الأسد، ما دفع بوتين لتحذير بشار من مغبة الإخلال بتلك الاتفاقية التي تمثل إحدى أهم دعامات العلاقة بين موسكو وتل أبيب.
وأكد بوتين على أنه في حال انجرار الأسد للوقوف مع إيران في مواجهة الولايات المتحدة، وتجاهل تحذيرات موسكو؛ فإن ذلك سيعرضه لنزع الحصانة التي حظي بها نظامه وفق تفاهمات موسكو مع واشنطن وتل أبيب.
وأشار التقرير إلى أن بوتين أراد الحصول على تأكيدات شخصية من بشار الذي يعاني من موقف عصيب نتيجة الضغوط التي يتعرض لها من قبل إيران، وطلب منه أجوبة واضحة حول طبيعة الموقف الذي سيتخذه إزاء امتداد نطاق المواجهات الأمريكية-الإيرانية، وحذر من مخاطر أن تؤخذ القوات الروسية على حين غرة نتيجة سياسات غير مدروسة يمكن أن تُدفع إليها دمشق، ولتحقيق تلك التعهدات حرص بوتين على جلب بشار الأسد إلى مقر القيادة الروسية لحضور اتفاقيات تم فرضها على ضباطه مع القوات الروسية دون أن يكون له رأي في ذلك، وتوجيه عدة إهانات له عبر مخالفة البروتوكول المعمول به في الزيارات الرسمية، ودفع بشار للظهور وكأنه تابع روسي
صالح النعامي
أنس الكردي
الأناضول
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة