..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

رهان خاسر على النظام السوري

عمر كوش

١٥ نوفمبر ٢٠١٧ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2556

رهان خاسر على النظام السوري

شـــــارك المادة

لا يُؤمن جانب النظام السوري أبداً، قلنا ذلك مراراً إلى منتسبي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية (بي يي دي)، وزدنا على ذلك: "رهانكم خاسر، لأنكم، مهما قدمتم من خدمات لهذا النظام ضد الثورة السورية والسوريين، فإنه سيلتفت إليكم، ويسحقكم في أول فرصةٍ تسنح له، ولن يسمح لكم بإقامة دويلةٍ أو كانتونات (إدارة ذاتية) في الجزيرة السورية، أو في سواها من الشمال السوري، وستدعمه في ذلك مليشيات نظام الملالي الإيراني، بل وحتى الروس الذين يريدون استمالتكم إلى طرفهم. وإن كنتم تعتقدون أن الأميركيين سيحموكم إن هاجمتكم قوات النظام، فرهانكم خاسر كذلك"، لكن أعضاء الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني في تركيا (بي كا كا) لم يُصغوا لأحدٍ ناصح لهم، بل أمعنوا في الافتراق عن ثورة السوريين، وراحوا ينسقون مع النظام، واعتقدوا أنفسهم أذكياء، حين وضعوا مقاتلي فرعهم العسكري "وحدات الحماية" تحت أوامر عسكر الولايات المتحدة الأميركية، الذين استخدموهم بنادق مأجورة في حربهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).


واللافت أنه، قبل أيام قليلة، وقبل أن تنتهي معارك السيطرة على قرى ريف دير الزور وبلداته، ويستكمل الروس والمليشيات الإيرانية ومليشيات النظام سيطرتهم على بلدة البوكمال، خرج رأس النظام من الجحر الذي كان يختبئ فيه، ليتوعد مليشيات ما تسمى "قوات سورية الديمقراطية" بأن حربه ستستهدف الذين يسعون إلى "تقسيم الدول وإضعافها". ولم يقوَ على مثل هذا الكلام إلا حين التقى مع علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري مرشد نظام الملالي علي خامنئي، حيث سبق وأن تحدّث الأخير علناً من بيروت عن اقتراب معركة "تحرير الرقة"، وأن قوات النظام، وبدعم من مليشيا نظام الملالي، ستتقدم قريباً لانتزاع مدينة الرقة من "قوات سورية الديمقراطية" المنتشرة في مناطق شرق نهر الفرات، الأمر الذي ينذر بأن صراع تقاسم النفوذ في سورية ما بين الروس والإيرانيين والأميركيين وسواهم لم يكتمل بعد. وبالتالي، ستواصل هذه الدول الخائضة في الدم السوري الإمعان في التنافس على تركة "داعش" على حساب دم السوريين، وخراب ما تبقى من مدنهم وبلداتهم وقراهم.
لم يخف نظام الملالي مخططاته في الهيمنة والسيطرة على كل سورية، بل يطمح إلى أبعد من السيطرة على الرقة، حيث تشكل إدلب عنواناً مؤجلاً في سعيهم إلى القضاء على المعارضة السورية، ومؤشراً على أن الصراع في سورية لم يكتمل بعد، لكنهم يريدون من جعل السيطرة على مدينة الرقة محطة جديدة في الصراع مع الولايات المتحدة خارج حدود إيران.
ويبدو أن الفرع السوري لحزب "بي كا كا" لم يتعظ من درس إقليم كردستان العراق، حيث خاض ملالي إيران، عبر مليشيات عراقية تابعة لها وبإشراف قاسم سليماني، معركة إحباط استقلال الإقليم، مستفيدين من تلاقي المصالح بينهم وبين الأتراك، وفي ظل تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها في إقليم كردستان العراق. 


قد يراهن منتسبو حزب "بي يي دي" على تعاونهم مع مليشيات نظام الأسد منذ بداية الثورة، وتقديمهم خدمات كثيرة، حين قاموا بإرهاب الناشطين الكرد والعرب وسواهم في مناطق الشمال السوري، واتبعوا أساليب قمع عنيفة ضد جموع المحتجين المناهضين حكم آل الأسد، وحلوا محل شبيحة النظام وأجهزته الأمنية القمعية، في مقابل سماح النظام لمليشيات "وحدات الحماية" بالسيطرة على كل مناطق الشمال السوري، بل وتوسعت هذه السيطرة، لتشمل كل المناطق التي يوجد فيها الكرد والعرب والتركمان والآشوريون والسريان وسواهم، بالتنسيق مع نظام الأسد وأجهزته، وقامت المليشيات منذ عام 2014 بتقسيمها إلى ثلاثة كانتونات، وكوباني (عين العرب) وعفرين، وأرست هذه المليشيات دعائم ما يشبه دويلة، وشكلت فيها "مجلس شعب غربي كردستان"، وشكّلت أيضاً شرطة معروفة باسم "أساييش"، لعبت دوراً كبيراً في ملاحقة الناشطين الأكراد المختلفين مع ما يطرحه الحزب وتوجهاته، وممارساته التي تمخضت أيضاً عن حكومة ودستور ونظام تعليمي خاص بأجندته وتوجهاته الأوجلانية (نسبة للزعيم عبد الله أوجلان).


هذا الرهان خاسر، في نهاية الأمر، لأن معطيات الصراع في سورية ما بين الدول الخائضة في دم السوريين تفيد بأن كل ما قام به الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني مهدد بالزوال، ولعل تكرار أي سيناريو مختلف، أو مشابه لما حدث لإقليم كردستان أخيرا، سيحبط مشروع حزب "بي يي دي"، على الرغم من اختلاف الواقع والمعطى في مناطق شمالي سورية، واختلاف تعقيد الوضع فيها. 
ويراهن نظام الملالي الإيراني في سعيه إلى السيطرة على مدينة الرقة على الخلافات ما بين الساسة الروس والأميركيين في صراعهما على تقاسم تركة "داعش"، إضافة إلى رهانه على حليفه الروسي الذي دعم تمدد المليشيات الإيرانية، ونهشها ما تبقى من الجسد السوري خلال كل سنوات الحرب في سورية. لذلك، يرفع نظام الملالي نبرة أصواته في أيامنا هذه، بغية الدخول في مساومة مع الأميركيين حول الرقة وما بعدها، خصوصا وأن الروس يريدون استثمار وجودهم العسكري الاحتلالي في سورية، ولا ترضيهم سيطرة الأميركيين والمليشيات المتحالفة معها على مناطق النفط والغاز، الأمر الذي ينذر بأن مرحلة جديدة من الصراع على سورية ستبدأ.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع