بول شاوول
تصدير المادة
المشاهدات : 4079
شـــــارك المادة
ثُم اعلنت وسائلُ إعلام إيرانية مقتل (استشهاد عفواً) ضابط "رفيع " المستوى برتبة عميد في الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية وهذا القائد الوافد "طلباً للشهادة" من بلاد فارس المترامية الحدود، والسدود، إنما جاء ليدافع بكل إيمانه الفائض عن "مقام السيدة زينب" وهذا القائد الذي لبّى "نداء" الله سبحانه وتعالى من "قادة" (أي هناك قادة آخرون) "فيلق ثأر الله".
يعني تنكب "الثار" الإلهي وبدموع مدرارة وبعزيمة خرّارة، وبإرادة مذرارة أن يضم إلى هدفه "الديني" آخر "إنسانياً" وهو "الدفاع عن الشعب السوري المظلوم. (هكذا جاء في وكالة مهر الإيرانية) عمن؟ من "الارهابيين" وهم بالطبع أعداء السماء والجنات والأرض والملائكة حلفاء "الشيطان" وإبليس، فهو، لم يكتف بطلبه "الشهادة" للدفاع عن مقام السيدة زينب الذي بناه وحماه السُنَّة أكثر من 1000 عام بل أيضاً "الشعب" السوري (بأل التعريف) كله، فلا فُضَّتْ عزيمته. فهو من هذه الناحية، يقوم بمهمته "الأثيرية" ضمن "كتائب "الثأر" و"الحرس الثوري" وهذا يعني أنه جاء بأمر من لدن "مقامات" سامية وبصفته "التراتبية" العسكرية، وبتكليف شرعي وتشريعي ودنيوي لينقذ الشعب السوري (22 مليوناً) من ارهاب "التكفيريين". لكن هذا "الدور" الرسمي، الذي أُعلن من مصادر رسمية "انتزع" من هالة "البطل" الأسطوري ورده إلى مشاركة مئات الكتائب الإيرانية في سوريا "دعماً للأسد" من الدفاع عن السيدة زينب، إلى الدفاع عن الشعب السوري (الشقيق) (كما صرح عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني).
هذا يفترض أو يؤكد أن نظام الملالي يشارك مشاركة رسمية في الحرب. وهذا ما يتنافى مع ادعاء النظام عدم مشاركته إلا في دور "هامشي"، استشاري في أمور السلاح والتقنيات وأدوات القتل. ولأن النظام على درجة عالية من الانسجام الصادق، وكلامه "الصادق" (أبداً) فقد صدر "إعلان" مضاد: لا! والله لا! فهذا القائد الشهيد (أكيد ظهرت صوره على جدران بلاد لبنان الإيرانية في الضواحي، شهيداً) صحيح أنه ينتمي إلى "فيلق ثأر الله" إلا أنه خرج على انضباطه" بمعجزة إلهية وبنور قذفه الله في الصدر. كسر الأوامر العليا بالتقيد بالدور الإداري، وقرّر (وحده) الدفاع عن الشعب السوري المظلوم. وحده. هكذا. فأي قوة روحية هذه تفجرت في هذا الإداري، المدني التقني، حتى "فاض" بصوفية أين منها صوفية الحلاج، على التراتبيات والأوامر، واندفع كـ"مجنون ليلى" عندما سمع نداء الشعب السوري، "واإيراناه" فصرخ "لبيك لبيك" وهجم فقتله "غيلة"... الارهابيون! وقد "عظّم" "تمرُده على الاعراف، من هالاته" وأضاف إلى بسالته كثيراً من "رائحة الجنة" فهو أطاح التجارب "الدفاعية" الموكولة إليه من قبل النظام والمنحصرة في تقديم الاستشارة للجيش السوري (كما اعلن رمضان شريف) وهبّ هبة الأسد الكاسر وآيات الله العظمى وبكل ما آتاه ربه من عون ليعلن تمرداً على الأوامر "الدنيوية" وينفذ "الأوامر الالهية" (كأنه انتيغونا الإغريقية!).
إذاً حتى الآن، هناك روايتان رسميتان: الأولى تعلن مقتل ضابط من الحرس الثوري في سوريا، يقوم بمهمة رسمية وأخرى تعلن مقتله باعتباره شهيداً ادارياً... "غير منضبط"! لكنه مستجيب النداء الالهي! فمن نصدق من هؤلاء الصديقين. أمر عجيب. لم نعتد هذه الازدواجية في الكلام الإيراني دامت قدسيته. لكن ما بدّد حيرتنا تصريح جواد كريمي الذي تباهى فيه (بكل تواضع الأتقياء وأصحاب الرسائل الإلهية) عندما طمأننا بأن هناك مئات من الكتائب الإيرانية تشارك في "الحرب المقدسة" ولفت انتباهنا بشوفينية فارسية "قائلاً" عندما تسمعون أنباء انتصارات الجيش السوري على لسان قائد سوري فاعلموا (بنبرة الأمر) أن القوات الإيرانية هي التي تقف وراء هذه الانتصارات. والله أثلجت قلوبنا يا أخا العروبة يا جواد كريمي. وحسمت القول "ليس هناك جيش سوري في سوريا. وليس هناك معارك مع جيش الأسد الباسل، وليس هناك من باسل سوري واحد ولا من يستبسلون... بل البطولة والعزة والعراك وأشكال النصر المبين، تسجله قواتنا الفارسية فقط. لا غيرها. وحدنا في الساحة. حتى حزب الله لم يُذكر. حتى كتائب أبو العباس. حتى الفيالق المتدفقة من العراق... إنها كلها غير جديرة بأي انتصار. مجرد ديكور مقاتلون من ورق، ببنادق تطلق مياهاً باردة. وبأجسام "هيولية".. فمنْ "لا وجودَ لكتائب إيرانية" إلى انتصار الكتائب الإيرانية. ومن دعم الأسد إلى دعم الاحتلال الإيراني حتى الشعب السوري لم يُعطَ سوى زاوية للنحيب ولطم الصدور والولولة والخوف، والاستجارة. "واخمنئاه أغثنا" لم يُعطَ سوى صفة "المظلوم" قابعاً في الأقبية أو في المقابر، أو في الهجرات الداخلية والخارجية... فلا جيش النظام ولا أبطال من حزب الله، ولا شعب.. ولا ناس. فعلينا أن نتصور أن هناك طرفين يتواجهان في سوريا: الإرهابيون التكفيريون الوافدون من بلاد الشيشان أو أفغانستان، أو تونس، والقوات الإيرانية (استخدم الأخ جواد كريمي عبارة "القوات" للتعبير عن المنحى الرسمي لدورها). اثنان لا ثالث لهما. وإذا كان ثمة أطراف أخرى غير القوات الإيرانية فهي للدور "اللوجستي" أو حراسة السجون أو المراقبة، أو بيع الكعك، أو التفرج (أين شهداؤك يا حزب الله!). وعلى هذا الأساس فمن الظلم ابتسار الدور الإيراني. فهذا الدم المراق على مقام السيدة زينب له ثمن. طبعاً إنه يُثمن في يوم القيامة والحشر والنشر، لكن هناك ثمن سياسي آخر. وعلى من لبّى نداء الشهادة أن يقبض ثمنها. أو ليس هذا ما حصل في حرب تموز عندما أعلنت إيران إنها انتصرت على إسرائيل وأميركا في الجنوب اللبناني! المعادلة ذاتها: إما أن "قواتها" كانت هي التي تواجه إسرائيل فانتصرت عليها، وإما أن حزب الله كان "يقاتل" من أجلها: فتمازج دم الحرس الثوري الغالي بدم شهداء الحزب. ويا لهذا الامتزاج الذي يصنع التاريخ والتحرير والحرية والجهاد من أجل الله! والسؤال ذاته: كيف تنتصر إيران في الجنوب اللبناني من دون أن تشارك قواتها في القتال، وكيف تنتصر أيضاً في سوريا أيضاً... وهي بعيدة عن لغة البارود والدم. وإذا كانت إيران انتصرت في لبنان فماذا كان يفعل حزب الله! نموذج واحد مُعمم في سوريا وعندنا في "بلاد الأرز".. وفي اليمن (مع الحوثيين) وفي العراق (مع أخينا المالكي) وفي البحرين... لا "منتصر" سوى إيران (شيزوفرانيا الانتصار) البقية ظلال بظلال. خيالات ظل. (أترى حزب الله ليس أكثر من خيالات ظل. أو "أضغاث "كابوس ليلة صيف، أو مجرد حكاية من حكايات العجائز؟). فجمهورية الملالي تعيش كل يوم انتصاراً مذهلاً. (ما فينا نلّحق عليها انتصارات!) وها هي في انتصاراتها هذه على وشك تم أن تُثبّت "قدميها" وأن تفاوض من موقع قوة، وأن تكون الشريك "القوي" في مفاوضات النووي مع أميركا والعالم، وفي مفاوضات "الكيماوي" وفي جني، والأخضر الابراهيمي، وأوباما وكيري. انتقلت عبر "انتصاراتها" على "غير أرضها" من المفاوض المغلوب على أمره، إلى المفاوض "الند للند" فهي جزء من الحل في سوريا. وفي لبنان وفي العراق... تحسب لها الحسابات. وها هي أميركا تتراجع. وهي تتقدم. وها هي أوروبا "تقلق" وتتردد، وها هي تحسم. وتجزم فالقرار العسكري والسياسي بات في يدها في سوريا، وقرار الحرب والسلم في قبضتها في لبنان. واستمرار الجنون المذهبي في العراق على موجاتها.. كأنما حلّت محل أدوار كثيرة: أولاً الدور العربي ولكي تشوه أي دور عربي فهي "تشيطن" كل من تُسوّل له نفسه من العرب أن يكون له دور في الأزمة السورية أو سواها. حتى النظام. حتى أيديولوجيا البعث العروبية. حتى "دمشق قلب العروبة النابض" باتت "دمشق قلب الفرس النابض" ونظن أن هذا ما يعنيه الإيرانيون عندما يعلنون انتصارهم في لبنان وسوريا والعراق وسواها: إنهم اختزلوا الشعوب والأنظمة والجيوش في قواتهم وفي إراداتهم. تماماً لم يعد مموهاً بل سافر، وفاجر، وداعر، مع هذا فهنا الخطأ الذي تسقط فيه هذه "الشوفينية" المريضة والغبية. فكأنما نسيت حتى ثورتها وطريقة إسقاط الشاه الإيراني كأنها عادت إلى الصفوف الابتدائية في "الاستعبار" بالتاريخ. صفوف "التأتأة" الشوفينية، والرأرأة "المذهبية" والنأنأة التوسعية والفأفأة الفاشية.
وهذا تذكرنا في هذه "التعاظمية" بالوصاية السورية في لبنان، عندما كانت تنتصر على كل من تريد أن تنتصر عليه بهذا الاختزال المر للشعب اللبناني، وللجيش اللبناني والقضاء اللبناني والبرلمان اللبناني ورئيس الجمهورية اللبناني.. فكل ذلك بات من ملكياتها بل من وسائل ممانعتها ومقاومتها فلا هي مانعت ولا هي قاومت. اسرائيل توسعت وتكاثرت مستوطناتها وهَوّدَت الجولان... والوصاية باقية أبية على انتصاراتها اليومية على اللبنانيين والفلسطينيين. هذه المشابهات ما زالت قائمة بين الوصاية السورية أيام زمان وبين الوصاية الإيرانية في سوريا. ويجب ألا تنسى الأهم أن إيران بلاد الممانعة وينبوع المقاومة وجذورها ومجاريها ومصباتها. وهذا يُعيدنا إلى "تبجح" النظام الإيراني بانتصاراته لكن على من؟ على الشعب السوري. (هذا إذا انتصر). لكن الجولان قريب جداً. و"العدو" الإسرائيلي على تماس بكم. وتحرير الجولان على قاب قوسين أو نصف قوس من "قواتكم" وفيالقكم التافهة. لا! الأولوية اليوم لمقام السيدة زينب (لمَ لا تذهبون وتحررون مقام السيد حسين في القاهرة!) ولمواجهة الشعب السوري المظلوم بتكفيرييه (والنظام الإيراني تكفيري من ألفه إلى يائه! وكذلك حزبه في لبنان). لكن في سوريا هناك انتصار مادي وعلى إسرائيل انتصار "لغوي" أو لفظي.. فعندما يعلن بعض "قيادات" الفساد في إيران أنهم "سيمحون إسرائيل من الوجود" فهم يعتبرون أن هذا الأمر تمّ. و(للكلمة فعل السحر والشعوذة والتعاويذ) وها هو انتصار بلا معركة. بل مواجهة. بل هو إعلان. إنهم سبق وانتصروا على اسرائيل والدليل أنهم "أجبروها" على الدفاع عن النظام السوري لتتقاطع الممانعة السورية والعدو الإسرائيلي في مساحات رحبة من التعاون الاستراتيجي تحت عنوان "الهلال الصهيوني! والذي يضمهم بين "تلالبيبه" فكل يوم انتصار رائع! وهذا يعني في المحصلة انهم لم ينتصروا اطلاقاً. ربما ربحوا معارك. ربما نجحوا في استخدام "الكيماوي" (من استخدم الكيماوي سادة أيران أم النظام السوري) وغزوا "القصير" ونهبوا منازلها واحرقوا محاصيلها (الدرس الاسرائيلي مع الفلسطينيين) لكن "العبرة" في النهاية. ونظن أن كل هذه الفقاعات "النرجسية" ليست أكثر من تعويض نفسي عن عزلة إيران. بل إعلان هذه الاتتصارات ليس أكثر من استجرار كسر عزلتها الداخلية (أكثرية الشعب الايراني ضد هذا النظام الفاشي القاتل)، والخارجية وتدهور أوضاعها الاقتصادية (نهب خبراته البلاد والناس) وتحصين مواقعها بالكرتون والأصوات.
فالعالم كله يعرف أن الشعب السوري هو الذي يخوض (في أكثرية المواقع) ثورته. (ولا يعني شيئاً تسمية بعض صحفنا السوداء في لبنان الثوار بالمسلحين أو بالتكفيريين ابحثوا عن المال! والذل والعمالة والخيانة). وهو الذي يواجه الاحتلال الإيراني وتكفييري العراق المذهبيين. والكل يعرف أن ما حققه الإيرانيون (أي ما يدعيه النظام في نظرهم عائد إلى تقصير المجتمع الدولي وتواطؤاته ومؤامراته على الشعب السوري، (تحت ضغط إسرائيل وأميركا وروسيا). فأميركا أوباما تآمرت على الثورة السورية. وأوروبا تحفظت. و"الأسود" الإبراهيمي "يزغلل" وبعض الفرق المسلحة الوافدة كداعش، والنصرة ودولة العراق والشام.. إنما تخدم الإيرانيين والنظام لكن على الرغم من كل ذلك فالنظام تهاوى (والدليل تصريحات الإيرانيين انفسهم بأنهم الذين يحققون الانتصارات لا الجيش السوري) وباتت سوريا بلا نظام ولا دولة ويخشى على كيانها ووحدتها. وهذا يدل على أن الشعب السوري العربي العروبي (الذي اختزله بنو الفرس بالتكفيريين أو بالمظلوم) ما زال يحتل أكثر من نصف الأراضي السورية. والجيش الحر (على الرغم من ضعف إمكاناته) ما زال يحارب. والائتلاف السوري (وهو أحياناً جزء من المشكلة) ما زال يرفض جنيف إذا كان الأسد جزءاً من المرحلة الانتقالية. لا شيء! إذا. فبعد أكثر من سنتين ونصف السنة، لم يحسم شيء على صعيد المعارك. (فقط: الشعب السوري حسم أمره في النهاية في المواجهة) لا شيء سياسياً على الأرض يوازي إدعاءات إيران الانتصارية. كأنما انتصار في البال والبلبال. وكأن إعلان هذه الأخيرة وبهذه الحماقة عن إنجازاتها ما هو سوى تزيين الواقع بالوهم أمام المجتمع الدولي لخطف موقع، أو مكتسبات سواء في جني أو في الحوار حول المسألة النووية مع أميركا، فالمساومة من باب "العنتريات" لم تثمر شيئاً بعد لا بالنسبة إلى النظام (الذي يعلن الإيرانيون بلا خجل أنه بات في قبضتهم) ولا عند هؤلاء! على الأرض هناك الثورة وإن التبست في بعض أعرافها وهناك الجيش النظامي المفكك وهناك الجرائم.. لكن هناك الأسطورة الكبرى والمعجزة العظيمة: مقاومة الشعب السوري، لا للنظام فقط، بل لاحتلال إيران بلاده، ولمؤامرات المجتمع الدولي عليه... الشعب السوري العربي غالب! المستقبل
أحمد أبو مطر
غازي التوبة
محمد عبد الرازق
محمد المذحجي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة