خالد روشه
تصدير المادة
المشاهدات : 3558
شـــــارك المادة
ما أفدح الخسارة التي يخسرها من ابتعد عن القرآن الكريم، وما أقسى المعاناة التي يعانيها ذلك الذي هجر كتاب الله سبحانه ولم يعد متواصلاً معه..
خسارة لا يستشعرها إلا أصحاب القلوب الحية، التي لا تزال تنبض بالإيمان، إذ القرآن منهاج الحياة، ومصباح الظلام، ومنير البصائر، ودليل التائه إلى دار السلام.
وأصحاب القرآن الذين يعلمون معانيه ومقاصده ويقتربون منه، ويتواصلون معه، ويتلونه آناء الليل وأطراف النهار، هم الذين قد أعربوا عن هدف ظاهر واضح لحياتهم، وسبيل مستقيم معلوم لمستقبلهم، ورجاء يسعون إليه نصب أعينهم، كما وصفهم الله سبحانه: "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ"
وهم ولاشك أكثر الناس فهماً لمنهج الإسلام، وأكثر الناس إدراكاً لماهية الحياة، ولمعاني الآيات التي أمر الله سبحانه أن تتدبر وتتفهم، "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"
كثير من الناس هجر القرآن وبعد عنه، فجف نبع الخير الذي كان يرتوي منه قلبه، وترك نفسه لماديات الحياة، يتقلب بين براثنها القاتلة، فتلقي به يوماً على جنب وآخر على وجهه، يكاد لا يفيق من غيبوبته التي يتناقص معها عمره كل يوم وساعة..
كثير من الناس اكتفى بسماع بعض آياته أثناء سفره وأثناء بداية يومه، والبعض اكتفى بسماع آياته أثناء مروره بالطريق أو وجوده في موقف عابر!
آخرون صاروا لايستمعونه إلا في الجنائز والمآتم وساعات المصاب!
حتى عندما يعودون إلى بيوتهم لا يكلفون أنفسهم عناء نفض التراب الذي تراكم على المصاحف الكريمة المرصوصة على الأرفف!
قال سبحانه: "وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا"
وقال سبحانه: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا اْلأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ َلا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِّلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ اْلآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾
فإن اليهود قد ورثوا التوراة عن أسلافهم، ولم يلتزموا بما أُخذ عليهم فيها من عهود، على الرغم من قراءتهم لها.
قال القرطبي في تفسيره: وهذا الوصف الذي ذم الله تعالى به هؤلاء موجود فينا. فقد روى الدارمي في سننه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب، فيتهافت، يقرؤونه لا يجدون له شهوة ولا لذة، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، أعمالهم طمع لا يخالطه خوف، إن قصروا قالوا سنبلغ، وإن أساؤوا قالوا سيغفر لنا، إنا لا نشرك بالله شيئاً"
إننا بحاجة ماسة لمصالحة مع كتاب الله سبحانه، نستغفر الله سبحانه فيها عن تقصيرنا تجاه القرآن العظيم، ونندم ونتوب من هجره، ونؤوب ونعود إليه، نقرؤه فلا نفتر عنه، ونتدبره فلا نغفل عن معانيه، ونطبقه فلا ننكص عن تطبيق أمره ونهيه، نعود إلى نوره العميم، ونحيا بمنهاجه القويم.
المسلم
أحمد أرسلان
محمد خير رمضان يوسف
رقية القضاة
عصام العطار
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة