أبو يعرب المرزوقي
تصدير المادة
المشاهدات : 3217
شـــــارك المادة
1- أغلب من رأى قاسم سليماني يتبختر في حلب اعتبر ذلك دليلا على قوة إيران وضعف العرب، وعلى انتصار لها علينا. لكني كالعادة رأيت العكس تماما. 2- ودون شك سيبدو كلامي مفارقيا كالعادة. لكن لنفكر قليلا. أليست غاية إيران الانتقام مما حصل لدولة الفرس منذ ما ينيف على أربعة عشر قرنا خلت؟ 3- أليست هذه الحركات شبه تنفيس عن هزيمة سابقة وتوهم الانتقام من العرب بالغزو المضاد؟ عندئذ من المهزوم ومن المنتصر ماضيا وحاضرا ومستقبلا؟ 4- وما كنت لأقوم بهذ التحليل لولا إيهام الكثير بأن ذلك سيفت في عضد شباب الثورة الذين يبدون وكأنهم قد انكسروا في معركة حلب فيهنوا أو يحزنوا. 5- فلنحسب الآن: لما فتح العرب فارس كانوا قلة ضد كثرة وكانوا عربا مستغنين عمن يحميهم كما يفعل الجبناء أمثال سليماني: لم يحتفلوا باحتلال مدينة. 6- أسقطوا امبراطورية دون حاجة لمظلة مجانسة لما احتاج إليه الجبان المتعنتر سليماني، أمريكية في العراق وإيرانية في سوريا ولا لمليشيات خائنة منهم. 7- ستقولون لكن ذلك من دلالات ذكاء الإيرانيين: استطاعوا أن يوظفوا الأمريكان والروس لخدمة أجندتهم. يتوهم الملالي أمريكا وروسيا وإسرائيل أغبياء. 8- كذلك ظنوا لما استعملوا المغول وكانوا أدلتهم في الحرب على الخلافة. والنتيجة: لم ينالوا شيئا لأن هزيمة المغول كانت من نصيبنا وعلى أيدينا أسلموا. 9- وقد يضحك أدعياء الحداثة مما سأقول: على أيدينا أيضا سيهزم الملالي وحماتهم وبفضلنا سيسلم الكثير من حماتهم والمعركة ستبدأ في أوروبا وأمريكا. 10- أما في روسيا فهي حاصلة بعد: لن تبقى الجمهوريات الإسلامية ساكنة والقلة المسلمة فيها ستصبح ذات دور متزايد كمثلها في أوروبا والأمر بين الاتجاه. 11- ألا يعني ذلك أني أتكلم على التاريخ المديد وليس على التاريخ القصير؟ نعم ولا، بل بالمعنيين: فالمديد سار والقصير جار وتلك أزمة اليمين الغربي. 12- المطلوب والعاجل هو الصمود في الشام والعراق بتغيير الاستراتجيية كما وصفت في ما تقدم من المحاولات: التوسيع مكانا والتمديد زمانا وفتح الممرات. 13- إلى حد الآن لا يوجد إلا ممر واحد للسند والمدد: تركيا. كل بلاد العرب الأخرى ينبغي أن تفتح طوعا أو كرها أعني كل ما يحيط بمسرح الحرب من حدود. 14- لا بعد من عكس العلاقة فحيثما كان النظام يحاصر المقاومة ينبغي أن تصبح المقاومة هي التي تحاصره بدء بالساحل ولبنان والأردن والعراق. لا حدود. 15- وكل نظام عربي على حدود الهلال إذا لم يرد أن يغمض عينيه، لترك الشعوب تساعد المقاومة فينبغي أن يعتبر حليفا لنظام بشار والسيسي وحفتر وطالح. 16- ذلك أنهم بمنع المقاومة التي هي الآن جهاد دفع يساعدون إيران وإسرائيل في استرجاح ما تحلمان به: أمبراطورية فارس وامبراطورية صهيون. 17- والملالي والحاخامات مجرد ذراعين لأمريكا وروسيا في استعدادهما لعماليق آسيا وأمريكا اللاتينية بتقاسم دارالإسلام من جاكرتا إلى المغرب الأقصى. 18- ليست إيران وإسرائيل إلا قاعدتين لهذه الخطة التي تفهمنا أن ما يجري فيها تواطؤ بين روسيا وأمريكا لنفس الغاية: الاستعداد لعماليق آسيا. 19- روسيا وأمريكا متفقتان على أن دار الإسلام تشطر العالم شطرين وتختزن جل طاقة العالم وتحوز جل ممراته وهما متفقان على تقاسمه استباقا للصين. 20- ذلك ما ينبغي أن يفهمه شباب الأمة وأن يعمل في إطار استراتيجية مرحلية تضرب الذراعين بتوسيع مسرح المعركة وجعلها معركة مطاولة ليخسرها العدو. 21- ولنعد إلى سليماني: فهو بين حلين لا ثالث لهما. إما احتلال حلب أو البقاء فيها فيصبح من كانوا ضد الثوار ضده لأنهم لن يرضوا بالاحتلال. 22- وهذا سيحصل في سوريا والعراق خاصة إذا وجدوا في باقي العرب تفهما لوضعهم ومساعدة على الخروج منه لأن الاحتلال الإيراني أبشع من الإسرائيلي. 23- لكن هذه الفرضية هي الأقصى. فالثوار الذين غادروها سيصلحون أخطاءهم التي جعلتهم يخسرون المعركة ويعودوا أقوى ولن يواصل الروس حماية سليماني. 24- ورغم تواضع ما أكتب فتأييد الوقائع لما توقعت ستجعل قيادات الحركات المجهرية والمتعددة تتحدد لتصبح قوة وتعتمد الاستراتيجية الفعالة كما وصفت. 25- لكن الأهم من ذلك كله هو أن الأنظمة التي حاربت الثورة اكتشفت أنها لم تحارب إلا نفسها بفضل عرفان السيسي: بين لهم أن رزهم عاد عليهم بالوبال. 26- الأنظمة العربية التي مولت الثورة المضادة أي طالح في اليمن والسيسي في مصر وحفتر في ليبيا ومثله في تونس أصبحت في مرمى النار وعليها أن تختار. 27- لم يعد لها الكثير من الخيارات: فإما تعمل مثل إيران فتحارب بكل قوة وترد الصاع صاعين أو فلتعد نفسها لأن تصبح بلادها كالعراق وسوريا واليمن. 28- ولما كانت قليلة العديد وعدمية الحامي فإن لم تفعل فستكون في لمح البصر مستعمرات إيرانية وخاصة السعودية التي هي المطلوب الأول بسبب الحرمين. 29- أيدت الملك الحالي ولم أشأ أن أتكلم في من سبقه الذين قضوا على قوة العرب بدء بالعراق وختما بمصر: أهدوا الأول لإيران والثانية لإسرائيل. 30- أفهم أن يتنافس الأخوة على الرئاسة لكن إذا بلغ التنافس بينهم إلى حد نسيان المتربصين بهم جميعا فإن الحصيلة هي ما نراه جاريا في بلاد العرب. 31- ولأختم بأن تونس على صغر حجمها تمثل اليوم كما وصفتها في أحد كتبي عاصمة الفتح في المغرب الإسلامي وقد عادت مرة أخرى إلى دورها في الصدارة. 32- كل ما يعاب على شبابها رغم البعض ممن غرر به الدواعش فإنه يمثل طليعة المقاومة في معركة الحرية والكرامة العربية والإسلامية: من فضل الإسلام. 33- فالإسلام حورب في تونس كما حورب في تركيا والجميع يعلم العلاقة بين أتاترك وبورقيبة. لكن كلا الرجلين من حيث لا يعلمان أنتجا العكس تماما. 34- شباب تركيا وشباب تونس كلاهما قام بما يمكن اعتباره معجزات إسلامية في عصرنا: من أفشل الانقلاب في تركيا أفشله في تونس. منع المسار المصري. 35- الانقلاب بالأسلوب المصري فشل في تونس قبل فشله في تركيا. وأصبح قطبا الإقليم شباب تونس وتركيا اللذان أفشلا الإنقلابين لوأد الاستئناف السني. 36- وبذلك فيمكن لشباب الأمة كلهم أن يجدوا في شعب تونس وتركيا نموذجين للبناء وحماية الكيان والمشاركة في حماية الأمة من أعدائها داخليا وخارجيا. 37- وكلا البلدين يسهمان في السند والمدد للثورة في سوريا والعراق وخاصة في الاستراتيجيا التي تتجنب الغباء الذي جعل الجهاد يصبح تشويها للإسلام. 38- وهو فضلا عن ذلك عقيم لأن للجهاد أخلاق وللجهاد خطط تجعله فعالا سياسيا وليس هو مجرد تنفيس عن غضب أو أخذا بالثأر لكأنه معارك بدائية بلا غاية. 39- ولهذه الاستراتيجية التي تحقق الأهداف بأخلاق الإسلام وليس بالتوجش والعمل البدائي الذي يحقق عكس القصد خصصت الكثير من وقتي لمساعدة الشباب. 40- فلا معنى لثورة خالية من الفكر الاستراتيجي والقيم الخلقية لأنها عندئذ تتحول إلى تهديم ذاتي هدفه الانتقام من بعضها البعض وليس تحريرنا قيميا.
العصر
أسامة أبو ارشيد
حسين. ع
داود البصري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة