..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الفوضى خطيئتنا الأصلية

أحمد أبازيد

١٤ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3681

الفوضى خطيئتنا الأصلية
أبازيد0000.png

شـــــارك المادة

جريمة مقتل خالد اسكيف، العامل في أحد مشافي حلب، تحت التعذيب بعد اختطافه من قبل مجموعة مسلحة يوم الثلاثاء 12/4/2015، هي جريمة أخطاء عامة للثورة قبل أن تكون الجناية الخاصة التي وقعت عليه، والتي سارع الجيش الحر بعد ساعات لملاحقة جناتها وتقديمهم للمحكمة.

وبالطبع فإن خطاب مساواة الثورة بالنظام هو خطاب الشيطان قبل أن يكون خطاب الشيطنة، خاصة ممن فقدوا أو تركوا أدوارهم في الثورة فبحثوا عنها في إسقاط العاملين كمبرر لهم.

ما زلنا نقول للخطأ إنه خطأ، وما زال الحس الأخلاقي أمام الظلم حياً وحاضراً في القضايا الخاصة والعامة، ومن يصحح الخطأ هم أبناء الثورة أنفسهم، وأبناء الفصائل نفسها، وهذا لا يبرئنا من التقصير والخطايا المتراكمة ومن فشوّ الظلم الذي لم يُشهر ولم يُحاسب فاعلوه.

لقد أصيبت الثورة بمقتل تقويض المرجعيات، الرمزية والمؤسسية، ضمن ردود الفعل على معاداة الدولة والنخب، التي انتقلت من شخص الدولة والنخب إلى فكرة الدولة والنخبة والمؤسسة نفسها، وهو ما جعل ضوابط العمل وأهدافه غير واضحة بالعموم، سواء كان العمل الثوري في التعليم أو الإدارة أو القضاء أو العسكرة (...الخ)، بل نشأت نزعة عامة ضد الإتقان والتنظيم، وتعلّق بالفزعة والفوضى.

وفقدان الضوابط، بعد تقويض المرجعية الشرعية والقانونية التي يمكن أن تؤسسه، كان بالتوازي، أو نتيجةْ لفقدان المؤسسات المرجعية الموحدة، كجهات مخولة بمهام السلطة البديلة، وانشغلنا بدلاً من ذلك بتكريس الانتماءات الفصائلية كواقع ومشاريع مستقلة متوهمة.

رغم كون "الفصائلية" حالة الاستثناء العابرة التي ينبغي أن تؤسس بتوازناتها وتوافقاتها نظام الاستقرار والسلطة البديلة، لا أن تصبح واقعنا المستدام، بهشاشتها وفوضاها غير المحتملة على المستوى القضائي والإداري، حتى لو كانت قادرة على تسيير الأمر عسكرياً.

وما ينبغي أن نعمل عليه حتى لا تتكرر هذه الحوادث، هو معالجة أسبابها، والتي تبدأ من فقدان المرجعيات الموحدة للعمل القضائي والأمني والإداري، فضلاً عن العسكري، والذي يكرّس حالة من فوضى التوحش الذي يضطر الناس أن يأملوا وجود أي سلطة مهما كانت، ولكن تريحهم من حالة الفوضى.

وهذه المرجعيات تتيح لنا التوافق على الضوابط الثورية (الشرعية، الأخلاقية، الخ) لما يتعلق بمجالات العمل العام، والتي تبدأ بتجريم التعذيب الممنهج والذي غدا داء تسممت به بعض المكاتب الأمنية للفصائل للأسف.

أما بقاء وضع الفوضى الراهن ومعاداة التنظيم والمؤسسات المرجعية، فهو تكريس للهشاشة والتفكك، عدا عن تأثيره على الحواضن الشعبية التي تحتاج إلى أن تعرف من يحكم.

تقول حنه أرندت إن البيروقراطية أسوأ الأنظمة لأن الإنسان يحتاج إلى أن يعرف من يلوم، والبيروقراطية بإحالاتها اللامتناهية داخل المؤسسة تحرمه من ذلك، الفصائلية الراهنة أسوأ من البيروقراطية.
 

 

صفحة الكاتب على فيسبوك

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع