حسان حيدر
تصدير المادة
المشاهدات : 5706
شـــــارك المادة
حديث بوتين المخادع عن «إمكان» منح بشار الأسد اللجوء السياسي على رغم أنه «سابق لأوانه»، لا غرض له سوى المناورة وإطلاق بالونات اختبار قبل الموعد المزمع في غضون عشرة أيام لبدء المفاوضات في جنيف بين المعارضة والنظام، ذلك أن الرئيس الروسي متمسك إلى أقصى حد ببقاء تابعه المخلص رئيساً، حتى ولو على رقعة مصغرة من سورية.
أما السبب الذي يدعو «القيصر» الذي يهوى عرض عضلاته إلى المناورة ودغدغة آمال المعارضين وسائر السوريين برحيل الديكتاتور، فهو أن حملة القصف الجوي والصاروخي والمدفعي التي تشنها قواته في سورية لم تحقق حتى الآن الأهداف المتوخاة منها، أولاً لأن المعارضة تمكنت من الحفاظ على معظم مواقعها على رغم شراسة الهجمة وبعض النكسات الصغيرة هنا وهناك، وثانياً لأن الوقت يضغط على موسكو على رغم ادعاءاتها بأنها «مرتاحة جداً» في حربها وأن جيشها «يتمرن» فحسب.
كان جنرالات موسكو يعتقدون أن قنابل قاذفاتهم ستدفع مقاتلي المعارضة إلى الانكفاء وبسرعة، لكن كلما أثبت هؤلاء صمودهم كلما ألحّ بوتين على تحقيق «انتصارات» ودعا حلفاءه الميدانيين من «الحرس الثوري» و«حزب الله» وسائر الميليشيات الداعمة للنظام إلى بذل جهود أكبر للدفاع عن سمعته التي تواجه امتحاناً جدياً، بعدما كان يأخذ على الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة «عدم فاعليته» في محاربة «داعش» عبر القصف الجوي وحده.
ولهذا أيضاً خرق «حزب الله» الحدود الأخلاقية كافة في حصار مضايا، لأنه مستعجل كثيراً للاستفادة من الهجمة الروسية في تحقيق انتصار، أي انتصار. وكان يُظن أن إسرائيل وحدها لا تقيم وزناً في عدوانها لأي قيم إنسانية، مثلما فعلت في حصار بيروت، عندما كان جنودها يفتشون الداخلين إلى المدينة بحثاً عن رغيف خبز، ومثلما تفعل حالياً في حصار غزة المنكوبة، إلى أن بزّها الحزب المتشدق بشعار «تحرير الأرض والإنسان» في أساليبها الوحشية، ذلك أننا لم نر صوراً لمعتقلين لدى العدو وقد برزت عظام أجسادهم من الجوع مثلما يحصل في البلدة السورية.
والسبب الثاني لـ «المرونة» التي يبديها بوتين عندما يتحدث عن «أخطاء الأسد الكثيرة» وعن «حاجة سورية إلى دستور جديد»، فهو رغبته في أن يظهر دولياً بمظهر المحايد الذي يتعاطى مع الوضع السوري بواقعية ولا هدف له سوى «محاربة الإرهاب»، موجهاً كلامه أساساً إلى الغرب المكتوي باعتداءات المتطرفين المشبوهة الدوافع والتدبير.
لكن السوريين انتفضوا قبل خمس سنوات ليس فقط لأنهم يريدون تعديلاً دستورياً أو إقراراً من هذه الدولة أو تلك بـ «أخطاء» الأسد التي وصلت إلى حد قتل 300 ألف سوري وتشريد الملايين وتدمير نصف البلاد، بل لأنهم لا يرون حلاً للأزمة في بلدهم يقلّ عن تغيير النظام ورحيل رأسه، بل ومحاكمته مع حاشيته، حتى بعد فراره إلى موسكو.
ويستفيد بوتين في مناورته من الموقف الأميركي المتدرج في تخاذله. وقبل يومين اتهم منسق الهيئة التفاوضية للمعارضة رياض حجاب الولايات المتحدة بالتراجع عن كل مواقفها السابقة الداعية إلى رحيل الأسد وحتى عن المرحلة الانتقالية وعن سائر مقررات اجتماعي جنيف، وأنها لم تعد تريد سوى حكومة يشكلها الأسد ويعطي فيها بعض الحقائب لمعارضين يختارهم.
إلا أن الأخطر من كل هذا، أن الأميركيين يلجأون في تصعيد ضغطهم على المعارضة، إلى تأخير وتجميد شحنات الأسلحة والذخائر، وهو ما يفسر إلى حد كبير التقدم المحدود الذي تحققه ميليشيات الأسد.
الحياة اللندنية
راتب شعبو
العصر
أسامة أبو زيد
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة