..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

عناق المشروعين المشبوهين

محمد بسام يوسف

١٣ مايو ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3266

عناق المشروعين المشبوهين
1.jpg

شـــــارك المادة

مقالة كتبتها ونشرتها أثناء اندلاع حرب تموز المفتَعَلَة في لبنان عام 2006م، وهي المقالة التي أغضبت –للأسف- كثيراً من مخدوعي أهل السنّة وحركاتهم الإسلامية وأحزابهم القومية.. قبل أن تُغضِبَ الصفويين الشعوبيين الفرس، وأذنابهم الطائفيين.

 

 

المقالة إياها.. أعيد نشرها في 2013م، من غير تعديل، لأنها تعبِّر عن واقعنا الحاليّ. وإن كنا التمسنا العذر في عام 2006م وما قبله، للغافلين أو المخدوعين، فهل يمكننا أن نلتمسه لهم في عام 2013م، بعد أن فضحت الثورة السورية العظيمة، كلَّ الأعداء والطائفيّين والمتواطئين والمتربِّصين؟! .. وهل نتعلّم من تجارب التاريخ وأحداثه، لندخل المستقبل بوعيٍ وحكمةٍ وإحساسٍ بالمسؤولية التاريخية والأخلاقية؟!..

في بداية رؤيتنا هذه، لابد من التوضيح بأنّ (إسرائيل) ليست إلا كياناً صهيونياً دخيلاً في منطقتنا العربية والإسلامية، وهذا الدخيل ينبغي أن يقاوَم بكل السبل الممكنة، حتى تحرير فلسطين العربية المسلمة.. كل فلسطين، من البحر إلى النهر.. وإنّ الكيان الصهيوني هذا، ليس إلا خليةً سرطانيةً زرعها الغرب في قلب العالَمَيْن العربي والإسلامي، لتحقيق أهدافه في استمرار التجزئة والفرقة والتشتّت والاحتقان، والحيلولة دون بروز دولةٍ موحَّدةٍ قويةٍ حضاريةٍ مدنيةٍ ذات مرجعيةٍ إسلامية.. وإننا على اقتناعٍ تامٍ بأنّ المشروع الصهيوني يسير إلى زوال، نتيجةً حتميةً لطبائع الأشياء، ولاستمرار سُنَنِ الله عز وجل في أرضه.
كل ما يصيب الكيان الصهيوني من مصائب، وكل ما ينال جنودَه المغتَصِبين من أذىً وسوء.. كل ذلك يُفرِحنا ويُرضينا، ويجعلنا أرسخ اقتناعاً بأنّ هذا الكيان المسخ، ليس إلا أكذوبةً ضخّمها تخاذل الأنظمة العربية والإسلامية، وتواطؤها، والاكتفاء بشعاراتها المزيّفة التي تدعو إلى العمل على تحرير الجولان وفلسطين.. ويأتي في طليعة هؤلاء المتاجرين، النظامان: السوري، والإيراني الفارسي، وأذنابهما من حَمَلَة المشروع الصفوي الشعوبي، الذين يُتاجرون بقضية المسلمين الأولى والأقدس حسبما تقتضيه مراحل تنفيذ مشروعهم الصفوي الفارسي الطائفي، الذي بدأ يأخذ مساراً تنفيذياً متسارعاً منذ بدء اجتياح العراق، واحتلاله أميركياً-صفوياً-صهيونياً، وذلك قبل أكثر من ثلاث سنوات!..
قبل أشهرٍ عدة، أُعلِنَ في دمشق عن انطلاق تحالفٍ استراتيجيٍ إيرانيٍّ-سوريّ، ضمّ إليه حزب الله اللبنانيّ وبعض الفصائل الفلسطينية.. وقبل ذلك كانت اللعبة الصفوية الإيرانية مع النظام السوري.. قد بدأت معالمها تتوضّح على أرض العراق المحتلّ، بالتناغم مع المحتَلّ الأميركي، والتقاطع معه، بل التواطؤ الواضح معه.. مع احتفاظ كل جهةٍ من الجهات المتواطئة على أحلامها التاريخية في بناء نفوذها وسيطرتها على منطقتنا العربية والإسلامية.. ويمكن أن نشير هنا إلى خطورة الأحلام الفارسية الصفوية، التي يتواطأ معها النظام السوري وحزب الله والحركات الشيعية العراقية، من منطلقٍ طائفيٍ مذهبيٍ خالصٍ شديد الوضوح.. فتحوّل هذا التحالف المشبوه الجديد إلى مشروعٍ سرطانيٍ شديد الخبث، يفوق خطرُهُ على أمتنا العربية والإسلامية خطرَ الكيان الصهيوني نفسه.. وكان من أهم مظاهر هذا المشروع الشعوبيّ الصفويّ:
1- حملات التطهير العرقيّ والطائفيّ ضد أهل السنة العرب في العراق، التي اشتدّت في الأشهر الأخيرة، مترافقةً مع حملات التهجير الواسعة لهم من مناطق الجنوب، وإطلاق الدعوات لتقسيم العراق على أساسٍ طائفيّ، مع استمرار تحريض المحتل الأميركي على شن حملات الاعتقال والأسْر والقتل والتدمير والمداهمات والتنكيل والتصفية، ضد أهل السنة العراقيين، وضد مساجدهم ومؤسّساتهم وأحزابهم وحركاتهم!..
2- التغلغل الفارسي الصفوي في العراق، بتعاونٍ كاملٍ مع المرجعيات الشيعية العراقية، وبخاصةٍ ذات الأصل الفارسي منها.. وذلك استخباراتياً وعسكرياً واقتصادياً وسياسياً ودينياً، بمباركةٍ أميركيةٍ ودعمٍ عسكريٍ ولوجستيٍ مهمٍ من قِبَل القوات المحتلة، إلى درجةٍ بدا معها العراق خاضعاً لاحتلالٍ فارسيٍ صفويٍ بالدبابة الأميركية!..
3- التغلغل الشيعي الفارسي في سورية، واشتداد حملات التشييع في صفوف الشعب السوري المسلم السني، وتجنيس الفرس والعراقيين الشيعة، بمنحهم الجنسية السورية من قِبَل النظام الأسدي الحاكم.. وقد تجاوزت أعدادُهُم المليونَ حتى الآن، ويقيم معظمهم في منطقة (السيدة زينب) وما حولها في دمشق!..
4- بروز عمليات التزوير الفاضحة، للتركيبة الديموغرافية للشعب السوري، ولعل أشدها وضوحاً، تلك الدراسات الوهمية التي نشرتها المخابرات الطائفية السورية، عن أنّ المجتمع السوري هو مجتمع أقليات، وأنّ أهل السنة لا تتجاوز نسبتهم 45% (نسبتهم الحقيقية 85%) من مجموع الشعب السوري، وأنّ هؤلاء منقسمون على أنفسهم!.. في محاولاتٍ وقحةٍ لتزوير التاريخ والجغرافية والديموغرافية السورية، مع أنّ الشعب السوري يتكوّن بغالبيته الساحقة من أهل السنة، وهذه إحدى الحقائق البدهية في سورية.. لكن أولئك القائمين على تنفيذ المشروع الصفوي الفارسي، يظنون أن تزويرهم للتركيبة الديموغرافية في العراق، على حساب أهل السنة الذين ما يزالون يشكّلون الغالبية هناك.. يظنون أنهم يستطيعون القيام بالدور التزويريّ نفسه في سورية أيضاً.. شاهت وجوههم!..
5- التواطؤ الكامل والتآمر الخالص مع القوات الأميركية المحتلة، ولعل أبرز ذلك، ما أصدرته المرجعيات الدينية الشيعية الفارسية العراقية من فتاوي، تُحَرِّم مقاومة المحتل، وتُطلق الأبواب مُشرعةً لذبح أهل السنة في العراق، ووصفهم بالإرهابيين، من خلال أضخم مؤامرةٍ لتزييف الحقائق، وتشويه المبادئ الإسلامية والوطنية، التي تدعو لمقاومة المحتل وجهاده حتى يتم التحرير الكامل للأوطان والإنسان.. وما يزال هؤلاء يلعبون أدوارهم الخبيثة المستمَدَّة من دور (الطوسي وابن العلقمي) وغيرهما، مع جيوش المغول والتتار ضد الأمة الإسلامية، في أواخر عهود الخلافة العباسية!..
6- اشتداد حملات الاعتقال التي ينفّذها النظام السوري الأسدي، ضد عرب (الأحواز)، الذين لجأوا إلى سورية منذ عشرات السنين تحت شعارات القومية العربية التي يتدثّر بها حكام سورية، وتسليم بعض الشخصيات القيادية الأحوازية المعارِضة إلى مخابرات النظام الإيراني (خليل عبد الرحمن التميمي، وسعيد عودة الساكي، وغيرهما من القيادات الأحوازية العربية)!.

*     *     *

كان لابد لهذا المشروع الصفوي من غطاءٍ مقبولٍ لدى شعوب المنطقة المسلمة، ولابد من تسريع خطاه وتمكينه من اللعب بعواطف الجماهير والشعوب العربية والإسلامية.. وليس هناك أفضل من قضية فلسطين واللعب بها وعليها وفيها.. من غطاءٍ تتوارى وراءه النوايا الحقيقية لأصحاب هذا المشروع الشعوبي الخطير.. ولم يتأخّر عُتاة هذا المشروع في لعب لعبتهم بقضية المسلمين الأولى، التي –للأسف- انخدع بها أول مَن انخدع، بعض الحركات الإسلامية، التي انخرطت من حيث تدري أو لا تدري في تنفيذ هذا المشروع الشعوبي الاستيطاني الخطير، تحت شعاراتٍ زائفةٍ لم تنطلِ حتى على كثيرٍ من بسطاء الرأي العام العربي والإسلامي.. فتحوّلت تلك الحركات إلى ورقةٍ بيد أصحاب المشروع الأصليين، يحرّكونها حيثما أرادوا، وكيفما شاؤوا، وفي الوقت الذي يحدّدونه، حسبما تقتضيه مصلحة مشروعهم الخبيث!..
إذن، كانت هناك حاجة إلى اللعب بورقة القضية الفلسطينية الأقدس عند العرب والمسلمين، وفي  الوقت نفسه، مَدّ اليد البيضاء إلى العدوّ الصهيونيّ، ما استوجب على أركان المشروع الصفوي الفارسي اتباع الوسائل التالية:
1- إطلاق الرئيس الإيراني -أكثر من مرةٍ- شعاراً تجارياً فارغاً متهافتاً، بالدعوة إلى إزالة إسرائيل!..
2- الإعلان عن تحالفٍ إيرانيٍ سوريٍ مع بعض المنظمات الفلسطينية ذات السمعة العطرة بين الشعوب العربية والإسلامية، والإعلان عن تقديم مساعداتٍ ماليةٍ إليها في محنتها.. هذه المساعدات التي هي كالعادة غير موجودةٍ إلا في أذهان المتاجرين، وهي مساعدات لم تصل إلى أصحابها حتى الآن، لأنها ستبقى في إطار المتاجرة: [.. قال وزير الخارجية الإيراني (منوشهر متقي) في مؤتمرٍ صحافيٍّ في طهران أمس: إنّ إجراءات المساهمة بخمسين مليون دولار للمقاومة الفلسطينية، لا تزال في مرحلة صنع القرار (بعد أربعة أشهر من الوعد).. ولم يتم سداد المبلغ الذي تحدثت عنه]!.. (نشرة المختصر في 11/7/2006م، نقلاً عن البيان).. فالمساعدات الإيرانية المزعومة، ليست إلا شعاراتٍ ووعوداً زائفة، لأن ما يحرّك الصفويين الفرس هي النـزعة الشعوبية الطائفية، التي تقضي بعدم تقديم أي عونٍ للحركات الإسلامية الفلسطينية السنيّة مهما كانت الظروف، إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها!..
3- عَقْد لقاءاتٍ مشبوهةٍ للنظام السوري مع الصهاينة، التي بدأت بالمصافحة العار بين بشار الأسد ورئيس الكيان الصهيوني (كاتساف) أثناء جنازة بابا الفاتيكان، ثم تلتها التصريحات الصهيونية المتكرِّرة بأن النظام السوري هو خيار صهيوني ينبغي دعمه، والتصريحات الكثيرة لأركان النظام السوري بالرغبة في التفاوض مع الصهاينة.. مع قيام النظام نفسه بأشد حملات التطهير الوطني في تاريخه، ضد المواطنين السوريين من مختلف الاتجاهات الوطنية، والتآمر على التعليم الشرعي الإسلامي السني، مع تشجيع أوكار التعليم الديني الشيعي الصفوي ومَدّها بكل الاحتياجات المعنوية والمادية، وبدء نسج علاقاتٍ مشبوهةٍ واضحة المعالم مع الصهاينة، كان آخرها: اجتماع السفير السوري في لندن مع (استيل غيلستون) رئيسة الاتحاد الصهيوني في بريطانية (أخبار الشرق بتاريخ 12/7/2006م)، واستقدام حاخامٍ صهيونيٍ أميركيٍ ليلقي خطبةً في أحد أكبر جوامع حلب (الخليج الإماراتية بتاريخ 11/7/2006م).
4- تغلغل الموساد الصهيوني في العراق، بدعمٍ من الحكومة العراقية العميلة للاحتلال، وبتنسيقٍ مع ما يُسمى بالحرس الثوري الإيراني والميليشيات الصفوية الشيعية في العراق.. للقيام بعمليات اغتيالٍ للعلماء والضباط العراقيين السابقين والشخصيات الإسلامية السنيّة المؤثرة، وللقيام بأعمالٍ إرهابيةٍ إجراميةٍ شنيعةٍ بحق أهل السنّة في العراق، من اختطافٍ وتصفياتٍ وتعذيبٍ وقتلٍ على الهوية!..
لقد اتحد الطائفيون لتنفيذ مخطّطهم الخاص، وأعلنوا عن هذا الاتحاد بتحالفٍ استراتيجيّ، وتقاسموا الساحات والأدوار، لإنجاز مخطَّطٍ واحدٍ متكاملٍ في الساحات الثلاث: العراق، وسورية، ولبنان.. لذلك أصبحت ممارسات أي جهةٍ من جهات هذا التحالف، لا تندرج إلا ضمن المشروع الكلي المتكامل، لتحقيق الأهداف الصفوية الشعوبية الخطيرة، في المنطقة الممتدة بدايةً، من إيران.. إلى لبنان، بما فيها العراق وسورية!.. لذلك، وبناءً على وحدة الحال والمخطّط والأهداف وتكامل الأدوار بين النظام الإيراني الشعوبي الفارسي، والنظام الأسدي السوري، والحركات الشيعية اللبنانية.. بناءً على ذلك فحسب، يمكن محاكمة الممارسات، ودراسة اتجاهها، وهل هي تصبّ في مصلحة الأمة العربية والإسلامية.. أم في مصلحة تنفيذ المخطط الصفوي الفارسي الشعوبي، للسيطرة على أوطاننا ومنطقتنا وشعوبنا وثرواتنا، وللقيام بحملات التطهير العرقي والطائفي ضد أهل السنّة في هذه المنطقة، ثم الانطلاق منها إلى منطقتي الخليج العربي وشماليّ إفريقية، للإطباق عليهما تماماً، ضمن أهدافٍ توسّعيةٍ خطيرة، تعيد أمجاد الصفويين والفاطميين، للسيطرة على بلاد العرب والمسلمين؟!..
ما معنى أن يزعل بشار الأسد في دمشق من الحكومة اللبنانية (حومة السنيورة)، فينسحب من تلك الحكومة خمسة وزراء شيعيون من حزب الله وحركة أمل.. ينسحبون من الحكومة ويجمّدون نشاطهم فيها؟!.. وما معنى أن يهتف الهتّافون في مؤتمر اتحاد المحامين العرب الذي انعقد في دمشق قبل أشهرٍ عدة.. يهتفون لحزب الله، ويرفعون عَلَمَه الحزبيّ الخاص في المؤتمر.. ولا يكون للبنان الدولة ظهور واضح، ولا لحكومته ولا لِعَلَمِهِ الوطنيّ؟!.. ولماذا يرفع (حسن نصر الله) صورة الفارسي (الخميني) فوق رأسه في مقرّ مكتبه؟!.. وقبل ذلك: ما معنى جواب أحد قيادات حزب الله على سؤالٍ صحفيٍ في عام 1987م: [هل أنتم جزء من إيران؟!]، الجواب : [بل نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران]!.. (النهار اللبنانية بتاريخ 5/3/1987م).. على هذا الأساس إذن، وعلى هذه القراءة للواقع الذي يجري على الأرض حقيقةً دامغة.. ينبغي أن تُحَاكَمَ الأمور والأحداث الأخيرة التي فجّرها حزبُ الله ومَن وراءه من أركان الحلف الاستراتيجيّ الصفويّ الشعوبيّ.. ضد الكيان الصهيونيّ، بخطف جنديّين صهيونيّين عند الحدود اللبنانية الفلسطينية!..

*     *     *

إنّ هدف المشروع الصفوي الفارسي الشعوبي، هو السيطرة على العالَمَيْن العربي والإسلامي بَدءاً من إخضاع منطقة الهلال الخصيب (بلاد الشام والعراق)، وذلك باجتياحها ديموغرافياً وطائفياً وتبشيرياً صفوياً وسياسياً وأمنياً وثقافياً واستيطانياً.. ويقوم هذا المشروع المشبوه على أركانٍ خمسة، هي:
1- التواطؤ والتآمر مع القوى الغربية -بزعامة أميركة- إلى أبعد مدىً ممكن، لاجتياح بلادنا واحتلالها، وإفساح المجال لها ومساعدتها في السيطرة على أوطان المسلمين، والقيام بدورٍ خبيثٍ لا يقل خطورةً عن دور (ابن العلقمي) حين تواطأ مع هولاكو لاجتياح بلاد المسلمين.. والعالَم كله يعرف أنّ إيران كان لها الدور الأعظم في التواطؤ مع أميركة لاحتلال أفغانستان.. ثم العراق، والمسؤولون الإيرانيون صرّحوا بذلك بوضوح، بل افتخروا بذلك: (تصريح إيراني رسمي: لولا إيران لما احتلت أميركة العراق.. ولولا إيران لما احتلت أميركة أفغانستان).. وذلك لإضعاف أهل السنّة، ثم الانقضاض عليهم تحت مظلة المحتل الأميركي!..
2- اللعب بالورقة الطائفية الشيعية، وإشعال فتيل الحرب طائفياً، والقيام بعمليات التطهير العرقي والطائفي، والعمل على تجزئة بلادنا، وتهجير أهل السنّة العراقيين من المحافظات التي يتداخلون فيها مع أبناء الشيعة، مع قيام المرجعيات الشيعية بدورٍ مُفسِد، بالتحريض على أهل السنّة وعلى مؤسساتهم التعليمية والدينية (الشيرازي يدعو خلال خطبةٍ مفتوحةٍ إلى تدمير مساجد أهل السنة، وقد قاموا فعلاً بتدمير مئات المساجد أو احتلالها وتحويلها إلى حسينياتٍ ومراكز شيعيةٍ صفوية)!..
3- اغتيال الكفاءات السنيّة العلمية والعسكرية والدينية، وممارسة كل الجرائم بحقهم، لترويعهم وتهجيرهم والتشفّي منهم!..
4- الاجتياح الديموغرافي الشيعي الصفوي، كما يحصل في سورية بشكلٍ خاص، تحت تغطيةٍ كاملةٍ يقدّمها النظام الأسدي الحاكم، وكما يحصل -بشكلٍ أو بآخر- في لبنان والأردن، فضلاً عن العراق.. إضافةً إلى حملات التبشير الشيعي في صفوف أهل السنة!..
5- افتعال الصدامات الكاذبة مع العدو الصهيوني، واستفزازه ليقوم بتدمير بلادنا، ثم لتخلو لهم الأجواء للّعب بأوراقهم الصفوية، وتسهيل تحقيق أهدافهم الشرّيرة، تماماً كما فعلوا ويفعلون في أفغانستان والعراق حالياً!..
إنّ المشروع الصفوي الشيعي يشبه المشروع الصهيوني في معظم وجوهه، لكنه أشد خطراً من المشروع الصهيوني، فهو مشروع استيطاني قومي فارسي مذهبي متطرّف.. لا يقبل أصحابه بأقل من إبادة المسلمين من أهل السنة إبادةً تامة.. وهو مشروع يحمل أحقاداً تاريخيةً ضخمة، ويقوم على خزعبلاتٍ دينيةٍ مجوسية، ركنها الأساس: تشويه الدين الحنيف، وإشاعة الأباطيل والخرافات عن الإسلام، ونشر الفساد الصفوي القائم على نشر ما يعرف لديهم بمصحف فاطمة، وزواج المتعة، وتأليه الأئمة، وشتم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحريف القرآن الكريم والسنّة المطهّرة، وتكفير المسلمين من أهل السنّة.. لذلك كله فهو أخطر من المشروع الصهيوني اليهودي، وأخطر من المشروع الغربي الأميركي الاستعماري.. وإن كان من الواجب على العرب والمسلمين مقاومة المشروع الصهيوني-الغربي-الأميركي.. فإنّ دواعي مقاومة المشروع الصفوي الفارسي الشعوبي أشد وأقوى!..
إنّ الساحات الأربع التي اختارها الطائفيون الصفويون بدايةً لتحقيق أهدافهم، يسير فيها مخطَّطهم حالياً بالشكل التالي:
1- في الساحة الإيرانية: عمليات تطهيرٍ واسعةٍ لأهل السنة في إيران، مع قَمعهم والتنكيل بهم، واستباحتهم مع أموالهم وأعراضهم ومساجدهم (طهران كلها ليس فيها مسجد لأهل السنة)!..
2- في الساحة العراقية: تكامل بالأدوار مع المحتل الأميركي، وتدمير العراق ومحاولات تجزئته، وتسليط سَفَلَة الميليشيات الشيعية على أهل السنة، والقيام بأضخم عملية تطهيرٍ وتهجيرٍ ضد أهل السنة، مع اتباع عمليات إبادةٍ منظَّمةٍ ضدهم، وتزوير النسب المئوية لسكان العراق، بنشر الأكاذيب والدراسات المزيّفة التي تزعم أن الشيعة هم الأغلبية، مع اجتياحٍ فارسيٍ شيعيٍ استيطانيٍ للعراق، لقلب نسبة الأغلبية السنية (52%) لصالح الأقلية الشيعية!.. ولابد أن نذكر في هذا المجال، شدة الحملات الشعوبية المسلّحة ضد إخواننا الفلسطينيين الذين يعيشون في العراق، من مداهماتٍ وقتلٍ واعتقالٍ ونهبٍ وانتهاك أعراضٍ ومصادرة بيوت السكن.. إلى درجة أنّ الفلسطينيين في العراق باتوا يعانون أكثر مما يعانيه إخوانهم تحت سوط الاحتلال الصهيوني، ويتمنّون أن يعودوا إلى فلسطين حتى تحت وطأة الاحتلال الصهيوني!..
3- في الساحة السورية: يقوم النظام الأسديّ، الحليف الاستراتيجيّ الطائفيّ لإيران، بحملات اعتقالٍ وتصفيةٍ واسعة النطاق ضد الشعب السوري، ويحاصر المؤسسات التعليمية الإسلامية، مع إفساح المجال لمؤسّساتٍ شيعيةٍ وليدةٍ مشبوهة.. مع أنّ الشيعة في سورية لا وجود لهم. كما يقوم النظام بتغطية أعمال التبشير الشيعي في صفوف المسلمين السوريين، وبتجنيس الوافدين الشيعة من إيران والعراق وتوطينهم في سورية، والتضييق على عرب (الأحواز) اللاجئين إلى دمشق.. كما يقوم النظام بمدّ اليد للصهاينة والأميركيين، وبحملات القمع والبطش بحق أبناء الشعب السوري، وبجعل سورية قاعدةً للتآمر على لبنان والأردن، وباستخدام الورقة الفلسطينية لصالح الحلف الشعوبيّ الشرّير!..
4- في الساحة اللبنانية: لَعِبُ حزب الله وحركة أمل الشيعية بورقة المقاومة المزيَّفة، للمحافظة على السلاح في أيديهما، ولخلط الأوراق السياسية في لبنان لصالح أركان الحلف الصفوي الفارسي.. وقيامهما بالتبشير الشيعي، واستفزاز إسرائيل لضرب لبنان كلما دعت حاجة أطراف المشروع الصفوي، مع محاولاتٍ مستمرةٍ لضرب وحدة لبنان، وتشكيل دولةٍ شيعيةٍ صفويةٍ داخل الدولة اللبنانية!..

*     *     *

حين ننظر إلى المنطقة من إيران إلى لبنان وفلسطين، علينا أن نستجمع ما ذكرناه آنفاً من هذه الصورة المتكاملة لما يجري في الساحات الأربع، وذلك لرسم المشهد الواضح الحقيقي، عن أهداف أي فعلٍ يقوم به أركان المشروع الصفوي الشعوبي، في أي ساحةٍ من تلك الساحات، وعلى هذا الأساس يجب أن ننظر إلى عملية حزب الله العسكرية الأخيرة، التي تم فيها خطف جنديَّيْنِ صهيونيَّيْن.. فصورة الوضع قبل تنفيذ هذه العملية كانت على الشكل التالي:
1- اشتداد عمليات التطهير الإجرامي العرقي والطائفيّ، التي تقوم بها الميليشيات الصفوية العراقية في العراق، بما في ذلك عمليات إبادةٍ وحشيةٍ ضد السكان الفلسطينيين، وعمليات تهجيرٍ لأهل السنة من جنوبيّ العراق (البصرة لم يبقَ فيها إلا 7% من أهل السنة، بينما كانوا أكثريةً منذ عشرات السنين، ونسبتهم كانت 40% قبيل الاحتلال الأميركي)!.. فضلاً عن انكشاف زيف شعارات الرئيس الإيراني (نجاد)، الداعية لإزالة إسرائيل من الوجود!..
2- المقاومة الفلسطينية، وهي سنيّة بطبيعة الحال، خطفت الأضواء كلها، بأنها الوحيدة في ساحة الصدام مع الكيان الصهيوني، وذلك بعد عملية (الوهم المتبدّد) وخلال عدوان (أمطار الصيف).. إذ وصل الكيان الصهيوني إلى طريقٍ مسدودٍ لتحقيق أهدافه ضد الشعب الفلسطيني وفصائله المقاوِمة!..
3- انكشاف تواطؤ حزب الله ضمن تواطؤ حليفه الإيراني.. مع الاحتلال الأميركي ضد المقاومة العراقية، ودخول الحزب في لعبة تشجيع الميليشيات الصفوية العراقية وتدريبها، وهي الميليشيات نفسها التي تقوم بعمليات إبادة الفلسطينيين وأهل السنّة في العراق!..
4- بداية انتكاساتٍ لحملات التشييع في سورية ولبنان، انعكاساً لانكشاف مواقف أركان الحلف الصفوي الشعوبي الداعم للصهاينة وللاحتلال الأميركي المرفوض شعبياً.. ثم بروز بوادر الاصطدام على النفوذ بين المشروعَيْن: الأميركي-الغربي، والفارسي الصفوي.. في العراق!..
5- بداية تصلّب العود اللبناني الوطني، الذي ينعكس سلباً على النظام السوري بعد دحره من لبنان.. واشتداد ارتباك النظام السوري مع اقتراب توجيه الاتهامات الدولية الجازمة ضده، لتورّطه في اغتيال الرئيس (رفيق الحريري) رحمه الله!..
كان لابد من فعلٍ يحرف الأضواء والأنظار عما يجري في العراق بحق أهل السنة والفلسطينيين على أيدي الصفويين الشعوبيين، ولابد من خطف الأضواء من المقاومة الفلسطينية السنيّة التي كشفت عجز الجيش الصهيوني، ولابد من استعادة الثقة بعمليات التبشير الشيعي في المنطقة، ولابد من إعادة الاعتبار لأكذوبة (نجاد) بدعوته لإزالة إسرائيل ومقاومة الكيان الصهيوني، ولابد من التغطية على تواطؤ حزب الله بالعمل ضد المقاومة العراقية، ولابد من خلط الأوراق في لبنان لصالح الفوضى التي هدّد بنشرها رئيسُ النظام السوري بشار الأسد.. كان لابد من كل ذلك، ولو على حساب لبنان.. كل لبنان، الرسمي والشعبي.. ولو أدى العبث واللعب إلى تدميره!..
فلذلك.. ولتحقيق هذه الأهداف كلها.. قام حزب الله -ثالث ثالوث المشروع الصفوي الفارسي- بعمليته أو مغامرته الأخيرة ضد الكيان الصهيوني!..

*     *     *

هل نحن ضد عمليةٍ تنالُ من العدوّ الصهيوني؟!.. لا.. مطلقاً، نحن مع كل عملٍ يؤذي الكيان الصهيوني الغاصب ويُضعفه ويضع من هيبته!.. لكننا لا نقبل أن تندرج هذه العملية في مسلسل تحقيق أهداف المشروع الأخطر من المشروع الصهيوني في بلادنا، ولا نقبل أن يتاجر القائمون بهذه العملية بقضية فلسطين، في الوقت نفسه الذي يذبحون فيه الفلسطينيين ويستبيحون أرواحَهم ودماءهم وأعراضَهم وأموالَهم في بغداد.. ولا نقبل مطلقاً أن يعبث الصفويون بأمن سورية ولبنان في سبيل تحقيق أهدافهم الدنيئة.. ولا نقبل أبداً أن يتم تدمير لبنان وتقتيل أبنائه وأطفاله ونسائه، بتحريضٍ واستفزاز، يمارسه أصحاب المشروع الصفوي الفارسي، وينفّذه أصحاب المشروع الصهيوني.. ولا نقبل أن يقومَ الصفويون الجدد بالترويج لأنفسهم زوراً وتزييفاً، بأنهم أصحاب مشروعٍ مقاوِم، بينما هم يمالئون المشروع الأميركي-الصهيوني-الغربي، على رؤوس الأشهاد، في وضح النهار.. ولا نقبل -في أي وقتٍ من الأوقات- أن تنحرف الأنظار عن جرائم الصفويين بحق أهلنا وشعبنا المسلم في العراق.. ولا نقبل أن تُستَخدَم مثل هذه العمليات المشبوهة، في كسب الوقت لبناء القنبلة النووية الإيرانية الصفوية، التي ستُستَخدَم لخدمة المشروع الشرّير ضد العرب والمسلمين، وضد أوطانهم وثرواتهم وأموالهم وأعراضهم!..
فتِّشوا في أوراق التاريخ كله، فلن تجدوا ما يفيد بأن إيران الفارسية قد دخلت معركةً أو حرباً مع الصهاينة.. أو حتى مع (الشيطان الأكبر): أميركة؟!.. لن تجدوا في التاريخ حَرفاً واحداً يفيد بذلك، بل سنجد أنّ إيران التي افتضح أمرها باستيراد السلاح الصهيوني والأميركي أثناء الحرب مع العراق (فضيحة إيران جيت).. هي إيران نفسها التي تقود الحلف الصفوي التوسّعي الاستيطاني التبشيري الجديد، وهي إيران نفسها التي تمالئ أميركة وتُعينها على استمرار احتلالها للعراق، وهي نفسها التي تتدخّل بالشئون الداخلية والشعبية السورية، وهي نفسها التي تُسخِّر النظامَ السوريَّ لتصفية خيرة أبناء شعبه وشعب الأحواز، وهي نفسها التي تستخدم حزب الله في استجرار تدمير لبنان وتهديد أمنه واستقراره، وهي نفسها التي ما تزال عَينُها التآمرية على الخليج العربيّ، وهي نفسها التي تحتل الجزر الإماراتية العربية الثلاث، وهي نفسها التي تحوّل الحركات الفلسطينية إلى ورقةٍ ولعبة، تلعبها متى أرادت، على حساب أمن المنطقة العربية والإسلامية كلها!..
لو كان أقطاب الحلف الصفوي الشعوبي -الجديد القديم- جادّين بمقاومة المحتل الصهيوني، فلماذا تبقى جبهة الجولان هادئةً وادعةً حتى الآن؟!..
لو كان حسن نصر الله وحزبه يهدفون إلى تحرير الأسرى اللبنانيين لدى (إسرائيل)، فلماذا لا يقوم بمطالبة حليفه النظام السوري، بإطلاق سراح مئات المعتَقَلين والأسرى اللبنانيين الوطنيين الشرفاء، من السجون السورية؟!..
لو كان أقطاب هذا الحلف الصفوي صادقين في شعاراتهم المتهافتة التي يروّجونها، فمَن هم الذين استقبلوا القوات الصهيونية بالأوراد والأزهار وحبّات الأرز.. عندما اجتاح الجيش الصهيوني جنوبيّ لبنان الشيعيّ، في حزيران من عام 1982م؟!.. ومَن هم الذين استقدموا الجيشَ الأميركي الصهيونيّ، حليف الصهاينة، إلى العراق، واستقبلوه بالطريقة نفسها، وما يزالون يتحالفون معه حتى ساعة كتابة هذه السطور؟!..

*     *     *

لو كان حزبُ الله حريصاً على لبنان والدولة اللبنانية، وعلى اللبنانيين وأرواحهم ووحدتهم.. فلماذا يقوم بعمليته الاستفزازية الأخيرة، بعلم إيران، ودون علم الحكومة اللبنانية، التي أصدرت بياناً مساء يوم الأربعاء في 12/7/2006م، قالت فيه: (لا علم للحكومة اللبنانية بهذه العملية التي قام بها حزب الله)؟!.. فكيف يقوم الحزب بعمليةٍ يعرف تماماً أنّ عواقبها ستمسّ لبنان كله، ما يتطلّب التنسيق الدقيق مع الحكومة اللبنانية الرسمية المسؤولة، لاتخاذ الإجراءات العسكرية والسياسية اللازمة لمواجهة العواقب الوخيمة المتوقَّعة على لبنان؟!.. ثم مَن يتّخذ قرار المواجهة ثم ينفِّذ هذه العملية انطلاقاً من الأراضي اللبنانية.. أحِزب الله وحكومَتا سورية وإيران.. أم الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية المستقلة ذات السيادة الكاملة على أراضيها؟!..
لو كان أصحاب عملية ما يُسمى بـ (الوعد الصادق) صادقين حقاً، بأنّ عمليتهم كانت للتخفيف عن أهلنا الفلسطينيين الذين يتعرّضون للعدوان الصهيوني في غزة، فلماذا يستبيحون أهلنا الفلسطينيين في بغداد، بشكلٍ أبشع وأشد إيلاماً ووحشيةً وامتهاناً وتنكيلاً؟!..

*     *     *

على العرب والمسلمين، حُكّاماً ومحكومين.. أن يستوعبوا حقائق المشهَد السياسي والأمني والطائفي الحالي، ويستوعبوا خطورته الشديدة على الأمتَيْن العربية والإسلامية.. ثم أن يتخذوا الإجراءات اللازمة كلها، لمقاومة المشروعَيْن الخبيثَيْن: الصهيوني-الأميركي-الغربي، والصفوي الفارسي الشعوبي، الأشد خبثاً وخطورةً، وتهديداً لوجودنا وديننا وحاضرنا ومستقبلنا ومستقبل أوطاننا وأجيالنا!..
13 من تموز 2006م
 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع