كمال عبد القادر بامخرمة
تصدير المادة
المشاهدات : 3497
شـــــارك المادة
من الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها بعض الإسلاميين تقديس الأشخاص أو التنظيمات التي ينتمون إليها أو يقتتعون بما تقوم به إلى حد أن يرفعوهم إلى درجة الإسلام نفسه أو محكماته بحيث يعدون نقدهم أو نقد أخطائهم نقداً للإسلام نفسه ونقد محكماته؛
فإذا بهم يتهمون من ينقدهم بعدة تهم، فهم إما مرضى القلوب وهذه أضعف التهم، أو يتهمونهم بالبدعة والضلال.
ومنهم من يتهمهم بالوقوف ضد المشروع الإسلامي وعلى رأس ذلك مشروع الخلافة الإسلامية، وعليه فمنهم من يلمح بسفك دمائهم ومنهم من يصرح، وهي مرحلة خطرة في الغلو والتعصب والتقديس لغير المعصومين في جهل فاضح أو غلو باطل بالفرق بين الإسلام ومحكماته وبين تطبيق المسلمين له. فالإسلام دين حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ بينما المسلمون مهما علا شأن الواحد منهم علماً وتقوى فهو غير معصوم واورد وقوع الخطأ منه فهما أو عملا أو تنزيلاً للحكم الشرعي على واقعة معينة، وعليه فنقد أخطائه عند من يرى حسب فهمه أو اجتهاده أنه خطأ وإن كان غير مصيب في هذا النقد، لا يعد استنقاصا للإسلام أو عدم إيمان بمحكماته أو وقوفاً ضد تطبيق أحكامه في حياة الناس، وإن هذا الخلط المشين تترتب عليه مصائب وويلات خطرة على الأمة الإسلامية وعلى العمل الإسلامي برمته، ولن يبلغ العدو من الأمة بأشد مما يحدثه هذا النهج الخطير في تدميرها وتدمير صالحيها بعضهم ببعض، وإني على يقين من أن أي تيار إسلامي يعتقد أنه بمفرده يمكنه أن ينتشل الأمة مما هي عليه ويحقق بمفرده مشروع الخلافة الإسلامية أنه واهم ويدل على قلة حكمته وجهله العميق بحال الأمة المعاصر وعلى غرور يمتلك قيادته ستكون سبباً في نكبة الأمة وزيادة مصائبها من حيث أراد نفع الأمة وارتفاع شأنها. ولذا فإني أحذر من أن يسلك الشباب هذا المسلك البدعي وألا تغلبهم عواطفهم عن التبصر والتعقل ووضع كل شيء في موضعه الصحيح ، ومن ذلك التفريق بين الحكم الشرعي المجرد وبين تنزيله، وبين الإسلام وبين من يسعى لتطبيقه وألا يجعل نقد الثاني نقداً للأول وإلا فهي كارثة من أخطر الكوارث التي ستعصف بالعمل الإسلامي. وحتى لا يكون في الكلام إلغاز أخص بالذكر هنا ما ألحظه في مواقع التواصل الاجتماعي من بعض الشباب المتحمس ممن هو مقتنع بمسلك تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام من وقوعه في هذا المسلك الخطير حين ينتقد هذا التنظيم فتجدهم يوصفون المنتقد بأنه واقف ضد المشروع الإسلامي في تعصب وتقديس لهذا التنظيم، في الوقت الذي ينتقدون تعصب الجماعات الأخرى لجماعاتهم وتنظيماتهم. وأقول لو أن كل تنظيم سلك هذا المسلك في التعامل مع من ينتقده فماذا يبقى من الدعوة الإسلامية؟! مع الأخذ في الاعتبار أن كل تنظيم يرى نفسه على الحق، وأن منهجه هو الذي سيحقق التغيير المنشود للأمة، والكل سيقول أنه ملتزم بالكتاب والسنة وأنه متبع لهما، والكل سيقول الواجب هو اتباع الحق وما دل عليه الدليل، وإلا فما الذي يبقيه مع هذا التنظيم. وعليه فإني أدعو نفسي وإخواني بكل حب ونصح أن يعتدلوا في الأمور ويناقشوا الأفكار والمناهج بالحجة والبرهان ولا يقعوا في التكفير بالمجتهدات وبما ليس مكفرا ولا التفسيق ولا يدعوا لسفك دماء إخوانهم تلميحا ولا تصريحا فإن ضرر هذا سيعود على المشروع الإسلامي برمته، وليس على تيار معين كما قد يتصور البعض. إن قدرنا في هذا الزمان الذي تفرقت فيه الأمة وتمزقت، وعظم فيه الجهل بالإسلام والتفلت من أحكامه، وتضخمت فيه السيئات والمفاسد حتى لاتكاد تجد فيه مصلحة محضة، وتكالب فيه أعداؤنا من كل صوب، أقول إن قدرنا مع كل هذا وغيره أن نسعى للتقريب في الأمور قدر ما يمكن حتى نوجد مجتمعا أقرب ما يكون إلى أحكام الإسلام، ثم نتدرج بالأمور إلى أن يوفقنا الله للتسديد في كل ماقصرنا فيه أو عجزنا عنه؛ لأن التسديد في مثل هذا الواقع اليوم قد يكون خارجاً عن نطاق قدرتنا لغلبة الفساد، وعليه فالواجب هو ما نقدر عليه ولايجوز تركه أملا في حصول الواجب كاملاً دون نقص امتثالا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (سددوا وقاربوا ). ومن يظن أنه سيحقق التسديد فيما يتعلق بقضايا الأمة الكبرى في الواقع المعاصر فهو واهم وسيفسد أكثر مما يصلح.
إحسان الفقيه
سلوى الوفائي
أبو طلحة الحولي
عابدة فضيل المؤيد العظم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة