..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

جنيف (2) وتهذيب الخطاب!

روني علي

١٦ ديسمبر ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4836

جنيف (2) وتهذيب الخطاب!
علي00.jpg

شـــــارك المادة

ما أن ينعقد مؤتمر جنيف2 في 22 كانون الثاني كما هو مرسوم ومخطط له، ينبغي أن تعلن "المعارضة" السورية المقولبة عن فشلها كأداة "ثورة" كما تدعي وتزعم، بحكم أنها ومنذ أن انطلقت شرارة الحراك السوري، تدعي وقوفها إلى جانب الثورة، ولا ترضى بديلا عن إسقاط النظام، لكنها من حيث الأداء، تمارس "نكاح المتعة" مع إدعاءاتها، كونها لم تشكل على الأرض، سوى جزء متمم ومكمل لممارسات النظام في القبض على أحلام الشارع، ودفعه إلى حلبات التناطح مع آلة القتل، وبالتالي إراقة المزيد من الدماء البريئة.

 

هذه المعارضة التي اتهمت العديد من رجالاتها، وطعنت بمصداقية البعض الآخر، الذين طرحوا وفي مراحل متتالية، فكرة الحوار مع النظام، تتصارع اليوم، لا بل تتناطح كأجنحة متصارعة، من تحت الطاولة وخلف الكواليس، بهدف كسب الفوز في معركة الحضور إلى جنيف، والجلوس وجهاً لوجه مع النظام، الذي لم يزل موصوفاً من قبلها على أنه قاتل الشعب، دون أن تعيد النظر في أوراقها، وتعلن عن سقوطها في امتحان الثورة، وبالتالي تقديم أوراق فشلها كأطر وكأشخاص، تحولت إلى "أحصنة طروادة" للأجندات التي تستهدف الدخول في لعبة التوازنات الإقليمية، على ورقة الأزمة السورية، ولم تجلب للإنسان السوري سوى المزيد من التشتت والانقسام.

وكما يبدو فإن نفق جنيف بات بحكم الممر "الملزم" بالنسبة للغالبية الغالبة لأطراف المعارضة، التي تتخذ من عواصم مراكز الثقل في المعادلة السورية، الدولية منها والإقليمية، مراكز لبناء مواقفها وترتيب ملفاتها، فيما لو تمعنا في تصريحات البعض من مسؤولي الإدارة الأمريكية، والتوافق الروسي-الأمريكي، وما يجري من غزل إيراني-أمريكي في الآونة الأخيرة.

وهذا الإلزام نابع من معطيات عدة، لعل الأهم منها، هي أن سوريا كـ"دولة" لم تعد تشكل ذاك الخطر بالنسبة إلى دول المنطقة من جهة، وإلى المشاريع التي تحاول أن تعيد صياغة مفردات الحياة السياسية فيها، من جهة أخرى.. فضلاً عن تجفيف الدول المجاورة لسوريا منابع الإرهاب على أراضيها، عبر زجها للعناصر التي تقلق أمنها، في الصراع الدائر على الأرض السورية، ناهيكم عن تفكك المحور "الحليف" لقوى الثورة، بعد أن حاولت قطر ترتيب أوراقها من جديد، وتراجع السعودية إلى الخطوط الخلفية لهذا المحور، بحيث لم يبق على خارطة المعادلة على المستوى الإقليمي فعلياً، دولتين من محورين متصارعين، هما إيران وتركيا، التي ربما تلعب في الأيام المقبلة دوراً مكملاً لدورها السابق في التعامل مع الورقة الإيرانية، كحاضن للمحور الشيعي، بعد أن فقدت أطراف هذا المحور الكثير من أوراق حضورها في المعادلة السياسية، كتحصيل حاصل لإفرازات الوضع السوري، خاصة وأن استهداف الورقة الكردية يشكل قاسماً مشتركاً بين الطرفين في ترتيب أوراق التواصل من جديد.

ومن قراءة سريعة لدواعي جنيف2، يمكن استشفاف أن الدول الفاعلة في عملية ضخ الصراع الداخلي، تحاول اليوم أن تعيد ترتيب شكل تدخلها، وتغيير دفة ادعاءاتها، كون الجلوس على طاولة جنيف سيكون بمثابة شرعنة الحوار مع النظام، الأكثر استفادة من التحركات الدبلوماسية بشأن سوريا، بعد أن فقدت أو أفقدت المعارضة كل أوراقها، بحيث لا يمكن الرهان عليها كحامل لأي مشروع، من شأنه إدارة القوى الفاعلة على الأرض أو ضبطها، وربما ما حصل هو تحصيل حاصل لرغبة دولية في الإبقاء على الوضع بهذا المنحى.
وعليه سنكون أمام خطاب دولي جديد، يدعوا إلى محاربة الإرهاب وامتداداته، وكذلك وأد الفتنة والصراعات الطائفية على الأرض السورية، بدلاً من الادعاءات السابقة حول سوريا ديمقراطية تعددية.

وقد تحاول مراكز القرار الدولي وبهدف تحقيق ما تصبوا إليه، دعوة بعض الكتائب المسلحة إلى الطاولة، حتى يأخذ الصراع على الأرض شكله المطلوب، وبالتالي تحويل شعار إسقاط النظام إلى المطالبة بالأمن والأمان، بعد أن يكون الشارع بأكمله قد تهيأ لإطلاقه، لما لاقاه من قتل وخراب ودمار وتشرد وتشريد، ولا نجانب الحقيقة فيما لو قلنا بأن ملامح هكذا الشعار قد بدأ بشق الطريق ومنذ فترة في أوساط لا بأس بها من المجتمع.

بناء على ما ذكر، يمكن القول أن جنيف2 ليس خروجاً من الأزمة بقدر ما هو دخول إلى نفق جديد، عبر تغيير مفردات الخطاب وآليات الصراع، ولابد أن الشارع السوري سيدفع من جديد تبعات ما يتم التخطيط له، لأن القادم لن يكون كما يشتهيه المواطن السوري.



أورينت نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع