أسامة سعيد القحطاني
تصدير المادة
المشاهدات : 7358
شـــــارك المادة
من يفهم الفكرة السلفية بشكل جيد؛ يدرك بوضوح أنها هي الفكرة الوحيدة القادرة على دحر وهزيمة الفكر الإيراني الديني المسيَّس، وربما القادرة حتى على هدم قواعده الداخلية. بمراقبة سياسات إيران في المنطقة نجد بوضوح كيفية تطويع الرؤية الدينية التي يطرحها النظام الفارسي كي تخدم سياسات الدولة فقط!
وكيف يصبح من خلالها الرجل السياسي الأول يحمل رتبة إلهية يقمع بها كل من يرفع رأسا تجاهه! أريد أن أتحدث هنا بلغة السياسيين، في نفس الوقت لا أتحدث عن اللغة والسياسة التي يجب أن تكون عليها الدولة تجاه مواطنيها، كما أنني أؤكد أن المقال لا يتحدث عن الشيعة كطائفة ولا عن حقوقهم الوطنية الواجبة، وإنما عن إيران ومن انخرط في مشروعها السياسي الطائفي. سبق أن كتبت عدة مقالات في أن مصلحة المنطقة مرتبطة ببعضها البعض، وأن من مصلحة الجميع (إيران في مقابل العالم العربي والإسلامي) طرح الخلافات جانبا وترك المصالح الضيقة والانفتاح نحو مستقبل مشرق لجميع دول المنطقة.. ولكن للأسف، إيران ماضية في سبيل عقلية الخرافة وكأنها دولة عظمى وتتحدى العالم أجمع، وهدفها الأول والأخير هو تصدير ثورتها التركيعية لكل ما هو غير فارسي! للأسف أن إيران تنتهج أسلوب الترويج لرؤيتها الدينية الثورية والمسيّسة لتجعلها عقيدة سياسية قوية تخدم أطماع الدولة الفارسية. ولا يمكن لأي جيش أن يقاتل ويصمد بلا عقيدة يقاتل دونها، وهي بهذا قد حققت الكثير، إلى درجة إلغاء عقل أتباعها تماما وإدارته بالريموت كنترول ليخدموا مصالح إيران فقط، حتى لو تعارض ذلك مع مصالح أولئك الأتباع الوطنية! هذه العقيدة السياسية التي تبني جدارا عازلا بين عقول أتباعها وكل ما يجعلهم يفكرون بحرية وعقلانية.. هذا الأسلوب لا يبعد عن سياسة دولة الحشاشين التي أسسها الحسن بن صباح (وقد كان مركزها في فارس)، التي كانت تطوّع أتباعها بجعلهم مدمني حشيش، كي يضمنوا ولاءهم وانصياعهم التام لأوامر رأس الدولة، وقد اشتهروا بالعمليات الانتحارية لاغتيال خصومهم (ويقال إن كلمة Assassination التي تعني الاغتيال مشتقة من اسم الحشاشين). بعد أحداث سورية الحالية، وبعد سلسلة من السياسات العدائية التي تنتهجها إيران ضد دول منطقة الخليج والعالم العربي، تبدو إيران مصممة على إكمال مسارها الطائفي والعدائي، مما جعل الكثير من السياسيين والمحللين يعيدون الرؤى الاستراتيجية في المنطقة. نعم للأسف أن هذا الطريق الذي نسير إليه مكرهين ليس هو الحل الأمثل الذي يجب أن نكون فيه، إلا أن هذه الظروف والسياسات جعلت من الكثيرين يعيدون التفكير ووضع الاستراتيجيات السياسية في المنطقة من جديد. لا يمكن الوقوف ضد هجمة طائفية عنصرية وحشية من خلال الكلام الناعم والمطالبة بالحوار وما إلى ذلك، كما أن من السفه والجبن أن تقابل من يحمل البندقية في وجهك وتطلب منه أن يحترم وجهة نظرك! إيران هدمت كل فكرة كان يمكن لها أن تنجح في وقف الطائفية. ولا أعتقد أنه في المنظور القريب سيحصل شيء من ذلك طالما استمر هذا النظام بعقليته الحالية التي أغرقت المنطقة كلها في مستنقع الطائفية العميق. ولا أحد يدري كيف ستنتهي الأمور، وكم من السنوات ستستمر! الطائفية كارثة، ولكن قدرا منها واجب لأجل مواجهة الغزو الفارسي الطائفي الغاشم. ونحن نؤيد كل دعوة نحو وقف الحرب الطائفية والتعايش بسلام واحترام، ولكن لا يمكن نجاح مثل تلك الدعوات طالما كان هناك طرف صادق ومخلص والآخر خائن ويحفر حفر الموت في طريق الآخر! حتى في الأنشطة التي نسميها دعوية "وهم يصنفونها أنشطة تصدير الثورة!"، فإن أغلب جهود إيران لنشر رؤيتهم الدينية المسيسة متركزة على الدول العربية والإسلامية فقط! وحتى جهودها خارج الدول الإسلامية؛ فهي إما متوجهة نحو الجاليات المسلمة هناك، أو لأجل تشكيل الخلايا السرية وعمليات الاستخبارات، وربما في أقل الأحوال البحث عن فرص تجارية لتمويل مشاريعهم المشبوهة! أعود لعنوان المقال؛ العقيدة السلفية عقيدة تنبني على أساس الرجوع للأصول الأساسية للإسلام، وأهمها الكتاب والسنة، وتسعى بقوة لتنقية أي فكرة ليست متوافقة مع هذا الأصل، وهي بذلك يمكن أن تكون جدارا صلبا نحو مواجهة محاولات إيران للتوسع ومدّ النفوذ داخل الدول العربية، نظرا لما تتميز به السلفية من قوة الحجة والبيان الدينية، من خلال المصادر الأصلية التي لا يمكن لأحد أن يتجرأ عليها. والمقصود هو السلفية بمعناها العام كرؤية ومنهج لفهم الإسلام، الذي ينطبق على كل من يجعل الكتاب والسنة المرجعين الأساسيين للإسلام، وليس تطبيقها على تيار أو آخر بعينه، حيث لا يخلو تيار من بعض الملاحظات والأخطاء بطبيعة البشر. إن من يفهم الفكرة السلفية بشكل جيد، يدرك بوضوح أنها هي الفكرة الوحيدة القادرة على دحر وهزيمة الفكر الإيراني الديني المسيَّس، وربما حتى بهدم قواعده الداخلية. ولا أبالغ لو قلت إنها يمكن أن تقضي على النظام الإيراني ربما في عِقْد أو عقدين وتهدم كل ما بناه لأجل أغراضه الطائفية. هذه رؤية سياسية تحتاج إلى المزيد من التنقيح والدراسة. وأتمنى وأدعو الله أن يجنب بلادنا وبلاد المسلمين كل ما يزعزع الأمن والاستقرار، وأن يجمع كلمتنا على الحق والصلاح..
الوطن السعودية
عبد الرحمن الراشد
حسان الحموي
محمد أبو رمان
سام البدارين
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة