علي حسين باكير
تصدير المادة
المشاهدات : 3799
شـــــارك المادة
تعبر السياسات الإيرانية اليوم تجاه المنطقة العربية عن أسوأ أوجه الطموح الإيراني الاستعماري، وهو طموح يرتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ الفرس منذ نشأة الإمبراطورية الفارسية وحتى اليوم. يستطيع المتابع لتصريحات المسؤولين الإيرانيين أن يلمس فخرا بما «ينجزوه» من دمار على وقع سيطرتهم على عواصم ودول المنطقة من بغداد إلى دمشق وبيروت وصنعاء، والتأثير الذي يمتلكونه في بلدان أخرى في الخليج العربي والمحيط الإقليمي. بعض السذج لا يفكرون بهذه الطريقة طبعا، وينظرون إلى المصطلحات المستخدمة في وصف السلوك الإيراني اليوم في المنطقة العربية من قبيل «الفرس» أو «الصفويون الجدد» على أنها تعبير مريض، لكن الأكيد أن الإيرانيين لا ينظرون إليها بهذا الشكل، فهم فخورون جدا بهذين الانتماءين (القومي والمذهبي) بما في ذلك الملالي أنفسهم، على أن المشترك بينهما دوما هو صفة الاستعمار والنزعة إلى الهيمنة والتسلط. لطالما كانت هناك مقاومة لهذه النزعة الإيرانية عند شعوب ودول المنطقة، لكن استخدام النظام الإيراني لورقة «الإسلام» و«المقاومة» منذ العام 1979 كان بمثابة دس السم في العسل، إذ فقدت شعوب المنطقة حينها قدرتها على تمييز هذا المرض الخبيث وتعطلت دفاعاتها الحيوية، وفي هذه اللحظة بالتحديد كان التغلغل الإيراني الطائفي والسياسي والمالي والعسكري قد استشرى رغم العقوبات الدولية، ثم ما لبث أن بلغ أوجه وتحول إلى استعمار علني بمباركة أميركية وغربية مع التوصل إلى الاتفاق النووي، ولم تستفق المنطقة وشعوبها مؤخرا إلا على تفشي هذا السرطان. لم تحل إيران في مكان إلا وجلبت معها الدمار والخراب، ومن معالم أسوأ ما في سياساتها الاستعمارية اليوم التغيير الديموغرافي والولاء الطائفي والعبث بالمكونات الاجتماعية والسياسية والأمنية لبعض دول المنطقة وتدمير المراكز الحضرية التي شكلت على الدوام منذ ظهور الإسلام مصدر الحضارة العربية والإسلامية في دمشق وبغداد.
هذه السياسات الاستعمارية الإيرانية تلقى اليوم أكثر من أي وقت مضى اعترافا أميركيا وغربيا بنفوذها وتأثيرها ودعما لطموحها وأهدافها. مع الانسحاب الأميركي التدريجي من المنطقة، وبدلا من أن تقوم إدارة أوباما بتشديد العقوبات على إيران وتوحيد الجهود الإقليمية لاحتوائها وردعها ودعم حلفائها لملء الفراغ الذي ستتركه، قامت الإدارة بالعكس تماما، إذ أعطت الاستعمار الإيراني شرعية سياسية ونقلته إلى مستوى جديد مع إزالة العقوبات وتشريع البرنامج النووي الإيراني والتعاون المباشر وغير المباشر مع الحرس الثوري وميليشياته الطائفية في عدد من البلدان العربية. لطالما قيل خلال العقدين الماضيين إن هناك تضخيما لقدرات إيران، لكن هؤلاء كانوا مخطئين جدا لناحية النتائج التي آلت إليها الأمور اليوم، ومكمن الخطأ أنهم اعتمدوا في تصوراتهم عن إيران على قياس قوتها من خلال العناصر التقليدية.
من يفكر اليوم في مواجهة إيران من نفس المنظور التقليدي، عليه ألا يتوقع أن يصل إلى نتيجة حاسمة لصد تمددها. هناك حاجة إلى أن نغير جذريا نظرتنا إلى إيران كشعوب وحكومات، وأن نبدأ بالعمل من منطلق أنها دولة مستعمرة أولا وأن نغير طرق وأساليب مواجهتنا معها.
استخدام الأساليب التقليدية في مواجهة هذا المد الاستعماري الأسود الجديد غير ذي جدوى على المدى الاستراتيجي وآثارها الإيجابية تقتصر على الجانب التكتيكي فقط.
العرب القطرية
مجاهد مأمون ديرانية
ياسر الزعاترة
زمان الوصل
عمر قدور
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة