سعد محيو
تصدير المادة
المشاهدات : 10860
شـــــارك المادة
ثمة لعبة خطرة تجري الآن من وراء الستار بين النظام السوري وحزب الله وإسرائيل، قوامها التالي: النظام السوري يحاول بشتى الوسائل تحويل أزمته الداخلية العنيفة إلى أزمات إقليمية، عبر محاول نقل مضاعفاتها إلى الدول المجاورة، كما هدد الرئيس بشار الأسد منذ الأيام الأولى للانتفاضة قبل نحو سنتين. بيد أن هذه الجهود باءت بالفشل حتى الآن.
فالأزمة لم تنتقل إلى علويي تركيا على رغم تعاطفهم مع علويي سورية. والأكراد السوريون الذين أخلى النظام السوري مناطقهم من تواجده العسكري ومنحهم بالتالي استقلالية وإن مؤقتة، لم يفتحوا هم أيضاً جبهة ضد أنقرة، بل فضَّلوا الاسترخاء في فيء السلطة الكردية العراقية المتحالفة مع هذه أنقرة ضد بغداد. وفي الأردن، توقفت محاولات التفجير التي قام بها النظام السوري قبل سنة، بعد أن تبيّن له أن الملك عبد الله الثاني أكثر خوفاً منه على عرشه من وصول الإسلاميين إلى عرش معاوية في دمشق، فلم يعد في مصلحته (النظام) زعزعة المملكة الهاشمية. وفي العراق، وعلى رغم أن الأسد حصل على دعم لوجستي ومالي واقتصادي ثمين من حكومة المالكي، إلا أن هذا الأخير بدأ يدفع أثمان فادحة لذلك بعد أن انتفض عليه سنّة المحافظات السنّية المحاذية لسورية، فبات هم المالكي الأول الآن إنقاذ نظامه لا إنقاذ النظام السوري، ربما عبر سياسة النأي بالنفس نسبياً عن النظام السوري. يبقى لبنان. هنا، تبدو الصورة أكثر تعقيداً وخطورة. فقد حاول النظام السوري نقل حربه الأهلية إلى لبنان، عبر مخططات التفجير الواسعة التي كلّف الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة تنفيذها. لكن رفض حزب الله وحركة أمل الانجرار إلى هذه المحاولات، قلّص إلى حد كبير قدرات النظام السوري التخريبية في بلاد الأرز، الأمر الذي دفعه إلى انتهاج توجّه آخر: جر حزب الله إلى حرب مع إسرائيل، بدل دفعه إلى حرب أهلية داخلية لايريدها وليس من مصلحته تفجيرها. لكن كيف؟ عبر شحن أسلحة متطورة إليه، على غرار قافلة صواريخ سام-17 المضادة للطائرات التي دمرتها المقاتلات الإسرائيلية مؤخرا. إذ أن الأسد يعرف جيداً أن تل أبيب ستقوم برد فعل عنيف في أربع حالات: نقل صواريخ سام- 17، أو صواريخ أرض بحر، أو صواريخ كروز، أو أسلحة كيمائية، إلى حزب الله في لبنان. وهو كان يأمل أن تقصف إسرائيل القافلة داخل الأراضي اللبنانية، ماقد يحرج حزب الله ويخرجه عن سياسة الهدنة الراهنة مع تل أبيب. بيد أن الأسد فوجيء بأن إسرائيل ضربت بعرض الحائط كل الخطوط الحمر التي رسمتها إيران وروسيا ضد أي تدخل عسكري خارجي في سورية، وعمدت إلى ضرب قافلة الصواريخ داخل الأراضي السورية. كما أنها بعثت برسائل إلى الأسد مفادها أنها مستعدة لمواصلة حمايته من الضغوط الأميركية عليه (كما فعلت طيلة السنتين المنصرمتين عبر نفوذها الهائل في الكونغرس)، لكنها غير مستعدة البتة للتسامح معه، إذا ماحاول إشعال الحرب ضدها في لبنان من خلال منح حزب الله صواريخ غير تقليدية. أما حزب الله، فهو يجد نفسه في إطار هذه السيناريوهات في وضع حرج. فهو حتماً لايريد حرباً جديدة مع إسرائيل قد تدمِّر كل مابنته إيران في الضاحية الجنوبية والجنوب بكلفة مليارات عدة من الدولارات، لكنه لايستطيع في المقابل رفض إغراء استلام أسلحة متطورة قد تزيد بشكل كبير من عامل الردع مع إسرائيل. وفي الوقت نفسه، يشعر الحزب بقلق شديد على ترسانة الصواريخ والأسلحة الثقيلة التي خزنها بعد حرب 2006 في سورية لحمايتها من الضربات الإسرائيلية، والتي يبدو أن الرقابة الجوية الإسرائيلية على مدار الساعة للحدود والمعابر بين لبنان وسورية قد تحرمه من الوصول إليها. هذا الإغراء وذاك القلق لدى زعيم حزب الله حسن نصر الله، مشفوعاً بحاجة بشار الأسد الماسة لحرف الأنظار عن بلاياه في الداخل نحو صدام مع اسرائيل في الخارج، ومشفوعاً أيضاً بقرار بنيامين نتنياهو منع تحويل ضعف النظام السوري إلى قوة جديدة لحزب الله، هو الذي يخلق الآن كوكتيلاً متفجراً في بلاد الأرز. فإسرائيل ستواصل غاراتها على القوافل السورية إلى لبنان. والأسد، الذي لايجرؤ البتة على مهاجمة "حليفه الضمني" الإسرائيلي منذ أمد بعيد في الجولان، سيبقى يأمل بأن يكرر حربه بالواسطة مع تل أبيب في جنوب لبنان. هذا فيما حزب الله يواصل التأرجح بين إغراء الصواريخ المتطورة وبين القلق على مصيره ومصير إمداداته. والحصيلة؟ إنها كما قلنا في البداية: لعبة خطرة. حتى الآن، لاتزال هذه اللعبة لعبة فقط. لكن سوء الحسابات قد يقلبها في أي لحظة إلى حريق لايبقي ولايذر. وربما هذا بالتحديد مايريده الأسد. اليوم غدا
سعيد الحاج
عبد الله حاتم
علي حسين باكير
محمود الكن
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة