..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لن يرحل الأسد

سلوى الوفائي

٢٤ نوفمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7489

لن يرحل الأسد
1الثورة-السورية.jpg

شـــــارك المادة

على قمة قاسيون الأبيّ تنتصب أشجار السنديان شامخة، و على سفحه يتكأ الشقيّ المتعب الطريد، و تتوجه الأنظار نحوه في لهفة المترقب، وتتسامق الأمنيات بانتظار النصر.
و على ذات الجبل الأشمّ تنتصب راجمات الصواريخ التي زرعتها حكومة الأسد موجهة – لا إلى اسرائيل – بل إلى قلب العاصمة دمشق.

 

 

إنّها السلاح الأخير الذي سيطلقه الأسد حين اقترابه من الفناء، هدم دمشق أقدم عاصمة في التاريخ سيكون آخر عهد الأسد في سورية، فقد أقسم - و هو الكاذب – أن يدمّر سورية عن بكرة أبيها مالم يكن حاكماً فيها و ليس هناك شعار تبناه الأسد أكثر صدقاً من شعار – الأسد أو نحرق البلد.
وقد استطاع بمكره وخداعه أن يقنع أبناء طائفته بالالتفاف حوله فكان كمن يقودهم نحو هلاكهم و هم لا يشعرون.
ولطالما باعنا سخيف القول بالحديث عن وطنية زائفة، فهل تعريف الوطنية يعني أن ندّك حصون الوطن و نهدم منازله ونقوّض بنيته التحتية ونجرّه إلى خراب لا ينتهي ونشرّد سكانه ونقتل شرفاءه؟
لقد بلغ انطماس بصيرة هذا الأعمى مبلغاً فاق حدود التصور حتى صدّق البعض رواية العصابات المسلّحة لأنّ أحداً لا يمكن أن يعقل أو يفهم أو يصدق أنّ رئيساً حاكماً يمكن أن يدمر أمة وشعباً و وطناً ويقودهم إلى الهلاك.
لقد ثبت غباء الأسد المطبق وقادته غطرسته وعنجهيته إلى هلاكه من حيث لا يفقه.
فقد كان بإمكانه – لو أُنّه أُوتي الحكمة والعقل والبصيرة أن يستوعب أحداث درعا التي أشعلت فتيل الحرب، وكان في وسعه أن يلجم بركان الثورة ويقيده بعقاله لو أنّه أبدى تجاوباً واستعداداً لتلبية مطالب الشعب المحقّة في محاربة الفساد و المفسدين، و إحقاق الحقّ و العدل والمساواة وفتح الطريق للانتعاش الاقتصادي والاستثمار الحرّ و وقف الاحتكارات المالية الضخمة التي كانت تجري على الملأ، وأعطى كلّ ذي حقّ حقه، لو أنّه فعل، لو أّنّه أنفق في الإصلاحات ورفع مستوى الفرد المعيشي ربع ما أنفقه في حربه على شعبه، لكان هذا الشعب الكريم حمله على الأكتاف، وافتداه بالأرواح، و لدانت له سورية بقوة الحبّ نصف قرن من الزمن كما دانت لوالده قبله بقوة السلاح.
لكن انطماس البصيرة قاده إلى حتفه و إلى إنهاء ذلّ حكمه وحكم والده طيلة نصف قرن من الزمن.
و لعلّ أهمّ ما في ثورتنا المباركة أنّها منحتنا الفرصة أن نعيد كتابة التاريخ بشكله الصحيح وحكمت على آل الأسد أن يخرجوا من التاريخ إلى مزبلته بدل أن يخلدوا رؤساءً حاكمين أعزة.
والله بالغ حكمته إذ لا يصحّ إلا الصحيح و إذا أراد الله نشر فضائح المفسدين جنّد جنده لذلك ولو بعد حين لأنّه سبحانه في علاه يمهل و لا يهمل.
و لعلّ أكثر الفئات خسارة في معركة الكرامة هذه هم أبناء الطوائف الموالية للأسد، فهم ينجرون انجرار القطيع خلف الراعي الأعمى، لو أبصروا جيداً لأدركوا أنّ المعركة خاسرة و أنّ النصر للثوار قريب، فشتّان بين مدافع عن حقّ ومدافع عن باطل، معركة الحقّ منتصرة و إنْ طالت، وجولة الباطل ساعة و جولة الحقّ إلى قيام الساعة.
وقد لاحت تباشير النصر، حتى أصبحنا نعجب على ماذا يعوّل هؤلاء في دعمهم للباطل؟
وما انتصار ثورات الربيع العربي وانتصار غزّة على أعتى قوة استعمارية في المنطقة إلا دليل على أنّ النصر حليف المؤمنين الصادقين المخلصين أصحاب الحقّ المبين، وما انكسار اسرائيل إلا إشارة على قرب انكسار ربيبها وحليفها المدلل، و قد أيقن العالم – رغم انكاره واستنكاره – أنّه لا شيء سيردّ المجاهدين إلى قواعدهم و لا شيء سيوقف هذا المدّ الثوري مالم يحقق هدفه المنشود وكلّما ازداد الدمار و القتل الوحشي والعنف والإرهاب من جيش الأسد، ازداد الشعب إصراراً على المضي في ثورته حتى النصر أو الشهادة فمن يقف في وجه مجاهد يرى الجنّة في فوهة بندقية؟ لو فطن الموالون للأسد إلى هذه الحقائق لدافعوا عن وجودهم ومصالحهم وهي في ارتباطهم بالأرض، بالوطن، بالبيت، بالمدرسة، بالجامعة، وبكلّ شارع خطّوا عليه ذكرياتهم، لا بارتباطهم برمز ساقط يستغلهم ويهدر دماء أبنائهم ويضعهم في مواجهة مع أبناء أمتهم مشعلاً فتيل حرب طائفية لن تبق و لن تذر.
لكن ران على قلوبهم فأصبحوا كالأنعام بل هم أضلّ.
الأسد لن يرحل بملئ إرادته، أصبح هذا مفهوماً جلياً، أكّده ديفيد كاميرون في تصريحاته مطلع الشهر الحالي، و أيّ إشاعة تقول غير ذلك هي محض افتراء، لن يرحل الأسد إلّا بضربة عسكرية قاضية تشلّ مفاصل حكمه وتطيح به راغماً، ما يزال العالم يمنحه الفرصة تلو الفرصة لإجهاض الثورة وقد أيقنوا أنّه لن يفلح ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فمن قدّم النفس والنفيس وصبر طوال عامين من الزمن ووقف أمام الدبابات ببسالة المجاهدين، لن يعجزه تحقيق هدفه ولن يحول بينه وبين ذلك سوى الموت، فكان خيار العالم أن يمدّ بعمر الثورة حتى يدمروا ما استطاعوا من سورية و يضعفوا اقتصادها ويضعون ألف عثرة في طريق تقدمها وعمرانها ونهضتها، لهذا ما يزال العالم يماطل بدعم الثوار عسكرياً، و يرفض إقامة حظر جوي من شأنه أن يحمي ما تبقى من بنيان و حضارة و يحقن المزيد من الدماء و يتيح الفرصة للجيش الحرّ أن يتحرك بفاعلية أكثر باتجاه النصر. العالم لم يرفع الوصاية عن الأسد بعد، و لكن الله رفع وصايته وأنزل حكمه " ولينصرن الله من ينصره " و لو بعد حين.
سمّاه أوباما الربيع العربي و نسميه نحن الغضب الشعبي و الحكم الرباني، إنّه بركان الحقّ و زلزال العدالة قادم و لن يقف في وجهه طغاة العالم مجتمعين.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع