..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هنيئاً لنا نصرنا الكبير الذي لم يشأ أن يقرأه أحد!!

زهير سالم

٣١ مارس ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7264

هنيئاً لنا نصرنا الكبير الذي لم يشأ أن يقرأه أحد!!
0088.jpeg

شـــــارك المادة

رمزية عملية التبادل... عميد حي بعشرين جثمان للأطهار

 

لم يعد يخفى على أحد أن مشروعاً عالمياً لإعادة الشعب السوري إلى بيت الطاعة الأسدي أصبح إستراتيجية معتمدة على المستويات الدولية والإقليمية معاً. وسياسات الترويض المتبعة في حدائق الحيوان أصبحت المرشد الذي يهتدي به المجتمع الدولي والإقليمي اليوم. إستراتيجيتهم المختصرة: أعطوا الأسد فرصته المفتوحة ليفعل فعله، وأعطوه الحرية ليقتل الرجال، ويذبح الأطفال، ويغتصب النساء، ويهدم المدن، واتركوا الضحايا وذووهم يدفعون الثمن حتى تلين عريكتهم، ويتطرق اليأس إلى قلوبهم؛ ولا تنسوا بين اللحظة والأخرى أن تعرضوا عليهم (عناناً) جديداً ليختار العنق المستهدف بين (العنان والسكين).


حتى بعض الأشقاء العرب الذين فاض بهم التأثر فغردوا خارج هذا الإطار تم سحب مفاعيل كلامهم، إن لم نقل أدباً، تم إسكاتهم.
يتحرك سياسيون، ويحلل محللون، ويخطب خطباء، ويكتب كتاب، ويتحدث متحدثون؛ وكلهم يصرون على محاصرة هذا الشعب الذي عجز هذا العالم الذي يغزو المجرات؛ أن يمده ولو بسيارة إسعاف أو بجرعة دواء؛ بخيار وحيد هو الرضوخ في بيت الطاعة الأسدي، والنزول تحت بساطير فرسان (البيضة).
صمدت بابا عمرو لمدة شهر، قدمت فيه حمص أكثر من ألف شهيد، في وجه جيش يصر المعتزون به أن يصنفوه ثامن جيش في العالم، ليحسب فيما بعد الانسحاب التكتيكي الذي أقدم عليه الجيش الحر، نصراً مؤزراً لبشار الأسد ولقواه المظفرة القائمة على الأرض.
ومع أنه لم يكن مطلوباً من بابا عمرو أن تتحول إستراتيجياً إلى إمارة محررة وسط سورية. ومع أن الانسحاب الذي تم من بابا عمرو هو التصرف التكتيكي الذي يدل على رشد القيادة التي تقود العمليات على الأرض؛ إلا أن شبيحة الإعلام الدولي والإقليمي والإسرائيلي والعربي والأسدي وبمن فيهم (معارضة المعارضة) السورية خرجوا يقرعون على طبل واحد يهللون لنصر النظام ولو بلغة التباكي على الشعب المسكين...
تجاهل الجميع في تحليلاتهم الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في بابا عمرو، فهؤلاء في إصرارهم على فصل السياسة عن الأخلاق يعطون النظام الحق عملياً في فعل كل شيء ليجني ما يظنه ويظنونه نصراً ولو كان بحجم هزيمة النظام في بابا عمرو..
مئات التحليلات السياسية كتبت على جميع خيوط الطول والعرض وبكل لغات أهل الأرض، وعشرات الندوات التلفزيونية عقدت كلها تبني وتُعلي على نصر النظام في بابا عمرو الذي اعتبره أقطاب السياسة العالمية والإقليمية بالنسبة لنظام بشار الأسد مؤشر التحول في ميزان القوة: فتح الفتوح - تعالى - أن يحيط بـه نظم من الشعر أو نثر من الخطب.
وجاء بالأمس نصر أهلنا في دوما. النصر الأخلاقي والسياسي والإستراتيجي ليمر عابراً دون أن يستحق وقفة أو تعليقاً أو تأييداً!! ودون أن يستنبط منه أو يبنى عليه أو يؤشر إليه!!! لماذا لأنه يبشر بعكس ما يتمنون ويقلق في وطننا الذين في ريبهم يترددون..
جاءت عملية التبادل بين العميد الأسير وجثامين الشهداء في دوما نصراً مؤزراً أكبر في دلالته الأخلاقية والسياسية والإستراتيجية من نصر بشار الأسد في بابا عمرو، التي ما زال عاجزاً عن وقف إطلاق النار فيها حتى ساعة كتابة هذا التقدير للموقف..
هو نصر أخلاقي أولاً لأن شباب دوما -بيض الله وجوههم- أثبتوا موقفاً إنسانياً أصيلاً بموقفهم من العميد الأسير موقفاً إنسانياً وطنياً أخلاقياً سامياً، وأسقطوا كل دعاوى النظام عن طائفية الثوار ودمويتهم...
وهو نصر أخلاقي لأن هؤلاء الأبطال فيما فاوضوا عليه جثامين إخوان دربهم من الذين وفوا وقضوا، فجاء الوفاء لجثامينهم الطاهرة عهد التزام على المضي في طريق الثورة حتى تحقق أهدافها -بإذن الله وعونه وفضله-...
وهو نصر أخلاقي بما يرسله من رسالة إلى أسرة العميد الصغيرة، والأسرة الوطنية الكبيرة نريد أن نعيش معاً في ظل الأمن والعدل والحرية. لقد قال أبناء دوما بلسان كل الثوار: نحن أحرار سورية الملتزمون بالقيم، الحاملون لراية الإخاء ولسنا مخلوقات غرائزية كالذين فتكوا في الجسد الوطني في بابا عمرو أو في كرم الزيتون..
وهو نصر أخلاقي بما عرّاه من أخلاقية هذا النظام الذي جعل من جثامين أبناء الوطن الذي يزعم أنه القيم عليه ورقة للمساومة في ميدان أخلاقي إنساني تعفف عنه الغراب وهو يعلم قابيل كيف يواري سوءة أخيه... 
وهو نصر سياسي وإستراتيجي؛ لأنه في الوقت الذي عجز فيه مجلس الأمن وحلف الناتو ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية أن تفاوض النظام على إدخال سيارة إسعاف إلى حمص؛ استطاع شباب الثورة ورجالها وأبطالها أن يجروا هذا النظام إلى طاولة الندية وأن يفرضوا عليه شروطهم...
التهنئة لأبناء سورية بنصرهم العظيم، والدرس الأول من هذا النصر أن نصرنا نصنعه بأيدينا.. أيها الثوار.. اصنعوا نصركم واتركوا كل العالم يجري وراءكم..
أيها السوريون: كفوا عن اللهاث وراء مشروعات الآخرين، نصرنا الإستراتيجي الأول صنعه أهلنا في دوما، وأول الغيث قطر ثم ينهمر.. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}..

المصدر: رابطة أدباء الشام

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع