..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الثورة السورية وحرب المصطلحات المضللة...

أبو بكر الفاضلي الشامي

٢١ أكتوبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7986

الثورة السورية وحرب المصطلحات المضللة...
1213 بشار مؤامرة حرب كونية.jpeg

شـــــارك المادة

الحرب التي يخوض غمارها المجاهدون في سورية حرب ذات شقين؛ حرب شرسة على الأرض مع كتائب الأسد الإجرامية.. وكفة الثوار ترجح يوماً بعد يوم، وتزداد الأرض التي يهيمنون عليها، وبالمقابل تتقلّم مخالب النظام الطويلة وتزوي الأرض التي تئنّ من خبثه ورجسه..وتُنقص من أطرافها ..
وهذا ظاهر جداً لا يماري فيه إلا مكابر؛ فالحواجز التي كانت تخنق ريف دمشق انتقلت لدمشق نفسها فلا يخلو منها طريق.

 

 

وقد كان النظام في البداية حريصاً على القول بأن دمشق (ما فيها شيء- دمشق بخير- سورية بخير- وحلب بخير ما في مظاهرات بحلب!! والمظاهرات خداع وهناك مجسَّمات للمدن في الدوحة !!)
لكن دمشق اليوم ليست بخير وأما حلب فهي بخير عظيم الساعة!! وقد صدقوا حين رددوا كلمة جبلز وزير إعلام هتلر: اكذب ثم اكذب يصدقك الناس... لكن صدقوا في أنهم كاذبون وإن لم يصدقهم الناس!!
وأما الحرب الثانية التي تدور رحاها بين عباد الله وبين أعداء الله فهي الحرب الإعلامية الضارية، وهي لا تقل ضراوة عن الحرب الأخرى، وهي تتفرع إلى نواح عدة، منها: ما نسمِّيه حرب المصطلحات .. أو المصطلحات المضللة .. وهي موضوع هذه المقالة.
- أول هذه المصطلحات المضللة:

قولهم إن ما يقع في سورية اليوم فتنة، ويستدلون لما يزعمون بالآيات والأحاديث ويطيلون الكلام في ذلك.. وممن يتشدق بذلك الأذيال من علماء السلطة وعملاء الشرطة!!
وهذا استدلال يدل على سخف في الفهم وقصور في العقل وخبث في الطوية؛ لأنه خطأ في الدليل والمدلول.
المدلول (أي مدلول الفتنة) ليست الثورة وما يكون من جرائها من أحداث أحاطت بسورية كلها من هذا المعنى بشيء.
مدلول (الفتنة) شيء آخر بعيد كل البعد عن هذا المفهوم.
وأخطؤوا في الدليل لما طلبوه في الآيات والأحاديث التي لا تدل على المدلول الذي حشوا بهم عقولهم.. ولهم في هذه الأباطيل سلف سيئ، هم الباطنية والرافضة الذين حرّفوا كتاب الله تحريفاً فاق تحريف اليهود والنصارى..!!
الفتنة ذات مدلولين في الاصطلاح:
الأول: بمعنى الاختبار والابتلاء كقوله تعالى: (و نبلوكم بالشر والخير فتنة)، وقوله: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه..).
فما يصيب الإنسان في الحياة الدنيا من مرض ونصب وفقد أهل ومال وولد وغير ذلك من أصناف البلاء والشقاء، فهو من الفتنة بهذا المعنى؛ لأن المرء عندما يصاب بهذه المصائب لا بد له من أن يتحصّن بالإيمان والصبر فيرضى بقضاء الله وقدره فينطلق لسانه مترجماً عما في جَنانه بكلمات الحمد لله والرضا والتسليم والترجيع... (..وبشِّر الصَّابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).
هذا المعنى إذا أطلقه المتحدثون على الثورة لا ضير فيه البتة، فما أعظم ما يتتطاير من بلوائها هنا وهناك فتصيب هذا وتلك وذاك..
فكم من أم ابتليت بغياب ولدها بل أولادها أو استشهادهم في سبيل الله تعالى، وكم من رجل خسر ماله كله ورأى بعينه المجرمين يسطون على داره وما فيها ثم يدمرونها تدميراً.. وكل أولئك صبروا واحتسبوا فلا تسمع منهم إلا صوت الإيمان والرضا بمُرِّ القضاء.. وهذا لعَمر الحق من أسرار ثورة الحق والكرامة.
ومن بشائر النصر الآتي بإذنه تعالى.. وكأني بهؤلاء المبتلين يخاطبهم صوت عُلوي قائلاً:


                      هوّن عليك فكل حي فانِ  ***  واذكر بقاء مدبِّر الأكوانِ
             واصبر على ما قد أصابك واحتمل  ****  مُرّ الأذى ومظالم الإنسان


وأما المدلون الثاني لكلمة (الفتنة)،فهو التباس الأمر على الفهوم والعقول، فنقول: غُمَّت القضية ولم يظهر وجه الحق والصواب فيها.. فهي فتنة بهذا المعنى.
وهذا المعنى أرادته كثير من الأحاديث وحذّرت من الفتن، وأمرت بتجافيها و نهت عن الوقوع في حبائلها المتلفة.. لكنّ نعال النظام البالية نزّلوا هذا المعنى على ثورة الحق فقالوا: فتنة وأي فتنة..؟!
وإنك لتراهم يفغرون أفواههم بهذه الكلمة وكأنها (أي أفواههم) أبواب من النار تُفتح ثم يفترون على الصادق المصدوق حين يلوون أقواله لما يريدون، فهم يكذبون عليه كما كان كذب جبال الكذب السابقون، لكن كذب أولئك باللفظ وهؤلاء بالمعنى!!!!
أين اللبس في ثورة الحق على الباطل والظلم؟!
أين الحق الذي امتزج بالباطل حتى غاب كلاهما فلم يمتاز أحدهما عن الآخر؟!
أليس الطفل غير المميِّز صار يميز بين أهل الحق وأهل الباطل، بَلهَ الصغار والكبار كلهم؟!
أليست البهائم - وقد أصابها شر المجرمين- صارت بغريزتها تلمح المحقِّين المظلومين فتركض إليهم هاربة من نيران الطغاة المعتدين؟!!  
فهل يقال بعد ذلك: إنها فتنة؟
إنها تلبيس إبليس يا من فتنكم الله تعالى فأسقطكم في حمأة الفتنة في دينكم وعقولكم!!


                         قد مُزجوا بالنفاق فامتزجوا **** والتبسوا في العِيان واشتبهوا
                           وما لأقوالهم إذا كُشِفت  ****  حقائق بل جميعها شُبهُ

 

ومن المصطلحات الخبيثة المضللة:
قولهم: الإرهابيون، المسلحون، السلفيون، القاعدة، وغيرها من الكلمات التي يطلقها النظام وأبواقه وطبوله..
وقصدهم من هذه الكلمات ظاهر واضح، تشويه رجال الثورة الذين أرخصوا أنفسهم في سبيل الله دفاعاً عن الدين والقيم والعرض والأرض..
وقد سمعت متحدثاً كان من قبل من أعوان الطغاة وعضواً في مرقص الشعب ثم رحل غير مأسوف عليه إلى دولة خليجية وادَّعى أنه معارض حين أحسَّ أنّ يد الثوار استطالت وستنال في وقت قريب من رؤوس قد أينعت وحان قطافها.. سمعته يقول: (المسلحون) ولم يطاوعه لسانه الأعوج أن يقول: (أحرار الجيش الحر).. فكشف بذلك عن مكنون نفسه حين تفلّتت منه هذه الكلمة تفلت الروح عن جسدها:
                     ومهما تكن عند امرئ من خليقة **** وإن خالها تخفى على الناس تُعلم!
ومن أيام قليلة أخذ خطيب النظام الهرم الذي فُتن على كبر يقول: أهذا جهاد في سبيل الله؟ّ! كيف يكون جهاداً وهم يقتلون ويخربون ويدمِّرون...؟؟!!
وهو يعني بصراخه هذا الذين يدفعون القتل والأذى عن أنفسهم وأهليهم ووطنهم!!
وغفل هذا الصارخ عن القاتل الظاهر الذي عرفه كل الناس بل عرفه كل شيء؛ لأنه لم يسلم من شره شيء..!!
نعم والله إنها لفتنة عظيمة فتنت هذا وأمثاله فأعمت أبصارهم و إنها لعَمهٌ متراكب أعمى بصائرهم حتى تاهوا هذا التيه الغريب العجيب.. (ألا في الفتنة سقطوا)....!!!!

 

المصدر: رابطة العلماء السوريين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع