..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

من (فر) ومن (سيفر) حسب مقابلة تلفزيون الدنيا؟

طريف يوسف آغا

٢ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4648

من (فر) ومن (سيفر) حسب مقابلة تلفزيون الدنيا؟
123 بشار يضحك.jpg

شـــــارك المادة

لم تخيب قناة تلفزيون (الدنيا) السورية آمال متابعيها من (الطرفين) حين بثت المقابلة الأخيرة مع رئيس النظام السوري (قاتل شعبه) قبل عدة أيام.
الطرف الأول المعني بالمتابعين هنا هو ذلك المؤيد للنظام والذي مازال مشدوداً لهذه القناة وأمثالها ليتابع من خلالها (بطولات) جيشه العرمرم وهو يلاحق فلول (العصابات المسلحة) على طول البلاد وعرضها ويكبدها (الخسائر الفادحة) في العتاد والأرواح!
أما الطرف الثاني فهو الطرف المؤيد للثورة، وأنا منه، والذي يجد فيها وفي أمثالها أخباراً، حتماً كاذبة، ولكن إذا تمت قراءتها بالشكل الصحيح يمكن معرفة بعض ما يجري داخل النظام وبالتالي يمكن استعمالها ضده وليس لصالحه.

 


وهذه القناة بالذات بنت شهرتها على (الحجم) الغير طبيعي لكذباتها والذي ينقلها من خانة (الكذب العادي) إلى خانة (الكذب العملاق) مما يفقدها مصداقيتها من جهة ويعرضها ويعرض نظامها للسخرية من جهة ثانية.
وعلينا أن لانستهين (بسلاح السخرية) في محاربة أنظمة كهذه، وهو ماتقدمه لنا هذه القناة وأمثالها مجاناً. آخر ماقدمته لنا القناة المذكورة في هذا السياق كان المقابلة قبل أيام مع رئيس النظام والتي احتوت على كل ماكان ينتظره الجميع منه ومنها. خاصة وأن الرجل نطق فيها بجمل ليس لها معنى وكرر بعض الكلمات التي تتحمل معان (مضحكة) إن لم نقل (مخزية)، والتي لو أنه لم يكررها أو لو أتت من غيره لكانت ربما مرت دون أن ينتبه إليها أحد.
ومن الجديد مما أتى في هذه المقابلة ولفت النظر كان قوله: "لايمكن فصل الوضع في (حلب) عن الوضع في (سورية)"، "(الإعلام السوري) تمكن من (ضرب) امبرطوريات إعلامية حقيقية"، "مراقبة المسؤولين يجب أن تكون من الأعلى ومن (الأسفل) فالمراقبة من الأعلى فقط غير كافية"، "هناك من يريد أن يهرب إلى (الخارج) ومن يريد أن يذهب إلى (الخارج) فالطريق مفتوح".
كل هذا يؤكد أن ليس هناك من يدقق له خطاباته وكلماته قبل إجرائها وإلقائها.
ولكن المفاجأة الحقيقية في المقابلة والتي أطلقت مئات التعليقات والمشاركات فكانت مداخلته عن ظاهرة (الانشقاق) والتي أسهب في شرحها لدرجة أنه لم يعد يعرف كيف يخرج منها.
وقد أتى سياق المداخلة بالشكل التالي: ماحصل أن أشخاصاً كانوا موجودين في موقع و(فروا)، إذاً هي عملية (فرار)، وكل من هرب فهو (فر)، والعمليات هي عمليات (فرار)، من (يفر)؟، الشخص الوطني(لايفر)، طُرح أن أكثر من شخص أراد أن (يفر)، وكثير من الأشخاص طرح بأنهم(سيفرون)، إن (الفرار) حالة إيجابية وليس سلبية".
وهنا لاحظ المذيع الورطة التي أوقع الرجل نفسه فيها، فسارع لنجدته بطرح سؤال جديد لينقذه منها. وكان(سيادته) قد ختم مداخلته تلك بسؤال أكثر (سخرية) من المداخلة نفسها طرحه هو على المذيع وسأله فيه: "هل سمعتم بأن شخصاً أراد الانشقاق وتم اعتقاله؟" فالجواب على هذا السؤال هو أن الشعب السوري كله معتقل، إن لم يكن في زنزانات وأقبية سجون النظام، فضمن السجن الأكبر الذي اسمه سورية.
مالفت نظري في هذه المقابلة أيضاً وبالرغم من إشارة المذيع في بدايتها إلى أنها مخصصة "لتناقش المواضيع الأكثر إشغالاً لبال (المواطن السوري) والتي يسأل عنها وتشكل الهاجس له بشكل يومي".
مالفت نظري فيها أنها لم تحتو ولا على سؤال واحد طرح على (سيادته) حول الثلاثة ملايين (مواطن سوري) الذين تم تهجيرهم إما داخل الوطن وإما إلى الدول المجاورة، إلا إذا كان المذيع و(سيادته) يعتبرانهم غير سوريين وبالتالي فالموضوع غير جدير بالمناقشة.
كما ولم يطرح أي سؤال عن نتائج تحقيقات الدولة في المجازر الجماعية التي ارتكبتها (العصابات الارهابية) بحق المدنيين حرقاً أو ذبحاً بالسكاكين من الحولة إلى داريا ومروراً بالباقي، إلا إذا كانا يظنان أن الضحايا كانوا من الدجاج وشوي الدجاج بعد ذبحه هو أمر اعتيادي؟
حتى أنه لم يسأله سؤلاً واحداً عن أقرب معاونيه من أعمدة النظام والذين فقدهم في حادثة تفجير (خلية الأزمة) مؤخراً، فيبدو أن حتى هؤلاء ماكانوا يعنون له شيئاً؟
أريد أن أشير هنا إلى الجملة الأهم في كل هذه المقابلة والتي برأي الشخصي لم يكن فيها مايضحك أو مايدعو إلى السخرية، بل يدعو إلى الانتباه، فالنظام ممثلاً برئيسه مازال ملتزماً بالشعار الذي طرحه منذ بداية الثورة وهو (الأسد أو نحرق البلد) وإن كان بصيغ مختلفة. والصيغة التي استعملها في تلك المقابلة كانت عبارته التي أتت في الدقيقة 48 من شريط الفيديو والتي قال فيها "لايمكن أن تغرق الدولة ويبقى الوطن"، والدولة عنده تعني النظام كما كان قد سبق ووضح، والنظام يعني شخصه كما يعرف الجميع. فهو بذلك يكون قد أعاد صياغة الشعار المذكور إلى الشكل المعدل التالي (الأسد أو نغرق الوطن)، ويبدو أن (حر الصيف) هذه الأيام قد فعل فعله بالرجل، فوجد أن (الماء) أكثر ملائمة من (النار) لتنفيذ تهديده.
في الخاتمة، وبالعودة إلى عنوان المقال، فليس المهم من (يفر) اليوم ولكن من (سيفر) غداً؟
وأرى أن تحافظ دول الجوار بعد سقوط النظام على المخيمات التي أقامتها للاجئين السوريين، لأنها ستحتاج هذه المخيمات لرجالات النظام ومؤيديه ومحبيه
، فهم بمئات الآلاف إن لم يكونوا بالملايين.
ولن أستغرب إذا سمعت قريباً خبر إعلان وصول (الرئيس المخلوع) إلى الأراضي الأردنية بعد تعرض موكبه لإطلاق الرصاص من قبل الجيش الحر وهو يحاول عبور الحدود، ثم بعد ذلك خبر فرزه إلى مخيم (الزعتري) السيء الصيت وتخصيص خيمة (دي لوكس) خالية من العقارب له ولعائلته.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع