الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 3253
شـــــارك المادة
منحت قمة حركة عدم الانحياز، التي تضم 120 دولة، إيران، التي استضافت القمة، انتصارا دبلوماسيا أول من أمس عندما دعمت في قرارها بالإجماع البرنامج النووي الإيراني المتنازع عليه، منتقدة في الوقت ذاته المساعي التي تقودها الولايات المتحدة لعزل إيران وفرض عقوبات اقتصادية أحادية عليها.
لكن البيان الذي أصدرته القمة في ختام اجتماعها، والذي أذاعته وسائل الإعلام الإيرانية، خلا من أي تأييد لسوريا، الحليف القوي لإيران في الشرق الأوسط، مما يعكس وجهة نظر كثير من الأعضاء بأن محاولة الحكومة السورية سحق الثورة أمر لا يمكن الدفاع عنه.
الإغفال الواضح لسوريا في الوثيقة التي أطلق عليها إعلان طهران، في أعقاب يوم عاصف حاول فيه الوفد الإيراني تأمين نوع من الدعم للحكومة السورية، حيث انتقد المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، ومساعدوه الدعم الأجنبي للثورة السورية.
على الرغم من ذلك كانت القمة، التي تعد أكبر تجمع دولي في إيران منذ الثورة الإيرانية 1979، أقوى تعبير لدعم حق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية في مواجهتها الحاسمة مع الغرب، وقوض الدعم الكامل للوثيقة الختامية الحجة الأميركية بأن إيران دولة مارقة معزولة.
وأكد إعلان طهران على حق إيران في امتلاك الطاقة النووية، واعترف بحقها في امتلاك الوقود النووي، أي تخصيب اليورانيوم، وهو موضع جدال عميق.
وكان مجلس الأمن قد طالب إيران مرارا بالوقف الكامل لبرامج تخصيب اليورانيوم حتى تتمكن من تبديد الشكوك بسعيها لامتلاك الأسلحة النووية.
وقادت الولايات المتحدة الجهود الغربية لمعاقبة إيران بفرض عقوبات اقتصادية مرهقة عندما تحدت إيران مطالب مجلس الأمن. من جهة أخرى، كان السوريون أكبر الخاسرين في القمة، عندما أبدت إيران في البداية عدم رغبتها ثم عدم قدرتها بعد ذلك على حشد الدعم لحكومة الرئيس الأسد. وخلال الأيام التي سبقت اختتام أعمال القمة التزم القادة الإيرانيون الصمت خشية حدوث شقاق، بحسب اعتراف مسؤولين إيرانيين.
وقال شاهد عيان إن الإحباط كان جليا بعد ظهر يوم الجمعة، عندما شوهد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي يتحدث في الصالة الرئيسة مع نظيره السوري ويشير بيديه ما يقرب من ثلث الساعة. غادر بعدها السوريون القاعة، لكنهم عادوا للانضمام إلى الاجتماع بعد عدة ساعات.
وأوضح دبلوماسيون أن الوفد الإيراني حاول بعد الظهر تمرير فقرة مستقلة بشأن سوريا ومنع الانتشار النووي، وهو ما قوبل برفض من الوفود العربية. وقالت مصادر داخل المؤتمر إن الهند، الدولة النووية، عبرت عن عدم رضاها للغة منع الانتشار النووي المقترحة.
جاءت عدم قدرة إيران على دعم سوريا في المؤتمر في أعقاب يوم واحد من مفاجأة الرئيس المصري الجديد، محمد مرسي، مضيفيه الإيرانيين بتنديد مدوٍّ لحكومة الأسد، مما يعكس الدعم العربي الواسع للثورة في سوريا. وقال الخبراء إن الكلمة التي ألقاها مرسي الذي لقيت مشاركته ترحيبا من جانب إيران، كإشارة على التحول لقوة معادية في الغرب لـ«الشرق الأوسط»، يجب أن تكون جرس إنذار للإيرانيين.ويقول أوغسطس ريتشارد نورتون، الباحث في الشؤون الإسلامية وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوسطن: «من ناحية، حصلوا على تأييد متوقع وبالغ القوة لحقهم في الحصول على الطاقة النووية السلمية، لكنهم لم يلقوا أي دعم على الإطلاق بشأن موقفهم الاستراتيجي نحو سوريا».
وقال: «كان ذلك بمثابة إنذار، وأعطاهم إحساسا بأنهم بعيدون كل البعد عن الرأي السائد في العالم العربي، وهو ما من شأنه أن يثير قلقهم بشكل كبير».
وقد انتقد آية الله خامنئي بشكل غير مباشر ملاحظات مرسي التي شكلت عقبة خطرة أمام إيران، التي تسلمت رئاسة حركة عدم الانحياز حتى 2015.
وكان السفير الإيراني الأسبق، حسين شيخ الإسلام، أكثر حدة، فنقلت عنه وكالة «مهر» شبه الرسمية قوله إن الرئيس المصري تخطى الأعراف الدبلوماسية، مبديا عدم حصافة سياسية و«ارتكب خطأ فاحشا».
برزت الدلائل الأخرى على الشقاق في تصرفات بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة وضيف شرف القمة، الذي رأي القادة الإيرانيون في مشاركته رفضا للجهود الأميركية والإسرائيلية لعزل إيران، ففي كلمته في كلية العلاقات الدولية الإيرانية، قال إنه حث آية خامنئي في لقائهما على إطلاق سراح السجناء السياسيين.
وكان اجتماع القمة بمثابة فرصة للقادة الإيرانيين لإقناع مواطنيهم بأهمية إيران على الساحة الدولية، وتجاهل التلفزيون الرسمي العبارات التي خرجت عن الرواية السياسية الرسمية، فلم تعلق غالبية وسائل الإعلام الإيرانية على الأجزاء المثيرة للجدل في كلمة الرئيس مرسي.
بيد أن محمد جواد لاريجاني، رئيس المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في إيران، قال في مقابلة مع وكالة «مهر» إن إيران ترحب برأي الرئيس مرسي، قائلا: «نحن لا نعارض التعبير عن الرأي، ونؤمن أيضا بأنه لا ينبغي على أحد فرض رأيه على الآخرين».
المصدر:
غازي دحمان
عمر كوش
بدر الدين حسن قربي
عبد الكريم بكار
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة