..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مفارقات بين النصرة بالحناجر والخناجر في سوريا

صلاح الدين سلطان

٢٩ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6647

مفارقات بين النصرة بالحناجر والخناجر في سوريا
111.jpg

شـــــارك المادة

ما يجري في سوريا من مجازر لا يمكن أن ينتهي بالحناجر دون الخناجر، فالحرب كما قالت العرب: "إن الحرب أولها كلام، وأقول، وأوسطها سهام وآخرها سلام"، ولم أرَ في التاريخ شراً أبيد بالكلام دون السهام، أو الحناجر دون الخناجر، ولا سلام دون سهام تردع اللئام وتؤمّن الكرام.

 

 

والأمر في سوريا بلغ الذؤابة من القتل والسفك، وطال الأطفال؛ لإذلال الرجال، وافترشت النساء بصورة مذهلة خسيسة، وكله مع التصوير دون حياء ولا ذرة من إنسانية أو حيوانية، ولا أعلم حيوانات في الكرة الأرضية تفعل ما يفعله النظام السوري بشعبه الحر الأبي، ولو تكلم الأسد الحقيقي من أية حديقة حيوان لتبرأ من عائلة الأسد كلها، أو جمع الأسود النبلاء من حدائق الحيوان؛ ليغيّروا أسماءهم حتى يسقط جزار الأسد وعائلته، هل رأيتم عبر التاريخ بنتاً تمشي في شوارع سوريا لم تتجاوز العشرين عاماً فيخطفها زبانية النظام ويتناوبون عليها هتكاً لعرضها في السيارة العسكرية واحداً وراء الآخر، ثم يذبحون البنت ويلقون بفتاتها كي يتلطّخوا بالدم والفجور معاً، وهذا تحت عدسات الكاميرا كي تكون الجرائم مركبة ببيعها وكسب ملايين الليرات منها، ويشيعون الفاحشة في الناس، ويلقون الرعب في النفوس لكن أحرار وحرائر سوريا يقتربون من العام صبراً جميلاً، ورباطاً طويلاً، وصموداً عظيماً، وتحدياً كبيراً، وفوق ذلك يفوضون أمرهم إلى الله تفويضاً جليلاً، وقد اكتفي العالم بنصرتهم بالحناجر دون الخناجر، واللسان دون السنان، مخالفين هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي حرك جيشاً على يهود بني قينقاع بسبب كشفهم عورة امرأة مسلمة واحدة، وأقام حرباً أيضاً على يهود بني النضير لمجرد الشروع في محاولة اغتيال، وحرك جيشاً آخر لأن يهود بني قريظة نقضوا عهدهم فقط دون قتل إنسان واحد، وانتصر لقتيلين غير مسلمين من بني خزاعة وفاء بعهد معهم أن ينصر بعضهم بعضاً فكان فتح مكة شاهداً على وجوب الانتصار لأي مظلوم ولو كان غير مسلم، فكيف ساغ لأمة بأكملها وجماعات إسلامية درست النصوص القرآنية والأحاديث والسيرة النبوية التي تؤكد على أن واقعة الاعتداء أو الهمّ بها توجب حرباً وتحرك جيشاً؛ لأنه لا يفلّ الحديد إلا الحديد، ولا يُعامل الكرام بما يُعامل به اللئام، وقال الشاعر:

السيف أصدق أنباء من الكتب ***  في حده الحد بين الجد واللعب

وأريد أن أسال ليس فقط المسلمين بل علماء المسلمين، والجماعات الإسلامية الكبرى والصغرى في العالم، هل تُجدي الآن الحناجر دون الخناجر لوقف هذه المجازر؟ يا قوم إن النظام السوري قد استفاد من أحبابه الصهاينة -وفقاً لمنهج الباطنية والتقية- حيث قالت جولد مائير: إن أسوأ يوم في حياتها كان يوم 4 يونيو سنة 1967م قبل الضربة القاصمة لمصر وسوريا؛ حيث كانت تخشى من رد فعل بالخناجر من العرب والمسلمين، لكنها قالت بعدها: لم أكن أسعد مني من يوم 6 يونيو؛ حيث لم أجد سوى ضجة كلامية وظاهرة صوتية، وبالعربي حناجر دون خناجر فاستراحت، وقالت: "إن الاحتجاجات ليست رصاصاً موجهاً إلى صدر إسرائيل"، وراح الصهاينة في مشوارهم الطويل من القتل والسفك والتهويد لأن العرب كانوا ولا يزالون- إلا المقاومين - يقدمون بين يدي حمامات الدم قصائد نارية، وخطباً منبرية لا تتبعها مواقف عملية، والأصل أن بعض ما يجري في سوريا يقتضي إعلان الحرب على هذا النظام وليس إرسال لجان مراقبة من الجامعة العربية، أو إصدار قرارات إدانة من الجمعية العمومية لهيئة الأمم في الغرف المكيفة بينما الضحية في سوريا يعاني من قسوة لا حد لها من النظام السوري، والعالم يرى أن النظام كافأ شعبه على هذه اللجان والإدانات بمزيد من القتل حيث ارتفع متوسط القتلى- الذين يعرفون- من ثلاثين إلى أربعين يومياً إلى ما فوق المائة الآن.
ولذا يجب أن تخرج الشعوب الإسلامية عن صمتها، والجيوش العربية عن ثكناتها، والسيوف عن أغمادها، كي تتحول الظاهرة الصوتية إلى غارات جوية، وقنابل يدوية، وقذائف نارية، دون أن نسمح للغرب أن يكون له دور في إنهاء الأزمة السورية، ولا بدّ أن تجتمع المجامع الفقهية من أجل سورية، وأن تلتقي وزارت الدفاع في الأمة الإسلامية لحماية السنة بعد أن فجرت إيران وانجرف حزب الله إلى الميدان السوري يخططون ويهجمون ويقتلون ويعربدون، ويسرقون ويغتصبون، ونحن في الجوامع والصوامع ندعو فلا يستجاب لنا؛ لأن الله - تعالى - لا يجيب الكسالى، ولا يقبل من المخلّفين، ولا يرضى عن القاعدين، ولا ينصر الذين يقولون ما لا يفعلون، بل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو في العريش: ((اللهم إن تغلب هذه العصابة، فلن تعبد في الأرض بعد اليوم))، كان هذا والجيش قد تلمظ وخطط واستعد الرجال بالنزال، وهنا كان الدعاء مقبولاً، ونزلت الملائكة تثبت الذين آمنوا وتضرب فوق الأعناق، وتبث الرعب في نفوس الكافرين، وهي جاهزة فقط لأصحاب الحناجر والخناجر، القول والفعل.
فهل يسمع شعب سوريا المظلوم صوتاً عربياً واحداً من الشعوب أو الأنظمة يقول: لا تحزني أختاه ولا تبتئس أخي في الله والعروبة والإنسانية، فسوف يأتي لجزار الأسد ما يرى لا ما يسمع؟!!!
لا حرج على الإنسان أن يحلم فحقائق اليوم هي أحلام الأمس، فناموا واحلموا بأن تلحقوا الخناجر بالحناجر والسنان باللسان، والله وحده المستعان وعليه التكلان.

المصدر: رابطة العلماء السوريين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع