شؤون خليجية
تصدير المادة
المشاهدات : 3026
شـــــارك المادة
روسيا بدعم القاهرة وأبو ظبي تريد إنشاء وتصنيع كيان جديد للمعارضة السورية موالية لنظام الأسد، مع تقويض واستئصال المعارضة السورية المنبثقة عن مؤتمر الرياض والهيئة العليا للتفاوض، تحول سياسي مثير للقلق بالتزامن مع تحولات عسكرية أشد عنفا تمثلت في المخطط الروسي الأسدي لإسقاط حلب، ووضع موسكو لتصور بشأن دستور سوريا الجديد، روسيا تبتلع سوريا وتتحكم في مفاصلها السياسية والعسكرية، والدستورية، فهل يفسر ذلك بأنه إسقاط لآخر ورقة للمحور السني في سوريا، أم أن هناك فرصة لإسقاط الخطة الروسية المدعومة من دولتين تجمعهما شراكة استراتيجية مع الرياض الداعم الأول الرئيس للمعارضة؟
بدعم من القاهرة وأبو ظبي:
بدعم من القاهرة وأبو ظبي، موسكو ترغب في إنشاء كيان جديد للمعارضة السورية، هذا ما كشفه موقع "انتلجنس أون لاين"، الفرنسي الاستخباري، في نشرته الأخيرة، وأكد أن روسيا تفرض بهدوء منطقها الدبلوماسي والعسكري في دمشق. ويظهر أن موسكو تتمتع بحرية أكبر من أي وقت مضى لتملي شروطها في سوريا، وفقا لما أفاد به الموقع.
وأثناء الجولة الأخيرة من المفاوضات في جنيف الشهر الماضي، تمكن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، من دفع الأطراف للتخلي عما كان شرطا غير قابل للتفاوض من الغرب والمعسكر السني، وهو رحيل بشار الأسد.
في تطور لافت لم تكن المسألة مطروحة حتى على جدول أعمال الاجتماع. ذلك أن ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، محمد علوش، ممثل الهيئة العليا للتفاوض، ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة لا يمكنهم أن يفعلوا أكثر من مسايرة ما تريده روسيا. ويبدو وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الذي أرسل على عجل إلى سويسرا لإعادة تثبيت وقف إطلاق النار في حلب، بلا حول ولا قوة في وجه النفوذ الروسي اليوم.بل إن موسكو تحاول تحقيق المزيد من المكاسب بتقويض "الهيئة العليا للتفاوض"، المقربة جدا من السعودية وتركيا، حيث يرغب الكرملين في إنشاء كيان جديد تتكون من جماعات المعارضة أكثر توافقا مع دمشق.
وبحسب موقع "انتلجنس أون لاين"، فإن الكيان البديل، والذي تشرف عليه موسكو والقاهرة وبدعم من أبو ظبي والجزائر، من المرجح أن يكون برئاسة نائب رئيس الوزراء السابق قدري جميل، الذي لجأ إلى المنفى في موسكو في 2013 وأحمد الجربا، الرئيس السابق للائتلاف الوطني المعارض.
خطة إسقاط حلب بلا إذن:
من الناحية العسكرية، تمسك موسكو اليوم بكل الأوراق. واستنادا لمصادر "انتلجنس أون لاين" في بيروت، هناك معلومات تفيد أن وزير الدفاع الروسي قد وضع خططا لاستعادة السيطرة على حلب دون الأخذ بعين الاعتبار رد فعل واشنطن وأطراف المفاوضات في جنيف. ذلك أن قائد عمليات الجيش الروسي في سوريا، اندريه كارتابولوف، قدم برنامج لحلفاء موسكو في قاعدة "حميميم" العسكرية في ريف اللاذقية خلال الأيام الأخيرة.
قد اطلع "كارتابولوف" أيضا الجنرال قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس، القوة العسكرية للحرس الثوري الإيراني، وماهر الأسد الشقيق الأصغر لحاكم دمشق بشار بالخطة، وكُلف العقيد سهيل حسن "النمر"، الذي يعمل في تعاون وثيق مع طهران، بشن الهجوم البري، بينما يتولى رئيس إدارة المخابرات الجوية السورية، جميل حسن، الإشراف على قيادة الهجمات الجوية على حلب.
روسيا تبتلع سوريا فقد قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، الموالية لنظام بشار الأسد، وميليشيا "حزب الله" اللبناني، إن روسيا انتهت من صياغة مشروع دستور جديد لسورية، وفقاً للاتفاق الذي توصلت إليه موسكو مع واشنطن في مارس الماضي، والذي يقضي بوضع دستور قبل نهاية أغسطس المقبل.
أبوظبي والقاهرة على خط الأزمة..كيف؟
رصد مراقبون دخول "أبو ظبي" على خط الأزمة السورية ولكن من الباب الخلفي، وفي 16 مارس 2016، تناولت العديد من المواقع الإخبارية الأمر بنقد مباشر وغير مباشر، فإعلان أحمد عاصي الجربا الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري المعارض عن تشكيل تكتل سياسي جديد برعاية القيادي المفصول من حركة "فتح" الفلسطينية محمد دحلان بحد ذاته نبأ مثير للاهتمام.
وبحسب مراقبين فإن تاريخ دحلان الأسود في الشأن الفلسطيني، كما يصفه الفلسطينيون أنفسهم، على وجه الخصوص كفيل بأن يجبر البعض على نعت الجربا بأنه "دحلان سوريا"، لكن الأهم من الصفات التي قد تكون مشتركة بين الرجلين هو كونهما أداة في يد الغير لتنفيذ سياسات معينة، وبالنظر إلى محمد دحلان، فهو مستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، كما أنه صاحب مشورات المشاركة العسكرية والأمنية للدولة في خارج البلاد، إلى جانب أنه رأس حرب ضد "الإسلام السياسي"، إن كان داخل الدولة أو خارجها.
المثير للانتباه هنا أن دحلان، الذي كان يجلس بجانب الجربا خلال الإعلان عن التكتل السياسي ويتبادل معه الكلام وكأنه يتلقى منه ماذا يقول ويفعل، إلى جانب عدد آخر من السياسيين المشبوهين في كل دولة، يشير بوضوح إلى أن الأمر لا يعود بطبيعة الحال إلى دحلان لوحده، بل إنه تحركاً جديداً لأبوظبي، أيضا للمكان دلالة مهمة كما كان للأشخاص، فهي القاهرة التي أعلن فيها عن تشكيل هذا الجسم السياسي الجديد، وهي التي تتمكن أبوظبي أن تسرح وتمرح فيها دون أن ينبت ببنت شفه أي طرف من النظام الانقلابي في مصر.
"الغد السوري" وشراء الولاءات:
وعن دلالة الزمان فالإعلان يأتي بالتزامن مع دخول الثورة السورية عامها السادس على التوالي، وفي ظل تحرك سياسي قائم حالياً، وفي حال تم التوصل إلى أي حل قريب كان أم بعيد، فإن أبوظبي تسعى لأن يكون لها موطئ قدم سياسي في أي تحرك مستقبلي، ويبدو أن الجربا بدعم من دحلان ومن خلفه أبوظبي يسعى لهذا الأمر، حيث يتوقع أن يكون بمثابة بنك متنقل لشراء الولاءات.
إنشاء حزب كحزب "الغد"، بحاجة إلى دعم مالي وتمويل كبير، إلى جانب الدعم الإعلامي والسياسي. والظاهر من حضور مستشار ولي عهد أبوظبي يشير إلى مصدر هذا التمويل، بحسب محللين، أما بشأن الدعم السياسي، فقد بدأ الجربا وفريقه يتحرك، حيث التقى الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذي أشاد بالحزب، بل إن وسائل الإعلام المصرية والموالية لحكومة أبوظبي بدأت تتعامل معه بالمسمى الجديد "رئيس حزب "الغد" السوري المعارض"، إلى جانب استخدام صوره بخلفية علم الثورة.
فيما يرجح مراقبون أن يكون دعم أبوظبي هو القوة الأساسية لإطلاق مشروع الجربا الجديد، بل إنه قد يكون في إطار تحرك أوسع تشارك فيه روسيا، التي شاركت في إطلاق الحزب، وللتذكير فإن دحلان ظهر في اجتماع عالي المستوى في الكرملين برئاسة فلاديمير بوتين، وذلك بالتزامن مع الخلاف مع تركيا، لا سيما وأن العلاقات التركية الإماراتية تشهد توترا.
الجربا أداة المشروع الروسي للتقسيم:
في 11 مارس 2016، أعلن أحمد الجربا، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية السابق، تأسيس تيار «الغد السوري»، وذلك خلال مؤتمر للتيار الذي يترأسه، في القاهرة. وبالنظر إلى الأهداف المُعلنة للتيار والساسة الحاضرين في المؤتمر، تزداد توقعات تحقيق التيار -الذي يصف نفسه بـ«المعارض»- للسياسة الروسية في الصراع السوري.
عرف الجربا، التيار الجديد بـأنه «تيار ديمقراطي تعددي، متحالف مع المجلس الوطني الكردي في سوريا». ويرتكز مطلب التيار الأساسي، بحسب الجربا، على أن تكون سوريا دولة لا مركزية، وإنما فيدرالية.
وشارك بالمؤتمر عدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية الهامة، كان من أبرزهم وزير الخارجية المصري سامح شكري، وممثلٌ عن السفارة الروسية في القاهرة، بالإضافة إلى محمد دحلان، المستشار الأمني للإمارات والقيادي السابق المفصول من حركة فتح، فضلًا عن مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان العراق.
تدشين كيان الجربا من القاهرة دعم جديد، يؤكد الموقف المصري الواضح من الأزمة السورية، والتي تميل إلى الوجهة السياسية لروسيا، التي تُمثّل الحليف الدولي الأقوى لنظام بشار الأسد.
علي حسين باكير
ديفيد إغناتيوس
محمد مشموشي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة