..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

عتّال في سوق الثورة

أنس الدغيم

٢٢ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2906

 عتّال في سوق الثورة
الدغيم 000.jpg

شـــــارك المادة

أنا مواطنٌ عاديّ

لا أعمل في السياسة و لا في العسكرة
و سيرتي الذاتيّة فقيرةٌ جداً بسطورها
ليس فيها أكثر من اسمي و اسم أبي و أمّي و تاريخ الميلاد
و لذلك فإنّني لا أعمل في واحدة من المنظّمات المنتشرة على امتداد سوريا
و التي تطلب للوظيفة أوّل ما تطلب … سيرتك الذاتيّة.

أعملُ عتّالاً في سوق الخضرة
يوميّتي حتّى السّاعة الرابعة مساءً و حتّى الآن 400 ليرة سوريّة على الرغم من تدهور العملة،
و عندما أسمع صوت #المرصد على قبضة #معلّمي اللاسلكية مبشراً بتحرير بلدة أو حاجز
أعتذر من المعلّم عن متابعة العمل و أرجع إلى البيت حاملاً أفخر أنواع التفّاح و الـ ( يوسف أفندي ) و قائلاً في نفسي: (طالعت اليوميّة).
كلّما سمعت #نحنحةَ مؤذّن مسجد حارتنا على مكبّر الصوت أضع يدي على قلبي و أقول ( اللهمّ اجعله خيراً )
و تقول لي أمّ سالم : ما بك يا رجل، أولادنا مثل أولاد الناس، و ليسوا لوحدهم على الجبهات
أقول لها : يا أمّ سالم، إنني أرفع رأسي بكلّ شهيد في هذا البلد و لكنّني أبكي لفقده و لبكاء أمّه،
و أشعر بأنّ رقماً جميلاً قد نقص من رصيد عمري.
في سوق الخضرة
أسمع كلّ يومٍ أكثر من عشرة أسماء لفصائل و حركات و كتائب
و لكنّها لا تنزل أبداً في حسابات الذاكرة عندي
ما يهمّني فقط هو التحرير و التقدّم على الجبهات.
و لا يؤلمني أكثر من أن يُقال : اقتتل الفصيل الفلانيّ مع الفصيل الفلانيّ
و أشعر بأنّ ورقةً بيضاء قد نقصت من دفتر الثورة و رصيدها.
و تمرّ أمام عيني في كلّ يومٍ عشرات الرّايات
منها ما أستطيع قراءة ما كُتب عليه و منها ما لا أستطيع.
كلّها عندي #علم_الثورة الذي كانت تطرّزه أمّ سالم لشباب الحارة قبل مظاهرة يوم الجمعة القادم.
لم أستطع مغادرة بيتي و حارتي التي لم تنمْ ليلةً بغير برميلٍ أو قذيفةٍ أو صاروخ
لأنّ الخيمةَ تكرّس عندي شعورَ الحياة البديلة و العادات البديلة و الوطن البديل.
و تُعجبني حارتي التي لا تربطها أيّ علاقة صداقةٍ مع الأنقاض
فبعد كلّ غارةٍ نجتمع نحن أبناء الحارة لرفع أنقاض الأبنية أو الجدران المنهارة
بالتعاون مع المجلس المحليّ في البلدة و الذي لا يدّخر أعضاؤه جهداً في تقديم يد العون في هذا المجال و في غيره، فرسوم النظافة منّا و منه العمل.
و كلُّنا في الحارة راضون بما يقوم به المعلّمون من تعليمٍ لأبنائنا و ما يتّخذونه من إجراءات السلامة اللّازمة و المعمول بها قدر الإمكان، فلا يجمعون العدد الكبير من الطّلّاب في مكان واحد، و عادة ما يكون المكان هو في الطابق تحت الأرضيّ ( القبو )
و الذي كان أكثر تعاوناً معنا هو ( أبو عبدو ) قائد كتيبة ….
و الذي نقل مقرَّه العسكريّ من بين الدُّور و الأبنية إلى خارج منطقة العمران فورَ أن طلبنا منه ذلك
حتّى لا نترك ذريعةً لعدوٍّ يقول : أنا أقصف الإرهابيّين.
لقد كنّا حريصين كلّ الحرص على أن يوكلَ العملُ الأمنيُّ لمخفر البلدة و الحارة و كان ذلك
فلا مكان للّثام في الحارة و لا للمجاهيل الذين يأتون ليلاً لغاية.
نبتعد عن الصلاة في المساجد ذات المآذن أو القباب الظاهرة
و لا نتبرّع بالدّم في غير بنك الدّم أو المستشفيات القريبة.
أوصي أولادي المجاهدين الثلاثة كلّ يوم:
لا توجّهوا سلاحكم إلى غير صدر عدوّكم
و أطيعوا قائدكم ما أطاع الله فيكم، فإذا طُلِبَ منكم القتال لمصلحة دنيا أو لغاية فصيلٍ فلا تقاتلوا.
و أقول لهم : لا تقاتلوا من أجل المعابر، بل من أجل الشعب المحاصَر.
و لا تقطعوا طريقاً فإنّ الله يرى.
و لا تسرقوا مالاً فإنّ الجهاد أسمى.
أنا أبو سالم
عتّالٌ في سوق الثورة.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع