أفيف دروكر
تصدير المادة
المشاهدات : 5177
شـــــارك المادة
هل اختفت القنبلة الإيرانية من حياتنا؟ بعد 15 سنة من قرع طبول الحرب، يجب الاعتراف بأننا تعودنا قليلاً على القنبلة، بل تعلمنا أن نحبها بعض الشيء. لقد نظمنا الجهاز السياسي حسبها، سكبنا أهمية مصيرية في مناصب فارغة المضمون، تعودنا بأن الشخصيات الجدية بالبدلات تخفض صوتها وتشرح كل ظاهرة تحدث في الكون بصوت هامس: "لا يمكنني التوسع، لكن نتنياهو لم يظهر أكثر جديةً في الآونة الأخيرة". لقد أدرنا حياتنا بين "سنة حسم" وأخرى. وفجأة... اختفى كل ذلك!
قبل أكثر من نصف سنة بقليل، ذهب رئيس الحكومة لإلقاء خطاب في الأمم المتحدة. العالم كله احتفل بالاتفاق الذي تم توقيعه مع إيران قبل شهرين ونصف من الخطاب، ونتنياهو حمل مهمة ناكر الجميل، التي يحبها جداً، وذهب لكي يشرح للغرباء الحمقى كم سيكون الأمر سيئاً جداً، إلى حد قيام رئيس الحكومة - في إحدى اللفتات المثيرة للسخرية التي ظهرت على المنبر الدولي - بالصمت لمدة 40 ثانية. بعد ذلك شرح مدى الشجاعة التي تحتمها مهمته: "ليس من السهل معارضة شيء اتخذته القوى العظمى. سيكون من الأسهل بكثير الجلوس بصمت. لكن الشعب اليهودي تعلم ثمن الجلوس بصمت. كرئيس لحكومة الدولة اليهودية، أنا أرفض الجلوس بصمت".
فور انتهاء الخطاب، أبلغ نتنياهو البيت الأبيض بأنه منذ الآن فصاعداً سيجلس بصمت، وفي هذه الحالة الخاصة، نفذ وعده. خلال النصف سنة الأخيرة يتواصل تنفيذ "صفقة القرن" الإيرانية (حسب نتنياهو) و"الخطأ التاريخي" للقوى العظمى (حسب نتنياهو)، بينما يجلس نتنياهو بصمت.
هكذا وصف العالم بعد الاتفاق، في الأمم المتحدة آنذاك: "إيران أقامت عشرات الخلايا الإرهابية حين حاولت إقناع العالم برفع العقوبات. تصوروا ما الذي ستفعله إيران بعد رفع العقوبات، إيران المنفلتة "ستلتهم" كل ما يصادفها في الطريق". ولكن ما حدث في هذه الأثناء - حسب مسؤول كبير في الجهاز الأمني - "أن تحويل الأموال الإيرانية إلى حزب الله والمنظمات الفلسطينية لم يتسع، رغم أنه تم تحرير المليار دولار الشهيرة لإيران منذ شهر كانون الثاني.
إيران تلتزم بالاتفاق، خطتها النووية تراجعت إلى الوراء – وبعبارة أخرى، حتى لو خرقت إيران الاتفاق بشكل فظ – فإنها ستحتاج، حسب جهازنا الأمني، من أجل الوصول إلى القنبلة، إلى وقت أكبر بكثير مما كانت ستحتاجه لو لم يتم توقيع الاتفاق. في هذه الأثناء ثبت أيضاً أن الادعاء بأن الشركات الغربية ستركض كالمجنونة لعقد صفقات مع إيران، مبالَغ فيه، وفي انتخابات البرلمان الإيراني فاز التركيب الإنساني الأكثر اعتدالاً في الجمهورية.
الإيرانيون لم يغيروا جلدتهم؛ إنهم يواصلون تحويل المساعدات الكثيرة لحزب الله، ويرسلون الميليشيات إلى سورية، ولا يمكن الافتراض بأنهم تخلوا عن طموحهم النووي، ولكن السؤال هو ليس هذا؛ وإنما هل أصبح وضعنا أفضل أو أسوأ في أعقاب الاتفاق؟ كل المنظومة السياسية – من يعلون مروراً بلبيد وليبرمان وحتى هرتسوغ – شرحت لنا بأن الاتفاق هو خطر وجودي رهيب، كلهم فضلوا تبني سيناريو نتنياهو المرعب؛ لكنه لم يدفع أي شخص في إسرائيل ثمن نبوءات الغضب التي لم تتحقق.
صحيح أنه لا يزال من المبكر التحديد بأن الاتفاق يعتبر ناجحاً، لكنَّ أحد ادعاءات المعارضين للاتفاق يثير الجنون. إنهم يدعون بأن الاتفاق يمنحنا بين 10 – 15 سنة تهدئة، لكنه بعد ذلك ستتمكن إيران من الوصول إلى القنبلة بسهولة. الدولة التي استثمرت مليارات الدولارات، والوقت وكل رأسمال سياسي، تستهتر بفترة 10 – 15 سنة. ويتضح أن أصحاب النظرة السوداوية لدينا لن يغيروا الأسطوانة أبداً. دائماً ستكون هناك "مسافة طويلة" ستتحقق خلالها نبوءتهم.
"هآرتس"- ترجمة مجلة البيان
التقرير
أحمد المراياتي
أسرة التحرير
وول ستريت جورنال
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة