مايكل يونغ
تصدير المادة
المشاهدات : 4042
شـــــارك المادة
في خطابه يوم الثلاثاء، ذكر الرئيس الأمريكي باراك أوباما سورية مرتين فقط. وقد ذكرها في المناسبتين بسياق المعركة التي تقودها أمريكا ضد "داعش". ولم يتم ذكر شيء عن قساوة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، هذا عدا عن التطرق إلى أن جرائمه قد دفعت بالتطرف في سورية. على الرغم من التقارير حول نية الولايات المتحدة البدء بتدريب الثوار السوريين "المعتدلين" قريباً، فقد كانت هنالك دلالات عديدة مؤخراً لتغير موقف إدارة أوباما حول الأسد. حيث أنها كانت تصر سابقاً على أن أي حل في سورية سيتطلب تنحيه، ولم تعد تقوم بذلك الآن.
الأسبوع الفائت، بعد اجتماعه في جنيف مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، عبّر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن دعمه لعرض السلام الروسي لأجل سورية، قائلاً بأنه "قد يكون مفيداً". وفي حين أن تفاصيل الخطة الروسية غير واضحة، إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى أنها ستدعو لرحيل الأسد، خاصة وأن النظام السوري قبلها.
وقد عززت تصريحات كيري اللاحقة وجهة النظر القائلة بأن واشنطن لم تعد تصر على رحيل الأسد. " لقد حان الوقت لكي يضع الرئيس الأسد، ونظام الأسد، شعبهم بالمرتبة الأولى وأن يفكروا بعواقب أفعالهم، التي تجذب المزيد والمزيد من الإرهابيين إلى سورية، في سعيهم لإسقاط الأسد بشكل رئيسي"، كما قال الوزير للصحفيين.
إن صياغته المراوغة للغاية، بالقول بوجوب تنحي الأسد، والطلب من قاتل جماعي وحاشيته أن يقوموا بطريقة ما "بالتفكير بعواقب أفعالهم،" تم تفسيرها فوراً على أنها تأكيد على التحول الأمريكي.
في لبنان، قدمت مادة إخبارية مصداقية أكبر لوجهة النظر هذه. فقد سرّب القائد الدرزي وليد جنبلاط لصحيفة الجمهورية أنه حين قابل في لندن في شهر كانون الأول الماضي مع جيفري فيلتمان، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية أخبره أن الإطاحة بالأسد لم تعد من أولويات الولايات المتحدة. "إنه باقٍ في الوقت الحالي"، كما قال فيلتمان عن رئيس سورية.
إن هدف البرنامج الأمريكي لتدريب وتسليح الثوار السوريين المعتدلين ليس لمحاربة قوات الأسد، ولكن لمحاربة "داعش" بالتنسيق مع الجيش الأمريكي. أي بكلمات أخرى، الثوار الذين تخلت عنهم واشنطن لسنين بمواجهة جيش الأسد، من المقرر الآن أن يصبحوا وقوداً للمدافع في حرب أمريكا ضد منظمة إرهابية.
السذج فقط من سيعتقدون أن المعتدلين، في حال استطاعوا التحول إلى مليشيا فاعلة، سيكون لديهم الأولويات ذاتها التي لدى إدارة أوباما. بالتأكيد فإن أولئك الذين سيشاركون بالبرنامج الأمريكي سيتم إقناعهم بذلك على أساس أن الأسلحة والتدريب الذي سيتلقونه سيتم توجيهه بالنهاية ضد النظام السوري. سيكون على واشنطن معالجة هذا الخلاف.
لازالت إدارة أوباما لم تفهم الأمر. إن حلفاءها السوريين، عندما يصبحون، وإن أصبحوا قوة قتالية جدية، سيكافحون لاسترداد شرعيتهم في حال رأى السوريون أن تركيزهم منصب على محاربة "داعش" وليس نظام الأسد.
وأسوأ من ذلك، فمع عدم رغبة الولايات المتحدة الآن بالتخلص من الأسد – وهذه وجهة نظر واسعة الانتشار في سورية – لن يكون أمام حلفائها السوريين سوى تحمل النتائج. وهذا ما سيدفع "المعتدلون" إلى معضلة تقضي إما بالسعي لإرضاء شعبهم أو لإرضاء البدلات الرمادية في واشنطن. وسيختارون المطروح أولاً. مما قد يقوّض تماسك الثوار وقد يسبب تملصهم البطيء من السيطرة الأمريكية.
ما الذي ستقوم بفعله الولايات المتحدة حينها؟ هل ستقطع المساعدات، بعد أن تم إنفاق ملايين الدولارات على دعم الثوار؟ هل سيتخلون عن حلفاء قيمين، وسيتسببون بذلك بتقديم زخم أكبر "لداعش" ولجبهة النصرة؟
إن المخطط الأمريكي منفصل تماماً عن الواقع في سورية، وعن معاناة ملايين السوريين الذين تُركوا لمواجهة مصير بائس لأربعة أعوام تقريباً، إلى حد أنه بات نصيبه الفشل. غطرسة إدارة أوباما في هذا الخصوص مدهشة. من النادر ألا تبالي الولايات المتحدة لمصير أناس يخضعون لأسوأ الأعمال البغيضة. لقد فزع الأمريكيون، بشكل مفهوم، من همجية "داعش". ولكن كيف يستطيع المرء أن يقاطع موقفهم هذا مع عدم مبالاتهم التامة بالقتل الممنهج الذي قام به النظام السوري وجيشه وقوات أمنه؟
السوريون ليسوا أغبياء. فهم مثل البقية، يعلمون أن الأولوية الأمريكية في المنطقة اليوم هي التوصل لاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي. ويزداد وضوح أن أحد النتائج الجانبية لهذا الاتفاق سيكون عدم رغبة واشنطن بتحدي المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط، وخاصة في سورية. وقد تم تضمين هذا في رسالة كتبها أوباما شهر تشرين الأول الماضي لقائد إيران الأعلى آية الله خامنئي.
مثل هذا الاتفاق لن يعجب تركيا أو دول الخليج التي تشعر بالتهديد من سلطة إيران الإقليمية. وهذا يعني أن الصراع في سورية سيتصاعد على الأرجح مع محاولة دول الخليج سحب سورية من إيران. وقد يكون سلاحها الوحيد هو مساعدة الجماعات الأكثر تعصباً والتي كانت أكثر فاعلية بالقتال ضد نظام الأسد. عبر تجاهل مثل هذه الديناميكيات يقوم المسؤولون الأمريكيون بتقويض أهدافهم التي وضعوها.
عبر القبول ببقاء الأسد في منصبه، تقوم إدارة أوباما بزيادة عمق الثغرة في سياستها المنحدرة الخاصة بسورية. تكمن المشكلة أنه في الوقت الذي سيصبح فيه المدى الحقيقي للفشل الأمريكي واضحاً، سيكون أوباما قد غادر المكتب. السورية نت
دانيل على
ماري ماندراس
أسرة التحرير
يحيى بوستان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة