..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

ذائقة الموت

طارق البرغوثي

٢٥ ديسمبر ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2668

ذائقة الموت
البرغوثي00.jpg

شـــــارك المادة

رواية ذائقة الموت تراجيديا وفلسفة حياة ،حيث يأخذك العتوم في أبعاد الموت والحياة، الحرية والقيد، والحب الذي يحيل الموت إلى حياة، والقيد إلى فضاء رحب..

وقد أسرني العتوم بأسلوبه الروائي الساحر فلا يكاد ينهي عملاً حتى آتي عليه ألتَهِمُه كما فعل في حديث الجنود ويا صاحبي السجن، فمادته غذاء للروح وبلسم للجراح، وتأصيل لفن الرواية القيمي وأدب المقاومة...

هل الحياة موت؟ أم أن الموت حياة؟ من سبق الآخر؟

حين جئنا إلى الحياة، جئنا من الموت، أم من الحياة؟! وحين تركناها خلفنا عدنا إلى الموت أم إلى الحياة التي جئنا منها؟!

نثرت حفنة من تراب، ورحت أتأمله وهو يهوي من بين أصابعي إلى مستقره، كم نسبة الذرات التي اختلط فيها رفات السيد بالعبد؟ والطفل بالشيخ؟ واللص بالتقيّ؟!

همست: في قانون التراب تتلاشى الفروق وتتجلى العدالة المطلقة!.

واثق ذلك الطفل الذي يعيش في وادي الكروم، وسمية شقيقته التي تكبره وتستأثر بحب العائلة، يمرح معها بين أحضان السنابل والطبيعة الأخّاذة، إلا أن الموت اختطفها في عمر الزهور فتذوي الزهرة دون معرفة العلة التي كان أصلها لدغة ثعبان.

تفقد الأم ثلاثة أرباع بصرها في بكاء جنائزي على صغيرتها التي كانت تموت بين يديها ولا تستطيع إلى دفعه حيلة..!!

يغادر الأب المكان الذي تفوح منه رائحة الموت، ويلتحق واثق بالجامعة ليبدأ الحياة في قسم الكيمياء، يسوقه القدر إلى الحب والعشق ينسجها العتوم بملحمة من العشق الآسر الذي يجعلك أيها القارئ تفيض حبّاً على كل من حولك، ثم يقود واثق الثورة على إسرائيل وحليفتها من خلال التجمّع الطلابي، حيث يقود الجموع وينظم الأشعار وينتهي الأمر به إلى السجن، سجن الوطن!!, يحشر مع الحشاشين الذين يرتعون في الرذيلة والتفجيريين ويسقط كل أصدقاء ثورته بين هذا الفصيل وذاك؛ فالسجن مستنقع آسن لا يحترم الفروق بين من يريد رفعة الوطن وانحطاطه!!.

العشق هو مادة الروح التي تحيل السجن إلى حرية، يكتب مئة رسالة من مداد روحه، لا يكلّ ولا يملّ لأن الحب ملأ جوانب روحه حتى أخيراً جاءه الرد وحظي بالوصل، ولكن القدر مرة أخرى يعاجله قبل خروجه بأيام بوفاة المحبوبة بالسرطان ومن قبلها وفاة الأم الحنون التي فقدت ما تبقّى من بصر بالبكاء على ابنها الذي غيّبه المعتقل..

أبكاني عندما واصل الرسائل إلى الحبيبة بعد موتها، أحسست أن السراج لا يزال يومض بما تبقى به من ضياء، أيّ حبّ كان بين جنبيه؟!!

كان يعرف، أنها إذا ابتسمت، فمعنى ذلك أنها سمحت للشمس أن تشرق. وكان يعلم أنها إذا ضحكت، فمعنى ذلك أنها تريد أن تعذب النجوم فتتساقط عند قدميها. وكان يدرك أنها إذا نظرت، فمعنى ذلك أنها تريد للأزهار أن تتفتح، وإذا نطقت، فمعنى ذلك أنها أذنت لهذه الأزهار أن تفوح بالعطر!!

تخطّف الموت من حوله كل عزيز، جدته، شقيقة روحه، الأم الرؤوم حبيبة الروح "منى" بعدها انطفأت روحه وأسلمها إلى بارئها؛ فالحب مادة الحياة قد نفذت ولم يبق في القنديل زيت...

"يموت الإنسان إذا كان يغرس في الهاوية وهو يظن أنه يتربع على القمة.

يموت إذا استخدم قلبه مضخة للدم ولم يستخدمه محطة للاعتبار!.

يموت إذا لم يرَ قطرة الندى في الصباح الباكر على ورقة الياسمين!

يموت إذا انضم إلى القطيع اللاهث خلف حفنة من شعير!

يموت إذا فقد الحكمة !

"من يعشق يعش حياتين"

"يصبح الحب نوعاً من السجن إذا حركته الشهوة، ويصبح فضاءً مطلقاً من الحرية إذا حركته العفّة، مَن سجنته قُضبان النفس صعُب عليه الخلاص ، ومن سجنته قضبان الروح رأى ما يريد.."

يجد الحب وسيلته في البقاء حيّاً حتى ولو كان الموت يلفّ به من كل جانب، الحب يحب الحياه!"

في حديث الجنود، يا صاحبي السجن و ذائقة الموت يحتل السجن مساحه واسعة في الروايات الثلاث ، سجن الوطن الذي يغتال زهرة شباب الأمّة لصالح أعدائها ، والعذاب المقيم حيث يعيش الإنسان في غربة الوطن..

تنشد الأشعار للتحرر من الوطن قبل التحرر من العدو الخارجي.

 

ألقوا القيود على القيود *** فالقيد أوهى من زنودي

لا تحسبوا زرد الحديد *** ينال من همم الأسودِ

 

 

الإسلام اليوم

اقرأ ايضاً

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع