..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


سوريا المعاصرة

انتفاضة الثمانينات ومجزرة حماه (1) الأسباب

مهدي الحموي

٢٢ أكتوبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 14163

انتفاضة الثمانينات ومجزرة حماه (1) الأسباب
1 حماة مجزرة.jpg

شـــــارك المادة

لماذا ثوره شعبيه ولماذا مسلحه؟ ولماذا ليس انقلابا عسكرياً؟ ولماذا الإسلاميون ولماذا حماه؟ لماذا أحداث الثمانينات وما قبلها؟  
  هل قرر الإسلاميون لحظة الصفر أم هي السلطة؟
هل كانت انتفاضة مستمرة منظّمة أم مرتجله, وماذا خلفت وراءها؟

 


سأجيب على ذالك كله في عدة مقالات تحمل أسماء:
انتفاضة الثمانينات ومجزرة حماه(1) الأسباب .
انتفاضة الثمانينات ومجزرة حماه(2) الصراع حول لحظة الصفر
انتفاضة الثمانينات ومجزرة حماه(3) ما خلفته المجزرة
بعض الأسباب الغير مباشره للثورة على النظام:
الخبز والحرية والمقدس الديني والشرف أشياء أربعة لا يمكن استلابها من الإنسان الشرقي, لقد جوعنا البعثيون بنهبهم وبالمبادئ التي طبقوها, وصادروا الحرية بقانون الطوارئ والأحكام العرفية وسجنوا عشرات الآلاف, وكان الحزب الواحد وتسخير الدولة لمصالح أنصارها, وكانت كلمة الحق ممنوعة من صحيفة تكتب أو من شيخ على منبر يخطب.
لكن أخزى ما فعلوا كان هو بدعة التمييز الطائفي البغيض.
وبلغ عدد المهاجرين ما يماثل عدد الباقين في الوطن أي 23 مليوناً بحثاً عن لقمة العيش وتعليم الأبناء والصحة, وكذا البعض طلباً للحرية فقد قدر المطاردون وعوائلهم  بـ(150000) إنسان سوري عاشوا مشتتين وحرموا الوطن ومنعت عنهم جوازات السفر( آآه كم تعب المغتربون من ذالك وكم طرد وسجن الآلاف بسبب تزوير جوازاتهم من دول تلقت الفسادات من النظام السوري, وكم رحلوا وأقاموا وتعذبوا ليحصلوا على الجواز الأجنبي لحرمانهم من حقهم بجواز بلدهم. ولولا أن صنّع الإخوان الجوازات لكانت الكارثة أكبر على المغتربين).
قاموا بتصفية الجيش إلا من البعثيين, وتربّع الطائفيون البعثيون أسياداً بالجيش وبالأمن كذالك وأمسكوهما بإحكام ومنعوهما على من يريدون.
أما الأسباب المباشرة للمزيد من الثورة على النظام في حماه فهي:
ـ عمليات القتل من قبل سرايا الدفاع والوحدات الخاصة المدربة على القمع الدخلي بمهاجمة أحياء معينه حين لم يكن بها دفاعات مناوبة للمجاهدين كما في بستان السعادة وغيرها وبلغ مجموع الشهداء 335 شهيداً قتلهم النظام الذي يستمد وجوده من القتل والتخويف, وبقيت الجثث أربع أيام في الأرض
ـ تم تفجير بيوت الآمنين المعارضين دون إنذار وهي بيوت: آل قصاب ومريوما, عمرين, قنفود, خرسه, بوظان, شققي, علواني, غرابيلي, صمصام, بارودي, دبش, حواضريه,  عرواني... بدل أن تطرح الحوار العاقل,
ـ  أصدرت جلسة المجلس الأمني الأعلى  في أيلول 1981قرار رقم 184 بتعيين رفعت الأسد آمراً عرفياً  لدمشق وحماه وحلب, ونقل 1200 عنصر من سرايا الدفاع لحماه وأذنوا لهم بإطلاق النار, واشتد الضغط على الأسر لتسليم المطلوبين, وقد تم اعتقال أعداد كبيره من الرهائن, كما وزع الطائفي علي ديب مجموعات الوحدات الخاصة على أسطح البنايات والدوائر الحكومية والأرصفة تتحرش بالناس, وتمادت المنظمات الطائفية العسكرية من السرايا والوحدات حتى كان من أعمالها أن خطفت بنتاً من حي البرازية (أعتذر عن الشرح) واقتادتها من الطريق دون أن تسألها عن إسمها, وأغلقت على عيونها, وردّتها بعد ثلاثة أيام وأشارت الفتاة إلى مايفيد بأنهم اعتدوا عليها, وأنهم من القوات الآنفة الذكر وقد كان حدثاً هائلاً في بلد مثل حماه ولكن هل هو الاعتداء الوحيد وسط كتمان معروف عن مثل هذه الأمور!.  
  ـ وكانت عمليات التمشيط في نيسان 1980 والتي فتشت حماه بيتا بيتا ونهبت الناس وكان بيتي منهم, وقد قال فيها العقيد علي ديب  لابن عمي (إن كل هذا من أجل اعتقال سبع معارضين فلماذا لا تسلموهم)  واعتقلوا الكثير وكان منهم صديقي غسان زين العابدين (وليس عنه خبر حتى بعد 32عاماً) وصديق من آل النشار... وكانت فرصة للنهب بحجة التفتيش والاعتقال العشوائي, وبقي الرصاص يلعلع أياماً وهناك نساء أجهضت من الرعب, (عندما دخلوا بيتنا كانوا يشربون بالكأس في كل مرة ويرموه, ثم سرقوا..) 
وإليكم هذه القصة التي تبين مافعلوا بالتمشييط: جمعوا الناس في ساحة باب طرابلس, وكانوا يطلبون منهم السجود جماعياً وفردياً لحافظ أسد, وقد رفض أحدهم ذالك (وهو من آل التتان ويعمل بائع حمص قرب الساحة) لأنه أخرس ولم يدرك المطلوب منه وكان يحملق بالضابط الطائفي, فقلعوا عينه بالحربة ثم طلبوا منه السجود فلم يدرك المطلوب كذالك فقلعوا له عينه الثانية ثم قتلوه, وكان الآخر إمام مسجد عين اللوزة من آل الهنداوي حيث رفض السجود لأنه قدوة للناس, فأمر الضابط الطائفي الجندي بقتله فسحبه الجندي للزقاق الملاصق لمكانهم, وحسب الاتفاق فقد أطلق الجندي النار في الهواء ثم قال له لا تتحرك (وكأنك ميت) واذهب لبيتك عندما يحل الليل ففعل.
وكنت أنا وأخي نقفز من زقاق إلى آخر لنتلافى الاعتقال العشوائي في التمشيط لأننا كنا سجناء سابقين.
ـ كما أنهم اتخذوا خلال التمشيط معتقلاً عند مصافي حماه خاص بالإهانات وعلى سبيل المثال: فقد جمعوا عددا كبيراً من الناس وغطوهم بالبطانيات وطلبوا منهم أن يلوطوا ببعضهم, وقد حزنت أن كان منهم شيخ هو ابن الشيخ محمود الرواس أمير جماعة التبليغ في سوريه وما حولها, وقد رأيت بعيني مسناً من آل شمطية (بائع حمص في سوق الطويل) وقد ضربوه حتى شقوا رأسه وكدت أبكي عندما رأيته وهو حزين جداً وقد لف رأسه بالشاش.
والسبب الأقوى هو أن الدستور الأسدي لا يجرم رجال الأمن مهما فعلوا.
لماذا حماه؟
لقد كان الحقد كبيراً على حماه  فكما كانت الشرارة الأولى للثورة ضد الفرنسيين من  مدينة حماه,  ثم كانت حماة شوكة في حلوق البعثيين دائماً تهدد حكمهم, وكان كل من يتسلم محافظاً لحماه يكرم في منصب كبير في الدولة بعدها, وكانت حماة مهد انطلاق انتفاضة 1964 واعتصام مسجد السلطان وتحدي البعث منذ أوائل حكمه, ومنها خرج الشيخ سعيد حوى يأخذ التواقيع من أهم 32 عالم في سورية ضد الدستور (وقد كشف أمره واعتقل خمس سنوات) وقد قمنا نحن طلاب الجامعة الحمويون فقط (عدا واحد) بتوزيع المنشورات في مساجد وشوارع دمشق على عدة دفعات, وكنا نحن نكتب على الجدران عبارات الاستهزاء في حملة كبيرة لإسقاط هيبة النظام في دمشق بالذات, ونحن من قتل المجرم الرائد محمد غره الذي كان يعذب و يقتل ويسحل (كما في قتل وسحل الشهيد حسن عصفور, ومن حماة كانت شرارة الدعوة للنضال السلمي, حتّى إذا سدّت كل أبواب الحل كان منها الدعوة للنضال المسلح.
وكان القضاء على حماة مقدمة لإنهاء المعارضة في سورية كلها, ذالك أن أقوى تنظيم إسلامي في سورية كان في حماه, وحيث أن المعارضة الداخلية الوحيدة تقريباً في سورية كانت إسلامية, وكانت هذه العوامل كافية عند حافظ أسد لضربها, بالإضافة إلى أن كان منها الشيخ المهندس القائد مروان حديد والقائد الدكتور عبد الستار الزعيم.., وكانت حماه غالباً منبع رياح التغيير في سوريه, وقد ثبت أن النواة التنظيمية للطليعة المقاتلة من الإخوان المسلمين في كل المدن كانت من الحمويين أو بدفع أو تأسيس منهم, لقد كانت   حماة رمزاً للنضال, وكان كسر شوكتها سيعني إنهاء المعارضة في كل سوريه  (آسف للتركيز على حماه فهي الموضوع الرئيسي في هذا المقال وفيها مشاهداتي).
هل كان يجوز إسقاط النظام بالقوة ؟
  1 ـ  لقد تسلم النظام سلطته بالانقلاب العسكري وليس بواسطة الشعب وكان عدد البعثيين هو 350 إلى 400 عنصر  أغلبهم من العسكريين العلويين سطوا على السلطة بالقوة المسلحة وباستغلال وجودهم بالجيش, وهم على قلتهم وعدم شرعيتهم واختطافهم السلطة مارسوا هواية النهب, لذا فماهم إلا عصابة مجرمة ليس لها أي وجه شرعي يبيح وجودها أو يعطيها الحصانة القانونية لجعل محاولة إزالتها عدوانا.  ولو حولوا الحياة السياسية للديموقراطية بعد انقلابهم بشهر أو سنة أو عشر سنين, لكان من غير الجائز الثورة عليهم, ولكنها عشرات السنين, وقد وصلت الآن إلى خمسون عاماً بثقلها المرير ولم نرى غير الشعارات البراقة والكاذبة.       
2ـ لقد سبق الصراع المسلح مقاومات سلميه هائلة منذ 1963 وكانت السلطة تقابلها بالعنف ومنها اعتصام مسجد السلطان في حماه, فتم قصفه وإزالته وكذالك الإضراب العام  للمحلات التجارية عام 1964 في كل من دمشق وحمص وحلب واللاذقية وحماه (وكان إضراب المدارس الخاصة والعامة في حماه كذالك وربما غيرها) وكذا خطابات واحتجاجات المشايخ كالشيخ علي الطنطاوي والذي توفي بالسعودية والشيخ المجاهد العظيم حسن حبنكه في دمشق والذي سجن وجرجر للمخابرات وكاد يحكم بالإعدام, والشيخ محمد عوض والشيخ سارية الرفاعي والشيخ أسامه الرفاعي والذين لوحقوا سنوات في الخارج, والشيخ محمد علي مشعل والشيخ وصفي المسدي وغيرهم الكثير في حمص.
وفي حماه هرب الشيخ محمد علي مراد والشيخ سعد المراد والشيخ محمود الحامد وأخواه الشيخان  (الذين أعدم أخوهم الشهيد سالم)  وأعدم الشيخ بشير المراد مفتي حماه والشيخ أحمد مراد و85 شيخاً, و طورد الشيخ غسان حمدون والشيخ موفق عيسى.., وفي حلب لوحق وطورد الشيخ ناصح علوان والذي توفي مطارداً خارج سوريه والشيخ الصوفي عبد القادر عيسى والذي توفي في تركيا, وقد سجن وهرب منهم عشرات الألوف إلى الخارج , وتم اقتحام مسجدي الجامع الأموي وجامع خالد ابن الوليد بالدبابات لإنهاء الاعتصامات, وكانت منذ 1963 وحتى الآن تحلق نصف لحية الملتحي المتدين في الاجتماع الصباحي للواء ثم يترك.كما لا تراعى بل تعيق الصلاة ولا يخصص مكان صلاه في الثكنة (بينما هو موجود في مطارات الدول البوذية).
وهرب البعثيون الآباء المؤسسون كذالك مثل ميشيل عفلق ومات في بغداد, ومنيف الرزاز ومات في الأردن, أكرم الحوراني الذي توفي بالأردن ومن كل الأحزاب وكل الأديان. حتى إنهم كانوا يأكلون آباءهم في الحزب حين كانوا محتاجين فرئيسهم أمين الحافظ طورد مدة 35 عام, وكذا شبلي العيسمي (خطف وقتل في لبنان) وصلاح البيطار ( الذي اغتالوه بالخارج) وكان كل هذا بسبب كلمة لا رغم المبدأ المشترك بينهم, ورغم تفاهة فاعليتهم وانعدام شعبيتهم.
وفي نهاية السبعينات قامت المظاهرات وأخرجت جميع نقابات الأطباء والمهندسين والصيادلة والمعلمين.. بيانات تدعوا للحرية والديموقراطية والمحاسبة ووقف الفساد (أنظر النص على المواقع) فقررت السلطة إلغاء قياداتها وعينت المنتفعين والمنافقين حتى أن عضو نقابة في حلب قد قاموا بتقطيع أعضاءه....... وقتلوه.
إذا من يستطيع القول والمناداة بالنضال السلمي فعليه أن يعرف أن الرد هو عسكري. وحتى الحجاب فقد بدؤا بنزعه بالقوة في الشوارع و لولا ردة الفعل القوية لاستمروا.
3 ـ أثبتت الفترة التي طالت 50 عاماً فيما قبل مجزرة حماه 82 وبعدها أن النظام لا يفهم إلا بمنطق القوه.
4 ـ كان التأخر في الثورة يعني ضرراً أكبر كلما تأخرنا في المقاومة المسلحة فلو تآزرنا في 1964 واستمررنا في كل سوريا لانتصرنا وعشنا كراماً, ولم ندفع الخسائر التي تلتها في الثمانينات لأن السلطة كانت تزداد قوة كل يوم, وكذا لو شاركنا جميعاً أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات لكانت الخسائر أقل .

(لو أن كل معدّ كان شاركنا  ***  في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف)

5 ـ وهل نفع السلم أو الحوار مع هذا النظام السارق المارق الدموي منذ عام 1982 وحتى الآن كذالك؟؟؟
لقد دعى النظام للحوار في حماه خلال الانتقاضة الثانية في عام 1980 عبر العميد وليد حمدون ثم قتل كل من تكلم منهم وهم من وجهاء حماه (ومنهم د. عمر شيشكلي د. عبد القادر قنطقجي, خضر شيشكلي, أحمد قصاباشي) 
6 ـ وخلال الثورة السلمية 2011 نجد أن النظام لا يقبل إلا بمنطق السلاح, وأنه يدفع المعارضين للعنف بسبب قمعه الشديد للمطالبين بالطرق السلمية, فقد كان هناك ما سمي بسيارة عزرائيل تطوف ليلاً, وتخطف المعارضين من بيوتهم وتقتلهم وترميهم كما حصل مع أخوان من آل الأحدب ومع الكتور طاهر الحداد ومع من حاور النظام, وهاهي خمسون عاماً مرت ومراراتنا تزداد ووضعنا لا يطاق وحريتنا مسلوبة وسلاسل ربطنا على جدران السجن مخيفة ومشانقنا جاهزه, ولقمتنا تسرق, وجولاننا مسلّم, وهاهو مخْبر يلحق بنا, وعسكري بحذائه يسحقنا..
فقل لي بربك متى نقاتل؟؟ ومتى يباح القتال؟؟ وقال الشامتون إن الثورة عل النظام هي المسؤولة عن قتل الناس في مجزرة حماه وكذالك تدمر وسرمدا والجسر والمشارقه.. 
وأنا أريد أن أسأل هؤلاء المتصّيدين هل ممارسات السلطة أسبق أم  مقاوتها!
وماذا أجرمت المحلات التجارية التي سرقها جنود النظام وهل كان الذهب هو العدو المقاتل الذي نظفوه من المدينة وإصطحبوه معهم؟ لماذا جمع 2500 شخص من الشوارع بعد انتهاء الأحداث بأربع أيام وبعد أن فتح التجول واقتيدوا وقتلوا؟؟
ولماذا فجّر مسجد في البارودية بعد 6 شهور من الأحداث؟؟
ولماذا فجر 55 مسجداً بدم بارد ولم يكن بهم مقاومة بل لم يكن بهم أحد؟؟
ولماذا قتل 1500 ضحية بريئة في حي جنوب الملعب في مذبحة جماعية دون أن تطلق فيه طلقة واحده على الإطلاق (انظر مقال حارة الأرامل لنفس الكاتب).
ولماذا يجمع الأطفال ويقتلون كآل الموسى ويضرب رضيع من آل لطفي بالجدار فيقع ميتاً!! ومليون لماذا؟
وبدون مبرر إلا بناء السلطة على جثث الشعب المستعبد وإذلاله عن طريق إخافته, وهذا هو الذي لا يفهمه ولا يعرف مقتضياته إلا أصحاب الكرامة والإباء.  
لماذا لم تكن انقلاباً عسكريا فقط؟
منذ وصول البعثيين للسلطة أدركوا أهمية المدخل الذي توصلوا به إلى السلطة, فسدّوه بعد دخولهم وتعلّموا من أنفسهم كيف يكون سدّه فكان مدروساً بعناية, فالأمن يدرس المتقدمين فيتهموا بالناصرية والإخوانية والشيوعية... ويقبل الموالون لأسباب طائفية ثم حزبية وإذا مر البعض بالخطأ أو كانوا حياديين متعيشين فيفرزوا لقطاعات غير مسلحة.
أو تدبر لهم مكائد كاذبة.. ( انظر التفاصيل في مقال الجيش السوري خائن) لنفس الكاتبن
وقد لمس البعض الخطر المستقبلي كالمشايخ والإخوان المسلمون وفشلت محاولات اختراق الجيش عدا قلة نادرة من الشرفاء وسترى من بعضهم فعلا وأريد أن أسأل: من قال أن الانقلابية العسكرية أكثر شرعية من الحرب الشعبية! أليست الحرب الشعبية أكثر أماناً من أن يتسلم عسكرنا السلطة فلا يتركوها!
ولا تنسوا أن المخابرات العسكرية والجوية وغيرها تضع تعرية الجيش من الشرفاء في المقام الأول لعملها, وهي حامية النظام وتستهدف الشعب لا العدو الإسرائيلي.
لماذا أخذت الثورة منحى العنف الشديد؟
لقد كان العنف المبالغ فيه جداً من السلطة عملاً غير مبرر (وببساطة: لوكان لك دين على شخص وطالبته به فاستل مسدسه وقتل كل عائلتك فهل تكون أنت المتسبب في قتل عائلتك؟ وإذا كان معك مسدس ألا تقتله؟
نحن أصحاب  حق وقد (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا)
وهل الحكام سواءً لنعرف القوة الكافية لكي يتنازلوا ويسقطوا؟
هل توقعنا أن يقتل النظام ما قتل في 2011 !!!
من خلال الثورة الكوبية نرى أن باتيستا قد أعلن استقالته مجرد أن احتل كاستروا وجيفارا الثكنة العسكرية, ولكن جيفارا ظن أن حاكم بوليفيا بنفس الأخلاقية فذهب ليحرر بوليفيا لكنه فشل لأن النظام الحاكم في بوليفيا كان وقحاً وحقيرا وليس عنده خلق أو وطنيه, وكذا حين أعلن العقيد مصطفى حمدون الإنقلاب على الشيشكلي (وقد ندم السيد مصطفى ندماً شديداً على فعلته) فتنازل الشيشكلي حقناً للدماء وغادر للبرازيل..
إذا فالأمر متعلق بمدى وقاحة وإجرام الحاكم وليس بمدى توفر القوه لوحدها, فأنت لا تدرك مدى تحّمل النظام (فهاهي الفترة الطويلة ونحن نقتل في ثورة 2011, ولم يكن يتوقع وقاحة النظام وتدميره البلاد بهذا الشكل, ثم ألا يسقط الرئيس بمظاهره ضخمه في أوروبا!.
لماذا ليس اغتيالا للرئيس؟ وهل الرئيس يحكم لوحده أم هي عصابة!
وهل موت حافظ أسد أنهى المشكلة! ومع ذالك كان هناك محاولات لأركانه وله (إقرأ أبو حمزة ومحاولة اغتيال حافظ أسد) وكانت الكمائن السيارة التي شكلها القائد الشهيد عمر مرقا.
إنه الانسداد السياسي مدة 50 عاماً والذي يجب فيه بذل المحاولات والتفتيش عن حل عندما لا يكون هناك حل, فكان الخيار هو الشعب والبندقية لأن الشعب معادي للنظام لأنه عدوه.
وكان الانسداد في كل دول العرب حتى أتى البوعزيزي البطل وقرر الحرب العارية الصدور وطرحت نظرية جديدة لم تكن مقنعة لإسقاط الأنظمة فنجحت, ولكن نظامنا لم يتنازل وهو مستمر بالقتل وهكذا كان أبوه كذالك ولا ينفع معهم إلا السلاح مع الأسف.
علينا أن نضع كل شيء في ضوء المعطيات المتاحة في وقتها وكذالك الظروف التاريخية فقد كان وقتها عصر الثورات الشعبية في العالم وخاصة الثورة الفلسطينية.
لماذا الإسلاميون؟
لقد استقطب وأغرى النظام الأحزاب القومية والعلمانية في الجبهة التقدمية عدا القلة الضعيفة جداً والتي كانت ضد النظام (وكان المناضل رياض الترك من أبرزهم وقد أيد الإسلاميين في الصراع مع السلطة وكصراع مسلح كذالك ولذا سجنوه 18 عاماً) وبسبب بطش النظام وعدم شرعيته فقد اتخذ الإخوان المسلمون العمل السري والاجتماعات بالمجموعات الصغيرة وتغيير موعد ومكان الاجتماع و تغيير طرق الوصول للاجتماع في كل مرة فحافظوا على وجودهم وكانت قاعدتهم العريضة تؤهلهم أكثر من غيرهم لقيادة المعركة ضد النظام.
9 ـ لقد بذل المجاهدون أنفسهم وكانت جباههم أعلى من المشانق ومن أسقف الزنازن فلهم الرحمة والعرفان.
وإن معركة اليوم توضح لنا أن العدو هو نفسه وأننا نحن الشعب السوري شعب واحد وبهدف واحد ولا نناضل لأهداف دنيئة, وأن هذه هي معركة العزة والشرف مثلما كانت منذ انتفاضة 1964 وحتى الآن
(إن عدم توفر المعاصي لحرب العصابات مشكلة كبيرة أخرت سقوط النظام كما سنرى).
ولقد حاول الإخوان التحامل على جراحهم لصالح الوطن عبر فتح قنوات حوار مع النظام  لعمل إصلاحات ديمقراطية والعفو العام, لكن النظام كان يرد دائماً بأنه مستعد للعفو عنهم عناصر وفقط, لذا بقي الصراع قائما ًومفتوحاً. والسبب الطائفي كان له دور بسبب أن90 بالمئة من ضباط الجيش والأمن كانوا من العلويين اللذين يشكلون 8 بالمئه من المجتمع.ونحن نؤمن أن الوطن للجميع.
ولا أعني انه لا يوجد هناك أخطاء في تكتيك الصراع لكنه ليس في الإستراتيجية, فكل المضحين من كل الأطياف وفي كل الأوقات هم إخوة منا وبشر مثلنا, كما أن المستقبل لنا وستتحقق أهدافنا مهما عمل النظام.
وأخيراً هل من الضروري أن نشاهد النصر؟
بل وهل انتهت المعركة؟
لقد استشهد عمر المختار واستشهد مروان حديد وآلاف الشهداء ولم يشاهدوا النصر, لكنهم (يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أّلّا خوف عليه ولا هم يحزنون) نعم سيفرح حتى الشهداء في مثواهم ويتلقّون بشارات النصر العظيم القادم.
إنها معركة واحدة خضناها منذ 1964 ولم تنتهي بعد, وقد إستغرقت خمسون عاماً ولكنها ستنتصر بقوة الحق, ولقد تجددت في الانتفاضة الثانية في الثمانينات ونحن في الانتفاضة الثالثة التي تحولت إلى ثورة جبارة متجذرة وهي ثورة 2011 ـ 2012 وستكون حاسمة لنخرج بعدها للحرية والعدالة والوحدة الوطنية, ونكافح الفقر والبطالة والمرض والجهل والتباغض, ثم نتوحد لنكون خير أمة أخرجت للناس. 


----------------------
اقرأ أيضاً:
انتفاضة الثمانينات ومجزرة حماه (2) الصراع حول لحظة الصفر.
انتفاضة الثمانينات ومجزرة حماه (3) ما خلفته المجزرة.

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع