عجبا  لأمرِ القاتلِ المأفونِ *** يعفو عنِ  المقتولِ والمسجونِ
لمّا  رأى  المقتولَ  واراهُ  الثّرى *** ورأى السّجينَ يعيثُ كالمجنونِ
ورأى الشبابَ غَدَوا شيوخًا  رُكّعًا *** ورَأى الشّيوخَ غَدَوا  بغيرِ  جُفونِ
ورأى التّرابَ يثورُ إعصارًا على *** صوَرِ النَّكالِ الحُمْرِ والصَّنَمِ الحصينِ
ورأى السواقي الخاضعاتِ جَحَافلاً *** ضَاقتْ بها الوديانُ بعدَ سُكونِ
ورأى النُّسورَ لغيرِ أوكارٍ أوتْ  *** ورأى الأسودَ تجوبُ   دونَ  عَرينِ
ورأى العَصائبَ والمشانقَ قدْ أحـ *** ـاطتْ بالرِّقابِ الفَارِعاتِ وبالعُيونِ
ورأى العَوالمَ والمَمَالِكَ قد غدتْ *** قِيعانَ سِجنٍ حالكٍ  ومَكينِ
ورأى نُجومَ  الثَّأرِ تَلمعُ في الضُّحى *** وهَمَتْ  سِهامُ  الليلِ  للتَّمْكينِ
وافى الضَّحايَا بالدِّماءِ تَفيضُ في *** الشَّدْقَينِ والكفَّينِ والصَّوتِ الخَؤُونِ
ويَصيحُ في خَوفٍ وفي ألمٍ سَأَعـ *** ــفو عنْ فقيدٍ في المذابِحِ أو دفينِ
وسَأملأُ  اللّيلَ  البهيمَ  بِكُلِّ أجْنَـ *** ــادِ الوَسَاوِسِ في الأسَى أو في المُجونِ
وسَأَنثرُ الشَّوكَ المُضَمَّخَ بِالدِّمَاءِ *** بكلُّ أرجاءِ  الملاهي  والسُّجونِ
لِيَعودَ للتّاريخِ ما  أملاهُ  والــ *** ــدِي الصَّدوقُ  منَ  الحَبائلِ والفُنونِ
وبِفَنِّ مَذهبهِ فأهلُ الشَّامِ  قُطــ *** ـــعانٌ  بلا  رُعْيانِها   وبلا  قُرونِ
ولآلهِ ما في السُّهُولِ وفي الخزائِـــ *** ـــنِ منْ نفيسِ التِّبْرِ والماءِ  المَعِينِ
عَجَبا لأمرِ الكاذبِ المَفتونِ *** يَأتي  إلى  نَبعِ  الصَّفَا  بِأُسُونِ
قَدْ حَدَّثَ المَصدوقُ أنَّ الشَّامَ دارُ *** الآمنينَ العُزْلِ في عصرِ الفُتونِ
هُو خِيرةٌ بينَ المَدائنِ وافرُ *** الغُدْرانِ والخَيراتِ مكفولُ اليمينِ
وبَنوهُ خِيرةُ خلقهِ وملاذُ مَنْ *** ضاقتْ  به  الآفاقُ  في باقي السُّنُونِ
فُسْطَاطُ  نُصرتِنا  بأرضِ  شآمِنا *** في غُوطةِ  التَّحرِيرِ  والتَّمكِينِ